الإسكندرية في 26 فبراير– بدأ مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية موسمه الثقافي الجديد بتنظيم ندوة بعنوان "الأديرة القبطية – النقوش الأثرية". تحدث في الندوة كل من الدكتور يوحنا نسيم يوسف، كبير باحثين بمركز الدراسات المسيحية المبكرة في الجامعة الكاثوليكية بأستراليا، والدكتور عاطف نجيب؛ مدير عام متحف آثار أسوان.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية أحمد منصور؛ نائب مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الاسكندرية، حيث قدم عرضاً لاهتمام المركز بمجال توثيق النقوش والكتابات القديمة بمختلف أنواعها، وركز العرض على نشاط المركز في توثيق ودراسة النقوش والكتابات القبطية في مصر.
وقال إنه منذ انطلاق أنشطته، أخذ مركز دراسات الكتابات والخطوط على عاتقه سد الثغرات القائمة في مجال دراسات النقوش والكتابات، وانصب تركيز المركز على الدراسات والتخصصات الغير مدرجة في الجامعات المصرية. وأضاف أن المركز سعى من خلال برنامج تعليم اللغات والخطوط القديمة إلى تعليم اللغة القبطية من خلال دورات تعليم القبطية والتي تهدف إلى استخدامها في قراءة النقوش الأثرية والبرديات سواء في المواقع الأثرية أو في المتاحف.
وأشار إلى أن عام 2010 يمثل خطوة هامة لمركز دراسات الخطوط والكتابات بالدراسات القبطية، حيث جاء تنظيم المؤتمر الدولي الأول للدراسات القبطية تحت عنوان: "الحياة في مصر خلال العصر القبطي... المدن والقرى، رجال القانون والدين، الأساقفة ".
وفيما يخص الأنشطة المستقبلية في مجال الدارسات القبطية تركيزًا على النقوش القبطية، قال إن مركز الخطوط يعلن عن عقد ورشة عمل لتدريب الأثريين وللباحثين في مجال الدراسات القبطية على قراءة النقوش القبطية سواء على الأوستراكا والبرديات، مما يساهم في رفع مستوى البحث العلمي في مجال النقوش القبطية. وسوف تعقد الورشة بالتعاون مع جامعة أيوا الأمريكية، والبعثة الأثرية العاملة في الدير الأحمر بسوهاج.
وتلت الجلسة الافتتاحية محاضرة بعنوان "الكتابات والنقوش في الأديرة المصرية: من الإسكندرية إلى الفيوم"، ألقاها الدكتور يوحنا نسيم يوسف.
جاءت المقدمة بنظرة عامة على تطور الكتابة القبطية على النقوش وتنوع الكتابات التي عثر عليها في الأديرة المختلفة ما بين كتابات تخليدية، تعليمية او جنائزية، بالإضافة الى المواد المختلفة التى استعملت للكتابة كالفخار، الشقافات، الخشب او اللوحات الجدارية. وتناولت المحاضرة عرضاً سريعاً للهجات القبطية المختلفة كاللهجة الصعيدية والبحيرية. وشرح الباحث الأصل السرياني لكلمة دير والمعاني العديدة التي تحملها هذه الكلمة فقد تستخدم بمعنى بلده أو مقابر أو بمعناها الأشهر مسكن للرهبان والراهبات، حيث كان أول ذكر لها في القرن 12 الميلادي.
وتعرض الباحث لمدينة الإسكندرية ومحيطها التي ازدهرت الحياة الديرية بها، فقد ذكرت بعض المصادر أن عدد الأديرة أو التجمعات الرهبانية وصلت إلى 300 دير، وإن لم يكن الرقم دقيقاً فإنه على الأقل يؤكد كثرة الاديرة بالمدينة ومحيطها. وتناول الباحث عدداً من تلك الأديرة بدءًا من دير مار مينا وهو أحد أهم الأديرة التي وجدت بالقرب من مدينة الإسكندرية؛ فقد بني في القرن الخامس الميلادي وهدم في القرن التاسع وقد أعيد اكتشافه صدفةً في القرن العشرين الميلادي. وترجع أهمية هذا الدير لكونه أحد أهم وجهات الحجاج في العصور المسيحية المبكرة، الأمر الذي دفع بإقامة مدينة متكاملة تشمل مختلف الأنشطة لخدمة الحجيج. كما عثر بالمنطقة على العديد من الاثار الهامة، ومن أشهرها القنينات التى تحمل صورة وأسم القديس مار مينا التي استخدمت لنوال البركة في تلك العصور. وجدير بالذكر أنه لازال استخدام هذه القنينات قائماً بين الأقباط حتى اليوم.
وتناولت المحاضرة منطقة كيليا (القلالي)، القريبة من النوبارية، التي اكتشفت في عام 1964؛ وهي ثاني أقدم تجمع رهباني في العالم حيث بدأت الحياة الرهبانية فيها في منتصف القرن الرابع الميلادي ووصل عدد رهبانها إلى 600 راهب.
ثم انتقل الباحث الى الحديث عن منطقة وادي النطرون التي انشأت الحياة الرهبانية فيها على يد القديس مكاريوس الكبير، وتعرض الباحث كذلك للعديد من الأديرة القبطية في تلك المنطقة كدير أبو مقار، دير الأنبا بيشوي، دير السريان ودير البراموس، والتي عثر بها على العديد من النقوش التي كتبت بلغات مختلفة كالقبطية، اليونانية، السريانية والعربية.
واختتمت المحاضرة بأمثلة من دير الأنبا أرميا بسقارة التي عثر بها على كتابات على الخشب، الشاقافات والأحجار كتبت بالقبطي، اليوناني والعربي.
وتلى ذلك محاضرة بعنوان "الكتابات الجداريه في مواقع الآثار القبطية بالنوبة وصعيد مصر"، ألقاها الدكتور عاطف نجيب. بدأت المحاضرة بتناول الآثار المسيحية التي عثر عليها في مقابر البجوات بالوادى الجديد؛ وهي جبانة مسيحية يرجع تاريخها إلى القرن الثاني حتى السابع الميلادي، تحتوى على 263 هيكلاً زخرت بمناظر مختلفة من التوراة بالإضافة الى المناظر المسيحية. وعثر في العشرات من تلك المقابر على الكثير من الكتابات المختلفة كاليوناني، القبطي والعربي. وتناول الباحث أمثلة من مزار السلام وهو من أهم العناصر الأثرية الموجودة بمنطقة البجوات.
وانتقل الباحث إلى الحديث عن مثال آخر وهو دير القديس أقلاديوس بأسنا ثم دير الأنبا متاؤس الفاخوري الذي عثر به على أحد أهم اللوحات التي تحمل رسوم لأنبياء من العهد القديم كتب بجانب كل منهم اسمه. كما تحدث الباحث عن أحد النصوص التي عثر عليها بدير الأنبا متاؤس الفاخوري والتي كتبت باليونانية والقبطية الصعيدية ما يعنى أن "الفنان الذي قام بتلك الرسومات هو راهب من دير الأنبا شنودة بأخميم". وتعرض الحديث كذلك عن تمثال وجد بمنشوبية (مكان صغير لتجمع الرهبان) غرب أسنا به نص يذكر أسماء قديسين الوجه البحري والقبلي بدءً من الأنبا أرميا بسقارة إلى أبيدوس.
ثم تناولت المحاضرة النقوش التي عثر عليها بمملكة النوبة المسيحية التي تحولت إلى الإسلام عام 1324 ميلادياً، وبدء الحديث بإعطاء أمثلة من دير قبة الهوى بأسوان والتي من أهمها النص الذي يحمل اسم البطريرك يعقوب الذي عاش بالقرن التاسع الميلادي.
وتطرق الباحث إلى أمثلة لكتابات من دير الأنبا هدرا بأسوان الذي عثر به على كتابات تنوعت لغتها ما بين يونانية، نوبية وعربية. وتناول أيضًا نص وجد بكنيسة المضيق كتب بالقبطية والنوبية. وأخيراً ختم الباحث محاضرته بالحديث عن نص معبد وادي السبوع؛ وهو عبارة عن قائمة بأسماء أساقفة فرس التي تحوي اسم 28 أسقف، الأمر الذي يجعلها أكبر قائمة بأسماء أساقفة عثر عليها في مصر القبطية.