صدر، مؤخّراً، عن دار نشر المعرفة، بالرباط، كتابٌ جديد للناقد المغربي الدكتور جميل حمداوي في مجال النقد القصصيّ، موسُومٌ بـ"القصة القصيرة جدا: أركانها وشروطها"، تَعْدادُ صفحاته 102، من القِطْع المتوسط. وانطلاقاً من صيغة عنوانه، فقد جاء العمل مقسّماً إلى فصلين كبيرين؛ أولهما مخصّص لبيان أركان القصة القصيرة جدا، التي حددها الناقد بناءً على ستة معايير (المعيار الطبوغرافي – المعيار السردي – معيار القراءة والتقبُّل – المعيار التركيبي – المعيار المعماري – المعيار البلاغي). وأُفْرِدَ الثاني لبيان شروط تلك القصة، والتي حدّدها حمداوي بناءً على خمسة معايير (المعيار المُناصّي – المعيار التفاعلي – المعيار البلاغي – معيار التخطيب – المعيار الدلالي). وتصدّرت الكتابَ توطئة موجَزَة بقلم المؤلِّف، واخْتُتِم بخلاصة تركيبية وبمُلحق ضَمَّنه الكاتب ترْسانة من المصطلحات النقدية الدائرة في فلك الق ق ج، مصنَّفة وغيرَ معرَّفٍ بها.
وقد كتب الناقد المغربي الدكتور فريد أمعضشو عن هذا الكتاب كلمةً أُثْبِتَتْ على ظَهْر غلافه الخارجي، هذا نصُّها: "اَلقصّة القصيرةُ جدّا، المَعْروفة اخْتِصاراً بـ "ق ق ج"، شكْلٌ تعْبيريّ جديدٌ في أدبنا المُعاصِر، ما زال "يُناضِل" لتبَوُّء مكانةٍ مُعْتَبَرة ضِمْنَ الفُنونِ الأدَبيّةِ التي تُؤثثُ المَشْهَد الثقافِيَّ العربيّ اليوْمَ، ولكسْبِ المتلقّي بعْدَ إقناعِهِ بمَشْرُوعيّة ذلكَ القصِّ، وبحَقّه في أنْ يوجَدَ وفي أنْ يُعَبَّرَ بهِ كما يَجْري التعْبيرُ بسائر أجْناسِ الأدبِ المَعْروفة، ولاسيما في زَمَنِنا الحاضِر الذي يُعدُّ إيقاعُ السُّرْعة أحدَ معالِمِه المُمَيّزة. ولذا، فالحاجَةُ ماسَّةٌ إلى مُراكَمَةِ الإبْداعاتِ في "ق ق ج" مُراكَمَةً تُراهِنُ على الجَوْدَةِ والأصالَة والنُّضْج بمِقْدارِ ما تُراهِنُ على الكَمِّ، وإلى إنْجاز نُقُودٍ وتنْظيراتٍ مُواكِبَةٍ تَدْرُسُ المُنْجَز القصَصيّ القصيرَ جدّاً وتُحَلِّلُه وتُقوِّمُه، وتُقعِّدُ له انطلاقاً مِنْ مُساءَلة الإبْداعِ المُتَحَقِّق بعيداً عنْ أيِّ إسْقاطٍ لخَواصِّ "ق ق ج" ومَقاييسِها، كما تمارَسُ في الآدابِ الأخْرى، على إبْداعاتِ العرَبِ في هذا المَجال. وهذا العملُ، الذي بينَ يديْكَ، إسْهامٌ نقديّ تنظيريّ لأحَدِ أبْرَز دارِسِي "ق ق ج"، على الصَّعيدِ العَربيّ، الذي سبَقَ أنْ أتْحَفَنا بأبْحاثٍ وكُتُبٍ جادّةٍ في نقْدِ هذهِ القِصّة، ومُعالَجَةِ نُصوصِها تيماتيكيّاً وجمالياً وتِقْنيّاً، ومُحاوَلةِ تَقْنينِها .. إنّهُ د. جميل حَمْداوي؛ الأديبُ متعَدِّدُ الاهتماماتِ، صاحبُ التآليفِ العديدةِ، والعارِفُ بأسْرار "ق ق ج" ودُروبِها ومساراتِها وكلِّ ما يتمَحَّضُ لكَيْنُونَتها. إنّ هذا الكتابَ، بفَصْليْه الرَّئيسيْن، محاوَلةٌ نقديّة رَصينةٌ – تنْضافُ إلى محاولاتٍ أخْرى، في المَشْرق والمَغرب، حَمَلتِ الهَمَّ التنْظيريَّ نفسَه – لِتقْعيدِ "ق ق ج"، عَرَبيّاً؛ ببَيانِ أصولها وخُصُوصيّاتها وجَماليّاتِها وشُروطِ تحقُّقِها الكِتابِيِّ بنَجاحٍ، سَواء من النّاحيةِ المَعْنَويّةِ أوِ المَبْنَويّةِ، مَعَ الإلِحاحِ على ضَرورَةِ أنْ يَعِيَ هذهِ المُقوِّماتِ كلٌّ منَْ مُبْدِعِ تلكَ القصّةِ وقارِئِها. ومِنْ هُنا، تتبَدّى لنا قيمَةُ كِتابِ حمداوي وأهَمّيتُه مَعاً، لاسِيما مع النَّقصِ المَلْحُوظِ الذي تَعْرِفُه المَكْتبَةُ النَّقديّة العَرَبيّةُ في هَذا الجانِب".
ومن الكتب التي صدرت للناقد في مجال نقد الـ"ق ق ج" نذكر: "القصة القصيرة جدا بالمغرب: المسار والتطور"، و"القصة القصيرة جدا عند السعودي حسن علي البطران"، و"من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا"، و"أنطولوجيا القصة القصيرة جدا بالمغرب"، و"مقوِّمات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري"، و"القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق"؛ وهو آخرُ ما صدر للدكتور حمداوي في هذا الإطار (أبريل 2013). وينضاف إلى ذلك العشرات من المقالات التي نشرها في نقد هذه القصة، ورقياً وإلكترونياً.