لازالت القصيدة مسكونة بالثورة، ويبدو أن قدرها القادم أن يستعيد الشعر نفحة التمرد والكتابة "ضد"، هنا قصيدة لشاعر سوداني تستلهم هذه الأجواء وتحاول أن تخلق لصوتها الخاص صدى من داخل هذا العالم الذي نعيشه اليوم حيث تحولت الأوطان أشبه بمدن الدم أمام طاغوت ديكتاتوريات تآكلت.

مدن الدم

عادل بدر على

نافذة:
أنت لا تقتل الشرفاء

حينما تطلق كلابك الضالة

علي الحارات والشوارع والبيوت

فأنت أجبن من جبنك

وأهون من خيطك العنكبوت

أتعد لي مشنقتي

إشنقني فأنت من سيموت

فجماجم الشرفاء تبقي للأطفال القادمين

قمحاً ودرعاً وقوت..

*****

 

النص
(1)

دستة من بشر
عشر كواكب، شمس وقمر
أضاءت بالدم أنفاق الهزيمة
سقت بالبطولة وصدق الطفولة
أرضنا المقهورة وإرتقت
دون مَنِ أو دعاية
دون إعلام أو عِباية
أو ثناءِ من أحد

يا بهاءهم ونُورهم الملائكي
يشع في بلاد المجد
التعاويذ،

التاريخ

والسِير
فيا اطفالنا سلام

وياشبابنا سلام
ترحلون خضراً كسنابل وفية
عرائسا للثورة والمجد والحرية
دماؤكم ترسم الطريق
بألف حلم وأُمنية
فللوطن قلب واحد
نهر دم واحد
يعبر في كل مدينة
فيا حزننا الدموي
ويا دمنا المسفوح
تفجر
غضباً وثورة
فقاصف الرقاب تجبر
فلا حلماً ولا صبراً
ولاقصفاً لأوراق التوت
فقد بانت سوءة العورة

(2)
زيفُ أن نواجه الرصاص بالحرف
وقاصف الرقاب يصطاد الكلام
ويصادر الحناجر
زيفُ النضال رسماً علي دم المناضل
فرصاصة الموت لم تك طائشة
ولم تزل تبحث عن دم جديد
يضاف لمحابر الكلام
ويضيع في زحمة الأيام
مادامت دماؤنا تسلئ وحشة الحكام
وما دامت أعيننا تنام
بعد أن يقضي الشهيد وتمضي الرصاصة

(3)
الشهيدُ ليس راضيا
فلم يك مفتوناً بالكلام
وصورته لم يضعها
سوي علي بطاقته المدرسية
كان طامحُ يري أعلي من قامة الموت
أبعد من شارع السوق

أفقه أوسع من شبر
في عينيه بريق

لايغطيه كفن
فلا تبيعوه الكلام
فما أشتري غير ذاته ولو غلي الثمن

(4)
في كف الشهيدة
نجمة حناء
وفي قبرها يرقد الحزن
يتقافز الدمع،
فراشات دارها ،
بناتها العرائس ،
رمل غرفتها
وشمعة المساء

{حواء}

من جاء يخطب ودها ؟
ماردها؟
زفها المجد والخلود بخدرها
كأنها الملاك
بجناحين من ضياء إرتقت
كأسها النعيم
وإسمها العظيم
بداية الوجود
ونهر الأبد

(5)
دم الشهيد عهده الطريق
ورفقة النضال
فالصمت موت
والخوف موت
فقاتله شارد يتيه
ستصطاده الحقيقة
والفجر سيعميه
حتي الله لن يحميه
فأحباب الله الأطفال لا العسكر
فما من طفل يقتل طفلاَ
يسرق حقلاً
يهدم بإسم الله وينحر

(6)
فيا تاريخنا سلام
ياحضارة ألف عام

وعام
يا مسيحنا المبجل
يا رسولنا الختام
ياصوت وحدتنا
يا شعبنا الهمام

سلامُ سلام..

 

*شاعر وصحفي سوداني