إبراهيم أزوغ وعبد الغني خربوش
فارس محمد الإحسايني:
في إطار اللقاءات الثقافية والفنية المتواصلة للمعرض الوطني للكتبيين (الكتب المستعملة والقديمة) بالدار البيضاء في دورته السابعة، والتي تؤكد مرة أخرى دور الفعاليات الثقافية المنظمة والمشرفة على أروقته وأنشطته في تحويل فضاء ساحة السراغنة الشعبي التجاري إلى فضاء للثقافة والمعرفة والنقاش الجاد والهادف والفعال بين الكتاب والجمهور الذي يجمع الأجيال والأطياف المختلفة من المهتمين بالثقافة والكتاب. انعقدت ضمن أنشطة مختبر السرديات ، يوم السبت 12 أبريل ، في المساء ،جلسة مفتوحة مع الروائي محمد الإحسايني حول روايته (فارس من حجر) حيث نسق أشغالها شعيب حليفي الذي كان سعيدا بتقديم أحد الروائيين الذين ساهموا في تشكيل وعي روائي انطلاقا من روايته الأولى (المغتربون) مرورا بنصوص قصصية وأخرى روائية شكلت لوحة فنية تمشي في المجتمع المغربي وتنظر إليه بعين ناقدة ومشاغبة .بعد ذلك تناول الكلمة الباحث محمد فالح الذي اعتبر الرواية تحكي صراع طبقتين في زمن التحولات، طبقة ملكت الثقافة والمال وأخرى تعيش الفقر والقهر، واجهت الاستعمار في تناقض غير متناغم . ثم قارب الزمن والفضاء في رواية فارس من حجر ودوره في بناء الدلالات ، فهو اللحمة العامة للرواية والأفق الواسع المبهم الحدود،حاله في ذلك حال نفسية الغالية أو قرية أمغار رمز البيئة الاجتماعية المحافظة التي فرضت على الغالية حتميات جديدة. كما تنفرد هذه الرواية بكونها مونولوغ الغالية في محاولة إقناعها لذاتها بالتجارب الجديدة. أما اللغة فتميزت بشاعريتها وقدرتها السردية الوصفية التي تجعل القارئ ينصهر بين كلماتها وحروفها لدقة الوصف وتلاؤم الصور المجازية بالإضافة إلى استخدام مصطلحات الوصف من رحم التخصص .واستنتج الباحث في النهاية أن رواية محمد الإحسايني تجذبك من أول كلمة فتدخل بك عوالم الخيال وتشركك في الصراعات الداخلية للغالية فتحس كما لو أنك تشاركها انفعالها ،مدها و جزرها وهمومها ولحظاتها الحاسمة.
واختتم اللقاء بتدخل الكاتب متحدثا عن جزء من سيرته مع الحياة في الصحاة والمجتمع ومع الكتابة منذ أول نص كتبه .
شهرزاد سعاد
الجلسة التاسعة من جلسات أنشطته الثقافية ليوم الأحد 13 أبريل 2014 في الساعة السابعة مساء والتي نسق أشغالها الناقد والمترجم لحسن حمامة حول كتاب خزانة شهرزاد الأنواع السردية في ألف ليلية وليلة. مهد لها الناقد لحسن حمامة ، تقديما لكتاب خزانة شهرزاد لسعاد مسكين متحدثا عن السرد القديم ومكانة المتن الذي اشتغلت عليه الناقدة سعاد مسكين" ألف ليلية وليلة" في السرد العربي والإنساني قديما وحديثا باعتباره الكتاب الذي أسال مداد العديد من الباحثين والدارسين باختلاف مرجعياتهم النظرية والفكرية، ثم انتقل الناقد بعدها لتوجيه جملة من الأسئلة للكاتبة في شكل محاورة قدمت في سياق إجاباتها مجموعة من الإيضاحات:
أشارت الباحثة سعاد في البداية إلى أسباب اختيارها ألف ليلية وليلة متنا للبحث الذي كان موضوعا لرسالة الدكتوراه وحصرتها في دافعيين: العلمي المرتبط بانتسابها إلى وحدة البحث في السرد العربي بمنظورات جديدة، بإشراف الناقد سعيد يقطين ؛ودافع ذاتي يعود بحسب الباحثة إلى شغفها بكل ما هو أصيل وقديم في السرد باعتباره يشكل هوية، وذاكرة الإنسان العربي الشفوية.
وحول موضوع الكتاب أسهبت الباحثة مفصلة في حديثها عنه كمشروع يقوم على قراءة الليالي وفق نظرية الأنواع الأدبية من أجل تصنيف مجموع الأنواع التي تشكل نص الليالي مميزة فيها بين البسيط: الخبر والحكاية، والمركب الذي مثلت له بالسيرة والقصة والمختلط المتمثل في الرحلة والأمثولة. وأكدت أن البحث بهذا الشكل يهدف أولا إلى إعادة تبويب نص الليالي بجعل كل حكاية تندرج ضمن نوعها السردي وثانيا إلى تقديم بلاغة جديدة للأنواع السردية من خلال نص أصيل
كما تحدثت الباحثة في السياق نفسه عن المنهج الذي اعتمدته :علم السرديات الذي يتيح بحسب الباحثة إمكانيات الانفتاح على مناهج تحليلية أخرى للنصوص، ودراسة القول والخطاب في النص السردي. وخلصت إلى اعتبار كتاب ألف ليلة وليلة خزانة مليئة بالأنواع السردية التي كانت في حاجة إلى كتبي يعيد تصنيفها وتبويبها فاتخذت هي دور هذا الكتبي.
وقد تلت الجلسة ،نقاش عام مختلف ومتنوع الاهتمامات والتصورات والرؤى انصب حول السرود الشعبية العربية القديمة، وخاصة عن الكتاب وأهميته والإضافة التي قدمها في تناوله حكايات شهرزاد ومنهج البحث فيها وما يمكن أن يقدمه بحث من هذا النوع للباحث في السرود والنقود العربية الحديثة.
تيار الوعي في الرواية العربية
ضمن أنشطته الثقافية في المعرض الوطني السابع للكتبيين بساحة السراغنة – الدار البيضاء ، نظم مختبر السرديات مائدة حوارية (16 أبريل 2014) في موضوع تيار الوعي في الرواية العربية من خلال الرواية المصرية والسعودية .
في البداية تحدث شعيب حليفي ، منسق الجلسة ،عن أهمية فهم التعبير الروائي في علاقته بالوعي ، نصا وكاتبا وقارئا ومجتمعا ، ممثلا لتجارب من الرواية المصرية والسعودية ومغامراتها في التجديد .
الورقة الأولى قدمتها د/ نانسي إبراهيم (كلية الآداب الإسماعيلية جامعة قناة السويس بمصر - لها كتاب التعالق النصي بين الخطاب النقدي والإبداع الشعري) جاءت مفصلة حول مكانة الرواية الحديثة بمصر بما شيدته من جسور تمتد إلى معانقة نبض المجتمع عبر ارتعاشات الجسد الروائي وأحلامه كما انكساراته . وهي تنبش في بعض أسباب انتشار الرواية وتغلغلها ، عرضت د/ نانسي إلى الاستجابة المتبادلة بين الفن والواقع من خلال نماذج روائية حديثة من مصر والسعودية .
الورقة الثانية، قدمها د/ نبيل لمحيش أستاذ العربي الحديث بجامعة محمد بن سعود – الأحساء السعودية.، له ثلاثة مؤلفات نقدية ومجموعة قصصية) وكانت حول بانوراما الرواية في السعودية ، من خلال نظرة تاريخانية ونقدية تربط النصوص بسياقاتها الثقافية .
وهكذا تحدث د/ نبيل عن البدايات الأولى ثم مرحلة التأسيس والنضج قبل الوصول على الأعمال الروائية لرجاء عالم ويوسف المحيمد وعبده خال وغيرهم ممن جعلوا الرواية السعودية تخرج إلى السياق العربي.
واختتم اللقاء بنقاش ساهم فيه الحضور بحوار مفتوح حول تيار الوعي في الرواية العربية من خلال النماذج المذكورة .
الثقافة والمجتمع والجمعيات
في إطار فعاليات المعرض الوطني للكتاب المستعمل، نظم نادي القلم المغربي بتنسيق مع مختير السرديات مائدة حوارية مفتوحة حول " الثقافة والمجتمع والجمعيات"، وذلك يوم الثلاثاء 15 أبريل 2014، ابتداء من الساعة االسابعة والنصف مساء، بالمعرض الثقافي " ساحة السراغنة "الدار البيضاء، انصبت حول تدارس سؤال الثقافة والمجتمع، ، وعلاقة التأثر والتأثير بينهما، والوعي الجمعي خدمة لصروح الثقافة وبناءاتها في المغرب.
وقد نسق هذا اللقاء شريشي المعاشي الذي قام بتقديم توطئة حول الثقافة والمجتمع والجمعيات، محاولا إعطاء تأطير عام حولهما، منطلقا من جملة من الأسئلة التي تعتبر بمثابة عتبات أولية يمكننا من خلالها مد جسور العلاقة التي تقيمها هذه المحاور متداخلة فيما بينها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ما نوع الثقافة التي ينتجها المجتمع؟ وما نوع الثقافة التي نحن بحاجة إليها في ظل العولمة؟ وما دور الجمعيات الوطنية والمحلية في تفعيل الثقافة والنهوض بها؟. ورصد واقع الثقافة بالمغرب على المستوى السياسي والاعلامي.
وقد نشط هذه المائدة الحوارية محمد محي الدين الذي انطلق من ضرورة التحديد المفاهيمي للثقافة، باعتبارها مدخلا للفهم الواضح وصفاء الرؤية للخوض في مناقشة إشكالاتها، وقد ربطها بعنصر المثقف باحثا عن العلاقة التي تكونها الثقافة مع المثقف، وهو ما يحيل على حضور المجتمع متمثلا في المثقف، لكننا نجد بداخل المجتمع المثقف وغير المثقف، والعلاقات التي يقيمانها مع المجتمع، والتي تتجسد حسب رأيه في الجمعيات بالنسبة للمجتمعات الفاعلة ما يطرح مصطلح الحريات العامة، ويلاحظ أن المغرب لا يشجع الثقافة بالمغرب رغم المبادرات الرنانة التي تسعى إلى تشجيع الثقافة، ليخلص إلى أن الثقافة والمجتمع والجمعيات تنسجم وتتضمن بعضها البعض.
ويرى محمد فلاح أنه أثناء حديثنا عن الثقافة يحضر في أذهاننا مؤسسات ثقافية لها دور كبير في المغرب، من بينها إتحاد كتاب المغرب لما قام به من أدوار طلائعية في تنشيط الحياة الثقافية بالمغرب على الرغم من أنه كان يعرف قلة على مستوى المثقفين مقارنة باليوم، لكنهم رغم عددهم القليل كانوا يساهمون في إثراء النشاط الثقافي، ولاحظ أن هناك اليوم تراجعا كبيرا لهذه المؤسسة، فقد كان يعقد ندوات شبه أسبوعية ، احتفاء بالعديد من المثقفين. ثم بيت شعر في المغرب الذي كان يعقد العديد من الندوات في العديد من المناسبات، بتنسقه مع العديد المثقفين. ثم وزارة الثقافة التي احتضنت العديد من اللقاءات. ليخلص في الأخير إلى أن هناك تراجعا كبيرا طال هذه المؤسسات.
ومن حيث انتهى محمد فلاح، ذهب ابراهيم أزوغ إلى انه في إطار هذا التراجع الذي عرفته هذه المؤسسات في مجال السير العام للنشاط الثقافي، نسجل حضورا وازنا لمؤسسات أخرى تمثل الثقافة الجادة والمهمة التي تختزن قيم الوعي الثقافي والجمعي خدمة في إرساء معالم الهوية الثقافية بالمغرب.
هذا، وأشار شعيب حليفي في سياق الحديث عن هذه المحاور مجتمعة، عن تفاعلها اليومي والمتبادل بالإضافة إلى عناصر كثيرة أخرى تدخل في دور المثقف في سياق التحولات وبالتالي دور الثقافة في بناء الهوية وتحديد معالم الكثير من أسئلتنا . لذلك فإن الصراع الثقافي حاضر من خلال المثقف وما ينتجه أولا وفي ممارسته داخل المجتمع .
وانبرى متدخل آخر إلى الحديث عن التنوع الثقافي بالمغرب، الذي يعد بمثابة قوة يمكن الاستناد إليها في تحقيق الهوية المغربية وإعطائها ملامحها ورسم مساراتها، وهو لا يخفي كذلك الخلفيات الإيديولوجية والمعرفية التي تتحكم في صياغة كل تصورات المثقفين، وتحكم رؤاهم للواقع الثقافي بالمغرب، وينطلقون منه في تحليلاتهم، لكن المهم حسب رأيه هو خلق نوع من التجانس من أجل خدمة الهوية والثقافة بالمغرب.
وأكد عبد اللطيف حبشي أن موضوع اليوم الذي يتمحور حول الثقافة والمجتمع والجمعيات والمثقف، ليس بالسهولة التي يمكن أن تتبادر إلى ذهننا، لا نفهم منه أنه عصي عن الفهم، وإنما يستدعي منا ثقافة موسوعية وجهدا مضاعفا لتبيان خطوطه العريضة، فهو موضوع مركب ومعقد، ارتأى أن نتحدث عن الثقافة المغربية وليس المثقف، فحين الحديث عنها نتحدث عن المواطن المغربي، كما طرح قضية القراءة التي ترتبط بالتعليم، ومنه نتحدث عن السياسات التربوية التي تترجم رؤيا وتصورات مشروع مجتمع في حدود المستقبل، ويرى أن مشكل العولمة يتجلى بالنسبة للمجتمعات التي لم تحصن نفسها.
هكذا تـكـلـم لحـسن احمامة
ضمن أنشطة الدورة السابعة للمعرض الوطني للكتبيين (المنظم بين 10 و30 أبريل 2014 بساحة السراغنة الدار البيضاء)عـقـد مختبر السرديات ، يوم الاثنين 14أبريل2014، ، ابتداءً من الساعة السابعة والنصف مساء، لقاءً ثقافيا مع الناقد المغربي لحسن احمامة.
ونسق أشغال هذا اللقاء الباحث مـحـمـد مـحـي الـديـن الذي أكـد على أثـر الترجمة منذ عـهـود مبكرة في خلق إمكانيات مهمة للتنمية المسهمة في الانفتاح الـثـقـافـي، وقـبل كل شيء تطوير الذات العربية (بيت الحكمة، النهضة العربية...). وتـقـدم أوربا التي شكـلت فيها المدارس الـرُّشـديـة عاملا مهما في تطور الفكر الأوروبي، مشيرا إلى أن اللقاء فتح لباب النقاش على بعض القضايا التي تطرحها الترجمة في وقـتـنا المعاصر، والذي في سياقه تأتي تجربة ناقد مغربي ارتأى أن تكـون كـيـنـونـة وجـوده ركيزة أساسية ضمن ركائز فردية أخرى، فـرض عليها وعي ذاتها أن تـنهـض لتطعـيـم أدبنا ونقـدنا، في ظل غياب، أو ندرة، وسُبات النقد المؤسساتي. وهو الناقـد والمترجم لحسن احمامة، الذي اتصفـت تجربته بالجدة، والأصالة، والعمق، والثبات بالنظر إلى تخصصه في السرد والنقد الأدبي. ومعرفـته الطيبة للغتي الأصل (الفرنسية أو الإنجليزية)، والـتـرجـمـة/الـعـربـية. في رحلة يكابـد فيها المُترجِم مع النص المُتَرجَـم عـقبات الطريق، ولواعج مـشـقـة السفـر من زمن الآخر نحو زمن الذات، زَادُه العدة المعرفية الجيدة، ودُربة تعتمد آليات الدرس اللغوي والتركيبي، ومعرفة الأفكار وتاريخها...إنها مغامرة تـغـدو فـيها تـرجمة النقد الأدبي إنصاتـا لـنـبـض الـنـصوص، والـتـماهـي معها.
وقدم خلال هذا اللقاء الناقد والمترجم لحسن احمامة تصوره لترجمة النقد الأدبـي، مشيرا إلى معاناة الترجمة في المغرب من مجموعة من المشاكل، لكـنها رغم ذلك تـحـتـل مرتبة رائدة في العالم العـربـي، حيث يـنـذر ألا يشير كتاب نـقـدي مشرقي إلى ترجمة مـغـربـيـة في النقـد. وذلك نظرا لأصالتها ومصداقـيـتهـا، وتاريخها الذي أسهم في صناعـته مجموعة من المترجمين، كمحمـد برادة وإبراهيم الخطيب، وعبد الـقـادر قِـنـيـنـي.... وأيضا الجيل الثاني الذي ينتمي إليه عبد الكبير الشرقاوي، وسعـيد بـنـكـراد،...واعتبر لحسن احـمـامـة نـفـسـه واحــدا من أبناء هذا الـجـيـل.
واستعرض المترجم ذاته، بعض العوائق التي تعاني منها الترجمة مغربيا وعربيا، كما عرض لـغـوايـتـه بالـتـرجـمة، وعـشـقـه لها، وتـماهـيـه مـعـها، معـتـبـرا الترجمة تأليفا وكـتابا جديدا، وأشار إلى اشتغاله في الوقـت الحاضر على نصوص قصصية يابانية مـترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية، حيث يعمل على الـتـوفـيـق بين الترجمتين وصياغة ترجمة عـربية.
وقبل نهاية هذا اللقاء الذي حضره العديد من النقاد والمتخصصين في مجال الأدب، فتح النقاش للحضور، للتعبير عن وجهات نظرهم وطرح أسئلتهم، والتي أشادت بدور المترجم لحسن احمامة، وغيره من المترجمين المغاربة في إثراء التجربة النقدية المغربية، وانصبت هذه الأسئلة في مجملها حول قضايا المصطلح في الترجمة، ومدى التزام النص المترجم بروح النص، وإلى الترجمة في الاتجاه المعاكس من العربية إلى لغات أخرى. وترجمة الشعر، وتغيير هـوية النص إيجابا وسلبا.
وأجمع جميع الحضور في نهاية اللقاء على دور الترجمة الـنـقـديـة في إثـراء الثقافة والأدب المغربيين، واعتبارها مؤشرا على الـتـقـدم والرقي، الذي ينبغي أن تتكاثف جهود الجميع للنهوض به في إطار مشروع متكامل، واضح المعالم، محدد الأركان.