تواصل الباحثة السودانية هنا دراساتها التي تكشف فيها عن الجذور التاريخية لسيطرة رأس المال المالي، والذي تتحكم فيه الصهيونية العالمية، على عالمنا المعاصر. وتكشف عن الصلة الوثيقة بين هذه السيطرة ومفاهيمها، وما يسعى المتأسلمون الذين يستخدمون الدين سبيلا للسطلة وقهر الشعوب لتنفيذه في عالمنا العربي.

التنويريون الجدد وخصخصة بيت المال

إفقار العامة بالصدقة تطيرا من اعادة التوزيع

خديجة صفوت

تمهيد: التنويريون ونكران خلق الثروة على العمل الحي:
اجادل تباعا ان التنويرين كانوا الاباء الاوائل للرأسمالية المالية العارية-الصهيونية العالمية. وعليه فالرأسماليون الجدد راسماليون ماليون بالضرورة, وقياسا فانهم كانوا دائما حريون بهذا الوصف ان ينكروا على العمل الحي Living labour –تمييزا للاخير على العمل التاريخي Historic labour اى الآلة-ينكروا على العمل الحي انتاج الثورة التى ينسبون خلقها لانفسهم هم.

ويلاحظ ان من خصائص رأس المال المالي المكونن-الانتاج واعادة الانتاج ما بعد الرأسمالي انه لا يعود الا الى نفسه مباشرة دون المرور بعمليات اعادة الانتاج الرأسمالي الصناعي السلعي. فرأس المال المالي يرى العمل الحي Living labour -المنتجين للثروة الصناعية السلعية-الشعوب- عبئا عليه الا بقدر ما يضمن الاخيرون رأس المال المالي فى ازمنة الازمات To bail it out of the crises او انفقاع فقاعة Bust او اخري دوريا. ان رأس المال المالي لا يعنى بهذا الوصف وليس من خصائصة ولا من مسئوليته بل انه ليس ملزما على الاطلاق –احيانا كثيرة وريما اطلاقا بخلق العمالة ولا باعادة انتاج المجنمع سكانيا او تكوينيا بل قد يناسبه تقسيم المجتمع الى امصار وكانتونات متحاربة فيعفيه تحارب الاخيرة من المواجهات الجماهيرية. ويصم الرأسماليون الماليون بالنتيجة العمل الحي بمسئوليته هو في افقار اغلبيات الفئات المنتجة للثروة والحياة والكفاف الحقيقيين والتاريخيين.

ومن ثم فالرأسماليين الماليين يتعينون على الذراية المضمرة والمعلنة بمنتجي الحياة باقتصاد الكفاف والثروة وبفائض عملهم بوصف الاخيرين عالة على المجتمع بالنتيجة فعلى رأس المال-المالي –بالضرورة. وكانت تلك الذراية يسر عبر التاريخ عمليات استلاب تلك الاغلبيات وصولا الى اجبارها بالعنف على الازعان شبه المطلق لكفالة الرأسمالية المالية والاديان المسيسة بانواعهما جراء الينة الشعوب Alienation فكريا وتنظيما.

كيف أسقط الحكام عنفهم على المحكومين- العامة:

كانت حروب اوربا الغربية وبخاصة انجلترا العديدة حرية بان تدفع الى التستر على عنفها باعادة كتابة تاريخ حروب شرائح السلطة فيما بينها كما حدث في القرن الخامس عشر مثلا بحيث يغدو العامة ممن اطلق عليهم الغوغاء والخصوم والاعداء الطبقيين الغرماء وكأنهم في حالة من اللا شخصنة de-personalised وصولا الى مايشارف اللا ادمية de-humanisation أو ما اعرفه بالتراكمات العددية الزائدة عن الحاجة لمن لا جوه لهم.

فعلى الرغم من أن العنف الذى تميزت به تلك الفترة لم يكن الا نتيجة المؤامرات والانقابات والانقلابات المضادرة بين طبقة الحكام من الملوك والامراء ورجال الدين والبرلمانات الاوربية –الا أن محاولات اعادة كتابة تاريخ الحروب الاوربية لم تكن الا لتسقط عنفها على من عدى تلك الطبقة مثلما تفعل نظائرها الماثلة حيث تجوع وتروع تلك التراكمات العددية ثم تتهم اقسام عريضة منها بالعنف بل وبالارهاب.

ومن المفيد تذكر أن الادب السياسي الغربي الذى درجنا على الاصدار عنه والذى يمأسس معظمنا ما يكتب ويبحث فيه على نظرياته ومحصلاتها هو ذلك الذي تنتجه القوى والجماعات والطبقات التى تقف في تضاد مع نظائرها الشعبية ومع شعوب المستعمرات المعلنة والمضمرة والمسماة اسماء عجيبة. وحيث تقف تلك الجماعات في تضاد مع نظائرها الشعبية فان الاولى كانت وما تبرح تصور الثانية في صورة سالبة على الدوام. وتقف اوروبا الغربية انموذجا مروعا على ابلسة Demonizing خصومها الشعبيين وخصوما الطبقيين التاريخيين جميعا مثلما تفعل باعدائها الخارجيين.

مفهومات اجرائية فى السياق Operational Definitions in the historical context:

1-التنمويون وخلق شرط الافقار فى كل مكان تطيرا من المفقرين:

نادى البروتستانت -وهم اباء التنويرين عصاة البابوية منذ القرن السادس عشر وتباعا-اي خصوم الكاثوليكية الغربية- نادوا بنوع من اعادة والتوزيع وكان الاخير حريا يان يكون فارقا. ذلك انه لم يكن اكثر لا اقل من تنظيم الصدقة. ولم ينفك التنمويون ان جأروا فى القرن السابع والثامن عشر بان الفقير مسئول عن فقره ثم قال الفيزيزقراط ان افضل حكومة هي اقل حكومة the best government is the least government . فقد كانت تلك الحكومة تتعين على ما يسمى دعه يعمل دعه يمر Laissez passez, laissez faire بادعاء اي تيسير السعي لافراد بعينهم ممن يملك القدرة على تحقيق مصالحه الفردية جدير بتحقيق مصالح المجتمع.

واجادل أن ذلك لم يكن سوى تنويع على الحلم الامريكي الفاش بالضرورة والنتيجة. فان تدعي تلك الاطر الفكرية او البراديجمات Paradigmsان حاصل جمع مصالح اؤلئك الافراد هو مصالح المجتمع لا تعرف تلك الاطر الفكرة اي منهما: وتفصح كالعادة عن اي افراد واي مجتمع تتحدث. فكان كل فرد في المجتمع مساو للاخر او ان المجتمع هو مجتمع المساواة وليس مجتمع اولئك الذين يجلسون فى محفل الاوليب فوق كل من عداهخم فخارج المجتمع.

ذهنية الاباء الاوائل والحجاج وتكريس الصدقة:

تعكس هذه الذهنية ذهنية من يسمون الاباء الاوائل والحجاح غب ما يسمى الاكتشافات الجغرافية الكبرى في العالم الجديد. كما تعبر عن حالة المهاجرين فى العالم الجديد حيث لم يكن ثمة عامة وحكام سمح بتفريد الافراد بلا سلطة فوقهم لوقت طويل. ولعل مفهوم الصدقة كان حريا بان يصدر عن المسيحية المسييسة التى عبرت عن نفسها في علاقات الفاتحين والسكان الاصليين. وازعم ان بعض الاديان كانت قد سييت باكرا منذ فتنة عثمان عبورا بالامويين فبالعباسيين وصولا الى جمهورية البندقية.

ولم تكن علاقات اؤلئك الاقراد المفردين بالسكان الاصليين ثم بالعبيد من بعد اقل من علاقة تعالي على الاخيرين مما سوغ علاقات لا متكافئة لم يكن مفهوم اعادة التوزيع حريا بان يكون من مفاهيمها. بل كانت الصدقة حرية بان تكون اكثر ملائمة لتلك العلاقة واشد تكريسا لها.

ولم تلبث امريكا خاصة ان نشرت هذه الذهنية فى اوربا لغربية. فبات العالم القديم فيما وراء البحار كما ف افرييا واسيا بمثابة عالم جديدا بهذا الوصف للفاتحين والغزاة والمبشرين وصولا الى المستثمرين واصحاب الشركات متعددة الجنسيات ثم بالمرتزقة امثال بلاك ووترز وساند لاين والمارينز ممن تعبن على دمقرطة العالم بالقوة نفسها وبالتالي على السكان الاصليين في كل ما تطأه اقدام تلك الجماعات.

وازعم ان فيزيوقراط القرن التاسع عشر الجدد استدعوا براديحمات الفيزيوقراطية الجديدةNeo Physiocrats ثم لم يلبث الاخيرون ان تعينوا على خلق شرط ما سمي في ثمانينات القرن العشرين بالاورثوذوكسية الاقتصادية الجديدة Neo Economic Orthodoxy وقد وتماسست الاخيرة كما تذكرون فوق اصولية السوق Market Fundamentalism التى ارتهنت العمل الحي. ولم تنفك الاوثوذوكسية الجديدة ان افضت مع الالفية الثالثة بصورة شبه معلنة الى الرأسمالية المالية العارية وصولا الى الازمة المالية الراهنة التى جاءت لتبقى طويلا. وقياسا ادعت الرأسمالية المالية انها هي التى تخلق الثورة وان انه تقوم بما يقوم به الرب الذى كان قد بات مثذ التنوير بروتستانتيا ثم مسيحيا يهوديا.

2-عندما بات المسيح البروتستانتي متوجا وفارسا مدججا بالسلاح من فوق الدبابة ابراهام 8

اذ كان المسيخ الكاثوليكي ينجد المعوزين ويصادق الفقراء ويعادي المرابين فيقلب على الصيارفة الموائد فى معابد القدس فقد بقيت الكاثوليكية تحرم الربا حتى القرن السابع عشر. الا ان المسيح الكاثوليكي لم يلبث ان بات ملكا متوجا ثم قيصرا منذ الامبراطورية الرومانية وتباعا لم يلبث القياصرة ان باتوا الهة وانصاف الهة. فلم يغدو يوليوس قيصر ملكا بل بات نصف اله وصور على هيئة المخلص. ذلك انه ما ان تنصرت روما فقد صور الرومان المسيح على هيئة قياصرتهم وآلهتهم والعكس.

وقد اعيد انتاج موت المسيح وقيامه فى الهة اليونان من باخوس وبروميثيوس كما في غيرهما من الهة الرومان. ولم تلبث تماثيل ولوحات يوليوس قيصر ان باتت تشبه تماثيل وصورة المسيح. فيوليوس قيصر على صورة الرب والرب على صورة يوليوس قيصر. وكانت العباءة القيصرية بنفسجية فاستعارت الكنيسية الكاثوليكية من بعد اللون البنفسجى فصار لون حلة الكرادلة بنفسجى تيمنا بسلطة اهم قياصرة روما.

ذك انه ما ان تضعضعت سلطة الاباطرة لحساب الكنيسة تلفع الكرادلة بعباءة القياصرة مرصعة بمغالاة لا تليق بتواضع المسيح. وقياسا فان كان المسيح قد اوحى بالسلام ووعد بحماية الانجلوساكسون فقد راح الانجلو ساكسون يكسبون الآلهة الوثنية وجيزا -و كانت تلك الالهة فرسانا قساة عنيقين-روحية ورحمة ونبلا فتحورت Mutated الآلهة الوثنية وجيزا استجابة لصورة المسيح اللطيف الوديع كالحمل المتعب جراء كفاحه الطويل ضد الاستبداد الروماني ثم الى تنويعات من مسيح فارس ينقذ - على غرار الفرسان الممثلجين اللذين عذارى الارستقراطية من الاشرار على الطريقة الهوليوودية في فيلم كينج كونج.

والواقع ان لم يكن ثمة فروسية أو فرسان بين تلك الآلهة ولم تغدو الفئة الاقطاعية التى زوقت الآلهة على تلك الفروسية التى يتغنى بها الادب الشعبى الأوربي الغربي أو فى العالم الجديد تنويع على المسيح . فان بات المسيح الغرب اوربي فارسا على جواد وبسيف بتار كما نبى الله الخضر الا ان اسطورة الفارس-الذى يمتطى صهوة جواد ابيض ويحمل درعا براق ينقذ عذارى الارستقراط من الشرور-مثيلوجيا-استقرت فى الذهنية الشعبية حتى اليوم بلا تحفظ يذكر أوينسى.

وقياسا فقد كان ما يسمى بالفرسان-آلهة أو بشرا-رباطين مرتزقة يكسبون رزقهم بالنهب والسلب مما تحدر بدوره الى التنويعة الحديثة نسبيا وربما المعاصرة لمشاة وجنود الرأسمالية بوصفهم الات للقتل وحسب.

3-الرأسمالية والاديان السياسية وخصخصة كل شئ باسم الرب والله؟

ما ان تحور المسيح من رجل ضعيف نبيل صديق المعوزين الى ملك فارس يليذ الارستقراطيين وصديق الاثرياء حتى باتت الصدقة لمن يحيق به الاملاق-يعنى الاخير اجرائيا فى اعتقادي افلاس من كان ثريا وليس المسكين وابن السبيل. واجادل فى بحث طويل بعد للنشر ان المسيحية الغربية-البروتستانتية من الافانجلية الانجلو ساكسونية الى الانجلو امريكية تحورت تباعا منذ التنويرو بمغبة التنوير الى نظير ونصير للرأسمالية فباتتا صنوان. وقياسا فقد سوغت المسيحية الغربية بهذا الوصف والرأسمالية بتنويعاتها المحدثة بخاصة المالية منها خصخصة كل شئ فبات لكل شء ثمن ولم يعد لشئ قيمة-بما في ذلك اغلبيات الناس العاديين-بغية القضاء على التراكمات العددية الزائدة عن الحاجة التى لا وجوه لها تباعا فى كل مكان فى المقياس المدرج in a scale of gradation,

فان قيضت الخشية من السخط الشعبى فى المحاور الغنية بعضا من الصدقة واعادة التوزيع الفارق فقد تعينت الحروب والحروب بالوكالة والحروب الاهلية وما اعرفه بالحروب العالمية الممحلة localised global wars او-و بالوكالة والثورات المضادة والعون الانساني المتخاتل والمنظمات غير الحكومية والدمقرطة غصبا وترويعا من فوق الدبابة ابراهام 8 والطائرات التى بلا طيار افناء ملايين الخسائر الموازية لتلك الحروب والثورات المشبوهة وغيرها-من تلك النراكمات العددية يوميا فى الهوامش.

وحيث تدعي الرأسمالية المالية العارية حتى من ورقة التوت انها تتعين على الحلم الامريكى ومجتمع الخيارات والفرص Societies of choices الا ان اي من تلك الاحابيل لا تزيد-بقليل من امعان النظر-على فاشية اقتصادية بامتياز. ذلك ان الرأسمالية ما بعد الصناعية وصولا الى الرأسمالية المالية العارية لا تقل ولا تزيد عن معاداة اي شكل من اشكال اعادة التوزيع من السلع والخدمات العامة فى كل مكان لحساب خصخصة كل شئ من الماء والهواء ومن السلع الاستراتيجية والنفيسة الخ ومن الارض التى ترفغ تباعا لتغدو بلا صاحب.

و يتهم كل من يستدعي اي شكل من اشكال اعادة التوزيع بمعنى اي شبه من ذلك بالخيانة العظمى فخياتة الرأسمالية المالية –الصهيونية العالمية. فقد اتهم جون ماكين مرشح الجمهوريين للرئاسة وسارة بلين المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس باراك اوباما وكان مرشح الديمقراطيين بالاشتراكية عندما كان الاخير ينادي بمشروع الرعاية الصحية ابان حملته الانتخابية. فالاشتراكية أو اى شبهة منها تعنى المساس بالملكية الخاصة واعادة التنوزيع على العامة الدهماء وتوسيع فضاءات الدولة فخلخلة التراتبات المقدس للمجمتع الامريكى مما يعتبر وغيره تجديفا بحق الرأسمالية المالية خاصة اى الصهيونية.

وتعشق الرأسمالية المالية –الصهيونية العالمية نماذج بعينها من الساسة والمفكرين المشبوهين والمتثاقفين ممن يتعاطى الكلام الذي لا يقول شيئا خصما على نظائرهم الشرفاء الذين يجارون بالحقيقة ويدافعون عن الحق والحقيقة. فقد تربى وترعرع فى احضان الرأسمالية يتنويعتها وصولا الى الرأسمالية المالية –الصهيونية العالمية شذاذ افاق وارازل بنى تميم من كل نوع(3) ممن ينبري للدفاع عن الثروة والاثرياء خصما على المفقرين حتى من الصدقة.

4-تعالق المفهوم الانتقائي للصدقة والثراء :

يقترن مفهوم الصدقة فى بعض العقائد واقالة عثرة من كان موسرا يوما فمنى بالاملاق اكثر مما يتصل ينجدة مفقر من العوز المطلق الى ما هو فوق العوز. ذلك ان الصدقة لا ينبغى ان ترفع معوز من عوزه طويلا بل الصدقة هى تلك التى تعفى معوزا كان موسرا من مذلة السؤال(4) .ذلك ان اليهودى اذ اعطى الطعام لجائع فذلك صدقة لوقتها موقوتة لا تتجاوز اليوم. ويعترض اليهود على طلب الاحسان والصدقة بوصفهما اهدار لطاقة العابد وانفاقا لوقته فى غير العبادة. وبالمقابل فان الصوفى والراهب والمتبتل البوذى او الكونفيوشى الخ يضمن رزقه فى الواقع من العامة برحابة صدر بل بحماس يعبر عن كل من التقوى والتكافل معا. وتعتقد بعض الاديان ان العطاء يمنح العاطى اكثر مما يعطى الآخذ بكثير.

وظاهرة الصدقة لا توجد او لا يشار الى الفقراء فى التقاليد اليهودية مثلما فى الاسلام والمسيحية والبوذية مثلا. فلا تعتمد بعض الطرق الصوفية اليهودية على الصدفة مقارنة مع الصوفى او الزعيم الروحى فى معظم العقائد الاخرى التى يستجديها او –و يتوقعها من الناس طعاما او كساءا او مأوى. وكانت معظم طوائف اليهود تفعل كل ما من شأنه ان يرفع اليهودى من وهدة الفقر حتى اودت الازمات المالية المتلاحقة بهذا الميل. وتقول اليهودية بعدم ترك اليهودى يفتقر فاليهودى مسئولية الجماعة بحيث ينبغى اغناءه حتى يتصدق على غيره. ويغدو الثراء من ثم لدى بعض اليهود وبخاصة اعيانهم واحبارهم واسباطهم وتجارهم بالنتيجة منتهى الكرامة.

فقياسا تعتبر ظاهرة الفقر ماسة بكرامة اليهودي فلا يقبل بعض اليهود فكرة الاعتماد على الغير فى زرقهم وطعامهم بل يفضلون التفرغ للعبادة والتوجه الى الرب بالتقشف استغناءا عن غيرهم. ويوجد تقليد فى الشريعة الحاخامية يدعو لتكريس الذات مستقلة قدر الممكن. ويقوم الحاخاميون باعمال موازية حتى لا يعتمدوا على غيرهم. ومع ذلك لا يرى معظم اليهود فى المادة او الاستحواذ والملكية دنس ولا يترفعون عنها مقارنة مع تقشف الصوفيين فى العبادات الاخرى وترفع الاخيرين عن المادة تطلبا للتجربة الروحية. والكلمة العبرية للصدقة "صدقة" ومعناها العدالة الاجتماعية. ولعل تعريف مفهوم الصدقة بين الجنتايل Gentile الاوربيين الغربيين والاعراب الاستثنائيين- وتعنى مفردة الجنتايل الامميين-الغويم- اي المشركين بيهوا حري بان يشير الى كيف يصدر المفهوم عن ذهنية كل منهما بشأن الضعف والافقار(5) .

وازعم ان الامتياز الغربى الالهى او الاعرابى التلمودى قد يفسر موقف كل من الجنتايل الغربيين والاعراب الاستثنائيين من الصدقة بانواعها. ذلك انه فيما يدعى الجنتايل الغربيون امتيازا الهيا يتعينون بهذا الوصف على "مساعدة" الضعفاء على ان يكون ضعف الاخيرين تكريسا لقوة الاقوياء والممتازين من اعراب الشتات والغربيين وامتيازهم معا. الا ان الامتياز الاعرابى التلمودى يصدر عن التصدق على الاثرياء الذين اصابهم الاملاق دون غيرهم فيكرس التصدق طبقة الاثرياء دون سواهم والتضامن فيما بينهم.

ولا يثق اليهودي مثلا فى الفقير بل يتطير منه ما لم يجد وسيلة او سببا فى التصدق على ذلك الفقير فيرفعه من وهدة الفقر. ويقول مثل- يهودي فى الاغلب-و ان كان يعنى الكثير لكثيرين-ان لك ان تثق في شبع جاع ولا تثق في جائع شبع. ويقول مثال يهودى اخر "اذا جاءك متوسلان وكان احدهما غنيا والاخر فقيرا فاعط الغنى اكثر لان الاول يعانى من الاحساس بعدم الكرامة فقد تعود علي الكرامة فى الثراء فى حين ان المتسول الفقير لا يعرف الكرامة ولا يفتقدها وقياسا لا يعطي اليهودي ما قد يؤدى الى اثراء المتسول مثل اعطاء الملابس.

وتعبر الثروة والسلطة والقوة والنجاح عن نفسها في طبقة أحبار واسباط وقضاة وامراء الاعراب الاستثنائيين منذ موسى وابن امه هارون عبورا بيعقوب واخيه عيسو ويوسف واخوته. وتتمأسس ثروة امراء واحبار واسباط وقضاة وامراء وتجار اليهود ونجاحهم وقوتهم على سلطتهم فى تسويغ وعقلنة بالمعنى التنويري-و فرض الاتاوات والقرابين والاضاحى على عامة اليهود. وكان امراء وقضاة وكهنة واحبار واسباط بعض طوائف اليهود الاعرابية تعين تلك الاتاوات والقرابين خراجا ودقنية-ضريبة رؤوس-و محاصيل موسمية. ويفصل سفر التكوين وكتاب موسى الثالث-سفر لافيتيكوس -Leviticus الاضاحى والقرابين ويفصل سفر التكوين Genesis ما "يأخذ الكاهن" مثل كبش الاثم ولج الزيت" و"ذبيجة الاثم كذبيجة الخطية". وتفقر تلك الاتاواة عامة شعوب اؤلئك الاحبار والاسباط والامراء والقضاة والتجار على مر السنين تحت مسميات لا متناهية القة. فيثرى الاحبار والاسباط والامراء والقضاة والتجار خصما على شعوبهم كما يخلق علاقة تشارف علاقة المرابي بالذى يحيق به سداد الربا.

5-الربا والعلاقات الاجتماعية الاقتصادية:

اذا كان اساس التبادل فائدة مادية فان فكرة الفائدة- الربا-تظهر باعتبارها ثمنا لاستغلال رأس المال او تعويضا عن السداد فى علاقة بين اثنين لم يكن واردا ان تجمعهما سوى العلاقة المالية او الرابطة التجارية". ويقول عشماوى ان "عندما يكون اساس التعامل التجارة او يكون اساس التبادل فائدة مادية فان فكرة الفائد-الربا-تظهر باعتبارها ثمنا لاستغلال رأس المال او تعويضا عن السداد فى عرقة بين اثنين لم تجمعهما الا العلاقة المالية او الرابطة التجارية."(6) وقد تظهرت مثل تلك العلاقات المادية فى مراحل متأخرة من المجتمعات القديمة كوادى النيل على سبيل المثال فيقول عشماوي ان قد "اصبح التعامل التجارى غلابا على الشعور الاسرى والشعور الوطنى الذى كان مستقرا وشيئا طبيعيا ... منذ فجر التاريخ".

الا ان مفهوم العدالة الاجتماعية-و قد تمثل فى معات اله وحارس العدالة كوجهة نظر انسانية عالمية-كان مستقرا فى المجتمعات القديمة قبل حلول العلاقات المالية والتجارية على نحو شرس فاحلال الاخيرة مكان العلاقات الاسرية وعلاقات التعاطف والرحمة. ولعل حلول العلاقات المالية والتعامل التجارى بوصفه تعاملا بين اجانب واغراب لا تجمعهم اواصر اخرى كان قد هبط على المجتمع مع تجار اجانب اغراب او-و مهد الاخيرون لانتشار ثقافة التجرد من اى علاقة سوى المالية التجارية فى التبادل العملى فى السلع والخدمات والمال.

هل تيسر الثورات المضادة اعادة انتاج الاستبداد فى كل مرة؟

تتعين الرأسمالية ويتعين الاستعمار بوصفه اعلى مراحل الرأسمالية المالية خاصة وتنويعاتها الغربية والدينية المسيسة على مخططات نمطية تكاد لا يتغيير فيها كثيرا او قليلا مخطط منذ ابناء يعقوب وتباعا. اذلك ان معظم النخب المستعمرة و-او المستقطبلة فى تلك المخططات تبدو وكانها راغبة عن التعيين على ابداع اساليب مواجهة الرأسمالية المذكورة او-و الاستعمار بهذا الوصف. ففيما قد تكتفي بعض النخب بفتات السلطة والثروة ان وجدت مما يعزل النخب والمثقفين الوظيفيين بدورهم عن الشعب طبقيا مرة. ومرةاخرى ففيما يتحدثون معظم النخب باسم الشعب ويدعون تمثيله فان بعض او معظم تلك الجماعات من النخب والمتثاقفين يقطع بانه :

-يأت بما لم يأت به الاوائل

-صفووي فبعيد عن الشعب أو-و لا يتعايش معه بصورة كافية.

و لعل ذلك يقف وراء حقيقة ان مخططات -الرأسمالية -الاستعمار–الصهيونية العالمية- حرية بان تخلق بذلك شرط تكريس وجودها فكريا وتنظيميا وعسكريا وماليا. ذلك انها تفعل ما تفعل دون الحاجة الى بذل جهد يذكر او ينسي فى تطوير او تغيير ممارساتها فى الاستلاب والاستحواذ والثورات المضادة. ولعل بعضنا ادمن باكرا كل من عادة الاشاحة بوجهه عما يحدث حوله وان فعل فان ذلك غالبا ما يدفعه للدهشة لما يحدث له وكانه فريد فيما يواجه من المشاكل.

و من المفيد تذكر ان افريقيا جنوب الصحراء كانت قد منيت منذ بدايات حركات التحرر المسلح بحركات مضادة او ثورات مضادة لم تنفك ان اشتدت عشية الاستقلال(7) . وقياسا فان لم يستطع الكيان الصهيوني القضاء على حركة التحرير المسلح الفلسطينية فلعل ما بات يسمى اتفاقية كامب ديفيد الاسلامية حرية بان تضيق فضاءات الحركة الفلسطينية المسلحة (حماس).

الا اضع الاديان السياسية في سلة واحدة

بقيت لوقت طويل اناصر حماس كونها تدير الحوار من اجل الاستقلال وتشعل حرب تحرير مسلح. وقياسا لا اضع تنويعات الاسلام السياسي فى سلة واحدة ولا اكوم كل جماعة من جماعات الاسلام السياسي فى كومة واحدة وكانها مصمتة غير قابلة للتطور او التحور بالاحري. فزعامات تلك الجماعات شئ وقواعدها شئ اخر. كما ان القواعد نفسها غير متجاسة. فالشباب له امر مع الجماعة وقد تحسب له الاخيرة حساب. ذلك ان القيادات كانت قد راحت كما كانت الرأسمالية المالية والاستعمار والصهيونية العالمية قد ادركت تباعا ان القواعد الجماهيرية العريضة يبغى الا تبقى تراكمات عددية لمن لا وجوه لهم. وازعم ان الاديان السياسية والرأسمالية المالية والصهيونية العالمية اما:

-تعينت على اخصاء تلك التراكمات فكريا وماديا طويلا بالصدقات خصما على اعادة التوزيع

-او-و ادركت انه ان تترك تلك التراكمات العددية لمن لا وجوه لهم محض موضوع للاحسان الفكرى والمادي فقد تتكشف تلك التراكمات عن قيادات غير قابلة للاستقطاب, لعل الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية راحت تستدعي نماذج على شاكلة قباطنة الشعب Capitanos del poeplo من التراث السياسي للفكر والتنظيم الاقطاعي الغربي وربما من اثينا. فقد كان قادة العامة في المجتمعات الكلاسيكية الى الاقطاع وربما تباعا يستقطبون فيجندون عند حواف السلطة الخارجية ويمنحون الحق فى دفن موتاهم على مشارف مقابر الاحرار حول المدينة. وكان اؤلئك القادة تنويع على ما بات يسمى فيما بعد قباطنة الشعب Capitanos del popolo, وكان الاخيرون يرفعون احيانا الى مصاف اعضاء الدائرة الخارجية للسلطة فيشارف بعضهم الطبقات الوسيطة(8) .

وازعم ان الصهيونية العالمية كانت قد تعينت على اختبار سيناريو مشابه مع الحركات الطلابية في 1968 فلم تنقك ان استقطب زعاماتهم فقضت على واحدة من الحركات الشعبية التى كانت حرية بان تخلق نموذجا مقلقا مثلما كانت الطبقة الاوبية الغربية العاملة قد فعلت بالرأسمالية الصناعية فى ثلاثينات القرن العشرين. فقد تعينت البرجوازية الصناعية على نفي شرط الثورة العمالية الاوربية الغربية مما تعرض له جرامشي فى مذكرات سجنه وفى كتاباته فى منفاه بالاتحاد السوفيتى

المهم فورا فانه قد يكون من المفيد ملاحظة ان مصالح "الجماعة" اي جماعة ذات مصالح سلطوية ورأس مالية مالية على الخصوص قد لا تجمع الفئات الثلاث المذكورة اعلاه اى الاقليات المالية الطبقات الوسيطة-او الشباب-شباب ما بع الحرب العالمية الثانية-شباب ستينات القرن العشرين والاغلبيات المنتجة للفائض والثروة والكفاف والحياة.بل ان مصالح القادة ومصالح الشباب تفرق الاخيرين وقد تصدمهم. وقياسا فلا مصالح للقواعد الا بقدر ما يجود القادة على جماهيرهم بالصدقات.

و لا اري بحكم تجربة طويلة بالمعاصرة والحياة تحت ظل الاسلام الساسي والاحتكاك الفكري من فوق منابر ما يسمى النخب او المثقفين العرب فى المنافي وفي المجتمع العربي وغيره ان جماعات الاسلام السياسي لا تستوي فى المعارضة وعندما تصل الى السلطة. فتلك الجماعات فى المعارضة وفي السلطة شيئان وقد تختلف كل واحدة منهما بصورة باعثة على الدهشة احيانا. فمنهم من يرى براجماتيا فى الحوار والتسامح الفكري وسيلة للقبول ولنشر ارائه عندما يكون فى المعارضة فيما قد ينغلق البعض ويعود الى حالته عندما كان عضو في محض حركة طلابية.

و تعبر تلك الحالة عن نفسها فى ان بعضهم يبقى يصدر عن تجربة الحركة الطلابية او –و عما يسمى في علم الاجتماع بالجماعة الداخلية In-group في مواجهة الجماعة الخارجية out-s.group. وتلاحظ اعراض الجماعة الداخلية علي بعض افرادهم حتى بلوغ السطلة السياسية. فعندما يخاطب رئيس الجمهوية الناس فانه يخاطب فيهم ناسه وعشيرته بدلا من مخاطبة الشعب او حتى الامة وهو مفهوم اسلامي.

فالامة لديه تبقى جماعته هو. وقياسا فقد يتجاوز رئيس الجمهورية الدولة وادواة الضبط والربط والامن من شرطة وقوات مركزية او حتى قوات الحرس الجمهوري فيلوذ بماليشيات الجماعة.

وقياسا قد لاحظ الناس فى كل مكان كيف ان مشروع الاديان السياسية-الاسلام السياسي مثلا-غالبا ما يصدر عن مفهوم الخلافة. وتتمأسس الاخيرة فوق امصار يقوم عليها ولاة وعمال ولا تعرف الخلافة بهذا الوصف حدود قومية ولا دولة قومية ولا سيادة قومية. وحيث تبدو الخلافة وكأنها تنويع على العولمة فانها تغدو بهذا الوصف تنويع على مشروع الرأسمالية المالية وعلى الاوليجاركيات المالمية العالمية.

وفي حين ان الاخيران مشروع اقليات اوليجاركية مالية تتلفع بالصهيونية العالمية ضمنا او-وعلنا فانهما ينفيان كل ما عداهما ويصادران نشوء بديل فكري او قيام بديل تنظيمي او بنائي Structural. ولعله من المفيد تذكر ان احداهما تتلفع اما بالعبرية و-الاخرى بالدين السياسي.

واجادل ان يمكن عقد قياسات بين مشروع الخلافة ومشروع الاقليات الاوليجاركية المالية -بوصف ان كلاهما:

-يخاطب جماعة بعنيها ويطرح مصالحها وكانها مصالح البشرية-الانتقائية بالطبع-و يسوع الدفاع عن تلك المصالح بوصفها مصالح الانسانية.

-ان مثل تلك الذهنية تتعين على قاموس مفردات الق ومتخاتل وشديد الغواية الا انه يعنى عكس ما يقول.

-ان قاموس مفردات تلك الذهنية حري بان يواجه بهذا الوصف فى وجه كل قاموس بديل ويصادر لغة اي محاولة بديلة لوصف العالم والقوانين والفنون والاداب والتاريخ والحقيقة جميعا. وقياسا فان كانت لغة الحقيقة لغة مبدعة بالحق والعدل والخير فان مقاومة لغة الباطل للك ذلك تتمأسس فوق الكلمات الالقة التى لا تقول شيئا فى افضل الشروط او-و تعنى عكس ما تقول غالبا. فيلاحظ الناس فى كل مكان كيف ان قاموس الباطل يحرم تعريف مفرداته ويحيطها بالغموض. فقد حرمت الامم المتحدة مثلا تعريف الارهاب.

-ان المشروعين عابران للحدود

-انهما تتجاوز الدولة اذ تؤبلسانها

-تطيران من القومية التى تصمانها بالكفر

 -تفزعان من الاشتراكية بوصفها كفر بالرأسمالية وتجديف بحق الاسلام السياسي. وقياسا لا يعلن المحافظون الجدد والليبراليون الجدد والجمهوريون الامريكان والمحافظون البريطانيون عن تعريفهم لرأس المال المالي-الصهيونية العالمية. فيما يتستر الديمقراطيون الامريكان والاسلاميون السياسيون علي تطيرهم من كل من الديمقراطية الليبرالية والاشتراكية فيضمرون ذلك التطير في مانيفيستو برامجهم الانتخابية وخطابهم الساسي.

-ان كلاهما راسمالي مالي بامتياز

-ان كلاهما يراكم ببيع المال كسلعة خصما على رأس المال السلعى بتنويعاته البرجوازية الصناعية والوطنية معا. ذلك ان رأس المال الصناعي سواء برجوازي او وطنى يفترض بالضرورة خلق عمالة واعادة توزيع.

-لا يعيدان التوزيع بالنتيجة.

ذلك ان تلك التنويعة من رأس المال لا تصدر عن اعادة انتاج الاخير ولا تتمأس فوق اعادة التوزيع التبادل الاستهلاك الانتاج عائدا الى نفسه مرة اخرى production-distribution-exchange-consumption- production going back to it anew

-ان كلاهما اقلياتي وقياسا فان كل منهما يخصم على الاغلبيات المنتجة للفائض والحياة وعلى اعادة انتاج المجتمع

- تقيض لهما المراكمة ببيع المال كسلعة كل من الثروة فالسيطرة على اغلبيات الناس بافقارها وتكريس عوز تلك الاغلبيات فيما تضمن Bail out الاقليات المالية الاكثريات المالية في ازماته الاخيرة الدورية المنوالية. فالاغلبيات المعوزة هي التى تنجد الاقليات الاوليجاركية بنوعيها الاسلامي والعبري غب انفجار كل فقاعة مفبركة كما تعلمون فى كل مرة على مر التاريخ.

و رغم ان كل من الاوليجاريكات الصهيونية وبعض تنويعات الاديان السياسية يتنافسان وقد تعلنا خصومتهما الا ان تلك هي لعبة توزيع الادوار المخاتلة فى مواجهة ضحياهما-الشعوب- فى كل مكان. فهما فى واقع الامر الموضوعي والذاتي معا تتعاونان على الشعوب بل توكل احداهما-الصهيونية العالمية-للاسلام السياسي-مهمة ترويع وتجويع الشعوب حتى الابادة نيابة عن الرأسمالية المالية كما نرى في ليبيا وسوريا واليمن وريما فى اماكن اخرى تباعا.

وذلك انه قد لا يقيض اتفاق الاثنين على الجماهير بمعاهدة مكشوفة. الا ان احداهما تنتظر الانتصار على الاخرى بتوقيت. فان تأكل احداهما الاخرى بميقات ان هو من لدن الجيش القائم فى العاصمة او فى القوات المتناثرة على طول البسيطة وعرضها-ان كان الجيش قد سييس او-واسلم او تمت نصرنته تطرفا كما فى معظم وحدات الجيش الامريكى ابان اجتياح العراق وغيرها ربما خشية عقاب الرب. فكلاهما يوظف العقيدة فى تطويع العالم وتسويغ الاستحواذ الخ.

سفر تكوين الخلافة المالية: :

ازعم أن تلك التنويعة من الخلاقة كاتت حرية بان نشأت على عهد خلافة سيدنا عثمان ابن عفان وقد عين اقاربه على الشام مما خلق الوراثات الاموية وما ترتب عليها من لعنة على الخلافة ومفهوم السلطة, ذلك ان التوارث من يومها بات قيمة معلاة والدولة اداة للثروة وبات الخليفة هو الذي يعين ويخلع ويضرب الولاة ويعفو عنهم وما ان نشأ مفهوم لبيت المال حتى غدى الاخير حقا مباحا لامير المؤمنين.

ومع ذلك كان حكم الراشدين" كما يقول العشي "سابق لزمنه بشكل عجيب فقد كان فريدا فى العصر بمفهومه اذ كان ذلك العصر "عصر الحكم الفريد فى العالم". فهو حكم شورى بوصفه حكم المسأواة والعدل. ويقول النويهض "أن شكل الاقتصاد فى حكم الراشدين عجيب فى ذلك العصر. فهو اقتصاد مبنى على توزيع مال الامة على افرادها جميعا سواء منهم المقاتل فى جبهات القتال أو المقيم الذى لا يستطيع القتال. ولم يكن ذلك الاقتصاد مألوفا آنذاك"(9) . ويؤكد بعض المؤرخين أن مقتل عثمان يرجع اكثر ما يرجع الى "زهد الراشدين" فى القتال من اجل الاحتفاظ بالسلطة حقنا لدماء المسلمين من العرب مما استغله المرتدون من الاعراب والبدو.

الا ان هذه السردية كثيرا ما تدحض مرة من قبل انصار عثمان والامويين ومرة من قبل خصومهم. ولعل هذه السردية تحتاج اعادة قراءة فى سياق الاحداث التى تعاصرت وحروب عثمان وحروب بيزنطة ودور الحكم ابن العاص مما تمثل فى زمان الشدة والفتوحات. الا ان ذلك لا يعفي من الاقرار من ان الثورة كانت قد سرقت من اصحابها على غرار كثير من الثورات اللاحقة من الثورة الفرنسية والثورة المنشفية والثورة التسيلية الى الثورة المصرية.

هذا ولم تنفك خلافة الامويين من عثمان فمعاوية-688-661-ان باتت الى ذلك وبايعاذ من الحكم بن العاصي وزير عثمان وكأنها ضيعة اموية(10) . فقد جعلت خلافة معأوية ابن ابى سفيان وقد ولاه عثمان ابن عثفان على الشام –الدولة-منذ ان ولايه معاوية وخلفه مروان –أداة لانتاج الثروة والسلطة واعادة انتاجهما, وقياسا باتت الدولة بهذا الوصف تتصرف فى اموال المسلنين وكأنها ملكا خاصا للامويين(11) . ولعل بداية ارستقراطية عربية اسلامية كانت حرية بان تنشأ صاعدة لولا الصراع الاموي العباسي على السلطة. ولعل ذلك الصراع بدوره كان ستار دخان تسترت وراءه احداث وجماعات بالاحرى ولم يكشف عن تلك الجماعات بصورة كافية بعد او ربما ما يبرح بعضنا لا يملك الجرؤ على النطق باسم تلك الجماعات.

المهم فورا كان الخليفة يتصرف فى مال المسلمين يأخذ منه ما يشاء وينفق منه لشراء النصراء والمحاسيب وقمع المعارضين ويتفضل بما يشاء على الرعية. وقد قال الصحابة والمؤرخون فى الحكم بن العاص واله ما قالوا. فقد قال ابو ذر الغفاري في ال أبي العاص انهم اذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا ودين الله دغلا وقد واجه ابو ذر الخليفة-لما باتت السلطة والثروة حكرا على الخليفة الاموى واهله واقرابه- واجه أبو ذر الخليقة مدافعا عن حق العامة فى مالهم وهو يسأل عن اسراف الخليفة من خشية ان يكون الخليفة قد اعتقد انه ممثل الله تعالى ووريثه تعالى فى المال العام فكان الجواب هو ان المال مال الله وان االخليفة خليفة الله فما يأخذه الخيلفة هو له وما يتركه للناس ففضل منه". وقد بقى ابو ذر على خلاف مع عثمان حتى ترك المدينة.

وفى رواية آخرى قيل ان ابن السبأ انتقد تسمية بيت المال ببيت مال الله قائلا لابى ذر"أرأيت كبف ان الخليفة سمى بيت مال المسلمين بيت مال الله ليأخذ منه كما يشاء فلا يعطى المسلمين حقهم". فكلم ابو ذر الخليفة فقال له الاخير "رحمك الله يا ابا ذر ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والامر امره؟!" وكان ابو ذر قد ترك المدينة جراء خلافاته مع الخليفة وان كان النبى صلعم قد قال فيه ما معناه "سيعيش ابو ذر وحده ويموت وحده وسوف يحشر يوم القيامة وحده

المهم راحت الارستقراطية الاموية منذ معاوية بن ابى سفيان تستاثر قياسا بمال المسلمين. وقد جعلت خلافة معأوية ابن ابى سفيان-661-688-من الدولة من وقتها وتباعا اداة لانتاج الثروة والسلطة واعادة انتاجهما خصما على العامة و معظم وربما كافة المعارضة. فقد تعين معاوية وعثمان ابن عفان من قبله بايعاذ عبد الحكم ابن العاص وكان عثمان قد بلغ من العمر عتيا على تحويل الخراج والضرائب والجبايات الى جماعات من اهل وعشيرة عثمان ابن عفان معوية من بعده. هذا ولم ينفك معظم حكام العرب والمسلمين ان راحوا من بعد يقايضون على مناصبهم ومكاناتهم ووراثاتهم مع سادة الكون العولميين مقابل العصف بشعوبهم.

كيف تجمع الرأسمالية المالية –الصهيونية العالمية-الخصوم والشعوب والشيطان في سلة واحدة:

تقضى علاقة "طبقة الشعب"(ومعناها تخاتلا اي مجازا طبقة احبار واعيان وقضاة وتجار اعراب الشتات ومن يشبههم مثل الاوليجاريكات المالية الصهيونية المعاصرة) تقضي علاقة طبقة الشعب بهذا الوصف بالشعب تحريم كل ما من شأنه الاشارة الى تلك العلاقة وصولا الى العصف بكل من يجرؤ على النطق باسم او تعريف تلك العلاقة وغيرها من المحارم والمحاذير المتعالقة. ويغدو الخصوم والاعداء والشعوب تالمقابل مثالا ناجزا للشيطان فى كل من الكتاب المقدس وفى قاموس الاستحواذ العولمى الذى يخصم مصالح تلك الاقليات من طبقة الشعب والتنويعات اللاحقة على مصالح كافة المنتجين وصغار حملة الاسهم والمدخرين الصغار وكافة مفقرى العالم جراء خصومة "طبقة الشعب" لهم. ويتصل ذلك الخصم فى غياب الاستثمار فى البشر او-و ضعف ذلك الاستثمار مما يكرس دونية الاغلبيات المنتجة للثروة والحياة والمجتمع .

 ويلاحظ الناس فى كل مكان كيف ان تلك الدونية تعبر عن نفسها فى ازمنة الشدة والكساد. ذلك ان المحكومين يسخرون على التعين غصبا واكراها على ضمان الحكام وبخاصة اثرياء الاخيرين من الاوليجاركيين الماليين فيما يهرب الاخيرون بثرواتهم مخلفين الخراب والدمار والتضخم فى كل مكان فى المقياس المدرج. وتستوى خصومة او عداوة "طبقة الشعب" او اعراب الشتات للجنتايل الغويم المشركين الاممين الكفرة أو-و كنعان كما تستوى ولعنة اعراب الشتات على مدن المستقرين والمجتمعات التى استضافتهم. \

وكانت تجارة بعض طوائف اليهود قد تمأسست باكرا على استلاب المدن منذ اليونان (و لم يكن الاخير موجودا بل هو اختراع من اختراعات الغرب-اعراب الشتات تلفيقا لتاريخ الاخيرين المتكاذب الى الابد) وربما عادت بعض ثرواتهم الى نهب الخصوم منذ الخروج من مصر(اذاكانوا بمصر اصلا) و-او تحريم الاخيرينthem to Utterly destroy منذ داؤود مع العماليق وغيرهم من المدن الدول في المنطقة ممن لحق بالامم البائدة تباعا,

 ويعتقد ان العماليق عاشوا وامتد نفوذهم ما بين 900 1و1000 قبل الميلاد ويقول البعض انهم عاشو بمصر 400 عام. المهم "يتفق هذا التاريخ التقريبي أيضاً مع التاريخ الذي يذكره المؤرخون لوجود عبيل او العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء". وكان العماليق قد "ازدهروا فى الحجاز وفلسطين" الا ان سلطانهم ما انفك ان ضعف ف"كونوا مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال، وكان هذا الطريق يمر بيثرب الجزيرة العربية (13) .

شروح على المتون:

1-اثمة خلفاء من كل نوع أتون وجيزا بعد؟

يحاول الاتحاد الاوربي تنويعة على الخلافة بزعامة المانيا الموحدة من ناحية وتحاول امريكا خلافة امبراطوربة بدورها من ناحية اخرى. الا ان ذلك لا ينفي وجود حركات الاستقلال الذاتي وحق تقرير المصير في اوربيا مثلما فى اسبانيا في الباسك وكاتالونيا وبلجيجا بين الوولانج وفي شمال ايطاليا وفي بريطانيا بين اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية. كما ان بعض الولايات الامريكية تحاول بدورها الاستقلال عن السلطة الفيدرالية بخاصة فيما يتصل بالضرائب والخدمات العامة.  على انه من المفيد تذكر ان ثمة اعتمالات وتمثلات تعبر عن نفسها خصما على مخططات الخلافات المذكورة ولحساب الاتجاهات القومية الوطنية. ويلاحظ لناس تمثلات ذلك في مباريات كرة القدم والاوليمبياد واكثر فى التنافس على غواية رأس المال. ولعل كافة تلك الخلافات من الخلافة العبرية والخلافة الاسلامية الى الخلافات الاوربية والامريكية تتصارع فيما بينها سوى ان هيمنة الرأسمالية المالية – الصهيونية العالمية ما تنفك ترتهنها جميعا تباعا مما يعبر عن نفسه فيما يعر فى المال الهارب من كل مكان الى كل مكان مما لاحظه الناس ابان الازمة المالية منذ 2007 -2008 وتباعا.

وازعم انه قد لا يحكم كافة تلك التحولات سوى حركة المال ومآله واين يستقر او لا يستقر. فان احتكر المال بهذا الوصف تكريس شرط تنظيم نموذج بعينه للتنمية او عدمها فان اطروحات الصهيونة العالمية تهيمن على الفكر وتفرض توجهات التنظيم او الفوضى الخلافة او الهدامة بالاحري لصالح خلافة معينة. ذلك انه ان كانت الصهيونية العالمية مشروع مالي اكثر من اي شئ اخر فان الخلافة الصهيونية قد تجمع كافة الصهاينة بغض النظر عن هويات قيادتهم كما يلاحظ الناس فى كل مكان اليوم ولو بانتظار الفرز الاخير فوصولا اليه.

الم تنفق مليارات من اجل حلول شرط تحرير اقتصاد مصر بمعنى بيع ما تبقى من القطاع العام بالمزاد العلني؟ ذلك ان بيع القطاع العام بهذا الوصف كان حريا بان يقيض للدويلات النفطية شراء اراضي مصر مثلما اشتروا الاراضي السودانية. وكان الصهاينة العرب يتنافسون مع الصهاينة العبريين فى الاستحواذ على كل ما وطأته بطون اقدام بي اسرائيل.

2-سلمت مصر من كل شر

حمى الله مصر من كل سوء-مصر عرابي وعبد الناصر مصر حركات التحرر مصر ملاذ المناضلين العرب والافارقة مصر والله زمان يا سلاحي مصر جاردين سيتي والزمالك وحتى مصر اليرجوازية الوطنية. من كان يتصور ان ياتي زمان يتحسر بعضنا فيه على رأس المال الوطني !!!!

سلمت مصر السويس والصعيد -مصر العشوائيات على حالها ذاك. فالذين يتربصون بها قد يدركون ان ما يلم بمصر يلم بالعالم الذى نعرفه. فمصر ليست ارضا ولا شعبا وحتى حضارة محدودة بحدود وتماثيل وتاريخ ملوك وملكات وانما تاريخ الشعوب التى صنعت كل ذلك فمصر هي عبقرية وادي النيل الاسراتى، فهي الفكرة والخاطر والمعنى الذي يحتوى افريقيا واسيا وبحيرة المتوسط مما ملك تاريخ البشرية كما نعرفها.

سلمت مصر التاريخ الشعبي بناة الشوهد الحجرية والحضارت والابدية الانسانية.

سلمت مصر ام كلثوم وعبد الحليم حافظ ومصر ايامنا الحلوة سلمت مصر الزمن الجميل الذي كان يشبهنا ونشبهه وقد قيض فضاءات العشم في والنضال من اجل عالم افضل. مصر كل ما هو ات لا محالة وان لم يرض الكافرون بالشعوب. سلمت مصر اجمل الايام التى لم نعشها بعد

 

الخرطوم 27 ديسمبر 2012

 

هوامش

 (1) فكرت فى "الامويون الجدد وخصخصة بيت المال عنوانا ثم عدلت حتى لا يخلق متصيدو سوء التفاهم صراعا حول المفهومات

 (2) سقطت المراجع والقراءات لسبب ما عن الدراستين السابقين

(3) امثال ريجان –ممثل من الدرجة الثانية-و بيل كلينتون يتيم تربى بملاجئ اركينساس وباراك اوباما ابن الراعي الافريقي وكذا مارجريت ثاتشر ابنة الخضرجي وجون ميجور ابن البهلوان –الترابيز Trapeze فى سيرك متجول وتوني بلير اللقيط وغيرهم وادام سميث ومالتوس جامعي الضرائب الخ.

 (4). وازعم ان القول الكريم ب " لاتقتلوا اولادكم خشية املاق" حرية بان تعنى بالضرورة الموسر الذي الفلس لسبب ما وكان على شرف وجاه. فاملاق الرجل الشريف يعرضه واسرته لامور مثل الخطب وطلب ا لفدية التى قد لا يتسطيعها. اما المفقرون فلا شرف لهم ولا يخطف احد بناتهم.

 (5). من دراسة بعنوان من بابل الى الاندلس تعد للنشر قريبا.

(6) انظر(ي)محمد سعيد العشماوى:1988:الربا وا لفائدة فى الاسلام:دار سينا:القاهرة:ص:9-14.

 (7) فقد منيت ثورة فراليموا لتحرير موزانبيق بثورة مضادة بادر بها النظام العنصري فى بريتوريا-جنوب افريقيا-نيابة عن الرأسمالية المالية وكانت قد تمثلت منذ ما بين الحربين. ولم تنفك رينمامو ان قوضت مكتسبات ثورة تحرير موزانبيق التى قادتها فراليموا حتى لم يعد ثمة سبيل سوى الازعان للتقاوض معها حول اقتسام السلطة وطبعا الثروة. ونفس الشئ حدث فى غينا بيساو وجزر الرأس الاخضر وسان تومي –و معظمه مما عاصرت وكتبت فيه صحبة حركات التحرر لينشر قريبا باذبن-هذا وان اتخدت كل ثورة مضادة فيها منها منحا اشد عنفا وغلواء اتى على ما انجزته حركات التحرير المسلح.

 (8) انظر(ي) بحث بعنوان المعتذلة والمعتزلة الجدد. ويصدر البحث الذى اقتضى اكثر من 6 سنوات عن مئات المراجع باكثر من لغة وعن الاصحاح القديم والجديد والقرأن الكريم..

(9) انظر(ي) يوسف العش: شرحه:ص: 132-3.

(10) كان عثمان قد رد الحكم ابن العاض الى المدينة وقرّبه منه وأعطاه وولده المال الكثير من بيت مال المسلمين ، مع علمه بأن رسول الله « ص » لعنه وطرده ولعن وُلده ، وهذا غاية العجب من عثمان حيث أنه خالف صريح عمل رسول الله « ص » وأحب من يبغضه.انظر(ي) البيان وو التعريف ص:266 الوكيبيديا

 (11) قال ابو هريرة : اذا بلغ بنو العاص ثلاثين كان دين الله دخلا ومال الله نُحلا وعباد الله خولا . و قال الزمخشري الدّخل (بفتحين) هو الغش والفساد ، وحقيقته ان تدخل في الأمر ما ليس منه ، أي يُدخلون في الدين امورا لم تجر بها السنة . والنّحل (بالضم) من العطاء ما كان ابتداءا من غير عوض والمراد انهم يُعطون بغير استحقاق . الخول (بفتحتين) الخدم : جمع خائل. شرحه

(13) انظر(ى) الاوس والخزرج على شبكة المعلومات من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.