سورة الأعراف
تهتَّك وبُحْ بالعشق جهراً فقلَّما يطيبُ الهوى إلاَّ لمنتهِكِ السِّترِ
علي ابن الجهم
صَعْقُ ابنةِ موسى
أرِني وجهكَ ما لا يُرى فيكَ شِدَّة نورك تجلِّيك حُجبك الباقيات منك الخالدات فيك كُنْ في رؤيتي كي يصير بصَري عمايَ كن مُمكنا في الأبصار والألباب والمنظور والمحسوس أريدك انخطافاً أريدك عودتي إلى نطفتي الأولى لا تجعلني أراك إلا من خلف ما يُرى بالهوى لا تجعلكَ تُرى إلا في ما يُبْصرُ بالحب فأنتَ إن كنتَ منظوراً كما أطلبُك نظرتُ إليك بعقلي وإن كنتَ منظورا كما أشتهيك نظرتُ إليك بحواسي وإن كنت منظوراً كما أرْتضيك نظرتُ إليكَ بيدي وما يَدي إلا فاتحةٌ لأغوار الشهوات...
"أرِني أنظُر إليك" وبعدها دع الصَّعْق مصيري.
2
هَبْني عَينا طيعة أضيَقَ من فِتْنتي فيكَ
كَيْ لا أراكَ هكذا:
أعْلى مِنْ كل سَماء.
3
في فقدك كثيرا ما رأيتُ استحالة الرؤيا كأنها استحالة الهواء، في فقدك لم يكن لي ليل واحد بل كانت لي عتمات، في فقدك كثيرا ما زاغت بي الريح إلى حدود قفرك فرأيتك من نافذة الغبار، في فقدك لا تكفي الشساعات الزُّرْقُ فالمدى وحده دليل الضياع
في فقدك لا سلطان عليَّ،
لذلك كثيرا ما أمتلئ بمرارات الهاوية،
في فقدكَ
كأن عتلة ما تقلب ترابَ جسدي
كأن حطاباً
يجمع العظام
كأن فزَّاعة
تحرس ما تبقى مني في برية اللاَّمَعنى
في خفائك،
لا فقد.
4
كانَ الألم شاطئي
قلت أتلذَّذْ قليلا برذاذِ هذا النِّسيان
علَّ هذي الغيْمَة تجِيء
تبلِّل لِساني بِقَطْرَة حياة.
5
لماذا لا يعرف الحب أني أشد منهُ ظمأ
وأنِّي دوما على شَفا الجُرف
وجها لوجه أمام شطآن وأمواج وزوابع
وأني مثله
أمشي عارية إليْهِ
كما يمشي مُبهماً إليَ
أتمدد على مرآه
أرسو على مرساه
كأني سمكة موعِدها الموتُ
على شاطئ النَّار .
6
ليس لي ماضٍ إلا في ما أذكر مِنِّي فيك
أنت الفتحُ والختمُ للبدءِ والمنتهى
إن تكلمتُ نطَقْتك، وإن سَكتُ سهوا أولهوا أو قصدا: قُلتكَ.
في المتاهِ أنتَ لا سِواك ... في الضَّياع، في فوضى اللاَّيقين
في المحارة، في جوفها أكون اللؤلؤة التي كلما لاح فجرك لمعتْ في منتهى غنجها
أنا إياها،
الصفصافةُ التي جلستَ تحتها ساهماً تبحثُ عن جسدٍ تدفن فيه حقيقتك
وأنا القبلة الندية التي مهَّدتْ لك الطريق إلى شهوة خامدة، فإلى آهة ثم آهات
أنا الفرح الرفيف يتزحلق بين جسدين، سَخِيَّةٌ بينهما الشهوة
أنا الصَّعْقُ، لا جَبَلَ إلاَّيَ، سُبحانك
القُبلَةُ صَلاَتي
......................
فهل بُحتُ؟
7
سري وجدكَ.
وكم أذبلُ في الشوق الطويل كأني متاهة من الرَّجع لصدى قديم، كأني موال في آخر الأغاني، كأني مفارقةٌ قاسية بين الحب وأنت، كأني سعْفة طوَّحَتْ بها الصُّدَفُ والرياح العاتيات إلى ساحة خلاء، كأني دَوْرة الأرض لا تنتهي، في أحلامَ لا تنتهِي، في كوابيسَ لا تنتهِي في مصائرَ وأقدارَ
وأوجاع لا تنتْهِي، كأني لا أنتهي منك وأشتهي أبدا ألا أنتهي
....................
فهل بُحْتُ؟
8
كيفَ آمَنُ من خُسراني ومن عاديات أزماني، ومن الأصابع تلتف حول عُنقي مهدّدة بالسديم الأشد صمتا؟ وأنتَ حين كنت هُنا لم يكن في العقل خرافة أصدقها كأنْ تضمحلَّ وتنْأى في التَّلاشي.
.......
كان جسدُك في غَوْره بلا شبِيهٍ، ينهض في ذاكرتي كأنه اشتعالٌ وانطفَاء، كأنه أضداد، كأنه يصدُّني ويأخذُني إليهِ في الْتياعٍ كما لو كنتَ النُّثار يُرش على الأرض كيْ توتي أُكلَها...
أما روحك فكانت فاكهة مرَّة، أعضُّها فيسيل ماؤها من بين شِدقَيَّ كأنه دمِي. وما دمي إلا دَمُكْ
أصدِّقُ ولاَ...
أنهاـ روحك ـ بكل تلك الفواجع التي كانت ترميني بها، كانت تبقى في عيني رغم ذلك أشهى الفواكه.
ساذَجَة أنا...
ولا أثَرَ فيَّ منكَ سوى تلك الهَمَجيَّةِ الموغلة في الرِّقةِ/ الرقةُ المندفعة في الهَمجيَّة، سوى ذلك الألمِ العظيم الذي جزافا أسميه الحب....
فهل بُحْتُ؟
9
كثيرا ما أحببتُ الأخطاء التي تراشقْنا بها كيْ نصِل إلى حقيقَة الفِراق، لماذا كنت أتعشَّقُ الأخطاء تلك؟ ألأنها كانت بوصلة نفسي، تدُلُّني إلَى أيِّ اتجاه ستمشي بي أقداري لو أنا تماديتُ في امتصاصِ ضوئِك؟
أم لأن أخطائي كانت منَّي كما كانت خطاياك منك: سَلَّةُ مدَّخَراتنا من الحياة الواحدة، في التَّوَحُّدِ إيَّاهُ
أمامي ما يُؤرِّقني: أتراني أهدأ في هذا العشق يكاد يأخذ مني ما أحرصُ عليه من زفراتٍ أخيرة؟ هل ثمة مخرجٌ؟ مسلك؟ معبر؟ بحر أغرق فيه كبديل؟ أجنحة تحلِّقُ بي في سماء؟
ولستُ أقصد سوى ذلك الحب سرا وجهرا ....حياة وموتا...
عاد جسَدي من جسَدك
غادرتْ روحي روحَك
ورغم ذلك تلهَجُ نفسي في ذكراك..
فهل بُحتُ؟
10
لا أنتَ في جُنوني ولا أنا في يقْظَتِك
لا أنتَ في صدْري ولا أنا في رياحِك
لا أنت إلهي ولا أنا غيْمتك
لا أنت عاودْتَ خلقي ولا أنا أحيَيْتُك
غبتُ
انجليتَ
تلاشيتُ في المصائر
نأيتَ في السماوات
.
خَطَرٌ عليَّ أن أعاود التفكير في الحياة الآسرة التي تربيْتُ فوقها علَى الحب
خطرٌ عليَّ أن أدنو من كل إشارة مشْتركة كانت بيننا وانزلقنا بتحريض منها
نحْوَ
الهَوى والخُذْلانِ
خطر عليَّ أن أتسَاءَل: ماذا بوُسْعِ العالم أن يَفعل لأَجلي كيْ لا أعودَ إلى المصَبِّ، ذاك الذي انحدَرتْ منه كل قبلاتنا وشَطَحاتِنا علَى الوادي،
خطرٌ عليَ
أن أتحول من موجب إلى سالب ... هكذا بجَرَّة فُقدانْ.
فهلَّا أبوحُ؟
"أرني أنظر إليك"، وكن في سَمعي وبصري وسرِّي وبصيرتي، فإني بعدَ حينٍ أدنو.. وبعدَ حين ـ إذا ما وجهك وضاحٌ ـ أبوحُ
...
ترى، هل بُحْتُ ؟
شاعرة من المغرب