تتبدى في المقالة كيفية السلوك الإعلامي عند مخاطبة المتلقي بغية إقناعه. وعليه يرى الكاتب أنه لابد معرفة المكونات المنهجية الأساسية التي تعتمد عليها أية حملة حين إعدادها وتخطيطها وتوظيف عناصرها من الاتصال، الرأي العام، العلاقات العامة، والإعلام.

الحملات الاعلامية فن مخاطبة الجمهور

مهنّد العزاوي

أصبح الاتصال سمة العصر المميزة، وأضحى الإعلام القاسم المشترك لتنفيذ جميع الخطط والإستراتيجيات التي تنتهجها المؤسسات كافة، وأضحى التنافس المؤسساتي محتدماً في ظل التطور التقني وتنوع تقنيات الوسائط من وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة والانترنت، ويشهد المجتمع سيولة في نشاطات مؤسسات الدولة والشركات والمنظمات والأفراد، وجميع تلك الأصناف تستهدف الجمهور وتسعى لإرضائه وكسب اهتمامه وحشد تأييده، وبلا شك هذا ينعكس على الحملات الإعلامية التي نشهدها بشكل واسع وفي مختلف المجالات، لأن الحملة الإعلامية عبارة عن مزيج تفاعلي بين أربع عناصر إعلامية وهي الاتصال، الرأي العام، العلاقات العامة، الإعلام، ولأجل التعمق بفلسفة إعداد وتخطيط الحملات الإعلامية لابد معرفة المكونات الأساسية التي تعتمد عليها الحملة وفق منهجيتها العلمية الأكاديمية ومخرجاتها التطبيقية، ونتائجها التراكمية.

تعريفها
يعرفها كتاب مفاهيم رئيسة في عملية الاتصال الحملة الإعلامية بأنها: "عملية إقناع منظمة ومتناسقة تقوم بها عادة وسائل الإعلام الجماهيرية وتتوجه إلى الرأي العام والسلوك في محاولة لتحقيق مجموعة من الأهداف، ويمكن أن تقوم بها طائفة واسعة من المؤسسات والمجموعات والأشخاص في سعيهم لتحقيق مصالحهم الخاصة".

استراتيجيات تبحث عن مهارة
تعد الحملة الإعلامية MEDIA CAMPAIGN من النشاطات الاتصالية المهمة، وتختلف طرق إعداد وانتخاب الاستراتيجيات لتلك الحملات، إلا أن نجاحها وفشلها، ويتوقف ذلك على مهارات الجهاز الإعلامي أو العلاقات العامة المعني بالحملة، ومقدرة منتسبيه على الولوج الواقعي للمشكلة موضوع الحملة، وتحديد أهدافها وانتخاب وسائل الإعلام المناسبة من حيث الأداء والإنفاق المالي والوصول الجماهيري، بعد أن يتسنى لفريق الحملة الإعلامية إعداد رسالة شاملة تحاكي فئات الجمهور المستهدف بعناية وحرفية لتحقق الغايات الاستراتيجية والتكتيكية المنتخبة للحملة، كما وتفرز مراحل التنفيذ إخفاقات وأخطاء متعددة، وتشكل عملية المتابعة والمراقبة عنصر التحكم بنجاح الحملة أو فشلها، لأن التقييم السليم يمنح الحملة دافعاً للنجاح بعد تقويم الأخطاء ومعالجتها وبيان مدى تجاوب الجمهور معها، وتبقى المهارات المتعددة بمثابة الحزام الناقل للنجاح، خصوصاً في ظل تطوير الذات وإثراء المقدرة الشخصية على التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، وإتقان مهارات التحدث والاستماع والعرض والإقناع التي تعد قارباً يصل إلى مرافئ الانجاز والنجاح في كافة الأعمال.

أنواع الحملات الإعلامية
حدد خبراء الاعلام والحملات عدة أنواع للحملات وقد أضفت اليها من خلال الواقع الاعلامي أنواع أخرى وذلك على النحو الآتي:

- حملات التوعية: تصمم لجعل الجمهور على معرفة بشيء ما

- الحملات المعلوماتية: هي حملة معلومات عامة تسعى وراء معرفة الجمهور وإدراكه لحدث ما، وتزويده ببعض المعلومات العامة الحيوية.

- الحملات التربوية: هي حملة للتعلم تذهب بخطوة إضافية خلف الوعي والمعلومات إلى التفسير ومقدرة الجمهور على تطبيق المعلومات وتحويلها إلى سلوك يومي.

- حملات تعديل السلوك: هي نوع من الحملات التي تحاول تغيير وتعديل الاتجاهات والسلوكيات الموجودة لدى بعض أفراد الجمهور، وهي من أكثر الحملات صعوبة وتعقيداً لأنها تستهدف تغيير السلوك أو الاتجاه لدى الفرد، ومن أمثلتها الحملات المعاصرة حول تعاطي التدخين.

- الحملات الأمنية: نوع من الحملات التي تستهدف خلق وعي أمني من المخاطر والتهديدات المختلفة لدى الجمهور (التركيز على متابعة النشاطات المشبوهة المتعلقة بالإرهاب والجريمة المنظمة).

- الحملات الانتخابية: هذا النوع من الحملات دوري ويتركز قبل الانتخابات في الدول ويعمل على إيصال الرسالة السياسية للمرشح ومنهجيته القادمة بغية انتخابه.

- حملات الحرب الدعائية: تستخدم هذه الحملات في الحروب والنزاعات وتستهدف المجتمعات بغية التاثير على معنوياتهم والاستسلام للطرف الآخر.

- حملات الدعاية المضادة: هذا النوع ينفذ لمعالجة حملات الدعاية المضادة التي تستهدف المجتمع وخلق حالة توازن فكري ومعلوماتي ونفسي للوقاية من الدعاية المضادة.

- الحملات الإعلامية العسكرية: وهذا النوع يستخدم للردع الخارجي وزرع الثقة بالجمهور بمقدرة القوات المسلحة الوطنية من جهة وحملات التغطية الحربية من جهة أخرى.

- الحملات الإعلامية الخاصة وتقوم بها جماعات وأفراد لأهداف مختلفة.

بعد الاستعراض البسيط لأنواع لحملات الاعلامية، يتأكد لدينا أن مخاطبة الجمهور فن متطور يعتمد في منهجيته على العلم والمعرفة والتجارب والمهارات والموارد، كما نؤكد على ضرورة التخطيط الناجع المبني على تحليل الموقف وقراءة البيئة الاستراتيجية، والاستناد على المعلومات والوثائق والبيانات الدقيقة التي تحدد المشكلة وعلاقتها بالجمهور، ليتسنى للقائمين على الحملات الإعلامية وإدارتها، قياس أمزجة الجمهور ورغباته، وبالتالي يمكن تصنيفه بشكل دقيق وفقاً لتنوعه الجغرافي والقيمي وعاداته وسلوكياته بقدر ما يتعلق بالمشكل، وبذلك يمكن للقائم بالاتصال إعداد رسالة إتصالية للحملة دقيقة ورصينة مبسطة، وتحتوي على الإثارة وتحفيز رغبات الجمهور، مما يجعل القائم بالاتصال التفكير بعمق حول كيفية انتخاب وسائل الإعلام الناقلة للرسالة، وفقاً لمقدرتها وقدراتها التقنية من جهة والمهنية من جهة أخرى، وبلا شك وفقاً لما رصد للحملة من ميزانية مالية تؤمن ذلك، ومن الضروري لمنسق الحملة الإعلامية أن يختار الاستراتيجية الأكثر نجاعة في توجيه الحملة، سواء كانت التكرار أو الاستمرارية أو الانتشار، مع اختيار استراتيجية الجدولة الناجعة وفقاً لفلسفة التوقيت الأكثر تأثيراً على الجمهور وتوجهاته، ومقدار ما يستقبله من جرعات إعلامية عبر الوسائل التقليدية أو التقنيات الحديثة، وتبقى المراقبة والمتابعة عنصران متلازمان في سير الحملة خصوصاً لتلافي الاخطاء، التي من الممكن تلافيها من خلال التقييم المرحلي أو المتزامن أو الشامل لتقوم منظومات التقويم برسم الاتجاهات القادرة على تقويم الأخطاء والسلبيات، وتقدر بنفس الوقت نجاح وفشل الحملة، وبكل الأحوال يكون للمهارات الفردية والعمل كفريق دور كبير في انجاح الحملات الاعلامية إضافة إلى الموارد المخصصة لها واهتمام الدوائر الهامة ذات العلاقة بها.

 

خبير تدريب وتنمية مهارات