تقدم لنا قصائد الشاعر السعودي جزءا من تحولات المشهد الشعري اليوم في الخليج. من خلال نصوص وقصائد شعراء جيل جديد، أعطوا لقصيدة النثر متنفسا آخر وبمسيم خاص. هنا جزء من هوس اليومي بلغة بصرية أحيانا تلتقط تلك التفاصيل برؤية تكثيفية ومن خلال شعرية سلسة لا تتكلف ولا تعمق من التباسات المعنى، قصائد أشبه بتجربة الشذرية لكنها تحمل الكثير من تفاصيل العالم كما يبدو في القصيدة اليوم: أكثر التباسا.

قصائد قصيرة

إبراهيم زولي

العبارة

آلمتْه العبارة التي على

حافّة القدح.

آلمتْه كثيرًا حتى أنّه

أخطأ الكلام.

الكلام الذي وضعه بعناية أمامه.

لم يعد يعرف شيئا

عن عاصفة,

تتراءى له,

عن غياب اللون في ملامح عذراء

- أوان الولادة -.

لم يستطعْ أن ينهض,

أو يمارس الزحف الكريه,

حين كان ينبش في تربة

غنيّة بالحياة.

تلك الحرفة كانت

آخر شعائره.

 

 

يدك البيضاء

يدك البيضاء

تخرج ناهضة من النوم,

عارفة بفتنتها الكبرى.

يدك البيضاء

تسهر قرب مطر مخادع.

مطر مفاجئ

مطر لا تفاصيل له

مطر يتسلّل في المفردات.

بهذه اليد..

اصْطدتُ الرائحة ذاتها,

تاركًا ضوء الحمّى

يشقّ ثقوب الليل,

ويستعيد بوصلة الأسلاف.

 

 

ظلال كسولة

عندما تكون أصابعه

كثيرة الحركة؛

يستنشق الوقت بعمق,

يمدّ ذراعيه في سهوب العطش؛

لأن الليل يدفعه بشكل متزايد,

يكنس ظلاله الكسولة,

ظلاله التي تهبّ كالهواء القديم

 كالكوابيس,

كالمجازات الضيّقة,

كاستغاثات القرابين.

ظلال تجثو كالرصاص.

صاعدة بمفردها

تحمل قدْراً بسيطاً

من ماء المجازفة.

...

الآن يمكنه النوم بهدوء!!

 

 

عزاء

يده تتذكّر العزاء جيّداً,

النوافذ الأكثر ظلاًّ,

ما تساقط من روحه الخفيّة في الأعالي,

ما اعتُبر في حكم الموتى.

فلتكنْ الجذع الذي يتقبّل قسوة الحطّاب

ويتهيّأ دائماً لاستقباله.

 

 

مأخوذٌ بصواعقه

تنضج الحكمة من ملامحهم,

من غيوم سجائرهم,

تتهدّل في المنحنيات,

عارية,

تقود عربة الخطيئة,

في ليل القرى المهادن,

والحياديّ غالباً.

فيما الجسد

ينهض مأخوذاً بصواعقه

التي تتلألأ في العراء.

...

لسببٍ ما..

 لم يجِدْ وقتاً كافياً

ليعرف عدد القتلى!!

 

 

مهنة

أنت تريد مهنة

تتعامل معها بسرّية,

تتماهى في فجرها اليتيم,

مهنة لها ذاكرة تلمع في الظلمة, وعينان

تلتقيان بملابس رسمية.

لكنك كنت ملوّثًا بسقف القرى,

وحنين الأمهات,

بأحاديث مهيأة للاندثار.

مصفّدا في جميع الجهات,

يداك تغتسلان بماء التيه.

بينما العالم يصحب

أشباهه للضفّة الأخرى.

 

 

كلام أكثر جدوى

هبْ أنك ساعةً من حجر,

ريح جامحة في الجغرافيا,

ليل يعلّق الشمس في عنقه.

هبْ أنك "محبوبة " توني موريسون!!

هبْ أنّك ميّتٌ..

كيف ستعرف العائلة هذا النبأ العادي

وأنت تُحْكم قفل الأبواب,

أثناء تصفّحك مواقع محظورة,

في الساعة المحرّمة من الليل.

هبْ أنك لا تعرف أدوات الربط

التي توثق بها أعضاء الكتابة.

هبْ أنك لم تكمل هذه القصيدة

هل سيلعنك هذا الدفتر,

أم سيدّخر كمّية البياض

الفائض عن الحاجة في صدره

إلى كلامٍ أكثر جدوى.؟؟!!

 

شاعر من السعودية