في المصطلح (اللاتناص)
إنه لأمر محير حقا أن تسعى اللغة بمحدودية كلماتها إلى أن تحتوى لا محدودية الواقع، رغم أن عدد الأسماء والأفعال اللغوية أقل كثيرا من عدد المسميات. وبما أنه لا مناص للغة من اختراع دال لكل مدلول كي تستحق جدارتها بالحياة، فما عليها سوى ركوب أقصى الممكنات. مادام شطط الواقع يفترض شططا في اللغة..من ثمة، وعلى حافة الاختراع، يأتي التنافي الذي لا سبيل إلى تلافيه،كما نجد له نظيرا في المشترك اللفظي الذي لا يجد للشيء ونقيضه سوى مفردة واحدة لا تفرق بين التساوي والرجحان(كالبصير مثلا للدلالة على المبصر والأعمى معا، مثلا). وليس مصطلح " اللاتناص"،الذي نقترحه هنا، سوى مظهر من تجليات الحدود القصوى لتوصيف ظاهرة تناصية مستحيلة وقائمة في آن، ضمن رواية "دملان" لحبيب عبد الرب سروري.فمن شبه البدهي أن أي نص هو تناص بالضرورة، أو على الأصح إن التناص في "درجته الصفر" سمة ملازمة لكل نص وأي نص، بمعنى أنه يكفي أن يوجد النص كي يتناص. وما الحديث عن تناص مستحيل أو لا تناص إلا أحد حيل اللغة للتعبير عن تناص يؤكد وجودَه النصّ لكن تنفيه الوقائع.وإذا كانت القاعدة القانونية تنص على ألا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن القاعدة التناصية تَجزم بوجود أثر حوافر تناصية في نص سروري دون أن يحدث في خلفية تكونها ما يثبت حصولها. إنه "لاتناص":تناص مؤكد ومنفي في آن.وبتعبير، سيء النية قليلا، نقول إن حبيب عبد الرب سروري يبدو كما لو أنه قد " انتحل" في روايته "دملان" رواية مخصوصة لإيزابيل الليندي دون أن ينتحلها أصلا ... لربما تكون "الضحية" نفسها قد قامت بالفعل ذاته دون أن تقوم به هي أيضا كذلك. أي أنهما، بمصادفات لا تصدق، قد سطوا على بعضهما، رغم أنفهما، ومن دون أن يكونا على دراية بذلك.
إن اختلاق المراجع المتوهمة واستحضار النصوص المشخصة آلية من آليات التناص المعروفة لدى كتاب الرواية. بيد أن استيحاء نصوص موجودة، وبقدر يتجاوز وقوع الحوافر على الحوافر،من غير علم بوجودها ، فظاهرة تستحق أكثر من سؤال.
في التشابه والاختلاف: بين سروي وألليندي
يكاد حبيب عبد الرب وإيزابيل ألليندي يمثلان، في شخصيهما وكتاباتهما، ظاهرتين ترابطيتين،كلا على حدة، بالنظر إلى ما يطبع تاريخهما الشخصي من تعرجات وخصوصيات، وما تنماز به اهتماماتها الأدبية والعلمية من تنازعات: فالمحتد والمنشأ والتكوين الأكاديمي والغربة.. كلها تجارب و أنساق إشارية تفاعلت وتصادت لتخلق جداول وأنهارا أسهمت في رفد بحور الكتابة لديهما، بأمواه عذبه وأجاجة، هادئة وصاخبة، باردة وحارة. والواقع أن المتأمل في تضاريس سيرتي سروري والليندي، على اختلافاتهما، سيلحظ إلى أي مدى هما غنيتان بالمفارقات والنتوءات. التي انعكست، لا محالة، على إنتاجهما الأدبي ـ الروائي تخصيصا ـ فكلاهما جوّاب جغرافيات ومعارف. وكلاهما ماانفك يحمل كالسلحفاة بيته ووطنه فوق ظهره. وما همت بعد ذلك الخصوصيات والتلوينات..مادام الكاتبان ـ معا ـ قد جربا حياة العيش على حافة التناقضات و اللغات والأوطان ككاتبين..مشغولين أبدا بالسرود الغريبة عن "وطن مخترع" يقع "في جنوب الجنوب"،يستعيدان ذكراه كلما راودهما الحنين إلى مهاوي القلوب والأرواح...ما أضفى على كتاباتهما الأدبية غنى وثراء وبصمها بمكونات يلتقي فيها السيري بالرحلي بالمغامراتي.و ينطوي في فسيفسائها العالم الأكبر(الحياة والتجربة) ضمن العالم الأصغر(الكتابة). وفي خضم هذا التجاذب والتنابذ تولدت تركيبة خيميائية تفرقت عناصرها في كتاب اليمن السعيد ـ كلهم ـ واجتمعت في"حبيب" وحده،من جهة، وانطبعت بها كتابات أمريكا اللاتينية عموما من جهة أخرى.
إن النأي عن الوطن والترحل بين اللغات والاهتمامات لم يزيدا الكاتبين، في كتاباتهما، سوى تشبث بالمساقط الأولى ورصد لحركية تاريخ الأهل والأوطان. ولعل المتأمل في سرودهما معا سيقف على ما تزخر به محكياتهما من زخم في الوقائع والمتخيلات التاريخية والعجائبية.أجل قد لا تكون هناك قواسم مشتركة فعلية كثيرة بين اليمن والشيلي على صعيد التاريخ والجغرافيا والأنساب غير أن التشاكل حاصل بينهما لا محالة. لربما كانت الشيلي أكثر نزفا مما جعل سرود كتابها أكثر حرافة...لكن هذا الاختلاف قد يصنع الفرق ولا يلغي التشابهات.
"دملان" و "مملكة التنين الذهبي"
أ- في المتن الحكائي
1- تتكون رواية "دملان " (465صفحة من القطع المتوسط) من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول بعنوان "شارع دغبوس"، ويدور حول ميلاد و نشأة "وجدان" وتجاربه في الحب وصدماته النفسية ومساراته الطفولية والتعلمية بين تنزانيا واليمن. الجزء الثاني: بعنوان "سان مالو"، ويرصد حياة وجدان في فرنسا، وعلاقاته المتنامية بالأصدقاء، وتجاربه العاصفة في مجال الحب والدراسة والانكباب على الحياة. الجزء الثالث: بعنوان"علبة الصاردين"، ويتحدث عن عودة وجدان إلى اليمن حيث سيكتشف حياة البؤس والحرمان، ليعيش حالة انطواء دامت لثمانية أعوام، سوف لن يخرجه من قوقعتها سوى رحلة خيالية سيقوده فيها الأستاذ نجيب إلى مملكة"دملان" الغرائبية.
2- أما رواية"مملكة التنين الذهبي"(302صفحة من القطع المتوسط)،فتدور أحداثها حول رحلة استكشافية تقوم بها، لصالح شركة"ناشيونال جيوغرافيك، الصحفية الأمريكية كات كولد وحفيدها ألكسندر،إلى مملكة التنين الذهبي، بأعالي وأدغال الهيمالايا، حيث ستكون الجدة مطالبة بإنجاز روبورتاج عن هذا البلد ألأسيوي المعزول عن العالم،الذي يحميه تمثال ذهبي له قدرة على التنبؤ بالمستقبل.الأمر الذي سيغري جشع أحد المليارديرات الغربيين بالتفكير في الاستيلاء على التمثال وتعريض أمن المملكة لكل المخاطر.مما سيحول الجدة وحفيدتها وصديقتهما ناديا سانتوس من رحالة فضوليين على أبطال حقيقيين في خدمة المملكة وتراثها القومي.
ب- المبنى والخطاب
إن الروايتين معا مليئتان بالتفاصيل الإثنوغرافية المثيرة كشأن المتون الرحلية التي يطغى عليها طابع التعجيب والتغريب في وصف الأمكنة والشخوص وسرد الوقائع. فقارئ ثلاثية"دملان"، سيلمس، دون ريب، إلى أي مدى حاول الكاتب أن يظل قريبا من هموم بلده، شجونا ومخيالا وأحلاما، في مسرودات أريد لها أن تكون غنية وشاملة، سواء من خلال المحكي الذاتي الذي يخلف أوهاما للتماهي بين الذات الكاتبة والذات الساردة، أو عبر النحت في اللغة وتقنيات الكتابة والتنويع في الرؤى ووجهات النظر.وهذا تحصيل حاصل بالنسبة إلى المنجز الأدبي الذي نحتت كثيرا من معالمه إيزابيل ألليندي ضمن مشروعها الإبداعي والفني، ككاتبة شاهدة- عن قرب- على الأحداث الجسام التي كانت الشيلي مسرحا لها، سيما بعد الانقلاب الدموي الذي قاده الجنرال بنوشيه على نظام عمها سلفادور ألليندي، الوطني والديموقراطي، خلال سبعينيات القرن الماضي(1973). إن التمسك بالهوية "الجنوبية" في "التغريبة الشمالية" للكاتبين أحد أهم نقاط التقاطع بينهما،لكنه ليس تمسكا رافضا لأرض الإقامة، وإنما هو بتعبير ألليندي ارتباط يجعل صاحبه"يضع قدما هنا وقدما هناك"، "بين أرض المأوى وأرض الحنين"،بلا عقد تقريبا.
ولآن هناك، على الدوام، ترابطات لا سبيل إلى نفيها، بين الإبداع والخلفيات المرجعية التي أنتجته (ومنها ذات الكاتب بما لها من حمولات) من جهة، وبين إبداع المبدع بعضه ببعض من جهة أخرى، فإننا نبغي في هذا الحيز وضع اليد على بعض التفاعلات النصية القائمة بين التخييل الذي يشيده حبيب عبد الرب وتخييل إيزابيل الليندي. ومعلوم أنه من السهل الزعم بوقوع الحوافر على بعضها،سيما وأنه يمكن اختراعها عبر فعل التلقي حتى وإن لم تكن قائمة أصلا. إلا أنه إذا كان من السهل تصيد مفترضات للمقارنة بين نصوص تنتمي إلى الثقافة ذاتها كالثقافة العربية الإسلامية، أو الثقافة الغربية مثلا. فإن الدائرة قد تضيق تدريجيا بخصوص توارد الخواطر بين النصوص المنتمية إلى ثقافات مختلفة ومتباعدة،في الجغرافيات واللغات، ما لم تخضع لهجرات وتحويلات وارتحالات. علما بأن التوارد قائم في كل الأحوال. وهو مبتغى هذا الحديث الذي يختط له مسارا لرصد تعالقات ممكنة مستحيلة ، بين رواية "دملان" لحبيب عبد الرب سروري ورواية "مملكة التنين" للكاتبة الشيلية إيزابيل ألليندي..تقاطعات، لا يرقى إليها شك، تهم مفاصل دالة في الروايتين،بيد أنها في الآن ذاته غير قائمة ضمن استراتيجية الصوغ التخييلي كوعي موضوعي وإستتيقي. من منطلق التمييز بين تناص الكتابة كفعل تلقائي لا مفكر فيه، وكتابة التناص القائمة على القصدية والتخطيط.
ولئن كان تناص الكتابة-بما هو إحدى سمات النصية- أمرا عارضا قد يمس عنصرا أو عناصر محدودة بخلاف كتابة التناص التي تجنح إلى تشغيل نصوص معينة ضمن انبنائها.فإن اللافت هنا هو التنافي الملحوظ في كون مصادفات التشابه تبدو كما لو كانت أفعالا إرادية. سيما وأن هناك قرائن قوية تؤكد ، وبشبه يقين، انعدام الطابع القصدي فيها. على الأقل لاعتبارين اثنين:
ـ لتزامن تاريخ إصدار الروايتين في سنة واحدة(2004)،
ـ ولتباين لغتيهما: فالأولى صدرت باللغة العربية عن دار العفيف بصنعاء( اليمن)، والثانية طبعت في الشيلي باللغة الإسبانية. ولئن خمنا دراية إيزابيل ألليندي البسيطة باللغة العربية (كونها عاشت لفترة في بيروت) فإننا لانملك ما يؤكد معرفة حبيب عبد الرب باللغة الإسبانية، علما بأن هذا العنصر اللغوي،ولحصول ما يجبّه، لا يغير من واقع الاستقلالية التخييلية لدى الكاتبين شيئا. ما لم نقل إنه شاهد نفي يؤكد كون العملين قد تكونا في استقلال عن بعضهما البعض وإن تواردت بينهما الرؤى والأفكار وزوايا النظر.
مؤشرات ترابطية:
السير الشخصية للكتّاب لا تصنع، وحدها، المماثلات في الكتابة، فمهما تشابهت حياة الأفراد فإنها لن ترهن إبداعهم لهذا التشابه بالضرورة، وإلا لانعدم التفرد بينهم. علما بأن التجارب الكبرى في حياة المبدعين قد تبصم أعمالهم لا محالة بميسمها الخاص.وما عاشته إيزابيل ألليندي من تقلبات وهزات قد يماثل – مع اعتبار الفارق النوعي- ما خبره سروري، وبالخصوص، على مستوى الابتعاد الجسدي عن الوطن والإصرار على التشبث بأطيافه روحا وكتابة، تشخيصا واختراعا.
1- امتدادات نصية
إن للروايتين معا ما قبلهما وما بعدهما من سوابق ولواحق، أي أنهما غير مستقلتين بذاتيهما تماما ضمن التخلق السردي والتكويني. فـ"دملان" ثلاثية روائية و"مملكة التنين الذهبي" جزء ثان من رواية"مملكة البهائم". وواضح أن الكاتبين معا اختارا- ضمن استراتيجيات أخرى- عنونة كتابيهما باسمين مستعارين لمملكتين متخيلتين على التوالي: مملكة"دملان" و "مملكة التنين الذهبي"، علما بأن للبروفيسور عبد الرب رواية أخرى بعنوان" الملكة المغدورة" مع ما يوحي به لفظ "الملكة" من إحالة إلى المملكة. واللافت أن "أقنوم" المدينة،أو المملكة، غير المتمدنة هو بؤرة التسريد في العملين. وحتى لو كان هذا مجرد مؤشر بسيط قد لا يكفي لبناء فرضية تناصية بين رواية وأخرى، فإنه بمثابة حافز سردي فاعل ضمن سيرورة التفاعلات النصية بين المتنين، خاصة عندما نربطه بجملة من القرائن والمتعينات النصية، التي نحصرها في التالي:
2- متخيل المغامرة(السفر الاغترابي):
تنتمي الروايتان معا إلى ما يمكن نعته بـ " متخيل المغامرة" الذي ترتحل فيه الشخوص بين الأفضية والأزمنة والحالات المختلفة والمتباعدة: فـأحداث "دملان"- لسروري- تقع بين تنزانيا واليمن وفرنسا و"دملان"، بينما تجري أحداث"مملكة التنين الذهبي"- لأليندي- بين الولايات المتحدة والهند و"مملكة التنين". بمعني أن بؤرة الارتباط بين النصين هي "مملكة التنين" في شمال الهيملايا. بيد أن الأساسي عندنا هو كون " سفر المغامرة" يرواح بين الواقعي والتخييلي، بل ويتركز بالدرجة الأولى حول التخييلي، انطلاقا من تدرجات واقعية، أو على الأصح انطلاقا من إيهامات زمكانية واقعية . وهو سفر يقوم به في كلا العملين شخصان أحدهما يقوم بدور الدليل(المرشد)" فـ"وجدان" بطل رواية سروري،الذي انغلق على ذاته، كما لو خاض بياتا "تصردنيا"(نسبة إلى علبة الصاردين)، لمدة ثماني سنوات، سوف تتاح له عبر الحلم،فضلا عن أسفاره الواقعية، رحلة عجيبة إلى مملكة "دملان" أو "تنكا" حسب التسمية الجديدة، تخرجه من تقوقعه، يقوده فيها الأستاذ نجيب نحو عوالم غرائبية لا كتشاف العالم الخارجي والحقيقة، كما ستصطحب الجدة كات كولد- في رواية ألليندي- حفيدها أليكساندر إلى"مملكة البهائم" و"مملكة التنين الذهبي"( وفي بنية انشطارية داخل رواية الليندي سوف نصادف ارتحالا استكشافيا يقود فيه الراهب البوذي تنسينغ الأميرَ ديل باهادور عبر جبال الهيملايا، ذات التشكيلات المدهشة والمناخ المتجمد،إعدادا له لحكم المملكة بعد وفاة والده وفقا للأعراف التيبتية هناك). إن ما ينتظم العملين هنا هو ترحل الشخوص بين أفضية وأزمنة مختلفة ومتباعدة:
- رواية دملان: تنزانيا، اليمن، فرنسا، والهيملايا.
-رواية مملكة التنين: الولايات المتحدة الأمريكية، الهند، الهيملايا.
حتى لكأن كل الأمكنة، بالنسبة إلى الشخوص، في العملين، ليست سوى ذريعة للتوغل في مكان مفعم بالطبيعة البكر والطقوس البوذية الماقبل ثقافية. وهو ترحل مثير يقوم به شخصان في كلي العملين، يمثل الأول الدليل(المعلم) فيما يمثل الثاني المريد. يرمز الأول إلى الخبرة والماضي ويحيل الثاني إلى الأفق المستقبلي. بيد أن التشابهات بين الروايتين لا تقتصر على الجوانب البنائية والشكلية فقط وإنما تشمل جوانب تخييلية ووصفية واحتفالية لـ"المدينة الميثولوجية" وكائناتها، لا تخطئها عين القارئ.فطبيعة الحكم والاستعراضات وهرمية المجتمع ومكانة النساء فيه وظواهر الطبيعة والقيم الإثنولوجية والدينية تكاد تتصادى وتتصاقب في الروايتين. وقد يتجلى هذا بوضوح في التمائل الكبير بين بعض فصول الروايتين (لنقارن، مثلا، بين الفصلين الأول والثاني من الجزء الأول والفصل الثاني عشر من الجزء الثالث من رواية "دملان" من جهة ، والفصل الرابع والخامس والسابع في رواية"مملكة التنين الذهبي" من جهة أخرى). فحكاية الطفل " وجدان" مع صديقته التنزانية "مانيارا" لها شبه كبير بحكاية ألكسندر كولد مع صديقته "ناديا سانتوس" من مملكة البهائم الهندية، وعنانيص في دملان هي جوديت كنسكي في مملكة التنين،وكذا التماهي بين تتويج الملك تشومولونجا(دملان) وتتويج ديل باهادور ملك مملكة التنين. والتشخيص الاحتفالي لبرتكول المملكتين الأسطوريتين يتم ، تقريبا ، بالطريقة نفسها حتى لكأن الكاتبين يقدمان وصفا لمشهد واحد ...كل بطريقته الخاصة...بحيث تتوارد الأوصاف والسرود وحتى أسماء بعض الشخصيات هي ذاتها(ديل باهادور هو اسم الدليل في "دملان" وهو اسم الأمير في "مملكة التنين الذهبي").
ومع ذلك فإنه ينبغى ألا ننساق وراء ترجيح فكرة التمائل بين بعض مكونات رواية "دملان" ورواية"مملكة التنين الذهبي"، وسحبه على الرؤية إلى العالم التي تؤطر كلتيهما كلا على حدة..فمما لا يخفى أن وكد إيزابيل ألليندي في هذه الرواية كان هو تسليط الضوء على جوانب من الحياة في بعض مجتمعات الأمازون البوذية، بينما يظل هاجس سروري هو تشخيص واقع بلاده الذي يصفه في أحد حواراته بأنه"العالم الثالث للعالم العربي". ولعل هذه الترابطات- التي أشرنا إليها في عجالة- وإن كانت قائمة بالفعل إلا أنها لا تكشف عن نية تناصية مبيتة وإنما هي- باعتقادنا- تجلّ لوحدة تجربة إنسانية في الكتابة جمعت مبدعي هذين العملين حبيب عبد الرب سروري وإيزابيل ألليندي.
هوامش:
- حبيب عبد الرب سروري:من مواليد 1956 بعدن، بروفيسور في علوم الكومبيوتر وروائي يمني يعيش ويعمل في فرنسا (المعهد القومي للعلوم التطبيقية في روان).
- إيزابيل ألليندي:من مواليد 1942، كاتبة وصحفية من الشيلي، عاشت المنفى في فنزويلا بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال بينوشي سنة 1973 على سالفادور ألليندي، لتعود إلى بلادها بعد زوال حكم الديكتاتور، مناضلة في صفوف الحزب الاشتراكي.
- دملان، حبيب عبد الرب سروري، مؤسسة العفيف الثقافية، صنعاء،2004.
مملكة التنين الذهبي،إيزابيل ألليندي،ترجمة رفعت عطية، دمشق.2005.