نشرت (الكلمة) من قبل دراسة عن وضع المرأة العربية للكاتبة والشاعرة اللبنانية التي تحب أن تسمي نفسها ابنة ربة عمون تأكيدا للجذر النسوي لمنطلقاتها ورؤاها. هنا تدعم المنطلق نفسه ولكن بأسلوب شعري.

خارج الزمن خارج المكان

بريهان قمق

تَتزاحمُ أطيافٌ كالنَّملِ في عينيَّ،
تتلو شَجْوَ  شبابيك صَدِئةِ  الجدرانِ‏
تَصَدَّعتْ  أنّاتُها خوفَ انقراضٍ‏ وذُبول ..
كَمْ رَكضَ صَمْتُ صَقيع يُعِيدُنَا
لِنُجنَّ مِنْ وَجَلِنَا ويأسِنا،
‏فنُفْقَدُ في التِيَاعِ صحراءِ الوجود  ..
إنّا  عَلى مَرْمَى بَرْقٍ، نَسْمَعُ  ضَوْءَهُ
لكنَّنَا.. لا نُبْصِرُ مَجَاهِيلَ العَتباتِ ‏..
صَمْتٌ مَوْجُوعٌ  مُكَدَّسُ
يَرْجُونَا الزحامُ، أن نَفْرَغَ الْمَجِيءَ..
لنتبوأَ زمنَنَا الهالك ‏..
يعودُ يُغافِلُنا،
يتّقِدُ مرَّةً أخرى
يَنْقضُّ ..

على حكايانا ..‏
لِمَ  في السَّهوِ الشَفَفِ والأداءِ الشعائريِّ ،
نضيعُ هكذا !!
...
ها أنذا أعودُ إليكَ .. كي أحدّثَكَ ‏..
أو ..  أنالَ منكَ وردةً  مْبللةَ الحكاية ..
اخْتلطْتُ بكيمياءِ التَّأَسِّي ليسَ له تسميات
تسللتُ ذات يومٍ شباككَ الأزرق
وجدتُك بين دفتي كتابٍ حزين
خَارجَ النَّصِ نحنُ
ومن زمن المِفتارِ نعودُ للغيابات
نسكنُ الأساطيرَ تسكنُنا
سيحكون عنّا  يوما
تهويماتُ صباحاتٍ ومساءاتٍ توقفُ يَراعةَ الزمنِ،
نَهْذي، نرتدُّ لحِلمِ الحُلمِ الماضي الغدِ  ..

وكله

عدم ..
...
أيها المسافرُ صوبَ قرنِ الجنون
أتُشْرقُ في مرايا قلبكَ  ملامحُ لم تسكنْ بؤبؤَ العيون ..!؟
سأمشي إلى حتفي بأحداقٍ مفتوحة
لا برق يشقُ عتمةَ يومي
لا صاعقة تضربُ ليلي
لاشيء سوى أرتالِ الهازِلِ وتقوسِ الكلماتِ
قد سئمتُ قصائدَ لجةِ خدع السُمَيْهاءِ ،
وَسْنيَّةَ المعنى، شاحبةَ اللونِ زخرُفَها أجوفا
كلماتُ ظلالٍ،  تسلبُ  ظلالا
لا شيء معها سوى كذباتٌ
لعناتٌ
بكائياتٌ
ركلاتٌ
ثوراتٌ مُؤتَفِكاتٌ
وكثيرٌ من قهقهاتِ مجونٍ

في زمنٍ

بلا نبوءاتِ ..
...
أيها القادمُ خلسةً من غاباتٍ منسية
نَتَسَاءلُ، نُسَاءِلُ، نُعاتِبُ، ونخاصمُ أحزانَنا
نستحضرُ المعنى وسطَ كومةِ مسلَّماتٍ،
مُصادفاتٍ،
إلتماساتٍ،
نُحِيلُها لهالاتِ شمسٍ شَاحِبَةٍ غاربة
تتساقطُ أوراقٌ،
مد،
أطفالٌ،
كثيرٌ من رحمِ  النساءِ،
يَهْوي جَذْعٌ،
ويَحْتَرِقُ جذرُ الشجرُ
...
آتيكَ على منَاكِب صقري الأعمى
أنا المفتوحةُ على لغزِ الأبدية ..
جيادي قوقازية بلا سرجٍ تاهت في الصحارى
سأعترفُ
أضعتُ عصافيرَ السّدرِ
أطعمتُها خبزاً، سكراً، مُهجةً، ورحلتُ عنها ..
أعترف .. خاصمتُ نفسي
وكتبتُ يومياتٍ لا أباليّة ..
زهوري .!!

صارت علفاً للقطعانِ ..
أيها الضوءُ الأعمى طهرني مِنْ كآبتي
آيا ملكَ الغيلانِ خبِئْني من لَمَّةِ وجع ِ أسئلتي ..
...
عند الصباح ،
أيةُ طرقٍ يأتونَ منها وإليها..!؟
أيُّ موسيقى يُصغونها وهم ينهبون شوارعَهم الجحيمية ..!؟
يغتصبونَ في حلكةِ  ليلهم  سباياهم،
وتحت نورِ الشمس يركعونَ طويلا لأوثانهم ..
استولوا خرافتَكَ
فَصِرْتَ بينهم وحْشاً منْسيا
...
أمانة
أخْرجْ من ليلةِ ألفِ ليلة
إغريقاً، بوذياً، سُومرياً، كنعانيّاً، مُؤابيّاً، فرعونيّاً، قوقازيّا
ما عادَ صِغارٌ كبارٌ  يَخْشوْنَكَ
أما دريت أننا في زمنٍ بلا ظلٍ وملمح  .!
نرسيسُ ما عاد له وجهُ جسد،
وقلبُه النرجسيُّ مِنَ البشرِ احترق
اخرج من رحمِ الكتبِ،
لا تخشى البشرَ
ليس بينهم عشاقٌ،

ولا فرسانٌ،

وسيوفُهم خشب ..
...
تعالَ ..

أحدثُك عن قبيلتي ..
فيها نحاسٌ يصيرأخضرَ كالزمرد ،
ربما .. يتخفى صدئٌ مذْلَى فى برعمِ لوزٍ ودراق !
في قبيلتي
تَدُكُّ سنابكُ الخيلِ عوالمَ الأحلام
في قبيلتي ..
وجوهٌ شاحبةٌ زئبقٌ يجري الشريان
جدلُ الغبارِ يلتصقُ أشرعَتها
ممزقةٌ تدخلُ غيبوبتَها
تبكي  بقعَ  دمٍ ،
فُجَاءَةً  يتوقفُ حُزنُها..
قبيلتي ..!!!
يتمَعَّى فيها المِسْقَامُ..
يرجمونَ الوردَ،
يدوسونَ الياسمينَ وشقائقَ النعمان ..
يصيرُ  حبٌّ،  عِشقٌ، وطنٌ، أرضٌ، مطرٌ، دمٌ،
رماداً

هباءَ ..
...
أداهمتك الأحزانُ فجفلتَ..؟؟
ما أشقانا وقد أضعنا زمانَنا والعنوانا
عُدْ إذنْ لغبار ِالكتبِ
فهناك رائحةُ أرضٍ ، وثمة إنسان..
لكن ، لا تتركني وحدي
لا تقطع صحوةَ وهجَ شوقي
أنا وأنت طويلاً عميقاً سنهذي
نُهدي بوذا إصبعين ،
نتساءلُ  ببراءةِ  يمام:
أيهدأ عقلٌ إنْ كفنَّاه بالوردِ؟؟؟
نَتساءلُ ونُسَاءِلُ ونُعاتِبُ أحزانَنا
أيا غولَ زمنٍ  سحيقٍ ، أما زلت تتمنى أيجنَّ العالمُ مثلي ؟؟
تعالَ إذن خارجَ الزمنِ والمكان
نخترقُ جِدارَ الصوتِ نوقظُ مدنَ الشبحِ ..

...
أتراقصني كي نعيدَ للأبجدياتِ بريقَ توهُجِّها
ضوءَها الْمُنفلتا..!!
نلتمعُ في ليلِ التساؤلاتِ اختلاجا
لا تخشى قدمي دوسا
فرأسي  على حبلِ مِشْنقةٍ هناك يتدلّى..
وشمسٌ غاربةٌ تئنُّ  على كفِّي ،
تقودُ الوَسْمِيَّ طرقَ الاستِحالاتِ
قلبي هناك في حقلِ زنابقَ
يحصدُ وعداً،

أملاً،

صوتا،
بأنْ لا يُجرحَ،

أن لا يُقتلَ
إلاّ

أنّ الوعدَ احترقا ..
...
جِدْيٌ تائهٌ في مراعي اللامعقولِ
ثورُ السماءِ ينقضُّ يلتهمُ قلبي
ميزانٌ متعبٌ بين أصابِعي
حيتانٌ تلاطمُ بحرَ عقْلي
عقاربٌ تنهشُ خلاياي
ذئابٌ تحكم زمني
أبيني وبين الجنونِ مداراتٌ خصيبة ..!!
ترى
أتسكنُ الروحُ إن خضعت طاقةَ العقلِ ؟
أو يستكينُ  جسدٌ إن فرغت شحناتُه ؟
إل أين يذهبُ القتلةُ أيها الإنسانُ ؟؟؟
ترى ..
متى يرتقى الإنسانُ  ليكونَ إنسانا ..!!
متى يا غولي تماهينا في أسئلةِ القرن الصعبة ؟؟
أيها الرقيقُ
أتقتاتُ ذاتكَ المحترقة !
أيُدميك عزفَ أحرفي .!
أتخشى بغتةَ فرحةَ حزنَ مسائي ..!!
كم عانقت حروفي لك السَّنا،
داعبت أمنياتٍ معلقاتٍ على شجرةِ ميلاد
تعال نسترجعها في براءةِ جباهٍ نقيةٍ كندفِ الثلجِ
لتمجدكَ السماءُ أن تحفظكَ في ذاكرتي
وفي ذاكرةِ زمانك  تُحفظُ طيبةُ أحلامي ..
...
ما زالت أبجدياتي في يوم الميلاد، تبتهلُ تندسُّ ريْعانَ القصيد
أيُّها الحرفُ المقدسُ
آمانة
قاوم السيّافَ
إسْمَهرَّ وإنْ كنت على بساطِ ريحٍ هاجِعَة
تعالَ نُراقصُ ضوءَ القلبِ على صفحةِ ماءِ
نشعلُ الفناراتِِ
قد ينفجرُ الماءُ مغنياً
ربما يجيءُ إليه شيءٌ من الحبِّ الخمريِّ،
قبل أن يتخمَّرَ  نبيذاً  عتيقَ الوجع ِ أسود ..
أخرج من ألفِ ليلةٍ وليلة
إجعلها مليارَ ليلة
إغريقياً بوذيّاً  سومريّاً فرعونيّاً  مؤابيّاً  كنعانيّاً  قوقازيا
أخرجْ من رحمِ الكتب
بارتعاشةِ الشهقاءِ
سنرقصُ الليلة كمِليار ليلة
وَجَعاً
نَزْفاً
سنروي  مِنْ جديدٍ حكايانا
أنت في صدعِ الزمن  أسطورة
وأنا..!!
ماموثٌ مطمورٌ في جليدِ عصورٍ مسحوقة
وقبيلتي مومياءٌ  ترقصُ مأتمَها
مقعدكَ ينتظركَ
وأنا
لم  أُنْهِِ القصيدة
ومعزوفتي إليكَ الليلة،
أسمها ..
أ
م
ا
ن
ة
.

* * * *

بالدمع ننمو ثانية

أبصر موتي،

أناقة كفني،

ديكور تابوتي،

وغسل المدية بماء الشريان ..

يقطر على الرخام الرمادي

فلا أدرك لزوجتها

أما المخبوء هنالك من تحت أظافرهم 

فهو

نسيج قلبي 

المستغيث..

..

لا أملك ثأرا سوى قشة، بفمي ..

وعين امتلئت زنابق المقابر 

تنزلق

برائحة الفناء 

ينفرط الضوء  

 فأنتبذ تحت سذاجة الطفو

بشبرين

أو مترين

أو عشرات المسافات الضوئية 

فقد بات قلبي

طعاما

للقطط السائبة ..

..

فاجأني لون مخثر على الوجوه .. 

جموع قداس تقتنص ماهو ليس بالنوايا 

استباحت شمعتي ..

وأنا..!!

مغسولة بِخَرزهم الْمُر

 سنبلة عزلاء أرفع عنقي بيأس

علني

 أحتسي غيمة راكضة...

.. 

أنا ..!!

عوسجة بلا رحم تتكيء سيفا مرتجفة رئتاه 

تتأبط حلم صغيري الذي لا يكبر

تقاوم أزمنة الانقراض

وصلافة المدائن

وسعار ثرثرة الاتيكيت الفارغة

وتفاهات الشارع

بأغنية

ما نزفت لغير عصارة الحكمة 

هتفت :أيها الرجاء

جدا 

أحتاجك..

انتفضت الرؤوس

بكثير من الفجيعة اشتهتني الريح

زوبعة

صرخة

تهتدي لكل هذه الشظايا

وقد رفع اللثام والخمار

وتليت الفاتحة

فأتكور

على نطوع المراوغة

 في قوقعة خيباتي الغزيرة..

..

  حرائق الثرثرة افترست جليد الوقت ..

قدحت شواء التخمينات

وعلى كلام الحصى

بمخالب الحجب

من كل فج

نثر أحبتي 

رمادي

واحتسوا نبيذ قلبي نخبا للصداقة..

.. 

أيّة يقظة أوضح من وميض نصل اللسان

ونرج..سة

تتنَزّه

 على الأكتاف

تستجدي ما يفك أسر الضباب 

متناسية

 ما يُشجي من ابتلاء الجرح

ونحنحة الصدر

رغوة  تجتاز المسافة

تسدد رذاذ السم الطائش

تفتت ما أنشده فجري برائحة الخبز والورد

والحب ..

الملم رأسي من على التخوم

مردومة بجدوى النفي

 سأرمي المفتاح

 بقعر جرف أسود ..

أغلق الدهشة..

أمّا الذاكرة 

فيصعب توديعها

كما لو أنها دحنونة

تقتات طللا في الغيب 

ومن على شاهدة قبري

قرب أشجار الأصدقاء اليابسة

توشوشني

بالدمع  ننمو

بريهان قمق/ ابنة ربة عمون