ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي. الدورة السادسة و التي عقدت في الشارقة، عقد المؤتمر الفكري و الذي تضمن المحاور التالية :
· المسرح و الهويات الثقافية.
· الريادة في تأليف النص المسرحي العربي.
· نقد التجربة – همزة وصل. المسرح الإماراتي.
تجارب في التأليف و الإخراج و التمثيل، و الهياكل المسرحية.
أولاً : المسرح و الهويات الثقافية
و بحضور وازن من المسرحيين و المفكرين المشاركين في المهرجان، تداول المؤتمرون الأبحاث و الأوراق ، بحيوية و جدية، أعطت المؤتمر على مدى أيامه الثلاثة توهجاً و مستوىً في الفكر و الحوار و المناظرة، و يمكن أن نلخص هذا فما يلي:
· اتسم المؤتمر بغنى الأصوات و تعدد اللغات، بمشاركة المؤتمرين من الفلبين و بنغلايش و أوغندا، و المملكة المتحدة إضافة إلى الباحثين الأجلاء من الوطن العربي.
· اكتسب سؤال الهوية (القديم الجديد) أهمية في طرحه لناحية تعرض الهويات إلى التآكل و الذوبان في العولمة التي يحتاج التفاعل الإيجابي فيها، وضوحاً أعلى لمفهوم الهوية الخاصة.
· إن ثبات مفهوم الهوية الحضارية و تحرك مضمونها، يجعل من طرح السؤال فيها شأناً يزاد أهمية في ظروف تعصف فيها رياح التغيير .
· يشكل التناسج الحضاري حالة من حالات إعادة الإنتاج لمحتوى الهوية في المسرح.
· تبرز الحضارة كحاضن أساس لتشكل مفهوم الهوية التي لا ينتجها الأفراد، إنما هي نتاج حضارة جماعية.
· يقف الأفراد المبدعون في مقدمة عوامل التأثير في الهوية ، إذ يمتلكون التأثير و التكثيف و العبور الزمكاني لتتجاور من خلالهم المعارف الإنسانية.
· تتقدم الدراما الشعبية للمقدمة حين يطرح سؤال الهوية.
· التعصب العنصري و الطائفي و الكراهية تعمل ضد مفهوم الهوية و تشكل خطورة عليها..
· لتشكل الهوية لا بد من الحوار، و للحوار لا بد من تحديد عقلاني، و العقلانية لا بد لها من فهم الذات من أجل فهم الآخر، و فهم الآخر لا بد له من احترام حقوقه،و هذا كله مدعاة للتعاون، و هذه كلها مجتمعة تأتيك بالمسرح و يأتيك المسرح بها.
· اننا الآن وفي ظل الأوضاع المضطربة أحوج ما نكون إلى ثقافة الحوار.
· يشكل الحوار اللحظة الأنسب، و النقطة الأقرب للحسم فيما يختلف عليه،و الارتقاء نحو سدة الحقيقة. و الحقيقة تاريخ و جغرافيا و إنسان، و الحقيقة من مظاهر الحضارة إذ تحترم، و هي التي يسعى إلى بخنها المسرح بكل جرأة.
· يمكن للمسرح أن يكون المقياس و المسبار، لتحقق الهوية، فالمسرح استكناه و استبصار ، استذكار و اختبار، و هو القادر على أن يخترق و يجمع الأزمان، و يرحل في البلدان دون أن يبرح مكانه، و هو القادر على أن يصوغ شخصية الخطاب، إنه حوار.
· الإنصاتِ الجيد، فالإنصات باب من أبواب المعرفة الحقة، فبالإنصات إلى صوت الواقع المعاش، و قراءة الذات، ومعرفة الذات، سيدة المعارف، وبوابة لمعرفة الآخر
· يجب الاعتناء بالهويات كافة، وجوداً و. حماية، و اقتراباً، و تناسجاً، نحو تحقيق هوية أشمل لللإنسان. فكلما علت العين المبصرة المشهد، تضاءلت المسافة الفاصلة بين الكائنات بين بعضها حد التلاشي، و الفاصلة بين الأماكن حد التماهي. بينما تتسع المسافة و الهوة كلما انخفضت تلك العين، ويبلغ البون و البين أقصاه حين تصبح هذه العين عند نقطة الصفر، و من هنا نجد المسرح كلي الرؤية، ممعناً في التفاصيل،مذهبه الحوار، دون اعتداء أو الغاء أو إقصاء.
أما بعد..
دشن هذا المنبر .. فليبق مفتوحاً كمنبر دائم للحوار و المناظرة، ثابتاً مثل مفهوم الحرية ، متحرك العناوين.
ثانياً
نقد التجربة - همزة وصل. المسرح الإماراتي
لا يجد المتتبع للمشهد المسرحي في دولة الإمارات العربية المتحدة، صعوبة في قراءة تفاصيل هذا المشهد، الذي تميزه:
- توفر الحركة الثقافية بشكل عام و المسرحية بشكل خاص على وجود الاهتمام الرسمي، المتمثل بوجود هيئات وطنية للثقافة.
- توفر الحركة المسرحية على هياكل مسرحية رسمية ، و غير رسمية تتمثل بالجمعيات و الفرق المحترفة. ففي كل إمارة هيئة أو دائرة للثقافة بينما يصل عدد الجمعيات و الفرق المسرحية 18 .
- توافر الحركة المسرحية على هياكل تعنى بالمسرح لكافة الفئات العمرية، الطقل، المدرسي، الجامعي، الشباب، الكشفي، و هذا يجعل المسرح في متناول الإنسان الإماراتي في كل المراحل.
- انعقاد تسعة مهرجانات سنوياً للمسرح، طفل ، مدرسي، جامعي، شباب، محترفون، كشفي، قصيرة، مونودراما، إضافة إلى مهرجان الشارقة الخليجي الذي سنطلق هذا العام.
- توافر المسرح في الإمارات على فرصة سانحة تتمثل بوجود رجل مسرح على سدة الحكم و القرار، الأمر الذي وفر مناخاً حيوياً للانطلاق و للصعود و الانتشار.
- يسجل لهذه التجارب الهيكلية استفادتها من التنوع الاجتماعي المتوفر في الدولة.
- يسجل على التجارب التي تم تناولها سواء شخصية أو هيكلية عيب موسميتها، أي أن ضمانة عملها هو استمرار المواسم، فيما لا تشكل هي الضمانة و الدافع لاستمرار المواسم، و هذه نقطة يجب الإلتفات إليها.
- يسجل على هذه التجارب و الهياكل انبتاتها البيني،فهي تعمل في مكان واحد و زمن واحد، دون التنسيق فيما بينها، و غيابه يجعل النتيجة تتحوصل في حيزها، و لا تجد مصدرها بالأخر السابق و لا امتدادها بالآخر التالي، إلا بالقدر الذي تحققه الجهود الفردية.
- يمكن لهذه التجارب و الهياكل الاستفادة الأعلى من التنوع الثقافي المتوفر في بنية المجتمع في الدولة،و التي شكلت حاضنة هامة للبشر من كل جنسيات العالم، و مثلما حملوا معهم طعامهم و مفردات كلامهم و موسيقاهم، و صار لذلك مطاعم و مدارس ، أن يتم التخطيط للإدماج و التناسج، بشكل لا يعتدي على الهوية الوطنية، على أن لا يكون الحرص عليها دافعاً للانعزال.
- إن التجارب الفردية و الهيكلية بحاجة إلى التدوين و التوثيق، كما هي بحاجة أعلى للنقد، و يمكن اعتبار هذه الندوة خطوة أولى ، تتبعها مواعيد مستمرة تحت ذات العنوان، لاستكمال نقد التجربة – همزة وصل.
- إن السعي لإنجاز استرتتيجية المسرح الإماراتي، بشراكة تامة بين القطاعين الأهلي و الرسمي، يكتسب أهمية خاصة، إذ يأمل منها و فيها أن تنقل المسرح إلى مستوى متقدم من الهيكلة و التنظيم و الانتاج و الترويج ، حيث تنتفي إمكانية الإنعكاس و الانتكاس، وصمن التعامل مع المسرح كمكون أساس من مكونات الهوية الوطنية.