يقدم هذا التقرير المفصل تفاصيل الدخول المسرحي الجديد في المغرب، بحجم الرهانات والانتظارات والتي ظل المسرحيون المغاربة ينادون بها دون كلل. وضمن استراتيجية الوزارة الوصية نتعرف على ملامح وجديد تأهيل المسرح المغربي وبعضا من تفاصيل البرنامج السنوي وخريطة الفرجات المسرحية وبعضا من جديد الدعم..

الموسم المسرحي الجديد في المغرب

انطلق الموسم المسرحي الجديد في المغرب عشية الجمعة الماضية بتقديم عروض مسرحية للكبار والصغار وتكريم فنانين مسرحيين وتوقيع إصدار مسرحي جديد، بالإضافة إلى تنظيم معرض حول ذاكرة المسرح المغربي. وأشرف وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي على حفل الافتتاح في المسرح الوطني ‘محمد الخامس بالرباط، بحضور مجموعة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين وعموم الجمهور.

وشهدت الجلسة الافتتاحية تنظيم لقاء حول كتاب "دليل المسرح المغربي" للباحث أحمد مسعية (المدير الأسبق للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي)، حيث قدم الباحث والمخرج المسرحي عصام اليوسفي ورقة أثنى فيها على البعد التوثيقي لهذا العمل الصادر في طبعتين إحداهما بالعربية والثانية بالفرنسية، كما أوضح أن كتاب الدكتور مسعية يؤرخ للعديد من الفرق المسرحية منذ حصول المغرب على الاستقلال أواسط الخمسينيات، حتى سنة 2006. ومن جهته، أشار وزير الثقافة المغربي إلى أن وزارته حرصت على تبني هذا الكتاب باعتباره ذخيرة أساسية لكل باحث ومهتم بالمسرح المغربي. أما مؤلف الكتاب فأكد أن هذا العمل خطوة أولى يمكن أن تتلوها خطوات أخرى لتدارك ما قد يكون اعترى المؤلَّف من نقائص، وذلك في أفق إعداد موسوعة شاملة ومتكاملة عن المسرح المغربي، وأثنى بهذا الخصوص على المساعدات التي قدمها له أثناء إعداد الكتاب كل من الفنان المسرحي الراحل أحمد الطيب العلج والفنان المسرحي الطيب الصديقي والأستاذ عبد الحق أفندي (مدير الفنون بوزارة الثقافة، حينما كان رئيسا لقسم المسرح}.

على صعيد آخر، أقيم حفل تكريم الممثلة رشيدة الحراق والممثل عزيز موهوب، حيث تحدث الفنان محمد حسن الجندي عن مسار الفنانة رشيدة الحراق كممثلة إذاعية متمكنة في نهاية الستينات في ظروف لم يكن المناخ العام داخل فرقة الإذاعة يساعد على إضافة عناصر نسائية. وعاد بالذاكرة إلى موعده مع رشيدة الحراق بمقر الإذاعة رفقة اثنين من خيرة التقنيين هما محمد المراكشي وعلي الوزاني ‘وفي الموعد المحدد أقبلت هذه الموهبة يرافقها والدها، وإذا بها فتاة رشيقة القد، أنيقة المظهر، باسمة المحيى، يفضح احمرار وجنتيها خجل اللحظة، وينبئ بما ألم بها من خوف الميكروفون، اهتزاز الأوراق بين كفيها وهي تؤدي دور منية النفوس الذي أحسنت فهمه وأتقنت أداءه، لتعلن في تلك اللحظة بجدارة واستحقاق ميلاد ممثلة قوية تتوفر فيها كل شروط النجاح وراء المذياع وعلى خشبة المسرح وأمام الكاميرا والتلفزيون اسمها رشيدة الحراق".

وبعد أن أشاد بها وبعملها داخل فرقة المعمورة خاصة مسرحيتها الناجحة "الشرع عطانا أربعة" وأشاد أيضا بصوتها الجميل في الغناء، عرج على حياتها الشخصية منوها بكونها كانت الزوجة المخلصة للممثل والمؤلف والمثقف محمد أحمد البصري رحمه الله، قاسمته ألم الجحود والنسيان اللذان تعرض لهما إنتاجه داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، التي منحها أكثر من أربعين سنة من جهده وعطائه. وختم الجندي كلمته بمطالبة وزارة الثقافة إعادة طبع إنتاج محمد أحمد البصري وجعله في متناول القراء والمسرحيين والباحثين.

ومن جهة أخرى، اعتبر الفنان الكوميدي محمد الجم (في كلمته التي ألقتها بالنيابة عنه الممثلة سعاد خيي) أن المحتفى به الثاني، الفنان عزيز موهوب، تألق نجمه كواحد من أبرز صناع الفرجة داخل فرقة المعمورة المسرحية، وتميز كممثل بارع متمكن في العديد من الأدوار الخالدة ومن ثمة استمرت عطاءاته وإبداعاته.  وأضاف الجم أن عزيز موهوب اسم كبير داخل فرقة المسرح الوطني الذي "أتشرف شخصيا أن أكون أحد أعضائها، وفخور لكوني اشتغلت جنبا إلى جنب مع هذا العَلم المسرحي مشيرا إلى أن عزيز موهوب "موهوب فعلا ومحبوب أيضا شخص طيب سموح لبيب نصوح متعدد المكارم واضح المعالم وأيضا صارم حازم لا يخشى في مواقفه لومة لائم".

الجدير بالذكر أن الفنانة رشيدة الحراق تألقت في عدة أعمال ومسلسلات إذاعية وتلفزية منها "ذئاب لا تموت" و"رياض المعطي" و"راضية" و"العقاب" و"سر الانتقام" و"بنات للا منانة"… أما الفنان عزيز موهوب المتخرج من مدرسة التمثيل سنة 1962، فقد تألق في العديد من الأعمال منها، ‘أوراق على الرصيف’ و’عينك ميزانك’ و’بيت بلا مشاكل’ و’نهاية قبل الوقت’ و’الساس و’شجرة الزاوية’ و’خط الرجعة’.

وفي مبادرة تشجيعية وفريدة من نوعها، تم الاحتفاء بأربعة شباب من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي المتفوقين، وهم يوسف أهمو وسعيد الهراسي وبوشعيب السماك وإلياس الرويشات، وذلك بتقديم شهادات تقديرية لكل واحد منهم.

الرفع من قيمة دعم المسرح

وكان وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي قد ألقى كلمة بالمناسبة، أعلن فيها عن رفع قدر غلاف دعم المشاريع المسرحية ابتداء من 2014 ليصبح 10 ملايين درهم {دولار أمريكي واحد يساوي حوالي ثمانية دراهم مغربية}، بعد أن كان 5 ملايين درهم سنة 2011، و6 ملايين درهم في موسم 2012 – 2013، هذا إضافة إلى دعم الوزارة عبر المسرح الوطني محمد الخامس يقدر بـ4 ملايين درهم، مشيرا إلى عرض هذا المقترح على شركاء الوزارة المهنيين خلال تشرين الثاني (نوفمبر) حتى تتمكن من إطلاق ترشيح المشاريع في مطلع كانون الأول (ديسمبر}.

وأشاد بالعمل الذي تقوم به لجنة الدعم المسرحي برئاسة الأستاذ أحمد بدري والتي أنهت المرحلة الأولى من عملها لموسم 2013-2014 باختيار اثنين وأربعين عملا مسرحيا من أصل 95 سطرت لها برنامجا للمعاينة بكل من الحسيمة وتطوان وتزنيت ومراكش والدار البيضاء والرباط، وهو برنامج سيجنب عددا من الفرق مشاكل التنقل وسيضمن الحضور الواسع لأعضاء اللجنة ويكرس مصداقية اختياراتها، وسيمتد هذا البرنامج من 22 نوفمبر 2013 إلى غاية 16 يناير 2014، ليعلن عن النتائج في أواخر شهر يناير.

وقال إنه باعتبار أن المنظومة المسرحية عملية متكاملة لا تشمل الإبداع وحده، بل يعتبر الترويج من أهم ركائزها فإن برنامج الترويج لهذا الموسم سيوزع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2013 إلى أكتوبر 2014 عبر مرحلتين، تبدأ الأولى من أكتوبر 2013 إلى يناير 2014 تروج خلالها حوالي مائة عرض مسرحي مدعم خلال الموسم السابق من طرف الوزارة والمسرح الوطني محمد الخامس، وتوزع على المسارح التابعة للوزارة بمختلف الأقاليم والثانية من شباط (فبراير) إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2014، ومن المرتقب أن تهم ترويج ما بين 400 إلى 500 عرض مسرحي مدعم عبر مختلف الأقاليم.

وبخصوص التكوين، قال الوزير إن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذي تشرف عليه الوزارة، سيحظى سنة 2014 بالرفع من الاعتمادات المخصصة لإنجاز مختلف البرامج التي سطرتها المؤسسة مع الاهتمام بالجانب الاجتماعي للطالبات والطلبة، معربا عن تهانيه للفوج المتخرج هذا السنة.

كما أعلن أن جديد الموسم المسرحي الجديد هو افتتاح مجموعة من المسارح بعدد من المدن كمشرع بلقصيري وبني ملال وآيت ملول والفنيدق وتازة والمضيق ولفقيه بن صالح وكلميم وآسفي لتنضاف إلى المسارح الوطنية.

وقدم المقاربة الجديدة فيما يخص الدعم المسرحي والتي ترتكز على دعم كل مكونات المنظومة المسرحية عبر طلب دعم ترشيح مشاريع حسب المجالات كالإبداع المسرحي والكتابة المسرحية والبحث المسرحي والإقامة الفنية للفرق والمبدعين وإحداث وتقوية آليات الوساطة والترويج (المقولات الفنية، وكالات الخدمات الفنية..) والمشاركة في المهرجانات المسرحية وتنظيم المهرجانات والجولات المسرحية وتكوين وتنمية قدرات الفنانين والمهنيين في مجال المسرح والإبداع في مجال فنون الشارع وترويجها.

بعد ذلك تم عرض مسرحية "دموع بالكحل"  لفرقة مسرح أنفاس، والحاصلة على الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح لمكناس، وهي من إخراج أسماء هوري، وتأليف عصام اليوسفي وسينوغرافيا وإضاءة عبد المجيد الهواس والتأليف الموسيقي رشيد برومي والمحافظة التقنية صلاح الدين بنعبد السلام والملابس بدرية الحساني والتشخيص لكل من هاجر كريكع ومحمد الحر ووسيلة صابحي وزينب الناجم.

وتواصل نشاط افتتاح الموسم المسرحي في كل من فضاءات با حنيني ومسرح محمد الخامس، وذلك بعرض أربع مسرحيات: ‘مرمي غنبدا سنيت’ (امتى نبداو بالصح) لفرقة أزول للثقافة الفنون و’فرانك عازنين مثل فرانك أنشطاين’ لفرقة الفانوس و’العساس لفرقة إيسيل و’أو سويفان’ لفرقة فضاء اللواء للإبداع.