تحول تجمع شبابي لشعراء الجيل الجديد من القصيدة الفلسطينية الحديثة الى محطة بليغة لإعطاء دينامية جديدة لمشهد شعري طالما شكل منبعا لاستلهام هامات شعرية أسهمت في كونية القصيدة العربية، وشكل اللقاء الشبابي محطة أولية لتجمعات قادمة تمكن المتتبعين من اكتشاف أصوات شعرية تغذي القصيدة الفلسطينية بآفاق رحبة..

شعراء فلسطينيون يلتقون "في القصيدة"

رام الله (الأراضي المحتلة) ـ استضاف متحف محمود درويش في رام الله لقاء شعرياً مع الشاعرتين جمانة مصطفى وأسماء عزايزة والشاعر نجوان درويش الشهر الماضي، تحت عنوان "في القصيدة". والأمسية هي الأولى من سلسلة فعاليات شعرية مستقلة بمبادرة من مجموعة من الناشطين الثقافيين بهدف تنظيم فعاليات فلسطينية بمبادرات ذاتية ودون تمويل.

تجمع الأمسية الشعرية الموسومة بـ "في القصيدة" شاعرتين، الأولى من فلسطين المحتلة عام 1948 والثانية مقيمة في عمّان مع شاعر من القدس المحتلة. والشعراء الثلاثة - على ما في قصائدهم من اختلاف في الأسلوب والموضوعات - يمثلون جيلاً شعرياً جديداً في القصيدة الفلسطينية التي ما انفكت تطور أدواتها وتقترح مسارات ومسارب جديدة للتدفق الشعري. وسيرافق الشعراء في الأمسية عازف العود في فرقتي "تراب" و"يلالان" الموسيقي إبراهيم نجم.

قصيدة قدس لنجوان درويش

عندما أُغادركِ أَتحجَّر

وعندما أَعود إليكِ أَتحجَّر أُسمّيكِ ميدوزا

أُسمّيكِ الأُخت الكبرىلِسَدَومَ وعَمورة

أيتها الجرن الصغير الذي أَحرق روما

القتلى يَزْجِلون على التلال

والعصاةُ عاتِبون على رواة قصَّتِهم

وأَنا أَتركُ البحرَ ورائي وأَعود إليك.

تقول الصحفية والناشطة الثقافية رشا حلوة وهي من المبادرين لإقامة فعاليات "في القصيدة": "جاءت الفكرة نتيجة لشعورنا المستمر بالحاجة إلى تواصل ثقافي في كل فلسطين الممزقة بفعل الاحتلال وأيضاً مع أرض اللجوء وهو ما تجسده هذه الأمسية واختيار الشعراء. ما نريد إيصاله من خلال هذا اللقاء هو أننا نستطيع أن نتواصل فلسطينياً دون تمويل وأن الثقافة بحاجة إلى مبادرات فردية وجماعية للحفاظ على التواصل الثقافي الفلسطيني. وفوق كل شيء فإن هذه فرصة لكي يلتقي الجمهور الفلسطيني مع ثلاثة من الأصوات الشعرية المميزة.

فهذا هو اللقاء الأول للشاعرة جمانة مصطفى مع الجمهور الفلسطيني، كما أنها فرصة للاستماع إلى الشاعر نجوان درويش والشاعرة أسماء عزايزة، والأهم سماع هذه الأصوات متجاورة مع موسيقي متميز هو إبراهيم نجم". وتضيف رشا حلوة: "أثارت الأمسية اهتماماً على مواقع التواصل الاجتماعي ويجري التنسيق حالياً لإقامة أمسية أخرى للشعراء الثلاثة، استجابة للإقبال"

أصوات جديدة

تسعى الأسماء الشعرية الفلسطينية الجديدة إلى نقض ما يقال من تراجع الشعر الفلسطيني وضمور حضوره ضمن المشهد الشعري العربي.

حيث لا نعدم ظهور قصائد لهؤلاء الشعراء الجدد تقدّم صورا جمالية نابذة للمألوف وتدفع باتجاه خروج القصيدة الفلسطينية من سجن الخانات الوطنية والقومية التي لم تبرحها طيلة الخمسين سنة الماضية إلا مع آخر نصوص محمود درويش، إلى فضاءات الإنسان والجمال. ومن هؤلاء الشعراء نذكر:

جمانة مصطفى شاعرة فلسطينة من مواليد الكويت 1977 وتعيش في عمّان، صدرت لها ثلاث مجموعات شعرية هي "غبطة برّية" عن دار الفارابي 2007، "عشرُ نساء" عن المؤسسة العربية للداراسات والنشر 2009، و"لن أقول ما رأيت" عن دار الأهلية 2012، تُرجمت قصائدها إلى الإنكليزية والفرنسية وصدرت لها مختارات باللغة الإيطالية بعنوان "أتعثر كلما مشيت على مهل".

قصيدة جمانة مصطفى

من القفص المكسور تزحف فراشة بجناح واحد

كتب عليه نصف الحرية

من الساعة المكسورة تخرج غولة الوقت

وبالوقت يقاس الندم

وأكون من أسياده

وسيظهرُ الندم في حبة العرق تنزل

من أعلى العنق إلى أسفل الظهر

وفي أول مرة ترتجف يدُكِ وهي تضعُ الكحل

وفي أحزان قصيرة وقاسية.

شاركت في أكثر من 20 مهرجانا في العالم العربي وأوروبا. أسست مهرجانا شعريا سنويا في العام 2011 في عمّان بعنوان "شعر في مسرح" يقوم على فكرة الاحتفاء بالشاعر في أجواء سينوغرافية مستوحاة من القصائد مع مشاركة موسيقية تؤلف خصيصا للقصيدة. تعمل كصحفية في مجال الإعلام التلفزيوني.

نجوان درويش شاعر من مواليد القدس، أصدر أولى مجموعاته الشعرية عام 2000، وعلى مدار عقد ونصف العقد توالت إصداراته الشعرية وكتاباته الصحفية والنقدية، وآخر ما سيصدر له كتاب مختارات شعرية بالإنكليزية عن دار "نيويورك ريفيو بوكس" ضمن سلسلة المختارات الشعرية التي تصدرها دار النشر المرموقة. شارك في تأسيس وتنفيذ مجموعة من المشاريع الثقافية الفلسطينية في فلسطين وخارجها، وهو المستشار الأدبي لاحتفالية فلسطين للأدب – "بالفست".

يعمل في مجالات الترجمة والنشر والإدارة الثقافية والإنتاج الفني، كما عمل في الصحافة الثقافية والتحرير وهو من كتّاب القسم الثقافي لجريدة الأخبار الللبنانية منذ تأسيسها عام 2006.

قصيدة خان الجزّار لأسماء عزايزة

حيثما أطلَّ رأس الظاهر إلى الميناء

حيثما أراح القوافلَ من العطش

سيطلُّ بعد قليلٍ

رأس الحارس الذي يأكل كُتب التاريخ

وقرونها المملَّحة.

أسماء عزايزة، من مواليد قرية دبورية في شمال فلسطين عام 1985. حاصلة على بكالوريوس في الإعلام واللغة الإنكليزية من جامعة حيفا عام 2006. صدرت لها مجموعة شعرية بعنوان "ليوا"، والحاصلة على جائزة مؤسسة عبد المحسن القطان للكاتب الشاب في مجال الشعر.

لديها مشاركات في أنطولوجيات ومجلات ومهرجانات شعرية وأدبية، أيضًا. ترجمت قصائدها إلى الإنكليزية والألمانية والسويدية والفارسية والهولندية والفرنسية والإيطالية.

عملت منذ عام 2003 في مجالات الصحافة المكتوبة كمراسلة ومحررة، والصحافة المسموعة والمرئية، كمعدة ومقدمة برامج وأخبار.

تعمل حاليًا كمقدمة لبرنامج "عبر الخط الأخضر" وبرنامج "عن قرب" (فضائية فلسطين). وكمنسقة برامج ثقافية في مشروع "الورشة- مساحة فنية" في حيفا.

إبراهيم نجم، موسيقي فلسطيني درس العزف على آلتي العود والكونتراباص بمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى. يعزف مع عدة فرق موسيقية محلية منها فرقة يلالان وتراب.

عزف إبراهيم نجم مع أوركسترا فلسطين للشباب من العام 2004 حتى عام 2009. وله العديد من المشاركات في مهرجانات موسيقية وفعاليات فلسطينية وعالمية.