جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة

في ثاني أيام احتفائها بالانطلاقة الرسمية للمنامة عاصمة السياحة العربية للعام 2013م، تواصل وزارة الثقافة تقفّي أثر أمير الرحّالة العربي ابن بطوطة، وتبحث في تفاصيل سيرته الذاتية عن فكرة السياحة وتتمعّن في الأنسنة والجدلية الثقافية والفكرية التي أودعها لأدب الرحلة والتاريخ. إذ احتفت الوزارة صباح اليوم (الثلاثاء) بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في متحف البحرين الوطني وبحضور العديد من وزراء السياحة العرب، الشخصيات الدبلوماسية والمهتمين بالشأن الثقافي والسياحي.

وأعربت معالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في هذا اللقاء الثقافي عن سعادتها باستضافة هذه الجائزة التي تستمر لعامها العاشر على التوالي، مؤكدةً أن هذا الاستثمار الأدبي والقراءة الجغرافية جديرة بالتأمل في سياق المنامة عاصمة السياحة العربية. ودعت الحضور إلى المشاركة في أنشطة الفصل الأول لهذا العام، وبالتحديد تدشين مشروع باب البحرين وسوق المنامة القديم الذي ينطلق أواخر الشهر الجاري، حيث سيتم افتتاح مقر دائم لمنظمة السياحة العربية.

وفي افتتاحية الأمسية التكريمية، تناول السيد نوري الجرّاح مشرف المركز العربي للأدب الجغرافي ضرورة الاهتمام بالأدب الكتابي والموروث الفكري المختصّ بالسياحة والسفر والترحال، مؤكدًا أن "فكرة الرحلة هي التعارف الذي تقوم عليه أسس ثقافتنا العربية وديننا الإسلامي"، حيث أشار: "السفر رحلة لفضّ الوجود ومبدأ يسير باتجاه الآخر وفي الوقت ذاته باتجاه الذات وعالمها وموقعها من الجغرافيات والثقافات"، وحول جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة فقد أوضح الجرّاح أن طبيعة هذه الجائزة الفريدة تهتم بنبش المخبوء والمجهول من المخطوطات العربية والإسلامية وتحرير كتابات العابرين والسيّاح والمطّلعين على التجربة السياحية العربية، قائلاً: "فكرة الجائزة شائعة وموصولة بالسياحة. فالسياحة لا يمكن عزلها عن آثارنا المكتوبة والمخطوطة والمحفوظة في جامعات العالم ومكتباتنا الخاصة وفي كل أرشيف عربي وغير عربي". لافتًا الانتباه إلى أهمية التحقيق في الآثار والمخطوطات التي أصبحت خارج التداول، حيث بيّن أن المهمل منها هو ما تلاحقه جائزة ابن بطوطة.

أما فيما يتعلّق باستضافة البحرين لهذا الحدث، فقد وصف السيد نوري الجرّاح مملكة البحرين كونها عنوانًا لدخول الجزيرة العربية والجغرافيا المحيطة. وأثار في حديثه الجدلية التي يقدّمها الأدب والمخطوط العربي والمتعلقة بربط الشرق بالمغرب، مختبرًا موقع المدوّن من أدبيات ومقارنًا إياه بالطبيعة الواقعية، إذ أردف: "ثقافتنا العربية فيها تجريد كلامي عن علاقاتنا الإنسانية وإخوّتنا، لكنها تبقى في النشيد فقط، وفي الخبرة الواقعة يبدأ الألم"، وقد استدلّ في ذلك على العلاقة ما بين المشرق والمغرب العربي، موضّحًا: "المغاربة يعرفوننا أكثر مما نعرفهم لأنهم يتطلعون دائمًا جهة الأصول والمرجعية الروحية، لكننا في المقابل نعرف القليل عن المغرب العربي الثري الذي يختصر كل التجربة الأندلسية ويبقيها حية إلى اليوم بالموسيقى والطعام والملابس وكل العناصر التي تؤسس علاقة الإنسان بعالمه وبذاته وبالأشياء". وأكّد أن المركز في اشتغاله المعرفي والحضاري والتاريخي قد تمكّن من التحقيق في حوالي 50 مخطوطة عربية ودراسة.

 من جهته، تقدّم الدكتور بندر بن فهد آل فهيد رئيس المنظمة العربية للسياحة بالشكر لاستضافة المنامة عاصمة السياحة لهذا الحدث، معلنًا عن توأمة جديدة ما بين المقترح الذي قدّمه نوري الجرّاح بإطلاق جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة كل عام من قلب العاصمة العربية للسياحة، وبين مبادرة أخرى تُخصّص فيها جائزة باسم ابن بطوطة لروّاد السياحة والمؤثرين في حركتها في الوطن العربي.

وقد اختُتِم الحفل بتكريم الفائزين بهذه الجائزة، وهم: د. محمد حرب وابنته تسنيم من مصر اللذين حقّقا وترجما مخطوطات وأدبيات مجموعة من الرحّالة في مؤلف كتابي بعنوان "رحلات عثمانية في الجزيرة العربية وآسيا الوسطى – ما بين القرنين السادس عشر والعشرين"، السيدة مليكة الزاهدي من المغرب عن مؤلفها "البدر السافر لهداية المسافر – إلى فكاك الأسارى من يد العدو الكافر لمحمد بن عثمان المكناسي"، وكذلك مؤلف فرج بيرقدار عن يوميات السجن والحرية بعنوان "الخروج من الكهف". كما حصل على الجائزة كتاب "رحّالة الغرب الإسلامي" لمؤلفه د. صالح المغيربي والذي ترجمه د. عبدالنبي داكر، وكتاب "السفر مع تشي غيفارا" الذي يقدّم صناعة ثائر صاغها الكاتب ألبرتو غرانادو وترجمها نعمان حموي من سوريا، وأخيرًا كتاب أحمد هريدي من مصر الذي يحمل عنوان "تونس البهية".