أٌعلن في مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي و الذي يُنظِّم جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي، عن مناصفة أ. عادل سعد و أ. سارة الجاك لجائزة هذا العام 2012 الدورة العاشرة ، عن رواية ( أتبرا...خاصرة النهار) للأستاذ/ عادل و(خيانتئذ) للأستاذة/ سارة. وجاء في تقرير لجنة التحكيم: و قد تقدم لنيل الجائزة 21 نصاً روائياً ،وصل للقائمة الطويلة 9 نصوص و للقصيرة 4 نصوص هي: نخل بلا أكمام (عباس أحمد محمد) و مصرع عزيز( محمد هارون عمر) و أتبرا... خاصرة النهار( عادل سعد يوسف) و خيانتئذ(سارة حمزة الجاك)
أولا: النص 19/10 المعنون بـ (أتبرا.. خاصرة النهار)
استطاع الكاتب في هذا العمل أن يقدم نصا يحقق قدرا كبيرا من الشروط الفنية للعمل الروائي من حيث البناء واللغة والشخوص والموضوع. اختار الكاتب لهذا العمل عنوانا دلاليا مختزنا بالشعرية يحيل إلى مرموزات اجتماعية تاريخية سياسية مختزتة في الذاكرة الجمعية السودانية، ووفقا لإستراتجية العنوان القائمة على خلق الحافزية وتنشيط المقروئية لدى المتلقي وفق الكاتب في اختياره لهذا العنوان المحتشد بالدلالات. من حيث البناء والاشتغال على تقنيات الكتابة نجح الكاتب إلى حد كبير في تقديم كتابة سردية تعتمد التنويع التقني بداية من اعتماده على العنونة الداخلية الجاذبة المرفقة بالمقولات الفلسفية أو الحكمية ذات الارتباط بمضمون العمل الروائي، إضافة إلى نجاحه في بناء الشخوص رغم تعددها وتداخلها السيري والتاريخي، هذا مع تبادلية وتعددية في الروي ما بين أكثر من صوت راو. الرواية من حيث البناء اعتمدت بناء روائيا متشابكا ومعقدا يتضافر سرديا دون إخلال بمضمونها ودون تشتيت لصوتها الحكائي أو تمييع لبنائها الشخوصي مع اعتماد لغة تتوزع ما بين الخشونة النثرية والشعرنة السردية. من حيث الموضوع استطاع الكاتب أن يحفر في التاريخين الاجتماعي والسياسي لمجتمع عطبرة (رمزيا تعني السودان)، وذلك بالاشتغال على المسكوت عنه مجتمعيا وتاريخا من خلال دلالات الأسماء والألوان والسير المخفية للعبيد والجواري والأدوار الأمومية المغيبة عمدا في التاريخ الاجتماعي السوداني، إلى جانب اشتغال الكاتب – ربما لأول مرة في الرواية السودانية – على سيرة النقابات العمالية السودانية والبدايات الجنينية لتكونها بأبعادها الأيدولوجية والمهنية وربما الاثنية. الرواية إلى جانب كل ذلك قدمت عرضا تاريخيا مهما لمجتزأ من تاريخ ثورة 24 والتفريعات الاجتماعية والسياسية التي انبثقت مع نهايات هذه الثورة المهمة مجتمعيا وتاريخيا ما يتوافق مع النسق الروائي لهذا العمل. بصورة عامة نجح الكاتب من خلال التركيب البنائي الناجح لمجموعة من الشخصيات الروائية وسرد حكاياتها المتداخلة؛ نجح في تقديم عمل روائي متماسك من حيث البناء واللغة وطرائق الكتابة، مما يؤهل العمل لنيل الدرجات (9).
ثانيا: النص 18/10 المعنون بـ (خيانتئذ)
في هذا العمل نجح الكاتب في تقديم صورة سردية روائية للذات الأنثوية في مقابل الذات الذكورية المهيمنة مجتمعيا. هذا النجاح تحقق من خلال تطويع الكاتب تقنيات الكتابة المتعارفة بصورة تجعلها ذات خصوصية والتحامية سردية بهذا العمل. اعتمدت الرواية في سردها على راو عليم إلا أن الكاتب استطاع أن يخرج بهذا النمط السردي المتعارف عليه إلى رحاب أكثر انفتاحا بخلق ما يمكن أن أسميه الراوي المتواطئ داخلا وخارجا (داخل المتن وخارجه) إضافة إلى مسحة الغموض التي غلَّف بها الكاتب هذا الراوي مما خلق حالة تشويقية – ثرية - محفزة على القراءة. الرواية في بنائها التشييدي استفادت من مجمل الفنون المجاورة (شعر، تشكيل، دراما) واستطاعت أن تشحذ بها العمل سرديا وبنائيا دون إخلال بالسياق الروائي. الرواية من خلال تقديمها لقصة سماح التراجيدية قدمت عرضا كرنفاليا طقوسيا نسويا يكاد يغطي كافة شرائح المجتمع السوداني، كما اشتغلت بقصدية سردية على موضوعات المسكوت عنه مجتمعيا (السرراي، العبيد..الخ) مع ربط كل ذلك مع التاريخي (السودانوي) في حالة تداخل ما بين الحاضر الآني والماضي التاريخي. كما قدمت الراوية في فضائها المترامي وصفا مكانيا حقق درجة عالية من الجمالية الفنية سواء من خلال الوصف الاستعادي المتماسك أو من خلال الوصف المكاني التفسيري والنفسي والدلالي. الرواية في صعودها الحكائي الناجح شرحت وبتركيز عال ما يمكن أن أطلق عليه قضايا الجندر من خلال مواجهة درامشعرية بين شخوص الرواية المتنوعة مع تقاطعات الراوي المنحاز حينا والمحايد حينا آخر. بصورة عامة نجح الكاتب في تقديم عمل روائي محتشد موضوعا وشخوصا ومتفرد تقنية من بين نصوص المسابقة، مما يؤهله لنيل الدرجات (9).لجنة التي كانت تضمن كلل من د. مصطفى الصاوي و أ. منصور الصويم و د. آسيا وداعة الله
* كاتب سوداني/ الخرطوم