خلال أمسية فنية تكريمية بالصويرة٬ حكى الفنان والموسيقار حسن مكري عن مسار فني حافل٬ معتبرا أن الثورة يمكن أن تكون هادئة بالفن والثقافة أو العلوم والمعرفة. مضيفا بأن الفنان يكون له خلالها دور استباقي واستشرافي لانشغالات المجتمع والتعبير عنها.
فعلى هامش هذه الأمسية الفنية التكريمية للفنان حسن مكري٬ التي نظمها مساء أول أمس السبت بالصويرة نادي الصحافة بجهة مراكش تانسيفت الحوز وجمعية الحضارات الصويريات٬ لاستعراض المسار الفني لهذا الاسم البارز في ساحة الإبداع الموسيقي المغربي٬ باعتباره مؤسس "التيار المكري"٬ تحدث الموسيقار لوكالة المغرب العربي للأنباء عن تجربته الفنية الغنية بعطاءات أسهمت في بعث روح جديدة في الأغنية المغربية٬ حيث يرى أن الحوار والتواصل يعد وسيلة مثلى لإحداث التغيير٬ بعيدا عن كل أشكال العنف الفكري أو المادي.
الإبداع بالنسبة لحسن مكري٬ الرئيس المؤسس لكل من المجلس الوطني للموسيقى ومهرجان صيف الأوداية الثقافي٬ مستوحى أساسا من ذات المبدع التي تفصح عن مكنوناتها٬ غير أن المحيط يساهم في صقل هذا الإلهام وإخراجه إلى حيز الوجود٬ كما أن الفنان يعمل من أجل ترك بصمة تمكن من الحفاظ على إرث ثقافي وفني حضاري للشعوب.
"من المؤسف رؤية انعكاسات الربيع العربي على عدد من البلدان٬ إذ فقدت جوهرها" يقول الفنان مكري٬ مشيرا إلى أن المغرب شكل استثناء ضمن هذا المد٬ حيث استطاع الحفاظ على نموذجه الحضاري المتفرد٬ باعتباره صلة وصل بين الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا نظرا لموقعه الاستراتيجي٬ وجسرا للتواصل بين الشعوب والثقافات.
فالمغرب٬ يضيف مكري٬ بلد الانفتاح من خلال المهرجانات والتظاهرات الموسيقية التي يحتضنها٬ والتي تساهم في إثراء ثقافة التسامح والتشارك التي يتسم بها٬ معتبرا أن هذه المهرجانات تشكل جوهر الثقافة المغربية المتسمة بالحفاوة٬ وذلك من خلال عمليات مزج موسيقي بين تجارب فنانين مغاربة وأجانب تساهم في التقارب الإنساني٬ ضمن عالم بدون حدود أو عراقيل٬ وتضطلع من خلالها الموسيقى بدور هام في التقارب بين الشعوب.
وعن تجربته مع مدينة الصويرة٬ تحدث الفنان مكري بحنين إلى فترة اكتشف خلالها سحر المدينة الذي لا ينضب مع توالي السنين٬ فالصويرة ظلت٬ وإلى اليوم٬ في نظر الفنان٬ أرضا للتعايش والحرية في بساطة لا مثيل لها٬ وهو الأمر الذي يجذب السياح نحو هذا النمط المتفرد من واقع الحياة اليومية.
الصويرة في عيون مكري مدينة لا تشبه أخرى٬ " يمكن أن نتحدث هنا عن روح تسكن أوصال المدينة" تثري المخيلة فتجعلها تحفل بالإبداع "هنا نحس أن الجميع يحمل بداخله روح فنان مبدع"٬ سواء في الفن التشكيلي أو الموسيقى أو غيرها من دروب الإبداع التي يصقلها الفضاء فتتحرر من عقالها. هنا تغدو الحياة مفعمة بالحرية٬ دون فوضى٬ مع نكهة من الغموض تجعل من المدينة قبلة لسياح يختلفون عن البقية٬ إذ يأتون إلى مدينة الصويرة٬ مدينة الاستقبال والترحاب والتسامح٬ بحثا عن نموذج آخر للعيش٬ فيشعرون بحرية أكبر في الانصهار واكتشاف سحر ومعالم المدينة.
رصيد الفنان مكري الحافل في سماء الإبداع الموسيقي٬ توجته العديد من الجوائز العالمية التي حظي بها على امتداد مساره الفني٬ إذ حصل خصوصا على الميدالية الذهبية من أكاديمية الفنون والعلوم والآداب بباريس في2007٬ والميدالية الذهبية للحري في 2009 بالولايات المتحدة٬ إلى جانب الميدالية الذهبية للمغرب بالولايات المتحدة في 2011 وجائزة السلم العالمية في 2011٬ كما تم توشيحه السنة الماضية بوسام هيئة النبل للسفراء العالمية من طرف المركز البيوغرافي العالمي.
وفي استمرارية لإرث التيار الفني المكري٬ يقدم حسن بفخر ابنه ناصر٬ الذي يشكل امتدادا لهذا اللون الموسيقي الذي أرسى أسسه جيل رائد من الإخوة مكري٬ ويحمل مشعل الأغنية الموسيقية المكرية على أمل الوصول إلى قلوب الأجيال الجديدة٬ وذلك من خلال إعادة أداء الريبرتوار الفني للإخوة مكري وكذا شق طريقه في مجال الموسيقى٬ يحاول أن يفرض خلاله وجودا واسما فنيا.
وفي كلمة لمنظمي هذا الحفل التكريمي٬ أبرز السيد عبد الرحيم عاشر رئيس النادي الجهوي للصحافة بمراكش أن اختيار الفنان حسن مكري٬ يشكل احتفاء بعطاءاته واعترافا بالزخم الفني الحافل الذي ميز المسار المهني لهذا الموسيقار المبدع٬ حيث أثرت إسهاماته الرصيد الغنائي المغربي واستطاع أن يؤسس مناخا غنائيا مختلفا بالمغرب.
كما شكل هذا اللقاء٬ يضيف السيد عاشر٬ فرصة لبعث دينامية في الحركة الثقافية لحاضرة موكادور٬ بحكم موقعها التاريخي والسياحي المتميز.