مهرجان "تاء الشباب" انطلقَ في العامِ 2009م تحت مظلّة وزارة الثقافة البحرينية، للفكرة التي أطلقها مؤسّسه الراحل الأستاذ الناقد ومدير مجلة آوان حينها محمد أحمد البنكي لإدماج الشباب في الحراكات الثقافية وتفعيل دورهم في صياغة وتبادل الثقافات، وإيجاد روح شبابية ثقافية في الوسط البحريني، هنا تعريف بأحدث مبادرات هذا الإطار الثقافي والخاص بموسمه الجديد..

حراك ثقافي مميز بمبادرات جديدة وحوار ثقافي جدليّ وصحيّ

عقدت وزارة الثقافة مؤتمراً صحافياً ظهيرة اليوم (الخميس، الموافق 22 أغسطس 2013م) لإعلان فعاليّات وبرامج مهرجان (تاء الشباب) للعام 2013  في دورته الخامسة، حيث ينطلق يوم الجمعة المقبل الموافق 23 أغسطس ويستمرّ حتّى 14 سبتمبر تحت شعار "تفاعل... تناغم... تكامل"، بمبادراته المختلفة التي يستمرّ بعضها للعام الخامس على التّوالي، مثل: "كلنا نقرأ"، "درايش"، "حفاوة"، فيما تعاود كلّ من "تشكيل" و"تكنيك" و"تنصيص" التي التحقت بمهرجان تاء الشباب في سنواته الأولى أيضًا إدراج مشاهدها واشتغالاتها الثقافيّة. كما تستمرّ "أوبراليك" و"بريمير" محاكاتهما البصريّة والسماعيّة للثقافات والإنسانيّات في مجموعة جديدة من الفعاليّات. وللمرّة الأولى، يتمّ تدشين مبادرتيّ "حياة" و"جدليّات" بمعالجات مختلفة ومفاجآت تتجاوب مع المختبر الثقافيّ الشبابيّ.

وقد أعربت معالي وزيرة الثقافة الشيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة عن اعتزازها بالإطلالة الجديدة لمهرجان "تاء الشباب"، قائلةً: "خمسة أعوامٍ ورهان تاء الشباب لا يزال مستمرًا... التجربة الشبابيّة بألفتها الجميلة وقدرتها على صياغة مفعولاتها الثقافيّة والتّفاعل مع الموادّ الإنسانيّة بمحاولاتٍ صادقة هي ما يفعله تاء الشباب في انتشارهم الجميل وتوسّعهم"، مبيّنةً: "الثقافة داخل المختبرات الشبابيّة يمكننا أن نبصر من خلالها إلى أين سنذهب وما هي المتغيّرات التي بإمكاننا أن نصنعها. هذا التمرير الثقافيّ والفكريّ ما بين الأجيال يجعلنا نؤمن أنّ لدينا الكثير لنفعله وأنّنا في هذه المشاركة الجماعيّة والاشتغال الجميل بإمكان كلّ واحد منّا أن يصنع. هذا الاختلاف فيما بيننا هو فعل التكاملِ فينا". 

من جهته، أوضح رئيس اللجنة التنظيمية لمهرجان تاء الشباب د. إيلي فلوطي، أنّ ثيمة المهرجان جاءت مغايرة عن السنوات الأربع الماضية، إذ حملت تفعيلة "تفاعل" بدل "تفعيل" متمثّلةً في "تفاعل... تناغم... تكامل" وذلك بالتزامن مع مرور نصف عقدٍ من عمرِ مهرجان تاء الشباب، مشيرًا إلى أنّ هذه السنة قد شهدت العديد من التغييرات على المستوى التنظيمي، حيث استحدث فريق العمل لائحة تنظيميّة داخليّة، بالإضافة إلى لجنة استشاريّة مكوّنة من خبراء محليين من أبرز الأسماء في المجالات الثقافية ذات الصلة بالمبادرات، وتهتم اللجنة الاستشارية بتوجيه الشباب في مرحلة إعدادهم للفعاليات، لتظهر في الصورة الثقافية ذات الوزن الكبير، وتتلاءم والطموح الشبابي الهادف للارتقاء بالمستوى الثقافي لدى الشباب، واعتماد الفعاليات المحقّقة للانتشار في الوسط الشبابي بما يخدم نشر الثقافة بينهم وإخراجها من إطار ثقافة النخبة. وتضمّ اللجنة الاستشاريّة كلاً من: الإعلاميّة إيمان مرهون، الصحافيّ الثقافيّ حسين التتّان والمهندس مأمون المؤيّد.

وفي الانطلاقة لهذ العام، تحتفي مبادرة "كلّنا نقرأ" المعنيّة بنشر ثقافة القراءة وتشجيع الشباب عليها، بـ"الأمل"، برفقة الكاتب والشاعر والأديب البحرينيّ قاسم حداد بأسلوب مغاير، إذ تستعرض معه من خلال "المحرق ورشة حياة"، كتابه المؤرِّخ لحياتِه "ورشة الأمل" في المناطق ذاتها التي شهدت لحظات حياته، لترسم ذاكرة المكان. كما تستضيف الكاتب سعود السنعوسي في مناقشة لروايته "ساق البامبو" التي تطوف بين الكويت والفلبين مع قضية مجتمعيّة حول هويّات الأفراد، وتناقش أيضاً رواية "ما تبقّى من أوراق محمد الوطبان" للكتاب والصحفي السعودي محمد الرطيان. وفي مقاربة للقضيّة الفلسطينيّة، تستضيف المبادرة الكاتب عز الدين أبو العيش لتعرف منه قصة قلبه التي صاغها في كتابه "لن أكره" بعد أن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي بناته، وموقفه الجدليّ المتمثّل في أن "يسامح بالحب". وفي محاولةٍ لتعزيز التواصل ما بين أندية القراءة العربيّة، تستضيف فعاليّة "بيوتات القراءة" أندية قراءة من أربع دول عربيّة لتشاركَ معها تجربتها، ولا تغفل كعادتها السنوية عن فعاليّات القراءة للأطفال التي اسمتها في هذا العام "احكِ لي" وتقدم من خلالها قراءات وجلسات تحليليّة للأطفال باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، تضيف لها في هذه السنة فعالية خاصّة تجمعهم بأولياء الأمور لمناقشة كيفيّة تنمية حبّ القراءة لدى الأطفال بعنوان "تأتأة"، ولأن روح التاء ترافقها دائماً، تقدّم في "تاء مربوطة" الإصدار الأول للتائيّين بما كتبوه خلال أربع سنوات خلت من موادّ ثقافيّة.

وفي هذا العام، قرّرت مبادرة درايش أن تختار موضوع "السلوك الإنساني وتفاعله مع فكرة المكان والبيئة" محلّ دراسة وتحليل، ترتّب فيه أدواتها البحثيّة والنقاشيّة لتقديم فهم عام وقراءة شاملة لتجاوب الإنسان مع المظهر العمرانيّ وعفويّة سلوكه في سياق المكان. كما ترصد المبادرة مؤشّرات الآخر لتفرز المادّة النهائية باعتبارها نتيجة المختبر المكاني الذي عقدته طيلة فترة التاء. وتبدأ درايش مسارها مع فعاليّة "شيء يحلم أن يكون" التي تقدّم خلالها المبادرة عرضًا تعريفيًّا بمشروع إعادة تدوير ستشتغل عليه طيلة فترة التاء وصولاً إلى فعاليّة "ينتصرُ للجمال" بالتعاون مع حلبة البحرين الدوليّة، حيث يبرز النتاج العمرانيّ والتصميميّ لهذا الاشتغال، وذلك عبر تدوير الخردوات والموادّ المعدّة للإتلاف واستثمارها في تشكيل تصميم معماريّ. وخلال تلكَ الفترة، تؤسّس درايش لمختبراتها الصغيرة في "محطة تقود إلى..." التي تحمل تصاميم بطرز غريبة ومختبر "بتصرفٍ عن المكان" الذي يمثّل سلسلة مصغّرة من أمكنةٍ عدّة داخل ذات الفضاء، هذه المتباينات العمرانيّة والمعالجات من شأنها أن ترصد سلوك الناس والمارّة داخل هذا المبتَكَر المعماريّ وتنتقل بالتجربة إلى دراسة واقعيّة مع البروفيسور بلاتون إلكسيو عميد كليّة الهندسة بجامعة المملكة الذي سيتناول أطروحات العمارة والمكان في أمسية نقاشيّة بعنوان "أ إنسان أم معمار؟". كما سيلتفّ الشباب في موعد خاصّ حول كلّ هذه النتائج والنقاشات في "دردشة" جماعيّة يلتقي فيها الشباب المعماريّون والمصمّمون بالخبراء والاختصاصيّين.

أما أهمّ التجارب لمبادرة درايش فسترافق فيها المركز الإقليميّ العربيّ للتراث العالميّ لرصد أحد المواقع التراثيّة في مملكة البحرين متمثّلاً في القرية المتّصلة بموقع قلعة البحرين، في محاولةٍ للتعرّف على أسرارها الإنسانيّة والتوصّل إلى المسار التاريخيّ الذي عاشته تلك القرية الصغيرة.

"Edit"، هذا ما تشتغله "تشكيل" هذا العام في إحدى معارضها التي تلعب فيها بالصور ولا تعرضها بما تعكسه من حقيقة فقط، بل تمزجها بمعطيات المعالجة والتصميم الرقمي، بينما تثقب في معرضها الثاني "شآم" نظرة إلى الحرب بعين الأمل يتشارك فيها فنانون سوريون وبحرينيون، وتسترسل في معرضها الثالث "قزح" في خلق تمازجات فنية عبر المدى الواسع للألوان وتجلياتها الفسيحة، وتفتح أفقاً لممارسة الغرافيتي والرسم على الإسفلت وأصناف أخرى من الفنون على "رصيف" قلعة عراد في مهرجان فني ضوئي مشترك مع مبادرة "تكنيك".

من جهة أخرى، تقدم مبادرة "تنصيص" عددًا من الورش المتخصّصة في المجال الإعلامي، حيث افتتحت فعالياتها بورشة عمل "تلويحة صوت" حول الكتابة الإذاعية وتركيز الصوت مع الدكتور فادي مطر مسؤول التدريب باللغة العربية في إذاعة مونت كارلو وإذاعة فرنسا الدولية. ومن لعبة الإعلام الصوتية تنتقل "تنصيص" إلى فضاء الاشتغال المرئيّ الفوتوغرافي الذي تبوح بأسراره الاختصاصيّة بمركز تسهيلات البحرين للإعلام ستيفاني رافل في ورشتها حول القصة الصحفيّة المصوّرة "عن البحرين.. تقول الصورة".

وتستمر مبادرة "تكنيك" للعام الثالث على التوالي بتركيز مكثّف على الجوانب التقنية والإلكترونية من خلال فعاليات تجمع بين الفائدة العلمية والمتعة في آن واحد، وتتناول هذا العام الثقافة التكنولوجية من عالم الهواتف الذكية مع "آبل.. التفاحة المقضومة" وهي ورشة عمل عن صناعة تطبيقات بلغة IOS، وقرينتها "ما وراء اللغة.. أندرويد" لتعلم صناعة تطبيقات بلغة أندرويد المستخدمة في عدد كبير من الهواتف أبرزها التابعة لشركة "سامسونغ". والمبادرة "تفترض حياة أخرى" في فعالية تستعرض وتناقش وتناظر فيها حول موضوع صناعة الألعاب الإلكترونية، وتأتي أخيراً لتجلس على "رصيف" بجوار "تشكيل في فعالية فنية باستخدام التكنولوجيا في ختام التاء.

 

وسعياً لإتاحة فرصة المشاركة للمزيد من الشباب وإضافة لمسة نوعية ثقافية على المهرجان، تشارك مبادرة "أوبراليك" لثاني مرة مركزة على المسرح وصياغاته الفنية من فقرات استعراضية، موسيقى، غناء، شعر، والتي تجتمع في فعالية "Fusion". وتستعرض المبادرة في ورشة يقدمها المسرحي علاء الجابر حول كتابة النص المسرحي الخطوات الورقية الأولى التي تؤسس نصاً مسرحياً قادراً على افتعال الحياة على الخشبة.

وتحلّ مبادرة "بريمير" بسلسلة ورشية حول السينما وخباياها، مع أربع ورش عمل هي: "سيناريو" عن كتابة السيناريو، و"كما ترى" عن التصوير السينمائي، و"السينمائي الصغير" عن السينما والطفل، و"كلاكيت" عن الإخراج السينمائي.

في جديد هذا العام تنضم مبادرة "حياة" إلى العقد التائي لتتناول جانب الحياة الصحي عند الأفراد، تفعّله في مهرجان صحي يحتوي على محاضرات ومسابقات وأنشطة معنيّة بالرياضة والتغذية الصحية تحت اسم "في صحتك"، وتواصل ثقافتها الصحية مع محاضرة عنوانها "تأشيرة صحة".

كما تنطلق للمرّة الأولى مبادرة "جدليات" التي تتطرّق إلى الجدل حول المرأة وهواجسها في الثقافةِ والمجتمع مع العديد من الضيوف، وهم: الفنّان السوريّ جمال سليمان، المخرج المصريّ خالد يوسف، الناشطة الاجتماعيّة جميلة حسّون، الباحثة والأكاديميّة د. آمال القرامي، الإعلاميّة والشاعرة د. بروين حبيب، الروائيّة اللبنانيّة نجوى بركات والمحرّر الثقافيّ المصريّ بلال رمضان، في متواليات ثقافيّة، تبدأ مع ورشة (غزل بنات)، الندوة المفتوحة (الجميلات هُنّ...) و(ما لم تقله شهرزاد) الذي يتضمّن تدشين كتيّب حول تلك الجدليّات.

 ووجّهت اللجنة التنظيمية لمهرجان "تاء الشباب" الخامس جزيل الشكر والتقدير لجميع الرّعاة الداعمين والشركاء الإعلاميّين وهم:"مجمّع السيف التّجاريّ"، "جروب بلاس"، "حلبة البحرين الدولية" و"تمكين"، والرّعاية الفضية يقدّمها "المركز الإقليميّ العربيّ للتراث العالميّ"، "المسرح الفرنسيّ" و"بيوكريفل". أمّا الرّعاة البرونزيّون فهم: "جيبك"، "مركز الشّيخ إبراهيم بن محمّد آل خليفة للثقافة والبحوث" و" آي برينت"، كما تعاونت عدّة جهات المهرجان، منها: "درّة البحرين"، "جامعة البحرين"، "مركز تسهيلات البحرين للإعلام"، "لاجون أمواج"، "إليانس فرانسيس"، "برنامج الأمم المتّحدة للبيئة"، ومقهى "دارسين". بالإضافة إلى الشركاء الإعلاميّين: "هيئة شؤون الإعلام" وصحف "الأيام"، "البلاد"، "الوطن" و"الوسط".