يرصد الناقد السينمائي صلاح هاشم في كتابه الجديد "الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية"، ما يسميه "خلاصات لرحلة بحث عن صورة الواقع في السينما الروائية العربية"، في سبيل "الامساك بالطريقة التي تفكّر بها سينما هذا الزمان الروائية العربية"، و"كيف استفادت من إضافات ومنجزات السينما التسجيلية".يركّز الكتاب، المُنتظر أن يكون ضمن إصدارات "مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة" في دورته السابعة عشرة، المُزمع انعقادها صيف هذا العام، على مجموعة من الأفكار الحاذقة، كما يليق بالناقد السينمائي المحترف، من طراز صلاح هاشم، المُتابع الحصيف لمسيرة السينما العربية، إذ أن هاجسه "البحث عن السحر الكامن في السينما"، متكئاً على فكرة أنه "ليست القضية في السينما ترتيب وتصنيف الأفلام، بل أن تكون أفلاماً، وتحمل هماً"، وبالتالي "تنهار الحدود بين الروائي والتسجيلي، لكي تتسامق الأفلام بما فيها من سينما". دائماً "المهم أن يكون هناك سينما"، كما يرى صلاح هاشم، وبالتالي يرصد كتابه الجديد للتوقف أمام "الأفلام المحطات التي تسطع بالحقائق الكبرى، والأفلام النماذج التي تعبر الحدود بين النوعين"..
يحدد الناقد رؤيته للسينما. إنها "أداة تفكير وتأمل في تناقضات مجتمعاتنا الإنسانية"،وهو يؤمن بأن "السينما الحقيقية تهتم بالغموض والإبهام اللذين يتركان للمتفرج فرصة أو طاقة ينفذ منها إلى قلب الفيلم وروحه". السينما التي يريدها هي تلك التي "تجعلنا نتساءل.. وتثير مخيلتنا"، معلناً أن "الوضوح هو داء السينما المصرية"، فـ"السينما أقرب إلى فن الشعر الذي يعبر عن المشاعر والأحاسيس بالصورة". "سحر السينما الكتابة بالضوء"..
وفي فهم من هذا الطراز، كان من الطبيعي أن ينطلق الكتاب من عالم يوسف شاهين السينمائي، إذ أن "أفلام شاهين كنز من كنوز وتراث مصر الثقافي السينمائي العريق"، وهي "تُعدّ الآن من كلاسيكيات السينما العالمية"، وهو "أشهر وأهم مخرج مصري عربي في العالم"، ولا يتردّد صلاح هاشم في القول عن شاهين بأنه "هرم ثقافي"، ليس فقط باعتباره "مؤسس تيار المكاشفة وسؤال الذات"، بل لأنه يرى فيه "رفاعة الطهطاوي السينما في مصر"، مشيراً إلى "الطهطاوي رائد نهضة مصر الحديثة"، مؤكداً أن يوسف شاهين هو "الأب الروحي للسينما العربية الحديثة".,
بعد ذاك، يمرّ الكتاب على مجموعة واسعة من الأفلام العربية، من غير بلد عربي، متوقفاً أمام تجارب نالت استحسانه، وأخرى أثارت خيبته، لينتهي إلى قناعة بأن الأمل معقود على جيل الشباب الذين يمثلون "الأمل في سينما مصرية جديدة، تتأمل في واقعها وتاريخها وتقاليدها، لكي تكون امتداداً للسينما المصرية العظيمة، التي صنعتنا في أفلام صلاح أبوسيف وتوفيق صالح ويوسف شاهين وكمال الشيخ وعاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة، وأيقونتها المتوهجة شادي عبدالسلام"..
كتاب "الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية"، للناقد السينمائي المتميز صلاح هاشم، إضافة جديدة وضرورية للمكتبة السينمائية العربية..