يسلط القاص المغربي في نصه القصير على إنسانٍ يحس بتشوهه الداخلي يطفح أمام المرآة شارخا ملامحه فيقترب النص من لوحة بالأسود والأبيض ترينا ذعر الإنسان من المحيط ومن أعماق نفسه المهزوزة من التباس العلاقة بالآخرين.

ما يشبه الشرخ

سعيد أحباط

نقطة صغيرة سوداء على سطح المرأة تمد يدك بطرف ثوب لتمسح عنها ما تعتقد انه التصق بسطحها، وتحاول إبعاد يدك على سطح المرآة من جديد تحدق في المرآة  فتظهر بوضوح ندبة سوداء على الخد الأيمن.

تمد يدك وتتحسس ببطء جانب الندبة السوداء  فتلتصق بأطراف أناملك قشور من الجلد الذي يحيط بالندبة، والتي تزداد مساحة ونتحول إلى ما يشبه الشرخ  وعلى امتداد خدك الأيسر حتى شفتيك تظهر ندبة أخرى وبسرعة تنزلت نحو الأسفل مكونة شرخا جديدا وباندهاش تحدق في المرآة بانتظار توقف الشرخ أو على الأقل تعرف من أين تنبع الندب تفكر بإغلاق عينيك...... لكنك تلغي فكرة النهوض من أمام المرآة خوفا من العيون أو على الأقل قد تتابع شعيرات شاربك وهي تتساقط وتظهر معها معالم جرح صغير أخفيته منذ سنوات الشباب الأولى حتى انه مع كثافة لشارب نسبيته تمام ترغب أن تتحسس الجرح لكن خوفك من ازدياد الوضع سوءا تكتفي بوضع يدك أما وجهك لتخفي الجرح عن عينك وعن المرآة أيضا.

ومع كل حركة سريعة تريد بها سحب يدك من أمام المرآة ....لا.. وترى الجرح وقد تغيرت معالمه، فتشعر بالارتياح لتخلصك منه. اختفاء الجرح القديم يدفعك إلى التفكير في ملامح وجهك الذي يتغير بفعل الشروخ... وما يضايقك هو نظرة الآخرين إليك، فهل سيتقبلون التغير بسهولة أم انك ستحتاج إلى تفسيرات لإقناعهم؟!..... ما يقلقك هو كيفية تخلصك من حياتك الأولى، وتفكر بالاسم الذي ستحمله...... أيضا نوعية الذكريات التي تتلاءم مع الملامح الجديدة لتغرسها في أعماقك. تجرب بمخيلتك عدة أشكال لحياتك الجديدة،  تحاول موازنة حجم جسمك النحيل معها. تضايقك فكرة وضع وجهك ذو الشروخ أمام الآخرين. تقرب وجهك من المرآة لترى إمكانية تجميل وجهك، لكن الأمل ضئيل، تغرز أظافرك في وجهك، تنزع بقايا قشور الجلد. تفتح قميصك إلى الأعلى بانتظار انزلاق الشروخ باتجاه عنقك، إلى أعماقك، لكن ندبة سوداء تظهر على وجه المرآة ويمتد الشرخ بامتداد سطحها وينزلق مع الجدار في كل الاتجاهات.