الخطّ العربيّ بفكرته كلغةٍ وفنّ يكتبُ جماليّاته ويصيغ فرادته من خلال ورشة العمل التي تعقدها وزارة الثّقافة في الفترة ما بين السّابع وحتّى التّاسع من شهر أبريل الجاري في مركز الفنون. الورشة التي انطلقت مساء يوم أمس (الاثنين، 7 أبريل 2014م) استقطبت 33 مشاركًا ومشاركة من البحرين، المملكة العربيّة السّعوديّة، مصر وعددٍ من الأجانب، الذين شاركوا في تجريب الخطّ والتّعرّف إلى تقنيّاته وأدواته، برفقة الخطّاط البحرينيّ حسين الشّاخوريّ في مركز الفنون.
تقع الورشة على هامش معرض (خمسمئة عامٍ من الخطّ الإسلاميّ – روائع من متحف شكيب سابانجي) الذي يكرّس لفنّ الخطّ العربيّ وتأريخه، وقد قدّمت الورشة في بدايتها فكرة عامّة حول المعرض، مستعرضةً أدوات وتقنّيات هذا الفنّ وآليّاته، وقد أوضحت الفنّانة زكيّة زادا: (تنعقد الورشة في سياق هذا المعرض الضّخم الذي تستضيفه وزارة الثّقافة، لا نكتفي فقط بجلب الجماليّات بل نترك فسحة لممارسة هذا الفنّ والتّعرّف إليه)، مشيرةً: (في البداية توجّهنا للأجيال اليافعة من طلبة المدارس كي نرسّخ ذاكرة لهذا الفنّ ونخلق جاذبيّة ما بين الجيل اليافع وبين الخطّ العربيّ، لكنّنا وجدنا رغبةً عميقة من الكبار في الانضمام لهذه الورش والمشاركة فيها، وبالتّالي تمّ ترتيب هذه الورشة).
الورشة التي قدّمها الخطّاط البحرينيّ حسين الشّاخوريّ، ركّزت في يومها الأوّل على آلية تجهيز موادّ وأدوات الخطّ وتقنيّات تشكيل القصبة وتحضير الحبر، بالإضافة إلى أساسيّات الخطّ العربيّ التي تشترك فيها جميع أنواع الخطوط، من ضمنها ما يتعلّق بطريقة إمساك القصبة والكتابة بها، التّمرين على رسم الأشكال بما يمنح الخطّاط مرونة التّعامل مع أشكال الخطوط، وميل واتّجاهات الخطوط. وستمتدّ الورشة خلال أيّامها اللّاحقة للتّدريب على فنّ الخطّ العربيّ والتّعامل مع الحروف وفق معيار النّقطة باعتبارها وحدة قياسٍ للخطّ العربيّ، بالإضافة إلى تدريبات على التّحكّم بزاوية القلم والتّعامل مع مختلف أنواع الخطوط، ومنها: الرّقعة، الفارسيّ، النّسخ، الدّيوانيّ والثّلث.
وقد أشارت الفنّانة مايسة الذّوّاديّ التي تشارك في الورشة إلى إعجابها بعقد مثل هذه المختبرات الفنّيّة قائلةً: (لفتني الحضور المتنوّع وتباين الأعمار التي تلتقي جميعها في هذا الفنّ. مسألة التّجريب هذه جميلة وتتيح التّعرّف إلى جوانب كثيرة في عالم الخطّ، وهي المرّة الأولى التي أتعلّم فيها طرق تجهيز القصبة والتّعامل مع الأدوات). وأردفت: (رغبتُ فعليًّا بتعلّم فنّ الخطّ لإضافته إلى مجموعة أعمالي الفنّيّة ولوحات الأكريليك. أتمنّى أن يكون الخطّ إضافتي الجديدة لأعمالي).
من جهتها أكّدت السّيّدة ليزا وهبة رئيسة جمعيّة النّساء الأميركيّات أنّ مشاركتها رغم أنّها لا تجيد اللّغة العربيّة نابعة من فكرة كون الخطّ العربيّ فنًّا جميلاً وموروثًا إنسانيًّا يجب التّعرّف إليه، مبيّنةً: (نحن أمام موروث لغويّ يمكننا استيعابه بصريًّا كفنّ جميل ذي تقنيّات وأساليب محدّدة)، وأوضحت: (الفنون الآن تختطفها التّكنولوجيا. الفنون الرّقميّة بدأت تسيطر والمجتمعات معها بدأت تفتقد خطّ اليد وطرق الكتابة، وهنالك كثيرون ممّن لا يحسنون الكتابة بخطّ جميل. مثل هذه الورشة ستكشف بكلّ تأكيد عن مواهب واعدة، وهي تتيح لنا اختبار مساحةٍ بدأت تتلاشى أمام العالم الافتراضيّ)، موجّهةً شكرها للقائمين على الورشة ومؤكّدةً أنّ مثل هذه الورش تُسهم في التّرويج للتّراث المكتوب وفنون الخطّ الأصيلة.
أمّا المشاركة عُرَيْب بو بشيت من المملكة العربيّة السّعوديّة فقد أعربت عن سعادتها بهذه الورشة، وقالت: (أحببتُ تعلّم تقنيّات وفنّ الخطّ العربيّ لأنّنا أمام عالمٍ تختلط فيه اللّغات ببعضها. ورشة الخطّ تعيدنا إلى هذه اللّغة وبصريّاتها وفنونها). وأشارت إلى أهميّتها بالقول: (علينا أن نطوّر علاقتنا باللّغة ومن حرف أيدينا، ومثل هذه الورش تتيح لنا ذلك).
الفنّانة التّشكيليّة نادية الجار أيضًا من جمعيّة النّساء الأميركيّات أشارت إلى الورشة أيضًا باعتبارها فرصة لتطوير المهارات والتّقنيّات اليدويّة، مشيرةً: (أحبّ تعلّم الخطّ العربيّ لأنّي أطمح لإدراجه في أعمالي الفنّيّة)، وبيّنت: (هذه الورشة من خلال تعليم مبادئ الخطّ العربيّ وأساسيّاته تفتح الباب للتّعرّف إلى هذا النّمط الفنّيّ الذي يمكن اكتسابه وتطويره).