حين يتحول العدم الى سيرة للوقت تنتهي القصيدة الى سؤال عميق يعيدنا الى استعارة أفق الحياة، عن هذه التركيبة تستقصي قصيدة الشاعر الفلسطيني وهي تحاول تلمس ملامح وجع الوجود والحياة وكأننا ها هنا نبدأ من جديد.

الخامسة والنصف

أنس أبو عريش

الخامسة والنصف صباحاً:

حقيبة مملوءة بالذكريات

أحذية محشوة بالتعب

ملابس فوضوية معلقة على مشاجب حديدية

خبز ميت

سرير سمين

كتب قتل صاحبها قبل أربعين عاماً

كل هذه العناصر لا تساعدني

في تمييز ما ينصب علي

هل أنا على قيد الحياة؟

هل متُ قبل اليوم؟

فأنا أموت كثيراً

كأن أتهم بصفة المتهِم

كأن أصاب بداء الجشع

أيضاً حين لا أصدق جوارحي

التي تعمل ضدي

لماذا لا تزورني في المنام والمستيقظ غير الأحداث

التي لا أحبها

ولا أكرهها؟

أحب العدل بين الحب والبغض

هل أقول

دمعي المجازي ملأ البحرَ

حتى فاضتْ جوانبهُ

وغزتْ الناسَ

الذينّ يسكنونَ الشواطئ؟

أم أبالغ إذا أحضرت البحر

إلى الغرفة؟

لا أدري

أقترح هدنة طويلة الأمد

ولعبتين لتمييع الذاكرة

وتدريبها على الاهتمام بشرنقتها اكثر

أو لنخرج من درب التبانة الصغير

ولننتقل إلى حيز أكبر

علنا نجد سلاماً مطمئناً

أو لنناقش مفاهيمنا حول الحياة

هل هي

باهتة.. مقطعة كالضباب؟

نركض وراء لا شيء أعور

نسلم قلوبنا لكثيرين

لكن لا يتقن أحدهم التصرف بها

نحتسي الحزن كل صباح

نلوكه ولا نقوى على بصقه

شللاً أو خدراً لا فرق

حتى الكلمات العفوية قد فطمت

لم تعد مبللة بأريج الزهر

لم تعد تأمرنا بتصديق أكذوبة الواقع

أراقب الماء الذي ينطق به الأنبوب

أحاول تشبيهه بحالي

أعجز

أبكي.. ويبكي الجميع

يصرون على المحاولة

يا سيزيف

 إرمِ صخرتك فوقنا وفوق الأنبوب

 

الخامسة والنصف مساءً:

لا داعي لتكرار ما قلته

لذا عاود القراءة من أول القصيدة

 

شاعر من فلسطين