وهذه أيضا شاعرة إيطالية تعلن إنتمائها الإنساني وتلعن الحرب والإبادات، شاعرة بدون اسم مستعار توزع قصائدها على مساحات الخواء التي تشعرها بالعزلة..زينكونيا الشاعرة تسعى ترميم جزء من التفاصيل المتبقية في الذاكرة وهي تستعيد صور المآسي المتكررة.

قصيدتان

زينكونيا زينكوني

ترجمة: ـمحمد ميلود غرافي

 

زينكونيا زينكوني شاعرة من أصل إيطالي. عاشت طفولتها بأمريكا اللاتينية وتقيم بين روما وسان خوسيه بكوستاريكا. تكتب أساسا بالإسبانية وبالإنجليزية والإيطالية أيضا. صدر لها بالإسبانية أربعة دواوين ترجم اثنان منهما إلى الإيطالية. كما ترجمت إلى الانجليزية مجموعتها الشعرية الأخيرة "بهلوان النسيان" الصادرة عن دار رافائيلي سنة 2011. نشرت نصوصها بمجلات أدبية أوروبية عديدة وترجمت إلى الأنجليزية والصينية والألمانية والهندية. هي عضو في اللجنة التنظيمية لمهرجان الشعر العالمي بالهند منذ 2007 وشاركت في العديد من مهرجانات الشعر العالمية في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

 

1

اليوم تُغرق الأمطار التربة

وأخضرً الأوراق

يصير داكنا وجليا

كمرآة تعكس

أصوات القلب غير المسموعة

الرطوبة تدخل الصالة

وتسكن

فوق جلدي

تسقي العزلة التي

تصعد في شكل لولبيٍّ

مصحوبة بالذاكرة

حول روحي كلها.

أنتظر

شمس النهار الذهبية

عندما يتبخر السراب

تاركا صورتكَ

وحيدة ومشعةً

فوق أعالي الكثيب

كواحةٍ مستعادة.

 

2

أعرف النظرية

وقسوة

مسلماتها

أعرف التلال التي تفصل

هذا الوادي الأخضر

عن الهضبة

والغابات

عن هاوية ما

 

يصعد الباص الصغير

(تصير المنعرجات ستائر)

 

وأنت تلتصق بي

بالتكرار البارع

لحضورك

 

وتفكك

كل المسلمات

 

 

الطائر الوحيد

أحاول أن أكتم غضبي

أن أحب

رغم كل جور

 

أحاول أن أواصل الطريق

فأسقط

أنكسر

وأرفع عيني نحو السماء

 

أتساءل كيف

يحصل سرب الطيور

على رقصة جماعية

لا مثيل لها

 

وماذا سيفعل الطائر الوحيد ؟

هل يقوى على ضم جناحيه

ويكف عن الطيران

قبل أن يكف عن الرقص ؟

 

 

بلا عنوان

اسمي زينكونيا زينكوني  

أنا شاعرة

بدون اسم مستعار

 

في الستينيات

شيّد أبي مدينة في شمال إيطاليا

الإسكندر بنى الإسكندرية

 وزينكوني بنى زينكونيا

 

كان قلبها الصناعي

ينبض

بالمرح المتجدد

في بلاد كان الاقتصاد

مازال يجر آثار

 ما بعد الحرب

بنية تحتية طليعية

أسلاك تحت أرضية

عمارات حديثة

لإيواء ألف وخمسمئة  

عامل ....

مركب رياضي لائق ووظيفي

مدارس وكنائس

ومستشفى بغرف الضغط العالي

 

 مدينة الرأسمال

مدينة العمال

مدينة المستقبل ؟

 

وبسبب المجاعة التي أتت على

خمس مقاطعات

فإن زينكونيا الحقيقية

ماتت قبل الولادة

 

 لكم هي ماكرة سخرية

الانتقام !

 

 الحلم الذي

 كان على أهبة التحقيق

 ترك العمارات الفارغة

 لمنطق اليأس

 

أفارقة، عرب، آسيويون، هنود

عاهرات، لصوص، بائعو مخدرات، متنكّرون جنسيا

وناس شرفاء

يسكنون عمارات مهترئة  

ما بين أرضيات رخامية

 ومصاعد فولاذية جامدة

غير قابلة للصدأ

 تُصلَحُ

في شراييني

 تنام ملفوفة في همسات حكايات مشتركة

وتتعانق في شبه الظلمة

 

ها صفارة إنذار تعلن حملة تمشيط

لتعيد كل شيء إلى الجحيم

رجال الدرك يقطعون المياه والكهرباء

ويوقظون عائلات عند مطلع الشمس

أحمد تعلم الكتابة بالإيطالية :

أكره زنكونيا لأني لا أستطيع النوم ليلا

فغالبا ما يأتي رجال الشرطة

ويوقظوننا كلنا

 

وسائل الإعلام تبث النصر:

كل ملعون أعيد إلى بلاده

خطوةٌ نحو التقدم.

قنابل غاز الخردل

في شوارع إثيوبيا

تنفجر اليوم

 في عروقي

 

اسمي زينكونيا

مثل البرونكس الجديد

بدون اسم مستعار.

 

ما بين دجنبر 1935 وماي 1936، ألقت القوات الجوية الإيطالية حوالي 85 طنّا من مادة غاز الخردل على إثيوبيا.