حاوره: حاتم جوعيه
الموسيقارُ والفنانُ الوطني الأستاذ " فوزي السعدي " من سكان مدينةِ الناصرة، يعتبرُ من المطربين والفنانين الفلسطينيِّين الملتزمين الأوائل في البلاد وخارجها وهو مِمَّن ساهموا وأثروا السَّاحة َالفنيَّة َ المحليَّة باللون والطابع الفني الوطني الملتزم وكان لهُ دورٌ طليعيٌّ ورائدٌ في تطوير الأغنيةِ الفلسطينيَّةِ الملتزمة... كرَّسَ فوزي السعدي حياتهُ منذ نعومةِ أظفارهِ لخدمةِ قضايا شعبِهِ الفلسطيني وأمَّتهِ العربيَّةِ عن طريق الفنِّ والغناء... لحَّنَ وغنَّى بصوتِهِ الكثيرَ من الأغاني الرَّائعةِ والراقيةِ التي تضاهي في مستواها وجماليَّتها وروعتِها ألحانَ كبار الموسيقيِّين في العالم العربي.. شاركَ في العديدِ من المهرجاناتِ والأمسياتِ الفنيَّة محليًّا وخارج البلاد.. ولحَّن أيضا لغيره.. للعديدِ من المطرباتِ والمطربين المحليِّين... يواصلُ الفنانُ النصراوي فوزي السعدي مشوارَهُ مع التلحين وغناء الأغنية الفلسطينيَّة المنبثقة من ترابِ الجليل والمثلثِ والنقب، والمُعبِّرة عن هموم وجراح ومآسي أهل هذا الوطن، فمنذ خطواتهِ الأولى في هذا المجال الغنائي (( الذي تمثَّلَ عبرَ عملِهِ في " مغناة الجليل " التي قدَّمَهَا سنة 1975 بالتعاون مع نادي بيت ساحور النسائي وضمَّنها قصائد لشعراء فلسطينيِّين منهم: فدوى طوقان، سميح القاسم، علي الخليلي، توفيق زياد وسيمون عيلوط، قام بغنائها نخبة ٌ من مطربينا نذكر منهم بالإضافة إلى فوزي السَّعدي نفسه: مصطفى دحلة، أمل مرقص، شاديه حامد، بشاره قرواني وغيرهم )) رَسَّخَ أقدامَهُ فنيًّا في اللون الملتزم وكوَّن لنفسه اسمًا وصيتا وحققَ شهرة واسعة ً محلِّيًّا وخارجَ الوطن...
يعملُ اليوم على وضع اللمساتِ الأخيرةِ لألبومِهِ الغنائيِّ الجديد: " لحن الأوتار " ويشمل أغنيات من قصائد محمود درويش، فوزي عبد الله، سيمون عيلوطي، علي الصِّح، جريس عيد، فداء سرور ومنى ظاهر... ومن المغرب العربي فاطمة الزهراء بنّيس، حيث لحَّنَ لها فوزي السعدي قصيدة ً تدورُ في أجواءِ المأساةِ الفلسطينيَّة، وتنسجمُ مع روح وطابع الألبوم المذكور. ومن يتابعُ مسيرة َ هذا الفنان فوزي السعدي ومشوارَهُ مع الغناء والتلحين يلاحظُ بوضوح أنهُ يُمهِّدُ لتشكيل أغنيةٍ مستقلَّة تتماثلُ مع طابعِهِ الخاص، ولكنها في الوقت نفسه، نابعة ٌ من الأجواءِ الفلسطينيَّةِ ومحلِّقة في آفاقها الرَّحبة، لذلك رأيناه منذ بداياتهِ مع الغناءِ والتلحين،يذهبُ إلى أغاني التراث الفلسطيني التي عملَ على إعدادِها بصيغ موسيقيَّةٍ جديدةٍ تسايرُ وتواكبُ روحَ العصر وتتماشى وتتناغمُ مع طابعها الأصلي، ممَّا أهلَّهُ بعد ذلك أن يستلهمَ ويغترفَ من هذا التراث الغنائي الكثير من الألحان التي قدَّمها خلال السنواتِ الماضية والتي تخدمُ مشروعَهُ الفني.
حققَ الفنان فوزي السعدي شهرة ً واسعة ً محليًّا وعربيًّا... وإذا نظرنا اليوم إلى الغناء الملتزم نجد أنَّ رُوَّادَ وعمالقة َ الفن الوطني الملتزم على امتداد العالم العربي لا يتجاوزُ عددُهُم أصابعَ اليد ويقفُ في طليعتِهم الشيخ إمام عيسى من مصر ومارسيل خليفه من لبنان وسميح شقير فنان سوري مغترب... ومصطفى الكرد ووليد عبد السلام من الضفة ( منطقة الحكم الذاتي - داخل الخط الأحمر)... وأمَّا محليًّا ( داخل الخط الأخضر) فنجد الفنان فوزي السَّعدي لوحده يتربَّعُ على عرش الأغنية الوطنيَّة الهادفة والفنِّ الملتزم.... ورغم كل العراقيل التي واجهته أستطاع َ أن يُحقِّقَ نجاحا وشهرة واسعة ً جدًّا... غطَّت أخبارَهُ ونشاطاتهُ الفنيَّة معظم وسائل الإعلام محليًّا وخارج البلاد.. وكانَ لنا معهُ هذا اللقاء الخاصّ والمطوَّل.
سؤال - متى بدأتَ تمارسُ الغناءَ والتلحين؟؟
حواب - بعد أن طوَّرتُ أدواتي وموهبتي الغنائيَّة بدأتُ أتجَّهُ إلى تلحين الأغاني وطبعا بدأتُ الغناء في جيلٍ مبكِّر جدًّا.
سؤَال - هل لقيتَ تشجيعا في بداياتِكَ الأولى، وخاصَّة ً انَّكَ تغنّي الأغاني الوطنيَّة الملتزمة !!؟؟
جواب - في ذلك الوقت ( قبل أكثر من ثلاثين سنة ) كانت الناس بخير وكان الناسُ والمجتمعُ يومَها بحاجةٍ إلى اللون والحِسِّ الوطني سواء عن طريق الأغنية أو الخطاب أو القصيدة الوطنيّة الهادفة والحماسيَّة... وآنذاك عرفتُ أنا وبعض الفنانين الشعراء والكتاب الملتزمين كيف نستفيد من الظروفِ ومن الوضع آنذاك حيث كانت السَّاحة الفنيَّة تتطلَّبُ هذا اللون ( الغناء الوطني الملتزم والأصوات الوطنيَّة بكلِّ معنى الكلمة ). والسواد الأعظم من شعبنا كان متعطشا لسماع الكلمة الوطنية.. والذي شجَّعني على مواصلة المشوار الأصوات التي سبقتني زمنيًّا ( من ناحية العمر والجيل ) شعريًّا وموسيقيًّا: الشَّاعر سميح القاسم، المطرب مصطفى الكرد،توفيق زياد، راشد حسين،المطرب وليد عبد السلام وكميليا جبران.. وغيرهم. وبدون شكّ فالحركة الفنيَّة الملتزمة في العالم العربي كان لها دورٌ كبير على مسيرتنا الفنيَّة المحليَّة الملتزمة.. فالفنانون المصريُّون واللبنانيُّون والسوريُّون أمثال:الشيخ إمام عيسى وزياد الرَّحباني ومارسيل خليفة وسميح شقير.. وغيرهم قد أثَّروا علينا، وأما في الوقت الحالي فالأغنية ُ الملتزمة لا تجد من يدعمها ماديًّا ومعنويًّا من قبل مؤسَّسسات وأطر فنيَّة وغيرها وللأسف.. ودائما نسمع شعارات فقط ليس لها أي رصيد عملي على أرض الواقع. وعلى المطرب المحلي الملتزم أن يشقَّ طريقه بنفسه بين الأشواك والقتاد وما حكَّ جلدكَ غير ظفرك.. وهكذا أنا أشقُّ طريقي ودربي الفني.. وحتى الفنان العادي عندنا، في الداخل، الذي يغني الأغاني العاطفيَّة فقط ولا يتطرَّق إلى السياسة والقضايا الوطنيَّة المصيريَّة لا يلقى أيَّ دعم ٍ من أيَّةِ جهةٍ كانت - وطنيَّة أو غيرها - في هذه البلاد كمؤسسات وأطر وجمعيَّات وسائل إعلام وصحف وإذاعات مرخَّصة أو غير مرخَّصة وهي معروفة للجميع وهدفها تجاري فقط.
سؤَال- العراقيلُ والصُّعوبات التي واجهتك في بدايةِ المشوار ومن أيَّةِ جهات كانت هذه العراقيل؟؟
جواب – هنالك الكثير من العراقيل والصعوبات التي واجهتني وتواجه كلَّ فنان وكاتب وأديب ومثقف مبدع وطني وملتزم وصاحب رسالة سامية في هذه البلاد وأهمُّها الدَّعم المادِّي، وخصوصا أنَّ المؤَسَّسات الوطنيَّة التجاريَّة التي تجلب أموالا طائلة بحجَّةِ دعم الفنّ والثقافة والأدب الفلسطيني الملتزم... لا يوجد لها أي ُّ رصيدٍ عملي على أرض الواقع..وكل ما تتبجَّحُ به هذه المؤسَّسات من مَدِّ يدِ العون ومساعدةِ الفنانين والأدباء والمثقفين الملتزمين والوطنيَّين كل هذا أقوال في الهواء. وكما أنَّ المؤسَّسات والأطر الفئوية والمستقلَّة والمؤسَّسات السلطويَّة وغيرها لا تقدِّمُ الدعمَ لأيِّ مشروع ٍ ثقافي وفنِّي محلِّي يتَّسمُ بالطابع واللون الوطني.
سؤَال - أنتَ تغنِّي الأغاني الوطنيَّة الملتزمة فقط لماذا لا تُغنِّي الأغاني الطربيَّة الأخرى كغيرك من الفنانين المحلِّيِّين... فربَّما تحظى بنجاح ٍ وتألُّق أكبر وتستفيد أكثر من ناحيةٍ مادِّيَّةٍ؟؟
جواب - أنا اليوم أنظر إلى النص وإذا كان بالنسبة لي على مستوى عال ويعجبني فأعتبرهُ من النص الوطني والهادف وليس بالضرورة أن يكون النصُّ ( كلمات الأغنيةِ ) وطنيَّة مباشرة. ولقد لحَّنتُ وغنَّيتُ الكثيرَ من الأغاني العاطفيَّة والوجدانيَّة والاجتماعية، ولكن يوجدُ فيها الطابعُ والحسُّ الوطني والإنساني الشَّامل.وأهمُّ شيء أن تكونَ الأغنية ُ تحملُ رسالة ًسامية وتخدمُ قضيَّة معيَّنة عادلة وسامية ولا تكون الأغنية مستهلكة ومهجَّنة وكلماتها ومعانيها سخيفة وركيكة كالكثير من الأغاني الحديثة التي نسمعها دائما في عصرنا هذا... فالفن هو رسالة ٌ مقدََّسة قبل كلِّ شيء للذي يعرف ويدرك ماهيَّة الفنّش الحقيقي.
سؤَال- ما رأيُكَ في مطربي الأعراس والمناسبات- الذين يغنون فقط في الأعراس من أجل المعيشة والرِّزق؟؟
جواب - أنا لا ألومُ مطربي الأعراس والمناسبات والأفراح لأنَّهُ لا توجدُ أمامهم أيَّة ُ وسيلةٍ أخرى للعيش والبقاء ولإبراز ونشر فنهم وأغانيهم سوى إحياء الأعراس والمناسبات وللأسف.. فالوضعُ عندنا ( في الداخل ) صعب جدًّا على جميع المستويات والنواحي: اقتصاديا وثقافيًّا وفنيًّا.. إلخ.
سؤَال - هل غنَّيتَ سابقا في الأعراس؟؟
- جواب - نعم غنَّيتُ في بداياتي الأولى وأوَّل مشواري الفنِّي.
سؤَال - ما رأيُكَ في البرامج الفنيَّة والغنائيَّة التي تقدَّمُ وتُبَثُّ في التلفزيونات المحليَّة ( قنالات التلفزيون الإسرائيلي وغيرها ) ومستوى هذه البرامج والأشخاص والمطربين الذي يستضافون في هذه البرامج؟؟
- جواب - - إنَّ هذه المحطات موجَّهة ٌ وتخدم سياسة معيَّنة والهدف منها تسويق وإشهار وإبراز فئة معيَّنة حتى لو كان البعض منها بعيدا كلَّ البعد عن الفن والأدب والثقافة، وهي معروفة للجميع ( ما هي آيديوجيّتها ومنطلقها الفكري وانتمائها السياسي) ويكون هذا بالطبع على حساب المبدع الحقيقي فنيًّا وأدبيًّا وثقافيًّا.
سؤَال- أنتَ فنان وموسيقي معروف ومشهور لماذا لا يدعونكَ ويستضيفونكَ في برامج التلفزيون الإسرائلي ( قنال 1، 2، 10) وفي إذاعة صوت إسرائيل أسوة بباقي المطربين والمغنيين المحليِّين !!؟؟
جواب - في بعض الأحيان كانوا يدعونني، ولكن، بدوري، كنتُ أرفضُ لأنني كنتُ أنا الذي أختار المادَّة ونوع المواضيع التي سأتحدَّثُ عنها والأسئلة التي سأجيب عليها.
سؤَال - رأيُكَ في مستوى المهرجانات والمسابقات الغنائيَّة التي تقام من قبل المؤَسَّسات السلطويَّة وَتُبَثُّ في الإذاعةِ الإسرائيليَّة وفي التلفزيون الإسرائيلي – من ناحية الإنتاج والإخراج ومستوى مقدَّمي هذه البرامج وهيئات التحكيم والهواة والمغنين الذين يُشاركون فيها؟؟
جواب - باختصار هذه ظاهرة ٌ موجودة ٌ ولا بدَّ منها بسب الوضع والظروف الرَّاهنة التي نحياها محليًّا.. وبما أنَّهُ وراءَهَا جهات معيَّنة معرفة للجميع وتديرُها مؤسَّساتٌ وأطر مشكوكٌ في أمرها - من جميع النواحي - فلا أهتمُّ لها ولا أراقبها وأشغل وقتي وتفكير بها فهي لا تعنيني بالمرَّة ولا تعني أيضا أيَّ إنسان وفنان وكاتب وأديب وشاعر ومثقف عربي في الداخل عنده ضمير ومبادئ وقيم وحسِّ وطني جيَّاش حسب رأيي
سؤَال – ما هو رصيدُكَ من الأغاني والألحان الخاصَّة بك؟؟
جواب - لحَّنتُ عشرات الأغاني وغنَّيتُها بصوتي، وهنالك العديدُ من الأغاني لحنتها لمطربين ومطربات آخرين غيري غنوها بأصواتِهم
سؤَال - الشُّعراء الذين لحَّنتَ من كلماتهم وقصائدِهم؟؟
جواب - منهم محمود درويش وسميح القاسم وراشد حسين وجمال قعوار وسامي مهنا ولحَّنت قصيدة لأبي العلاء المعري ( في اللاذقيَّة ضجَّة )، وللشاعر المصري أحمد فؤاد نجم وللشاعر أحمد مطر. ولكن القصائد التي لحَّنتها للشاعر المحلِّي- شاعر العاميَّة الأول سيمون عيلوطي - أخذت طابعا مميَّزا، ربَّما يرجعُ ذلك إلى علاقتي الحميمة والوطيدة بهذا الشَّاعر القدير. والآن أنا اشتغل على تلحين قصيدة جديدة في رثاء عملاق الطرب ومطرب المطربين الأستاذ وديع الصافي والقصيدة من نظمك أنت يا حاتم جوعيه.
سؤَال - أنت سابقا كنت تقيمُ وتديرُ مهرجانات فنيَّة ملتزمة كبيرة كلَّ سنة ( قبل أكثر من 18 سنة ) لماذا توقفتَ عن مثل هذه النشاطات !!؟؟
جواب - كنا نقيمُ مهرجان الفن القطري.. ولكن لعدم توفر الميزانيَّات والدَّعم الكافي مادِّيًّا ومعنويًّا استعضنا عن ذلك بأن شاركت في العديد من المهرجانات والأمسيات الفنيَّة، مثل: مهرجان بير زيت ومهرجان بيت لحم ومهرجان المتوسط في غزّه... وغيرهم... مع حرصي على تسجيل ( " سي دي " - ديسك ) لعدد من الأغاني بعضها من حفلات والبعض الآخر نشرت في اليوتوب وقد غنتها أصواتٌ تبشر بالخير.
سؤَال- المهرجاناتُ الفنيَّة ُ التي شاركتَ فيها خارج البلاد؟؟
جواب - شاركتُ في مهرجان المتوسط في برلين قبل عدَّة سنوات.. وفي عدة أمسياتٍ فنية في بعض العواصم الأوروبيَّة، منها: أمسية ( قبل أكثر من عشر سنوات) كان مشاركا فيها الفنان والمطرب اللبناني الوطني الملتزم مارسيل خليفه، وأذكرُ يومها أنني استعرتُ عودَكَ يا حاتم وأخذته معي لأعزفَ عليه هناك لأنَّ عودي الذي أعزفُ عليه كان في التصليح... وحدَثََ في الاحتفال هناك أنَّ مارسيل خليفه استعار عودَكَ منِّي وعزفَ عليه طيلة وصلتهِ الغنائيَّة. وكما توجَّهت لي عدَّة مؤَسَّسات فنيَّة للمشاركة في برامجها ومهرجاناتِها مثلتُ بعضها واعتذرتُ عن قبول البعض الآخر لاعتبارات لا أريدُ أن أذكرها الآن على الأقل... لكن معظمها لا تنسجمُ مع معتقداتي وتطلعاتي الفنيّة والسِّياسيَّة، لذلك أنا مقل جدًّا لأنَّ اختياري للمهرجانات التي أشاركُ فيها يأتي بعد دراسة معمَّقة مع إيماني بأنَّ الفنَّ عمومًا ليسَ بالكم وإنَّما بالكيف والنوعيَّة.
سؤَال - المطربين والمطربات الذين التقيت بهم خارج البلاد؟
جواب - التقيت بالعديد من الفنانين والمطربين الكبار والمعروفين، ومنهم: محمد العزبي ومحمد منير ( الكينج ) والمطرب صباح فخري التقيت به في الأردن.. وغيرهم.. ولكن الخسارة الفادحة التي أشعرُ بها دائما أنني لم أتمكَّن من لقاء أستاذي على المستوى الفني مطرب المطربين المرحوم الأستاذ وديع الصافي مع أنَّهُ كان من المفروض أن يتحقَّق هذا اللقاء في طابا أو الأردن، ولكن المرض الذي فاجأ مطربنا الكبير حال دون تحقيق هذا اللقاء. والتقيت أيضا بمارسيل خليفة في إحدى الأمسيات خارج البلاد وكان عودك معي وقد استعاره مني لعدةَّ ساعات ليعزف عليه كما ذكرَ أعلاه. وأحبُّ أن أضيف: إنه كان اتصال هاتفي بيني وبين المطرب التونسي الكبير " لطفي بشناق " عندما جاء إلى البلاد في جولة فنية وحلَّ ضيفا على مدينة شفا عمرو في شهر 12 / 2013 – بمناسبة تكريم شخصية العام ولكنه تعرض لهجوم عنيف من قبل جهات عديدة واتهموه بالتطبيع فاضطرَّ للذهاب إلى مدينة رام الله والضفة وبعدها غادر البلاد وندم على مجيئة إلى بلادنا.. لقد تحدَّثتُ مع المطرب لطفي بشناق هاتفيا عدة مرات وكان همزة الوصل بيني وبينه وسبب هذا التعارف الشاعر الأستاذ سامي مهنا وقد أسمعته عدة ألحان لي من كلمات وأشعار سامي مهنا... وكان الاتفاق أن ألتقي به في مدينة الناصرة وأعطيه، بدوري، عدة ألحان لي من كلمات وقصائد الشاعر سامي مهنا.. ولكن للأسف لم يتم هذا اللقاء للسبب المذكور سابقا حيث غادر البلاد لأنهُ اتهم بالتطبيع.
سؤَال - أنتَ يعتبرُكَ الكثيرون، أوَّلَ موسيقيٍّ وأوَّل مطربٍ وفنان محلِّي من ناحيةِ جمال الصَّوتِ وعذوبتهِ وروعتهِ وخاماتهِ وطبقاته العالية وبتفوَّقك وتميُّزك في العزف على آلةِ العودِ وبإنجازاتك الفنيَّة وألحانكَ الكثيرة الراقية والرَّائعة التي تضاحي في مستواها وجماليَّتِها ألحانَ كبار الموسيقيِّين الملحنين في العالم العربي.. وقد لحنتَ لكبار الشعراء... وحققت شهرة لا بأس بها محليًّا ووصلت شهرتكَ لخارج البلاد... ولكنَّك لم تصل بعد إلى الشهرة الكبيرة والكافية والملائمة لمؤَهِّلاتِكَ ولمستواك الفنِّي عربيًّا وعالميًّا التي أنت أهل لها، وحتى محليًّا لم تأخذ أنتَ حقَّك بعد من التكريم والاهتمام كما يجب إعلاميًّا... لماذا.. ما هو السَّبب !!؟؟
جواب - الانتشار على الصَّعيد المحلِّي يتحقَّق عندما يُغنِّي المطربُ لمطربين آخرين من العالم العربي، مثل: عبد الوهاب ووديع الصافي وأم كلثوم وفيروز فيُعرفُ وينتشر ويشتهر المطرب المحلي من خلال أداء أغانيهم... في حين أنني لم أسعَ عبرَ مشواري الطويل مع الغناء والتلحين إلاَّ للسير ِ نحو نفسي ونحو التجديد والابتكار والإبداع وليس نحو التقليد الأعمى والتقوقع والبقاء في نفس المكان... فكان منِّي أن قمتُ بتلحين عشرات الأغاني التي تحملُ طابعا مميَّزًا يعكسُ لوننا ومناخنا في الجليل والمثلث والنقب... وكلُّ جديد يستغرقُ وقتا قد يطولُ وقد يقصرُ حتى ينتشر، وأنا لا يقلقني الانتشار والشُّهرة بقدر ما يقلقني أن أقدِّمَ ما يُحقِّقُ ذاتي وما يُلبِّي طموحاتي ورغباتي من الألحان أحاكي فيها نفسي أوَّلا والجمهور ثانيًا.
سؤَال - أنتَ مدير مؤَسَّسة " المهباج " الفنيَّة " حبَّذا لو تحدِّثنا عن هذه المؤَسَّسةِ... لماذا تأسَّسَت ونشاطاتُها وفعاليَّاتُها؟؟
- جواب - هذه المؤَسَّسة أقيمَت من أجل أن تعنى بشكل ٍ خاص بأغاني التراث الفلسطيني وإحيائِهِ... وإنَّ جميع الأعمال والنشاطات الفنيَّة التي أقومُ بها تأتي في إطار هذه المؤَسَّسة.
سؤَال - هنالك بعض المغنيين المحلِّيِّين الذين يفتقرون كليًّا إلى جمال الصوت وعذوبتهِ.. أي ليسوا فنانين ومطربين إطلاقا ولكنهم حققوا شهرة ً واسعة ً ودائما يدعونهم للاشتراك في برامج المؤسَّسات السلطويَّة ويُشاركون دائما في معظم حفلاتِ الأعياد والمناسبات المهمَّة ( كأعياد الميلاد ورأس السنة وغيرها) وفي نفس الوقت هنالك تجاهل كبير من قبل بعض المؤسَّسات للمطربين الحقيقيِّين والمبدعين الذين لديهم أصوات جميلة ورائعة تضاهي في روعتها أصوات كبار المطربين في العالم العربي.. ما هو تعقيبك على هذا !!؟؟
- جواب - أوَّلا المضامين التي أعكسُها في أغانيَّ لا تناسِبُ المناسبات الخاصَّة، فكيفَ أغنِّي لقرية معلول المهجَّرة وللجرمق ولمرج بن عامر أو للناصرة أو لفلسطين عامَّة ً في حفلات عيد ميلاد أو رأس السنة أو في عيد العشَّاق مع احترامي لجميع المناسبات والأعياد. أغنياتي تحتاج إلى أمسياتٍ خاصة بها تعكسُ المناخ الذي تجسِّدُهُ هذه الأغاني التي ذكرتها... وأمَّا بالنسبةِ للأصواتِ المحليَّة فهنالك أصوات جيِّدة ولكنَّها لم تجد نفسها من الناحيةِ الفنيَّة... ربَّما يعودُ ذلك إلى سعيها نحو الربح السَّريع الذي لا يتحقق في بلادِنا للأسف إلا في المناسبات الخاصَّة، مثل الأعراس وما شابه ذلك. وهذه الأصوات على جمالها لا يبقى منها شيىءٌ يحفظ للتاريخ... ومثال على ذلك فأم كلثوم لو بقيت تغنِّي لصالح عبد الحيّ أو لمنيره المهدية مثلا لما استطاعت أن تحقِّقَ هذا الانتشار الواسع عربيًّا وعالميًّا، فالفنان لا يجدُ نفسَهُ إلاَّ إذا أبدَعَ إبداعا خاصًّا به ولا يكونُ مقلِّدًا ومُجترًّا لغيره.
سؤال - طموحاتك ومشاريعُكَ للمستقبل؟؟
جواب - خلقُ أغنيةٍ فلسطينيَّةٍ مستقلَّةٍ لها شخصيَّتُها المستقلَّة وملامحه ومناخها وأجواؤُها الفلسطينيَّة المميَّزة وهويَّتها الخاصَّة.. ويكون لها قيمتها ومكانتها وجمهورها الواسع في العالم العربي فنستطيعُ أن نأخذ معنا لوننا الخاص...لون الطرب الفلسطيني المميَّز في كل مكان خارج البلاد ونكون مثلنا مثل باقي المطربين في العالم العربي حيث كل مطرب هناك يُمثلُ دولته في كل مكان ويغني اللون الخاص والمميز الذي تتسم به بلده. ونحنُ توجدُ عندنا محليًّاً الطاقاتُ والكفاءات العظيمة والكثير الكثير من الأصواتِ الرَّائعة التي هي أهلٌ وكفءٌ لهذه المهمَّة وهذه الرِّسالة.
سؤَال - كلمة أخيرة تحبُّ أن تقولها في نهايةِ هذا اللقاء؟؟
- جواب- أوَّلا أشكركَ على اهتمامِكَ وحديثِكَ الشَّائق معي وأرجو أن أكونَ قد عبَّرتُ عن القضايا الفنيَّة الشَّائكة التي أثرتهَا في أسئلتِكَ القيِّمة... وأتمنَّى أن أقدِّمَ عملاً يرقى إلى المستوى الذي أحلمُ بهِ.