نظم نادي القلم المغربي، بشراكة مع فرع اتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء، بفضاء الحرية بعين الشق عشية يوم السبت 8 فبراير 2014 ورشة للنقاش والتداول حول قضايا ملحة تهم مشاكل النشر والقراءة والوضع الاعتباري للكاتب بالمغرب على هامش الوقفة التضامنية لمجموعة من المثقفين المغاربة مع الناشرين السوريين الذين لن يتمكنوا من المشاركة في الدورة العشرين من معرض الدار البيضاء للكتاب فبراير 2014، وقد كان هذا اللقاء مناسبة للتأمل والحوار وإعطاء الانطلاق للانخراط الجماعي نقاش مسؤول .
وقد ترأس هذا اللقاء شعيب حليفي، رئيس نادي القلم المغربي، الذي قدم ورقة بمثابة أرضية لتأطير مجال النقاش، وانطلق من تساؤل هل للناشر المغربي حس وطني؟ وهل لدينا ناشر تهمّه الثقافة كما نفهمها وليس الحس التجاري الصرف ، بالإضافة إلى غياب عقد نموذجي واضح يحفظ حقول المؤلفين ويحميهم من تلاعبات البعض . ودعا إلى ضرورة التفكير في تقنين مجال التعاقدات وعدم تركها سائبة بالشكل التي هي عليه اليوم ، وألمح إلى ارتباط ذلك بغياب سياسة ثقافية تحتر الكاتب والكتابة ، بالإضافة إلى غياب موقف موحد لدى المثقفين، مؤكدا أنه على الرغم من استفادة الناشرين من دعم الدولة لسنوات فإن الخاسر الاكبر هو الثقافة والمثقف الذين كانوا وما زالوا عرضة لكل أشكال الحيف.
كما طرح شعيب حليفي مشكلة التوزيع التي يجد فيها الكاتب الكثير من العراقيل. ودعا إلى ضرورة التفكير في حوار من أجل إيجاد أجوبة دقيقة حول الكتاب ورواجه، وطالب برفع سومة الدعم وأن يعطى لخبراء الثقافة الممثلين لكل المثقفين، وفق شروط واضحة لدعم الكاتب المغربي. وان تنبني علاقة الناشر بالكاتب على ميثاق يحترم الوضع الاعتباري للكاتب، مع احترام القواعد العلمية للنشر.كما تطرق إلى وضعية عدد من الأدباء في عدد من المناطق النائية وضرورة البحث لهم عن صيغ لاستقرار أحسن .
واقترح في نهاية كلمته إلى عقد اجتماعات موسعة بين مختلف الجمعيات يعمل بها الكتاب المغاربة وتهتم به في مجموع المغرب للتفكير في قضايا الكتاب والنشر ووضع المثقف والثقافة.
وبعده تدخل عبد الحميد الغرباوي (كاتب فرع اتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء ) مشددا على ضرورة إعادة النظر في مفهوم المثقف، وعن تردي أوضاعه يحمل المسؤولية للكتاب الذين يخضعون لبعض الممارسات الاستغلالية لبعض الناشرين، وتساءل عن دور بعض الجمعيات المهمة في المغرب ، وعن قدرة الجمعيات الثقافية على الدخول في هذا الحراك وإنجاحه خصوصا وأنها تتلقى الدعم المالي من الوزارة الوصية . وشدد على ضرورة وضوح رؤية هذا الحراك، الذي يقتضي الانفتاح على العديد من الجمعيات.
وأكد لحسن حمامة (ناقد ومترجم)على أهمية دور النشر العربية والتي تتمثل في أنها فتحت المجال للباحثين والكتاب المغاربة وساهمت في ظهور مجموعة منهم ممن كانوا في الظل. ومن هنا تأتي ضرورة التضامن مع الناشرين السوريين لدورهم في تشجيع الكثير من الكتاب المغاربة، كما كان لهم الفضل في انفتاح الكثير من الكتاب المغاربة على الجوائز العربية. وشدد على بعض العيوب التي تنخر الثقافة المغربية كعقلية الولاء وعقلية الناشر التي توجهها دوافع تجارية. وأكد في الأخير على أن الكاتب ثروة وطنية علينا أن نعمل على دعمها والمحافظة عليها.
وأشار محمد عرش (شاعر) إلى تراجع وتقلص دعم السياسي للمثقف والكاتب، وأبرز الدور السلبي للإعلام الذي لا يعطي أهمية للثقافة والمثقف المغربيين، كما وقف عند سوء التدبير الثقافي للوزارة، وبشكل خاص لجان المعرض التي تسقط في النمطية والتكرار. ودعا إلى تشكيل لجان مواطنة ممثلة من كل الجهات كمخاطب لوزارة الثقافة في كل القضايا التي تهم الشأن الثقافي بالمغرب. وتساءل يوسف يوسف بورة (رئيس جمعية الكتبيين) عن الفرق بين الناشرين المغاربة والمشارقة ولفت الانتباه إلى نوعية الناشرين العرب وحسهم الثقافي وكيف يعملون على خدمة الثقافة المغربية أكثر من الناشرين المغاربة، ومن هنا تأتي ضرورة التضامن معهم.
وأكد المعاشي الشريشي (فاعل جمعوي) أن الموضوع يتطلب تدخل عدة أطراف وأغلبها معرقل، وتساءل لماذا لا يمكن للمغرب أن يكون محتضننا لهؤلاء الناشرين؟ ودعا إلى إنشاء تنسيقية بين الفاعلين الجمعويين في مجال الثقافة لتوحيد التصورات. ودعا إلى طرق أبواب أخرى غير وزارة الثقافة كالأبناك لدعم النشر. وتخصيص الجامعات لميزانية لدعم الكتاب المغربي. وتساءل لماذا لا تدعم بعض الجمعيات التي تحصل على الدعم مسالة النشر وتحتضن مجموعة من الكتاب؟
واقترحت مليكة عسال(كاتبة وفاعلة جمعوية) تنظيم وقفة احتجاجية في واحد من أيام المعرض مصحوبة بلافتة معبرة عن مطالبنا، ودعت إلى اجتماع شهري لتدارس قضايا الثقافة ووضع الكتاب والكاتب المغربي. ودعا طارق كعدي (قارئ) إلى ضرورة الاهتمام بالقارئ والبحث عن صيغة لدعم الكاتب ماديا ومعنويا وضرورة تشجيع القراءة.
وفي الأخير أكد شعيب حليفي على ضرورة تدقيق أسئلة الثقافة المغربية وتفعيل أفكار هذا النقاش واستتباعه بنقاشات أخرى مثمرة تنفتح على هيئات جمعوية أخرى داخل البيضاء وخارجها.