شعرية اللغة والخطاب في الرواية بالدارجة المغربية

متابعة: أسماء أيت زيدان و محمد أيت اعزي

 

عـقـد مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك  - الدار البيضاء، يوم الجمعة  26 أبريل 2013  ، بقاعة الاجتماعات، في الساعة الثالثة بعد الزوال، أشغال ندوة :"الرواية المغربية باللغة الدارجة: قراءات في روايتي مراد العـلمي وإدريس المسناوي أمغار".

    وقـد نسق أشغال هذه الندوة العلمية شعيب حليفي، وترأس الجلسة الناقـد نور الدين صدوق، الذي رحب بالمشاركين، وأكـد على أهمية هذه الندوة في التعريف بالرواية المغربية المكتوبة بالدراجة، باعتبارها منجزا روائيا ينضاف إلى ما راكـمه الروائـيـون العرب من متون شبيهة، متسائلا عن مكامن شعـرية اللغة الدارجة المغربية، وهي تمتطي صهوة السرد.   

     وقد توزعت أشغال هذه الندوة على مداخلتين، حيث قـدم الورقة الأولى الباحث محمد محي الدين، والذي عنون مداخلته بـ: "عـنـدما تـتَّسِع الرُّؤيا والعـبارة"، قراءة في الرواية المغربية المكتوبة بالدارجة، متخذا رواية "تاعروروت"، لإدريس أمغار مسناوي نموذجا، والتي ارتضت ـ حسب رأيه ـ اللغة المغربية الدارجة أفـقا للإبدال وللمغايرة، مماا ساهم في انفتاح النص على مختلف أنواع القصص الشعبي (العجيب، الشعبي، الخرافي، المرح)، والأغنية المغربية، والزجل والملحون، والمَثَل، والنكتة، والألغاز،... عبر اعتماد اللغة المسجوعة، والتلاعب بالمفردات، والثنائيات، وتوظيف المجازات والرمز، والتقعير(الانشطار)، والميتاحكي،.. الشيء أثرى أسلوب الكتابة الروائية، وساهم في أسلبة اللغة.

     كما تطرق ذات الباحث إلى تيمات الرواية (الحب، التعايش، الظلم،...)، وإلى تناولها لمرحلة دقيقة من تاريخ المغرب، هي مرحلة ما قبل الاستعمار، معتبرا أن "تاعروروت" استطاعت أن تخلق في أتونها متعة جمالية حقيقية، تلتقي فيها سعة الرؤيا، بسعة العبارة.

    وقـدم الباحث، حميد الغشاوي الورقة الثانية تحت عنوان: "العبور إلى الدارجة المغربية في رواية : "الرحيل، دْمْعة مْسافرة" لمراد علمي، والتي تمكنت ـ حسب رأيه ـ من ممارسة فِعْل العبور الحُر عبر الحدود المُقْفَلة بين العربية الفصحى والدارجة المغربية، برشاقةٍ عزيزةِ النظائر في التأليف المغربي المعاصر، معتبرا "الرحيل"، تجربة بوعي لغوي تجريبي، وتجديدا للشكل الروائي بتقنياته، تتضح معها توظيفات المعنى، في سياق سرد مخترق للتكوينات المألوفة على مستوى التأويل، بدءا بعنوانها، وبنيتها، وتشكيلها الجمالي والمعرفي، تراوح في عمقها جدلية المعيش والخيال. مشكلة إضافة نوعية جديدة لقضية الصراع بين الشرق والغرب، والتي تناولتها عدد من الأعمال الروائية سبقت مراد علمي، كرواية موسم الهجرة إلى الشمال لطيب صالح، والبعيدون لبهاء الدين الطود... مزيلة بعض التساؤلات بشأن اللغة المغربية الدراجة، وأسلوبها وطبيعة رموزها، في إنتاج نص خيالي ضمن واقع التجريب السردي.

     وأتى القسم الثاني من الجلسة بشهادات من الروائيَيْن "مراد علمي" و"إدريس المسناوي أمغار"، حيث أكد مراد عـلمي في شهادته، أن الرواية لا يهم فيها أن تكون بالدارجة أو باللغة العربية الفصحى بقدر ما يهمنا تركُ الرواية مفتوحة، واستثمار المنتوج المحلي في الكتابة ما دام غـنيا.

   في حين تحدث إدريس أمغار مسناوي، عن تجربته في الكتابة بالدارجة، التي كانت بداياتها تمرداً على اللغة الفرنسية، وبحثاَ عن بديل لها ،يستوعب نظرته ويُلائم رغبته في التعبير عن الواقع ونقله.

         واخـتـتـمـت الندوة بجلسة نقاش ساخنة، تطرقت إلى قضايا وأسئلة كثيرة، لها صلتها بسؤال التجنيس، وبمدى قدرة النص المكتوب باللغة المغربية الدارجة، على الإقناع بكونه ينتمي إلى عشيرة الرواية؟ أي قدرته على فرض ذاته أمام اشتراطات الإبداع الروائي التي تفرض معايير محددة، وتقنيات تكتسب حداثتها من خوض غمار التجريب. إضافة إلى سؤال تلقي مثل هذه النصوص، في العالم العربي؟ واعتمادها في السينما المغربية؟..

 وكان مسك ختام هذه الندوة، قراءات مقتطفة للروائيَيْن من روايتيهما.