في وصفها للثقافة كفعل حياة، أعلنت وزارة الثقافة عن الفائزَين بجائزتيّ الثقافة: :جائزة البحرين للكتاب وجائزة البنكي لشخصية العام الثقافية، وذلك في احتفائية خاصة في المسرح الوطني، بحضور معالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وعدد من الشخصيات والمثقّفين والمهتمين بالأدب والفنون.
وأشارت معالي وزيرة الثقافة إلى هذا الحفل باعتباره ذاكرة سنوية تستلهم الجماليات والتوصيفات الثقافية، وتحتفي بالمنجز الإنساني الذي تنسجه اشتغالات المفكّرين والمبدعين، موضحةً: "وحدها الثقافة فعل البقاء والحياة، لأنها تستمرّ رغم الأشياء كلها. نحن اليوم نحتفي بما يملكه هذا الورق من صنيع دائم وملهم، كما نستحضر طيف الناقد الراحل محمد البنكي الذي قاوم الغياب بوجوده الثقافي وحقيقته التي كان يذكّرنا من خلالها دائمًا أننا في الثقافة نملك الحب والجمال، وأن هذا التكريس الذي يشتغل فيه الإنسان على إيجاد فكرة هو ما يحقّق هذا الوجود". وأكّدت أن هاتين الجائزتين تبحثان الأنسنة الفكرية والمعرفية، وتحاولان إيجاد المختلف والمتمعّن من الأثر الثقافي والفكري.
وقد استعانت وزارة الثقافة لاختيار وانتقاء الشخصيات الثقافية بلجنة تحكيم خاصة تضمّ كلاً من: الدكتور عبد السلام المسدي (من تونس)، الدكتور علوي الهاشمي (من البحرين) والدكتور علي حرب (من لبنان)، وبرئاسة الدكتور صلاح فضل من مصر الذي أشاد بالتطوّر الملحوظ في جائزة البحرين للكتاب قائلاً "تضع الجائزة البحرين في قلب الوجدان العربي وفي بؤرة المعرفة الإنسانية حيث يمثّل النقد ذروة الوعي بالذات وبالآخر" واعتبر الدكتور فضل جائزة البنكي "تجربة بالغة الدلالة لطموح وإنجاز الشباب" مشيراً إلى أنها "المرة الأولى التي تتّجه فيها الجوائز العربية لتكريس هذا الطموح والإبداعات والمنجزات بعكس سابقاتها".
واختير الدكتور إبراهيم غلوم للفوز بجائزة البحرين للكتاب عن مؤلّفه "المسافة وإنتاج الوعي النقدي: أحمد المنّاعي والوعي بالحركة الأدبية الجديدة"، والذي قدّم من خلاله مبحثًا نقديًا عميقًا حول الأدب البحريني المعاصر من خلال نموذج المنّاعي، إذ رصد تجارب مرحلته الأدبية والثقافية وكشف عن التحرّر الفريد الذي اختصّت به سيرة هذا الكاتب الذي سبق أوان تجربة أٌقرانه. وأشار إلى الجائزة باعتبارها استثنائيّة كونها تكرّم جيلاً مؤسساً للحركة الأدبيّة فالجائزة "تمثّل إشعاعاً ثقافياً وحيوياً سيؤثّر في الوطن العربي". وقد سبق للدكتور إبراهيم غلوم تقديم العديد من الدراسات النقدية والثقافية الملامسة لمثل هذه الحراكات منذ العصور الوسيطة وحتى العصر الحديث، بلغ عددها ١٧ كتابًا وعشرات البحوث ذات الصلة، متجاوزًا في أعماله حالة الوصف إلى نقد الوعي والتأصيل الثقافي.
وتكريمًا لذكرى المفكّر الراحل محمد البنكي، استدرجت وزارة الثقافة روحه وشخصه من خلال جائزة البنكي لشخصية العام الثقافية، والتي حصدها المخرج السينمائي الفلسطيني السيد عمر القطّان عن مجمل أعماله في حقل النشر الثقافي والإنتاج السينمائي والترويج للثقافة، إذ حمل بداخله إرث المشرق العربي، أحلامه وحكاياته وهواجسه، عبر أفلامه السنيمائية العالمية التي قام بإخراجها، وفتح في سماء لندن متنفسًا يفضي للثقافة العربية عبر قاعة موزاييك لفنون العالم العربي التي أشرف على إنشائها وعبر ترؤسه لمهرجان "شبّاك" للثقافة العربية المعاصرة في لندن ٢٠١٣م. كما صمّم وأطلق البرنامج الفلسطيني للمرئي والمسموع في مجال السنيما والتليفزيون، ويعمل أيضًا كعضو في مجلس أمناء مؤسسة عبد المحسن القطّان التي أنشأتها عائلته كمؤسسة خيرية، لتصبح مؤسسة ثقافية ورائدة في فلسطين والمنطقة. وتسلّم السفير الفلسطيني لدى مملكة البحرين السيد طه محمد عبد القادر الجائزة بالنيابة عن القطان، ووجّه شكره إلى وزارة الثقافة بشخص معالي الوزيرة، كما أشاد بالعلاقات الثقافيّة البحرينية الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أن جائزة البحرين للكتاب تلامس الحسّ الكتابي، الأعمال الأدبية والعلمية والمؤلفات والمنشورات، على اختلاف أنواعها، وترصد مجموعة قوائم وتقوم بفرزها لاختيار الأكثر جدارة منها لنيل الجائزة، عبر لجنة تحكيم تعكف على دراسة الأعمال والمؤلفات المشاركة ضمن حقل معيّن يتم انتقاءه في كل دورة للجائزة، حيث اختير لهذه الدورة مبحث “الدراسات النقدية في الأدب البحريني المعاصر”. فيما تستهدف جائزة البنكي لشخصية العام الثقافية تنمية الفكر والإبداع في الحقل الثقافي. حيث تشمل كافة مشاركات المفكرين، الباحثين، الفنانين وأصحاب الإنجازات الثقافية المتنوعة. وتطرح المنامة في هذه المسابقة التنافسية رؤية مستقبلية للأفق الفكري اجتذابًا لمزيد من روّاد الثقافة في شتّى أنحاء الوطن العربي.