نشرت مجلة "ذي كومون" الأدبية الأميركية لأول مرّة منذ صدورها- مادّة أدبية مُترجمة عن العربيّة هي قصة "سقوط حرّ في مرآة مهشّمة" لهشام البستاني بترجمة إلى الإنجليزية أنجزتها الكاتبة والمترجمة ثريا الريّس، وذلك في عددها الأخير (خريف/شتاء 2013) الذي صدر يوم أمس 28 تشرين الثاني ووزّع في الولايات المتحدة.
وتعتبر مجلة "ذي كومون" الحائزة على عدّة جوائز (مثل جائزة معرض نيويورك للكتاب) واحدة من المجلات الأدبية الأميركية الهامة، وتركز على نشر الآداب التي تعبّر عن إحساس قويّ بالمكان، القادرة على أن تكون محلية وعالمية في آن، والمعبّرة عن اللحظة والمتمكنة من تجاوزها لتكون كتابة مستقبليّة في ذات الوقت. تصدر "ذي كومون" مرّتين في السنة عن جامعة آمهيرست في ولاية ماساشوستس، وهي الجامعة العريقة التي تمتلك تقاليد أدبية راسخة وقدّمت إلى العالم كتاباً كباراً مثل جيمس ميريل وديفيد فوستر والاس، كما تمتلك المجلة موقعاً إلكترونياً (ذي كومون أون لاين) ينشر الشعر والقصة والمقالات الأدبية والمواد السمعية والبصرية والفنون. وتدعم هذه الجهود الأدبية مؤسسة غير ربحية أنشأت خصيصاً لنشر وتوزيع الآداب والفنون هي "مؤسسة ذي كومون"، والتي تحصل على تمويلها من جامعة آمهيرست.
وقالت رئيسة تحرير المجلة ومؤسستها جينيفر إيكر أن هذه "هي المرّة الأولى التي تنشر فيها مجلة ’ذي كومون‘ مادة أدبية لكاتب من العالم العربيّ، وهو أمر يُسعدنا جداً، لأننا نقدّم لقرّائنا كتابة قصصية إبداعية تجديديّة على صعيد البُنية تتضمّن سرداً متداخلاً لم ننشر مثله في السابق، فالقصّة تتشكل من مقاطع متعددة يمكن أن تكوّن كل واحدة منها بحد ذاتها -وبالمعنيين الشعري والبنائي- قصة مستقلة منفردة، لكنها تجتمع في نسق جامع وتوتّر كليّ. الشخصية المركزيّة في القصة هي امرأة تحاول أن تقاوم -عاطفيّاً وسيكولوجيّاً- قيود التقاليد، لكنها تُواجه بقوى تتغلّب عليها. المساحة الذهنية للشخصية واسعة جداً، ويقارب المؤلف معاناتها من عدّة زوايا مختلفة."
وأشارت إيكر إلى أنها تعرّفت إلى أدب هشام البستاني أثناء تدريسها لمجموعة من المساقات المتعلقة بالأدب والكتابة في جامعة نيويورك في أبو ظبي، وسفرها أثناء ذلك إلى بلدان مختلفة في المنطقة كان الأردن أحدها، حيث كتبت بعد تلك الزيارة مقالة عن الأردن للنسخة الإلكترونية من مجلة "ذي كومون" تضمنت عرضاً لقصة "كوابيس المدينة" للبستاني، وهي قصّة تتحدّث عن تحوّلات مدينة عمّان، وسبق أن تُرجمت إلى الإنجليزية واحتفت بها مجلة "ذي سانت آنز ريفيو" الأدبية الأميركية ونشرتها في عدد صيف 2012.
وأضافت إيكر أنها تأمل أن يكون هذا الاحتفاء بتجربة كاتب من العالم العربي فاتحة لمزيد من التعاون لتقديم المزيد من المواد الإبداعية العربية ذات السوية العالية للقراء في الولايات المتحدة والعالم، مشيرة في ذات الوقت إلى أن المجلة تبحث دائماً عن الأعمال المتميّزة ولهذا فإن ما يجد طريقه إلى النشر في "ذي كومون" هو أقل من واحد بالمئة من المواد المقدمة أو المرسلة للنشر.
ويضم العدد الأخير من "ذي كومون" بالإضافة إلى قصة "سقوط حر في مرآة مهشّمة" مجموعة متنوّعة من القصص والقصائد والمقالات، منها فصل من رواية للكاتبة الكينية إيفون أديامبو أووار، وملف أنطولوجي خاص يقدّم الشاعرات الروسيات اللواتي برزن في حقبة ما بعد الاتحاد السوفييتي، وقصصاً للكاتبين الأميريكيين تايلر سايج وميجان ستافيل، إضافة إلى مقال موسّع كتبه الشاعر المعروف دينيس دوهامل عن الشاعرة الأميريكية الكبيرة إليزابيث بيشوب.
يذكر أن قصص هشام البستاني القصيرة بدأت تأخذ اهتماماً على الصعيد العالمي، فقد احتفت مجلة "ذي سانت آنز ريفيو" بقصته "كوابيس المدينة" ضمن قسمها المخصص للأدب المترجم العام الماضي، وأدرجت مجلة "وورلد ليترتشر توداي" (الأدب العالمي اليوم) قصته "التاريخ لا يُصنع على هذه الكنبة" ضمن الملف العالمي المخصص للقصة القصيرة جداً والذي تضمن مختارات قصصية لعشرة كتاب من العالم يبرعون في هذا الفن الأدبي المكثّف، قدّم للملف الناقد الأميركي روبرت شابارد، فيما يتم حالياً ترجمة كتابه "أرى المعنى..." إلى الانجليزية، حيث أبدت اثنتان من دور النشر الأميركية اهتمامهما بنشره، فيما سمّاه موقع "ذي كلتشر ترب" الثقافي البريطاني واحداً من أفضل ستّة كتاب معاصرين في الأردن. وللبستاني ثلاث مجموعات قصصية منشورة هي "عن الحب والموت" (بيروت: دار الفارابي، 2008. بتقديم من: صنع الله إبراهيم)، و"الفوضى الرتيبة للوجود" (بيروت: دار الفارابي، 2010)، و"أرى المعنى..." (بيروت: دار الآداب، 2012)، وستصدر مجموعته الرابعة أوائل العام القادم في القاهرة.