نظّم فريق البحث في الفلسفة الإسلاميّة (جامعة محمّد الأوّل-كلّية الآداب) بتعاون مع المركز الوطنيّ للبحث العلميّ والتقنيّ، الشهر الماضي، ندوة علميّة دوليّة في موضوع: "الكندي ومدرسته، أعمال مهداة إلى الأستاذ محمد المصباحي" بقاعة نداء السلام بكلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة، وجدة. هنا تقرير يقدم أهم خلاصات الأوراق المقدمة والتي حاولت إعادة قراءة الكندي وأعماله ومسيرته العلمية..

الكندي و مدرسته

تقديم
لا تخفى مكانة أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي (حوالي 018-325 ه/080/087م) في تاريخ الفلسفة والعلوم بشكل عامّ، وفي الفلسفة الإسلاميّة بشكل خاصّ. اشتهر بوصفه أوّل فلاسفة الإسلام وأحد كبار المفكّرين في العصر الوسيط؛ استفاد منه الناطقون بالعربيّة من المعاصرين واللاحقين كما استفاد منه الغربيّون من خلال أعماله التي ترجمت إلى اللاتينيّة. غير أنّ البحث في إنتاجه، كما في اللحظة التاريخيّة التي عاش فيها، ما زال في بدايته على ما يبدو؛ فعلاوة على ضياع جلّ إنتاجه العلميّ والفلسفيّ، فإنّ النزر القليل من رسائله التي احتفظ بها، لم تحظ بما تستحقّه من الدرس والتحليل. ولم يكن نصيب فيلسوف العرب من البحث أبدا مثل نصيب فلاسفة مسلمين آخرين جاءوا بعده، بل إنّه لم يحظ باعتراف هؤلاء الفلاسفة أنفسهم وهو أمر ربّما ساهم بدوره في حجب لحظة الكندي وتوجيه الأنظار عنه.
صحيح أنّه منذ القرن الماضي، وبالضبط منذ أن نشر عبد الهادي أبوريدة رسائل الكندي الفلسفيّة عام 1950، أنجزت دراسات مهمّة، ومنها أعمال رتشارد فالزر، جيرهارد أندرس، جون جوليفيه، بيتر أدمسن وغيرها، ساهمت في رفع الحجاب عن كثير من القضايا التي كانت غامضة حول حياة الكندي ومؤلّفاته ومحيطه وتلامذته، إذ صرنا نعرف أكثر حول ما صار يسمّى بحلقة الكندي، وصرنا نعرف أكثر عن المترجمين والعناوين التي ترجمت في عصره. مع ذلك، فإنّ كثيرا من جوانب حياته ومتنه ومحيطه وأساتذته وتلامذته وحول قيمة مساهمته العلميّة والفلسفيّة ولحظته التاريخيّة لا زالت تحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء.

تروم هذه الندوة العلميّة إعادة طرح مختلف الأسئلة التي قد تمسّ الكندي ومدرسته بشكل مباشر أو غير مباشر بروح ونفس جديدين تأخذ بعين الاعتبار نتائج الأبحاث السابقة والمعاصرة التي أنجزت في مختلف البقاع وبمختلف اللغات حول الكندي وفلسفته مع التركيز على جوانب غير مدروسة أو تحتاج إلى مزيد تنقيب:
أوّلا، من هو الكندي، ماذا قرأ؟ وماذا كتب؟ وما وضعيّة متنه الفلسفيّ والعلميّ، المخطوط منه والمنشور؟ ثمّ ما هي أوجه الجدّة في مساهمته الفلسفيّة الخالصة كما في مساهمته العلميّة والتيولوجيّة: ما مساهمته في الطبيعيّات وفي علم النفس، وفي الرياضيّات، والكوسمولوجيا، والكيمياء، والخيمياء، والمعادن، والمناخ، وفي البصريّات، والموسيقى، وفي الأخلاق والسياسة وعلم الكلام؟ كما يشكّل المصطلح عند الكندي موضوعا خصبا للبحث، فرسالة في حدود الأشياء ورسومها تثير كثيرا من الأسئلة وعلى رأسها صحّة نسبتها للكندي وعلاقتها بالمعاجم العلميّة التي وضعت قبلها والتي جاءت بعدها، بالإضافة إلى خصوصيّة لغة الكندي الفلسفيّة.

ثانيا، لابدّ من دراسة المحيط الثقافيّ والعلميّ الذي نشأ فيه الكندي وكان فاعلا فيه، إذ لاشكّ أنّ فيلسوف العرب لم ينشأ من فراغ ولا كان يشتغل في عزلة عن المحيط القريب أو البعيد. ولعلّ السؤال يحمل، من جهة، على علاقته بزملائه وتلامذته الذين لا نكاد نعرف شيئا عنهم أكثر من أسماء بعضهم مثل أبي زيد البلخي وأبي الطيّب السرخسي. ويحمل، من جهة ثانية، على علاقته بالمتكلّمين في عصره، إذ السؤال يفرض نفسه حول علاقته بالاعتزال ومساهمته الكلاميّة وحواره مع أهل الفرق والملل الأخرى. ولابدّ أنّه كانت له علاقة متينة بالنصوص القديمة وبباحثين قريبين من بيئته العربيّة والسريانيّة، لذا فإنّ السؤال يجب أن يحمل، من جهة ثالثة، على علاقته بالفلاسفة والشرّاح القدامى؛ إذ ينظر إليه عادة على أنّه أفلاطونيّ محدث يمارس البحث الفلسفيّ والعلميّ على طريقة مدرسة أثينا، فما هي بعض معالم تأثير أعلام هذه المدرسة فيه، وما نوع تأثير مدرسة الإسكندريّة وأعلامها وما درجته؟ ويحمل، أخيرا، على علاقته بمشروع الترجمة الضخم الذي رعاه الخلفاء العباسيّون، وما درجة انخراطه فيه. ما وظيفته في بيت الحكمة؟ ثمّ ما كانت وظيفة هذا "البيت" نفسه: هل كان معهدا للترجمة أم خزانة؟ لا يبدو أنّ الكندي مارس فعل الترجمة بشكل مباشر من اليونانيّة ولا من السريانيّة، لكنّه في الغالب كان مصحّحا ومراجعا للنصوص المترجمة، بل ولا يُستبعد أنّه كان مشرفا على كثير من هذه الترجمات. فماذا ترجم بإيعاز منه أو ساهم في إخراجه إلى الوجود، ولأيّ غايات.

ثالثا، لاشكّ في أنّ الكندي قد مهّد الطريق للفارابي وابن سينا وغيرهما من فلاسفة الإسلام وهو واضع اللبنات الأولى لانطلاق مغامرة فلسفيّة وعلميّة وحضاريّة لا مثيل لها في العصر الوسيط. فما طبيعة ودرجة تأثيره في اللاحقين؟ وما مكانته عند ممثّلي مدرسة بغداد الفلسفيّة؟ يبدو موضوع حضوره لدى فلاسفة الإسلام اللاحقين وطبيعة تفاعلهم مع كتاباته موضوعا بكرا إلى حدّ كبير. ومن جهة أخرى، نعرف أنّ الكندي ترجم إلى اللاتينيّة، وعرف أحيانا أكثر لدى اللاتين مع نوع من التقدير له لم يحظ به إلى حدّ ما عند المسلمين، واحتفظ في هذه اللغة بنصوص ثمينة للكندي فقدت في أصولها العربيّة، فماذا عن الكندي اللاتينيّ؟ وأخيرا، في الوقت الراهن، أعاد رشدي راشد وجون جوليفيه تحقيق رسائل الكندي مع نصوص أخرى وترجمتها إلى الفرنسيّة، كما ترجمت مؤخّرا هذه الرسائل إلى الإنجليزيّة، وصارت نصوص الكندي في متناول شريحة واسعة من الباحثين المستعربين وغير المستعربين. لعلّ من ثمرات هذه الأعمال أن أنجزت دراسات مهمّة اليوم حول الكندي وفلسفته ومساهمته في مختلف حقول العلم في العقود الأخيرة، وقد أبرزت هذه الدراسات أنّ الكندي يشكّل، بالفعل، لحظة لاغنى عنه في تاريخ الفلسفة والعلوم، فما الجديد في هذه الترجمات والتحقيقات والدراسات الجديدة؟ هكذا يمكن إجمال القضايا التي يمكن أن تشكّل محاور هذه الندوة، لا على سبيل الحصر، فيما يلي:

-    حياة الكندي ومحيطه؛
-   
جذور فلسفة الكندي؛
-   
الكندي وحلقة المترجمين؛
-   
تلامذته؛
-   
متن الكندي؛
-   
المنطقيّات؛
-   
الطبيعيّات؛
-   
السيكولوجيّات؛
-   
التعاليميّات؛
-   
ما بعد الطبيعة؛
-   
الأخلاق والسياسة؛
-   
علاقة الكندي بعلم الكلام؛
-   
المصطلح عند الكندي؛
-   
بعض عناصر الجدّة في إنتاجاته المختلفة؛
-   
تأثيره وحضوره لدى اللاحقين.

البرنامج
وكان برنامج الندوة المفصل يتكون من الفقرات الآتية:

الجلسة الافتتاحيّة (التاسعة صباحا) برئاسة الأستاذ محمد الطلحاوي
كلمة السيّد رئيس الجامعة
كلمة السيّد عميد الكليّة
كلمة منسّق الندوة
كلمات في حقّ الأستاذ محمد المصباحي
كلمة الأستاذ محمد المصباحي

الجلسة الأولى (العاشرة صباحا) برئاسة الأستاذ أنس غراب
محمد المصباحي (جامعة محمد الخامس، الرباط)، الخيال وقوى الحسّ الداخلي لدى الكندي
سعيد البوسكلاوي (كلّية الآداب، وجدة)، يحيى النحوي والكندي في الدلالة على حدث العالم
محمد مساعد (المدرسة العليا للأساتذة، مكناس)، حضور الكندي في الثقافة الإسلاميّة
أحمد موسى (كلّية الآداب، الجديدة)، ابن إسحاق الكندي، التعريف بإنتاجاته المختلفة وبالآثار المؤلفة حوله وحول فلسفته
مَحمد عبدو (الجامعة العربيّة الألمانيّة، كولونيا)، الكندي بين مادحيه ومنتقديه
مناقشة
الجلسة الثانية (الثانية والنصف بعد الزوال) برئاسة الأستاذ محمد المصباحي
المهدي سعيدان (كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس)، تأثير الكواكب من خلال كتاب De Radiis المنسوب للكندي
أنس غراب (المعهد العالي للموسيقى، سوسة)، قراءة في نصوص الكندي الموسيقيّة وعلاقتها بالنّصوص الاغريقيّة
فؤاد بن أحمد (دار الحديث الحسنيّة، الرباط)، الكم والكيف في الطبّ: ابن رشد ضدّ الكندي
محمد وزار (جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان)، إشكالية الزمان في فلسفة الكندي
يس عماري (كليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، تونس)، نظريّة الكندي في دفع الأحزان وتطوّراتها لدى اللاّحقين
مناقشة
الجلسة الثالثة (الخامسة بعد الزوال) برئاسة الأستاذ محمد مساعد
ابراهيم بورشاشن (أكاديمية مكناس)، هل كان الكندي أرسطيّا؟
حسن المنوزي (كلّية الآداب، مكناس)، سؤال الميتافيزيقا عند الكندي
عمر مبركي (دار الحديث الحسنيّة، الرباط)، موقف الكندي من الإلهيات من خلال رسائله الفلسفيّة
مصطفى العارف (كلّية الآداب، المحمدية)، مفهوم الأيس عند الكندي أو تأسيس الأنطولوجيا
مناقشة
الجلسة الختاميّة برئاسة الأستاذ محمد بنيعيش

الملخّصات

1ـ محمد المصباحي (جامعة محمد الخامس، الرباط)، الخيال وقوى الحسّ الداخلي لدى الكندي
القصد من البحث هو الوقوف على ملامح اللحظة التأسيسية لنظرية الخيال في الفلسفة العربية الإسلامية ممثَّلَة في كتابات الكندي، وذلك بالإجابة على هذه الأسئلة: هل كانت لديه خريطة واضحة للقوى الخيالية الست أو السبع، وإلى أي حد كان يميّز بينها، وما دور القوى الخيالية في إنتاج المعرفة والرؤيا؟

2ـ سعيد البوسكلاوي (كلية الآداب، وجدة)، يحيى النحوي والكندي في الدلالة على حدث العالم
الغرض من هذا العمل رصد بعض معالم حضور يحيى النحوي، الفيلسوف اليوناني الإسكندراني النصراني الذي عاش في القرن السادس الميلادي، لدى أول فلاسفة الإسلام أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي الذي عاش في القرن التاسع للميلاد. سوف نركّز بالأساس على أدلّة الفيلسوفين على حدوث العالم. يتبنّى الكندي مذهب المتكلّمين في مسألة الحدوث ويستعيد أدلّتهم التي يجد كثير منها أصله عند الفيلسوف المتكلّم اليوناني يحيى النحوي في كتابيه الردّ على برقلس والردّ على أرسطوطاليس علاوة على رسالته، المحتفظ بها جزئيّا في العربية، بعنوان في الدلالة على حدث العالم. سوف نقف عند ثلاثة من هذه الأدلّة، تحضر جزئيّا أو كليّا لدى الكندي: دليل قوّة الجسم المتناهيّة، ودليل التركيب، ودليل امتناع التسلسل إلى ما لا نهاية. وانطلاقا من نتائج أعمال رتشارد فالزر، هربرت ديفيدسن وألفرد عبري وبيتر أدمسن وغيرهم، سوف نحاول تسليط أضواء جديدة عن كيفية حضور هذه الأدلّة ووجوهه في رسائل الكندي الفلسفية وعلاقة ذلك بالتقليد الكلاميّ الاعتزالي.

3ـ محمد مساعد (المدرسة العليا للأساتذة، مكناس)، صورة الكندي في الثقافة الإسلاميّة
يروم هذا العرض النظر في موضوع "صورة الكندي في الثقافة الإسلامية" والمساهمة في الكشف عن ملامح الشخصية العلمية الفلسفة لرجل اعتبره مؤرخو الفكر الإسلامي فيلسوف العرب الأول وربما الأوحد. النهج الذي ارتأينا اتباعه يمتح أساسا من نصوص المؤرخين وكتاب السير والطبقات من أي جهة كانت، أي سواء من الفلسفة أو الأدب أو التاريخ...لذلك اعتبرناه قولا في الثقافة الإسلامية لا فقط في مجال دون سواه. الخلاصة التي انتهينا إليها مرحليا هي أن للكندي في هذه الثقافة أكثر من صورة واحدة بل هي صور تتردد بين الإيجاب والسلب، بين الحجية والهشاشة.. الأمر الذي يطول هوية الكندي ذاتها حتى تكاد تضيع منا الملامح الأساسية المتعارف عليها للرجل..

4ـ أحمد موسى (كلية الآداب، الجديدة)، ابن إسحاق الكندي، التعريف بإنتاجاته المختلفة وبالآثار المؤلّفة حوله وحول فلسفته
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي (185-252 هـ) المشهور بلقب "فيلسوف العرب" من كبار علماء العالم الإسلامي. اعتُبر أوّل فيلسوف مسلم، وواحداً من تسعة مفكرين أصحاب السبق في علم أحكام النجوم، وأحد الأقطاب العلمية في تاريخ البشرية الذي اكتسب أهمية قصوى وترك تأثيراً كبيراً. وهو بحق أب الفلسفة الإسلامية. يعتبر كتاب "الفهرست" لابن النديم (متوفى بعد 377 هـ) أقدم مصدر ذكر آثار الكندي وإنتاجاته. حيث أدرج ابن النديم الكندي في زمرة الفلاسفة الطبيعيين. وأوصل عدد كتبه ورسائله إلى 242 بين كتاب ورسالة. ويعد "طبقات الأمم" لابن صاعد الأندلسي (م 462 هـ) ثاني مصدر تحدّث عن آثار الكندي. أما القفطي في "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" فقد أورد فهرساً لآثار الكندي مغايراً لما جاء في "الفهرست". ثم جاء بعد هؤلاء ابن أبي أصيبعة (م 668 هـ) الذي أفرد ثبتاً في كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" لآثار ابن إسحاق الكندي. أما باقي مؤرخي الفلسفة فكانوا دوماً يعتمدون في التعريف بآثار الكندي على الكتب الأربعة التي أشرنا إليها، ولم يضيفوا جديداً إليها.
تهدف هذه الورقة إلى التعريف بابن إسحاق الكندي، مركزة على إنتاجاته المختلفة، معرّفة بها تعريفا وافياً ومفصّلاً يتوخى كشف زوايا كانت خافية على الباحثين. وتنتظم هذه الدراسة في قسمين اثنين: الأوّل يختص بالآثار التي خلّفها الكندي. والثاني يتعلق بالكندي نفسه. والقسم الأول قسّمته إلى ثلاثة مباحث، المبحث الأول يتناول بالتعريف ست مجموعات من آثار الكندي، وأقصد بالمجموعة الكتب المتضمّنة للنص الأصلي أو ترجمة لرسالتين على أقل تقدير. المبحث الثاني فيه تعريف بإنتاجات الكندي المنشورة، مع ذكر البيانات الكاملة لجميع الطبعات، وأيضاً بيانات ترجمات هذه الكتب إلى اللغات : اللاتينية والعبرية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والفارسية مرتبة زمنياً حسب تاريخ النشر. والمبحث الثالث خصّصته للتعريف برسائل الكندي المخطوطة وغير المنشورة وعددها سبعة آثار. أما القسم الثاني فيتضمّن التعريف بالآثار التي أُلفت عن الكندي وعن فلسفته بمختلف اللغات. وقسّمت هذا القسم بدوره إلى خمسة مباحث : تناول المبحث الأول التعريف بالآثار العربية الكلاسيكية المتعلقة بالكندي. واختص المبحث الثاني بعرض آراء الكتاب والمفكرين حول الكندي. والمبحث الثالث تطرق للمقالات والكتب التي تناولت في جزء منها قضايا حول الكندي فيما خصّصتُ المبحث الرابع للحديث عن الكتب التي ألفت عن الكندي باللغة الفارسية وعددها ستة. والمبحث الخامس اختص بالتعريف بالكتابات والدراسات المنجزة حول هذا الفيلسوف العربي الكبير باللغات الأجنبية من قبيل: اللاتينية والإيطالية والألمانية والفرنسية والإنجليزية.
 
5ـ مَحمد عبدو (الجامعة العربية الألمانية، كولونيا)، الكندي بين مادحيه ومنتقديه
برز فيلسوف العرب يعقوب بن إسحاق الكندي في العلوم بأسرها، واستبد بالفنون والفهوم كلها؛ من فلسفة وأدب وطب وفلك وعلوم رياضية وطبيعية وكيميائية.. كما تدل على ذلك مصنفاته ورسائله، ما جعله يحتل مكانة مرموقة في الفكر العربي والإسلامي. غير أن هذه المكانة لم تكن محل إجماع، فقد تعاكست فيه الآراء وتشاكست بين مادحيه ومنتقديه، لا سيما حول فلسفته وعقيدته..فبينما ذهب البعض إلى أن الكندي لا يعدو كونه ناقلا لعلوم اليونان وفلستهم من غير إضافة، مما حال بينه وبين الجدارة بالخلود.. نرى فريقا آخر  يذهب إلى أن أبا يوسف برز في العلوم تبريزا، فأصبح فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها. وإذا الكندي بنظر البعض من علماء الإسلام، وبنظر آخرين من النصارى، فإن طائفة سلكته في أعيان الشيعة..فما هي حقيقة عقيدة الكندي؟ وما حاله مع الفلسفة؟ وما حل الفلسفة معه؟ ومنهم أعداؤه؟ وما حال المنصفين من المترجمين والمؤرخين معه؟ وما هي العلوم التي برز فيها وصنف فيها؟ وأين مصنفاته؟...  هذه بعض القضايا التي يتولى البحث كشف غطائها...

6ـ المهدي سعيدان (كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس)، تأثير الكواكب من خلال كتاب De Radiis المنسوب للكندي
مضى أكثر من ثلاثين سنة على أول نشرة علمية لكتاب De Radiis والذي يفترض أنه الترجمة اللاتينية لكتاب الكندي "في الإشعاعات"، كتاب ذكره ابن أبي أصيبعة كواحد من جملة كتب الكندي ولم يصلنا أصله العربي، لكن النسخ التي يفترض أنها الترجمة اللاتينية له يفوق عددها العشرين نسخة، أشار إلى بعضها الباحث الأمريكي ثورندايك بعد منذ 1923. نشرت الباحثة الإيطالية سنة 1999 دراسة مقارنة سعت فيها إلى بيان العلاقة بين هذا الكتاب وكتب أخرى للكندي. وأخيرا قام الباحث الفرنسي ديدي أوتافياني سنة 2003 بإصدار ترجمة الفرنسية  لكتاب"De Radiis" اعتمادا على النشرة 1975 وذيل الترجمة بدراسة قصيرة عن الكندي تضمنت بعض الملاحظات عن الكتاب. نريد من خلال هذه المداخلة أن ننظر في مسألة صحة نسبة كتاب "De Radiis" إلى الكندي من خلال فحص مدى توافق ما ورد فيه بشأن الأجرام السماوية وكيفية تأثيرها في الأجسام الأرضية مع ما ثبت من آراء للكندي بشأن هذا الموضوع في مواضع أخرى من رسائله خاصة رسالة في العلة التي لها يبرد أعلى الجو ويسخن ما قرب من الأرض ورسالة في العلة الفاعلة للمد والجزر.


7ـ أنس غراب (المعهد العالي للموسيقى، سوسة)، قراءة في نصوص الكندي الموسيقيّة وعلاقتها بالنّصوص الاغريقيّة
من المعلوم أنّ عددا من النّصوص الموسيقيّة كانت قد أسندت إلى يعقوب بن اسحاق الكندي، وقد تمّ القيام بتحقيق ودراسات أوّليّة لهذه النّصوص خاصّة من طرف الباحث زكريّا يوسف خلال السّتّينات. ورغم تواجد عدد من الدّراسات المتفرّقة حول نظريّات الكندي الموسيقيّة فإنّ الرّؤية العامّة لشرح تلك النّظريّات تفتقر حسب رأينا إلى نظرة جديدة، خاصّة في ظلّ تطوّر العلوم الموسيقيّة ومناهجها خلال السّنوات الأخيرة. من خلال البحث المزمع تقديمه سنتطرّق مبدئيّا إلى ثلاث إشكاليّات: سننظر أوّلا في مدى تكامل نصوص الكندي في حدّ ذاتها وإلى أيّ درجة يقدّم الكندي نظريّة موسيقيّة موحّدة، ثمّ سندقّق النّظر في تلاؤم نظريّاته مع ما تمّ تقديمه في ما يخصّ النّظريّات الموسيقيّة في تلك الفترة (إخوان الصّفا، بن المنجّم، إلخ.). أمّا ثالثا وأخيرا فإنّها سنحاول تحديد نقاط التّرابط بين نظريّات الكندي والنّصوص الاغريقيّة.

8ـ فؤاد بن أحمد (دار الحديث الحسنيّة، الرباط)، الكم والكيف في الطبّ: ابن رشد ضدّ الكندي
محمد وزار (جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان)، إشكالية الزمان في فلسفة الكندي
احتل فيلسوف العرب مكانة كبيرة في تاريخ الفلسفة الإسلامية. فهو أول فيلسوف إسلامي تناول إشكالية الزمان بالتحليل الموضوعي الدقيق سواء على الصعيد الفكر العلمي الطبيعي أو على صعيد قضية الألوهية والخلق، كما أن الفلاسفة الذين جاءوا بعده، قد تأثروا به و أخذوا عنه الكثير من الآراء التي قال بها. واعتبرت إشكالية الزمان عند الكندي من الإشكاليات الهامة في فلسفته، والتي لم تبحث بحثا دقيقا، إذ لا يخفى بل علينا أن هذا الجانب أثار مشكلات و تساؤلات عديدة في مجال الفكر الفلسفي والعلمي الإسلامي، أنها عدت من الجوانب الهامة التي بحث فيها فلاسفة الإسلام. وجاء هذا البحث لمعالجة ذلك الجانب الأصيل في فكر الكندي والمتعلّق بمشكلة الزمان وعلاقتها بالخلق والحدوث وتناهي جرم العالم والحركة والزمان، وكلها أمور تدخل في إطار البحث الفيزيقي و الميتافيزيقي لموضوع الزمان. احتل موضوع الزمان في الفلسفة الكــندي مكانا هاما فهو مرتبط بالطبيعيات كالحركة، التغير،  و المكان الخ. من جهة، وارتبط ميتافيزقيا بالكون و نشأته، وبالسببية والعلية والفاعل الأول ومشكلة الأزلية و الأبدية من جهة أخرى. وإزاء تناول الكندي للموضوع من شقيه هذين يجب طرح الإشكال الآتي: ما هو مفهوم الزمان في فلسفة الكندي ؟ وما طبيعته؟ وهل له طبيعة موضوعية أو وجود متوهم كما عند علماء الكلام ؟ وهل فصل الكندي بين الزمان و الدهر ؟ من أين استقى الكندي منهجه في معالجة موضوع الزمان ؟ ما هو الجديد في فلسفة الزمان الكندي ؟ وما مدى توفق الكندي  في حل إشكالية خلق وحدوث العالم؟
       
لمعالجة هذه الإشكالية، قسمنا البحث إلى محورين: المحور الأول: المصادر الرئيسية لإشكالية الزمان في فلسفة الكندي وهو يتضمن مبحثين. فالمبحث الأول تناولنا فيه الزمان في التراث العربي الإسلامي،وعلي الخصوص طبيعة الزمان عند المتكلمين، لما لتأثير الكبير لتيار الكلامي في فلسفة و علاقته بمشكلة قدم و حدوث العالم، أما المبحث الثاني عرضنا فيه المشكلة الزمانية في الفكر اليوناني باعتباره يمثل فكرا أساسيا سابق على الكندي، كما تناولت في نفس المبحث الكندي.  المحور الثاني: عالجنا فيه إشكالية الزمانية في فلسفة الكندي، و هو يتضمن ثلاثة مباحث رئيسية، حيث في المبحث الأول حاولنا الوقوف على طبيعة و أهمية المنهج في فلسفة الكندي، خاصة مشكلة الزمان وحدوث العالم و قدمه، أما المبحث الثاني فهو دراسة تفصيلية لطبيعة و مفهوم الزمان عند الكندي هل هو موضوعي أو ذاتي ؟ هل هو وجود وهمي أم وجود مستقل ؟ كما تطرقنا إلى إشكالية آن وعلاقتها بالزمان. كل هذا في دراسة مقارنة مع اتجاهات الفلسفية والكلامية الأخرى، أما المبحث الثالث فتطرقنا إلى الزمان بمفهومه الميتافيزيقي والفيزيقي.

10ـ يس عماري (كليّة العلوم الإنسانيّة والإجتماعيّة، تونس)، نظريّة الكندي في دفع الأحزان وتطوّراتها لدى اللاّحقين
لا يخلو الجانب الأخلاقي في فلسفة الكندي من أهميّة بالغة تمكّن الإنسان من بلوغ اللذّة الحقيقيّة وتحصيل السعادة، المتمثّلة أساسا في بلوغ النفس لكمالها. وفي هذا السياق سنركّز أساسا على تحديد معاني الحزن بما هو ألم نفسي يعرض « لفقد محبوب أو لفوت مطلوب » كما يقول الكندي في رسالة في الحيلة لدفع الأحزان. إنّ تحديد الحزن ومعرفة أسبابه تكفل لنا في نظر الكندي بلوغ الطرق التي تمكّننا من الشفاء منه ودفعه، هذا إضافة إلى أنّ هذه التحديدات ترسم الخطوط الفاصلة بين الحالات التي يُعذر فيها الحزن والحالات التي يكون فيها الحزن دلالة جهل بطبيعة الأشياء الحقيقيّة. ذلك أنّ فقدان النفس لما اقتنته من خيرات نفسانيّة هو ما يكون لنا العذر في الحزن عليه، أمّا المقتنيات التي يشارك فيها الإنسان غيره من الناس فلا عذر له في الحزن على فقدانها، لأنّ الإنسان ليس أحقّ ببقائها عنده من غيره بفقدانها. إنّ المتأمّل في هذه الرسالة يتبيّن على سبيل الذكر لا الحصر أنّ الموت الذي يُظنّ أردأ الأشياء وأكثرها حزنا، فإنّه في حقيقة الأمر ليس كذلك، إذ بؤكّد الكندي أنّ الموت ليس رديء بذاته بما هو تمام الطباع. لن نقتصر في هذه المداخلة على تبيّن أهمّ دلالات الأحزان عند الكندي وكيفيّة دفعها وبالتالي تحصيل السعادة، بل سنحاول  البحث في تطورات نظريّة الكندي لدى بعض اللاّحقين لاسيما في رسالة في دفع الغمّ عن الموت المنسوبة إلى ابن سينا، عاملين في الوقت نفسه على تبيّن أثر الكندي في الفلسفة اللاّحقة، إذ يعدّ الموت عند ابن سينا دلالة عناية ربّانيّة، لولاه لساءت أحوال الناس. ولمّا كان الموت بهذا المعنى خير، فإنّ الأسباب المؤديّة إليه تعدّ كذلك خير.

11ـ ابراهيم بورشاشن (أكاديمية مكناس)، هل كان الكندي أرسطيّا؟
12ـ حسن المنوزي (كلية الآداب، مكناس)، سؤال الميتافيزيقا عند الكندي
لقد تمّ تقديم الكندي في صورة حاملة لتناقض عميق يستفزّ مؤرخي الفلسفة العربية الإسلامية ومحققي نصوصها في الوقت الراهن وهي عموما عن صورة لهوية مطعونة بالكامل وصورة لهوية ريادية وتأسيسية. وفي  جميع الحالات، كان  المصير الفلسفي للكندي هو التجاهل والصمت والنسيان. من جهتي، أتوخّى في هذه المداخلة الكشف عن سؤال الميتافيزيقا عند الكندي من حيث روابطه ودلالاته اعتمادا على نصوص من رسائله الفلسفية، روابطه مع السياسة والعلم والسيكولوجيا والاخلاق والانسان من جهة، ومن جهة أخرى تحديد التوجّه الميتافيزيقي عند الكندي نحو ميتافيزيقا الفاعل والنهاية.

13ـ عمر مبركي (مؤسسّة دار الحديث الحسنية، الرباط)، موقف الكندي من الإلهيات من خلال رسائله الفلسفية
إن الناظر في الرسائل الفلسفية للكندي، يجده قد أولى فيها عناية كبيرة لقضايا الإلهيات. فقد نص على أن الغاية من تأليف هذه الرسائل، هي إقامة الحجة على وجود الله تعالى وبيان ربوبيته بالأدلة العقلية التي تدحض جحود الجاجدين وكفر الكافرين. قال في إحدى رسائله: "فنحن نسأل المطلع على سرائرنا، والعالم اجتهادنا في تثبيت الحجة على ربوبيته، وإيضاح وحدانيته، وذب المعاندين له الكافرين به عن ذلك، بالحجج القامعة لكفرهم والهاملة لسجوف فضائحهم المخبرة عن عورات نحلهم المردية..". ويهدف هذا البحث إلى الكشف عن موقف الكندي من بعض القضايا المتعلقة بالإلهيات، كمنهجه في إثبات وجود الله تعالى ووحدانيته، ومنهجه في الصفات الإلهية، وموقفه من بعض المسائل التي شغلت الفكر الإسلامي – بل والإنساني – ردحا من الزمن كمسألة حدوث العالم أو قدمه..
    
وسأجعل البحث في أربعة مباحث، سأخصص الأول للتفصيل في بعض المقدمات المنهجية التي لا بد منها لفهم الرؤية الكندية للخالق (العدة المفاهيمية)، وسأفرد الثاني للحديث عن مسالك الكندي في إثبات وجود الله تعالى ووحدانيته (دليل الحدوث، دليل التمانع، دليل العناية والنظام...)، وسأجعل الثالث للتنزيهات (نفي الجسمية، نفي المكانية، نفي الشخصية...)، وسأخصص الرابع للصفات الإلهية: (صفة الوحدانية، صفة الرحمة، صفة المخالفة للحوادث، صفة القدرة، صفة القدم...). أما الخاتمة فسأضمنها أهم ما توصل إليه البحث من نتائج وتوصيات.    

14ـ مصطفى العارف (كلية الآداب، المحمدية)، مفهوم الأيس عند الكندي أو تأسيس الأنطولوجيا
يعتبر الكندي فيلسوف العرب أول من أبدع مفهوم الأيس الذي يضاد مفهوم الليس,و الذي يعني النفي أو العدم فيما يعني الأول الوجود أو الكينونة،وقد جاء هذا المفهوم في سياق حديثه عن الشيء"هل يمكن أن يكون علة كون ذاته أم لا يمكن ذلك،فنقول : إنه ليس ممكن أن يكون الشيء علة كون ذاته أعني تكون ذاته مهوية من شيء أو من لاشيء"(الرسائل ص 81)،كما أنه نعت الأزلي "بالأيس" أي الموجود ضرورة أما "الشيء فليس أيسا لأنه نهائي".الشيء إذن كائن عن "ليس" و بالتالي فوجوده معدوم لا محال،أما الأزلي فوجوده "أيس" أي واجب الوجود،و هنا يميز الكندي بين وجودين اثنين : الوجود الأزلي الذي يوجد بذاته و هو "الأيس" و الموجود و الذي يسميه الليس و هو الشيء. و هو بهذا التمييز يؤسس لنظرية فلسفية أنطولوجية تنطلق من مفهوم الوجود أو الكينونة.
سنحاول في هذه الورقة إذن النبش في مفهوم الأيس عند الكندي مستحضرين في ذلك الأطروحة التي تقول بأن فعل الكينونة غائب في اللغة العربية وأن الرابطة est لا وجود لها في لغتنا أو على الأقل مضمرة و بالتالي لايمكن الحديث عن الكينونة في هذه اللغة،فعندما نقول مثلا بالفرنسية :  Adil est un élève أو بالإنجليزية  Adil is a student  أو الألمانية Adil ist ein student فإن الرابطة التي تعبر عن الوجود حاضرة لكن حينما نترجم العبارة إلى العربية تختفي الرابطة أو تضمر،و لمناقشة هذه الأطروحة و بعيدا عن أي مركزية لغوية يمكن أن نقول بأن الكندي كان قد تحدث عن فعل الوجود و هو الأيس و هذا ما تؤكده العبارة العربية القديمة"إيتيني به من الأيس أو الليس" أي ابحث عنه في الوجود أو العدم،و هذا ما سنحاول البحث عنه في فلسفة الكندي الوجودية.