يواصل الشاعر والمترجم الفلسطيني المرموق النبش في جغرافيات شعرية تتيح للقارئ العربي التعرف عن منجز نصي خصب، ويقدم لنا في هذا العدد مختارات من قصائد شاعرةٌ وروائيَّةٌ وكاتبةٌ وناشطةٌ أَمريكيَّةٌ أَفريقيَّةُ الأَصلِ، وفي واحدة من قصائدها تنعي "تشافيز" أحد أنشط منتقدي الولايات المتحدة الأمريكية بغطرستها الامبرالية المعهودة، ومع نصوص أخرى نكتشف شاعرة مسكونة بالقضايا الكبرى العادلة للشعوب تعلن غضبها وموقفها المبدئي ضدا على الاستبداد والغطرسة.

قصيدتان

الصَّالحُونَ تليها ملء القلب

أَليسْ ووكَرْ

ترجمة: محمَّد حلمي الرِّيشة (شِعرَيار)

 

الصَّالحُونَ

(إِلى الرَّئيسِ هُوغو تْشافيز)

الصَّالحُونَ

الَّذين ينصِتونُ للنِّساءِ

والأَطفالِ والفُقراءِ

الَّذين يمُوتونَ عاجلاً جدًّا،

أُفسِدتْ حَيواتُهم

بالمعارَضةِ:

قلوبُنا حزينةٌ لأَجلِهم.

 

كانَ هذَا العالَمُ الَّذي عَرفهُ أَبي.

رجلٌ فقيرٌ

رأَى رجالاً صالحينَ يأْتونَ ويذهبونَ عُمومًا؛

يعيشونَ خلفَ

مَن تقطَّعتْ بِهم السُّبلُ والثَّكلى.

أُناسُ الآمالِ، والأَحلامِ، والأَعمالِ الكثيرةِ

الصَّعبةِ!

يتوقُونَ لمُستقبَلٍ

فُجائيٍّ

ممنوعٍ.

 

لكنِ اليومَ

تكتبُ لِي أَنَّ الكلَّ علَى مَا يرامُ

علَى الرَّغمِ مِن أَنَّ الرَّائعَ

"هُوغو تْشافِيز"

توفيَّ بعدَ ظهرِ هذَا اليومِ.

 

لنْ نسمعَ أَبدًا بعدَ الآنَ صوتَ

الغَضبِ المُنبعثِ

واشمئزازِ رؤيةِ الحماسةِ

والانتصارِ.

 

هذَا صَحيحٌ.

 

ولكنْ مَا أَكثر مَا فعلَهُ فِي سنواتهِ الـ 58!

تقولُ أَنتَ.

أَيُّةُ مشاجَرةٍ عظيمةٍ 

عمِلَها "هُوغو تْشافِيز"!

 

هذَا صَحيحٌ، أَيضًا.

 

شكرًا لكَ لتَذكِيري.

 

علَى الرَّغمِ مِن أَنَّ الحياةَ-

لاَ تنتهِي أُنشوطتُها هذهِ أَبدًا-

عبرَتْنا اليومَ

لكنَّها حملَتْ

بالموتِ

بطلَ

الجماهيرِ

فإِنَّ روحَهُ

شديدةَ الصَّراحةِ

"كارينو"

لاَ تضِيعُ.

 

ذلكَ الميراثُ

ذهبَ علَى الفورِ

إِلى النَّاسِ

الَّذينَ أَصغَى لهُم

وهُم هناكَ

حيثُ نتوقَّعُهم

ليَنهضُوا

فِي أَقربِ وقتٍ

غدًا؛

هناكَ

حيثُ

نَلتقِي بِهم

دائمًا

مرَّةً أُخرى قريبًا.

 

(5/3/2013)

 

مِلءُ القَلبِ

(إِلى شعبِ بابِ الشَّمسِ، بوَّابةِ شروقِ الشَّمسِ، فِي فِلسطينَ)

لنْ نأْسفَ أَنَّنا

وِلُدْنا فِي هذَا

الوقتِ القاسِي

لنُدرِكَ

مَا هوَ عليهِ: وقتُ مِلءِ

القلبِ.

عِندما القلبُ، علَى أَساسٍ يوميٍّ

يُمْلأُ، للقُدرةِ

والتَّجاوزاتِ،

بحبِّ

الشَّعبِ:

أَطفالُ

الشَّعبِ، يرشقونَ الحجارةَ نحوَ الدَّباباتِ،

ونساءُ الشَّعبِ

يُكافحونَ محوَ؛

رجالِ الشَّعبِ

الَّذين يُخاطِرونَ جميعًا

لأَجلِ الكرامةِ

والسَّلامِ.

 

مِلءُ القلبِ.

 

مَا هوَ مِلءُ القلبِ

إِذا قلبٌ

مُلِءَ

وحَلقٌ مُلِءَ

وعيونٌ مُلِئتْ

بالدُّموعِ؟

دموعٌ لاَ نأْسفُ علَيْها

لأَنَّنا شعبُ

العالمِ

نقفُ بثباتٍ

معًا

أَخيرًا

فِي فِلسطينَ.

 

مَنِ الَّذي يعرفُ مَا الَّذي سيحصلُ بعدَ ذلكَ؟

الجنونُ لديهِ صلاحيةٌ طويلةُ الأَجلِ.

 

كلُّ مَا نفعَلهُ الآنَ

نعرِفُ أَنَّهُ الوقتُ

لنَحيا حياةً إِلى أَقصاها

وبدونِ

أَسفٍ.

 

أَحدِّثُ نَفسِي

وأَعتقدُ مِن أَجلِكَ

كذلكَ.

 

الوقوفُ بثباتٍ

معًا أَخيرًا.

لأَجلِ فِلسطينَ.

دموعُنا

ليستْ أَقلَّ مِن دمِنا

أَو الغِراءِ.

 

بابَ الشَّمسِ- لنْ نتحرَّكَ.

 

(2013)

أَعترفُ أَنَّني لاَ أَستطيعُ فهمَ العقلِ الَّذي يحتاجُ ليُسبِّبَ هذهِ المُعاناةَ

(إِلى نُورِتْ بِيلِدْ الَّذي أَرسلَ لِي الصُّورةَ: فلسطينيُّونَ يذهبونَ للعملِ صباحًا بشكلٍ مُبتذَلٍ)

أَعترِفُ

أَنَّني لاَ أَستطيعُ فهمَ العقلِ

الَّذي يحتاجُ ليُسبِّبَ هذهِ: عمَّالٌ فِلسطينيُّونَ

يُساقُونَ كالقطيعِ

فِي صفٍّ طويلٍ

إِلى أَماكنِ تَشغيلِهم

رَديئةِ الدَّفعِ.

 

كيفَ تستطيعُ أَن تجعل نفسَكَ سعيدًا

بالتَّسبٌّبِ

بهذهِ المعاناةِ؟

 

كمْ تستطيعُ أَن تنامَ طويلاً

بينَما الصَّباحُ يأْتي

وأَنتَ تزعمُ أَنَّهم لاَ يمشُونَ

باتِّجاهِكَ؟

 

معَ تحمُّلِ الشَّتائمِ

الكثيرةِ جدًّا لمسافةِ ميلٍ.

 

بردٌ

 

جوعٌ

 

فقرٌ لاَ يُتَخيَّلُ.

 

مُشمئزُّونَ

منَ الحزنِ

والخوفِ

لكنَّهم يمشُونَ

بيأْسٍ أَمامًا

بعيدًا.

 

لأَجلِ النَّاسِ

لأَجلِ الأَطفالِ

لأَجلِ الاعتزازِ أَن يكُونوا

الَّذينَ همُ الآنَ والَّذينَ مِن قَبلِهم.

 

لاَ توقُّفٌ.

مشيٌ أَمامًا:

نحوَ فُتورِ

التَّرحيبِ

منْ بابِكَ الخلفيِّ.

 

(2013)

 

* شاعرةٌ وروائيَّةٌ وكاتبةٌ وناشطةٌ أَمريكيَّةٌ أَفريقيَّةُ الأَصلِ.

** شاعرٌ وباحثٌ ومترجمٌ. نابُلس- فِلسطين.

mohammad.helmi.rishah@gmail.com