ينسج الشاعر التونسي حالات ومواقف يبحث من خلالها عن نقط التلاقي ويشكل صورا من ذاتين تتلاقحان وتتفاعلان في لحظة انعتاق آسر.

مواسمُ لسرّ النخيل

محمد كامل العبيدي

أنتَ مِثْلي..
بينَ أحلام العذارى تبحَثُ عنْ طُقوسٍ مُثيرَةٍ..
في زوايا الرُّوحِ
وعنْ قوافِلَ عِشْقٍ مَبْثُوثَةٍ...
في مساحاتِ الخاطِرهْ
تَتَراءى لي...
الأحزانُ ـ في ضَجِيجِ مقاهيها ـ
مواسِمَ أفراحٍ...
في جَنَى وجنتَيْ طِفلةٍ،
الندى منْ عَيْنيْها يُرْويها..

***
أنتَ مِثْلي..
تلحَّفتَ إزار الغدِ،
فريدَ أمَّةٍ بُرَدَ الأمسِ ترتدي،
غريبٌ عن الدِّيارِ بساتينُ أزهارها،
فقاقيعُ من براقعَ ومُلتحٍ.. !!
واللَّطيفُ في أمَّتي نواةُ تمرٍ،
حفِظتْ سِرَّ نخلِها لخُلود مُنتشٍ..
***
أنتَ مِثْلي..
شفتاكَ من طينٍ،
على خدودِ الورد احترقتْ،
و من لظى الشَّوقِ، سماكَ اهتزتْ،
لَها غُيومُ النَّفسِ ودَمَعَتْ لها نُجومْ..

***
أنتَ مِثْلي..
كمْ من زَرْعٍ أنتَ زارِعُهُ.. !!
أصبحَ هشيما تذْرُوهُ رِياحُ الحُزْنِ،
وثمار لوزٍ في كؤوسِ أزهارها ،
تنتظِرُ الأعراسُ مواسِمَهُ!
***
أنتَ مِثْلي..
حُرٌّ في الأرضِ
تَبْني من مكارِمكَ سِجْنًا لَكَ وحَبْلَ جرِيرْ.
وَلَيْسَ الطَّليقُ في الغَابَاتِ حُرًّا
فَكَمْ مِنْ غَزَالٍ كانَ فَريسَةً لِضبع حَقيرْ.
***
أنتَ مِثْلي..
تُنازِعُ الأَنْبِياءَ صَبْرَهمْ،
وفي غَوْرِ النَّفسِ ظُلمٌ..
يَجْتاحُني، أتَى عليَّ وخَيَّمَ!
و شَكْوى جَسَدِي تتَجَلَّدُ في أكوامِ طينْ!!
وكُوَّةُ الرَّوحِ تَتَصيَّدُ بَصيصَ شَمسٍ،
خَلْفَ جِدارْ!!
***
أنتَ مِثْلي..
تَتَوسدُ سَحابةَ لَيْلٍ،
وفَلَقُ الصُّبْحِ من كَرَى وغُيُومْ،
ثَمِلٌ من فَرْطِ جَوى الشَّوقِ والسَّهرِ!!
مُسافِرٌ على بِساطٍ من أمَلٍ تُغازِلُ شَطْرَ قَمَرٍ،
فَيَا لَلَيْلِ العَاشِقِينَ..!
يتوَهجُ من غَيْرِ حطَبِ و لا نارْ.
***
أنتَ مِثْلي..
جعلتَ اللَّيل سكنا،
لسمَّار من أحلامٍ و زهورْ،
وانْتشيْتَ الصَّحْوَ فجرا من خُمورْ،
وعانقتَ الصُّبحَ شوقا لسماءٍ،
تُدلي عناقيدَ من نورْ.
***

 

شاعر من تونس