هذه نصوص شعرية للشاعر التونسي توفيق الشابي، يهدي بعضها للناقد العربي الكبير إدوار سعيد، وبعضها الآخر للشاعر والروائي التونسي عبدالوهاب الملوح ويقيم عبرها حواره الشعري مع عالميهما.

نصوص شعرية

توفيق الشابي

حضور

إلى الراحل ادوارد سعيد

حيثُ الغيابُ
مفردة غير مألوفة
والموت
تلك القطعة المخفية من جبل الوجود
لا نحتاج إلى حفَرِيَّة كبيرة
كي نجدكَ
كاملا
وبفائض من التفاصيل التي لا نعرفها.
الزمن وهو يُفَتِّتُنَا
حَامِضٌ غير مناسب لحضوركَ بيننا .

مفارقة

لا كتابة لي
لا صوت سوى عويل داخلي
بِمَلَكَةٍ نادرة على العبث بأبراجي.
عظامي
ألمحها تَتَحَلَّلُ دون مقاومة.
أخفُّ من قصبة
أقل صلابة من كائن رَخَوِيٍّ
كل ذلك أمامها
تلك الأشياء التي
لا تُنَافَسُ
جَدَارَتُها
بالنِّسيان.

نحافة

ممتلئ
طبعا ليس بفكرة جديرة بملء الفراغات
كي تحافظ الجُدُران على تماسكها.
هو ممتلئ لكن
بمائدة أكثر من مناسبة
لدود الأرض.

كون

بعيدا في الأعماق
حيث الظلمة تكتسح العالم
ولا يصل ضوء الشمس
وأنا أفتح أبوابه
تغمرني رياح القداسة
كيف لي أن أتهيَّأ؟
أي مياه لطهارتي؟
أي التسابيح أردد؟
أي صلاة تليق بهذا الجسد؟

حصاد الوهم

إلى عبد الوهاب الملوح في كتابه سعادة مشبوهة

-1-
أحفادُكَ
معهم
ليست لديَّ خيارات كثيرة
غير أن أتذكر تلك الكائنات..
قتلها الشعر والتهمتها الأرصفة.
أحدهم مع نهايته
وبوجهه الغائم
كان يُوَدِّعُني بأطراف قصائده.
متذكرا إياه
أنتبه إلى أن الطقس كما هو
النَّهارات جافة من الضوء
والخريف لم يغيِّرْ سماءه المتردِّدة.

-2-
يفضحه
يفضحُنا
يكشف عَوْرَاتِنَا
رهافة الحسِّ/ضعفنا الفادح
تلك هي الكتابة
أو قل
قيامتنا الأولى
تحت ضوئها
لسنا سوى عراة
ينتشون
بعيون نبتت في غير مكانها.

-3-
هِي غَابَةٌ مُوحِشَةٌ.
أبي
مع أنني بين أحضانه
لم يكن كافيا داخلها
كي أراني.

تونس