يخص الشاعر المصري المرموق (الكلمة) بهذه القصيدة الجميلة اللافتة التي تقطر تجربة الثورة المصرية، وركوب العميان عليها، شعرا كثيفا مرهفا يستبصر المآلات المظلمة لما يدور في مصر، وما يحاك لها من كتائب العميان التي تقودها وتقودنا معها إلى الهاوية. لتنهض القصيدة بدور الشعر المستبصر الكاشف.

مثل وباء (قصيدة)

محمد سليمان

عالية ٌرايات العميان هنا

عالية مثل وباءٍ

وتعربدُ فى الساحاتِ

وفوق البرج

وفى أفواه الحكائينَ

وفى عربات المترو

وتصُبّ عمىً ... ودماً ودخاناً

هل مازلت ترى

بعيونٍ مثل عيون الصقر ِ

وقلبٍ لم يأخذه النشالونَ

وندّاهاتُ الصحراء؟

لتـَشُد من الأدراج صِباكَ

وسُترَةَ حربـِكَ ... وأغانيكَ

وقمراً معك من الأطراف أتى

ليصُدﱠ عمىً

ويحاصِرَ غولاً؟

أم دَهَسَك يأسُك فادّحرجتَ

ورُحْتَ تباهى بالعميان أتوا

ليصيروا حلا؟

قفْ ...

واقرأ ياسين وطاها

      وسليمانَ ويوسفْ

وقُل: الأعمى لا يُخْتارُ أميراً

      أو بحّاراً

      أو حاملَ سيفْ

لا تقـُل الأعمى يبصر أحياناً بيديهِ

ويرسم حداً بين النخلةِ والعصفورِ

ويعرفُ أن الحائط ليس امرأة ً

والغيمةَ ليست سوراً

وله أن يلعب بالراياتِ ويَجْرى

خلف عصاهُ

ويحملَ رُتـْبةَ شيخٍ

      أو جندىٍ

ويقودَ قطاراً

لا تقل: الأعمى بالأذنين يرى

ويَشُدﱡ من الأصواتِ

كصيادٍ محترفٍ قمراً

وطيوراً ومحاراً

وله أن يبحث عن جناتٍ

فى الصحراءِ وناس ٍكملائكةٍ ساروا

فوق الرمل وطاروا

الأعمى سوف يظلُّ أسيرَ عصاً

وحوائط وأساطيرَ

وسوف تظل الظلمة قفصا لهْ

هل تسمع فى الميدان أناشيدَ العميان

وتلمح فى مرآتك مثلى

صورَ المقتولينَ

وبعضَ ظلال القتله ؟