نظم فرع اتحاد كتاب المغرب في القنيطرة بالتعاون مع جمعية الرافدين العراقية، وبدعم من سفارة جمهورية العراق في المغرب، حفلا تكريميا بالروائي العراقي المعروف محمود سعيد يوم الجمعة المصادف 11/4/2014 على الساعة السابعة مساء، تحت شعار "سبو والفرات في رحاب الشعر والأدب" شارك في حفل التكريم المبدعان: الكاتب المسرحي ماجد الخطيب، والشاعر العراقي المقيم في المغرب، جواد وادي، وكان الحضور لافتا ونوعيا، يتقدمهم السيد حازم اليوسفي (سعادة سفير جمهورية العراق في المملكة المغربية) وطاقم السفارة وحشد كبير من مثقفي ومبدعي المدينة.
قدم للأمسية القاص والروائي المغربي إدريس الصغير، مستهلا الجلسة بعرض جميل عن العلاقة الوطيدة بين مبدعي العراق والمغرب والتي تمتد لحقب طويلة من التعاون والتقارب، وما يكنه المبدعون المغاربة وكل المثقفين للمبدعين العراقيين الذين هم بمثابة المدرسة الحقيقية للابداع، والقيمة الحقيقية للمحتفى به، شاكرا مبدعي العراق في الحضور المميز في المشهد الثقافي المغربي، بعدها القى السيد مثال مزهر (رئيس جمعية الرافدين في المغرب) كلمة ترحيبية بالحضور شاكرا الجميع على تعاونهم في اخراج الأمسية بأجمل حلة تكريما للمبدع محمود سعيد الذي يعاني الأن من تجاهل غريب من فاعلي الثقافة العراقية في الوقت الذي يمتلك من الحضور العربي والدولي ما يدفع العراق ومبدعيه للافتخار بهذه القامة الفارزة، لكن ما يحصل هو العكس تماما.
بدأت الأمسية بقراءات شعرية للشاعر جواد وادي الذي تكلم في البداية عن ما يقدمه سفير جمهورية العراق السيد حازم اليوسفي للثقافة العراقية، بحضوره ودعمه المتواصل، واصفا إياه إيقونة الثقافة العراقية في المغرب، شاكرا كل طاقم السفارة العراقية بحضورهم المتواصل لأنشطة جمعية الرافدين في المغرب، ليتحدث الشاعر جواد وادي بكثير من الوفاء والاعجاب عن القيمة الحقيقية والوازنة للميدع محمود سعيد، مبديا حسرته واستغرابه لادارة الظهر لهذا المبدع العالمي من لدن الأوساط الثقافية العراقية بكل مكوناتها، بحيث لم تنل هذه القامة الابداعية العراقية ما تستحق من رعاية واهتمام وتكريم، الأمر الذي يدفعنا (والكلام للشاعر جواد وادي) أن نضع أكثر من علامة استفهام عن هذا الغموض المقصود في المواقف، من ثم قرأ احدث قصائده التي نالت استحسان الحضور.
ثم جاء دور الكاتب المسرحي ماجد الخطيب، المقيم في المانيا، ليقدم شكره وامتنانه لكل من فكر وساهم ودعّم هذا اللقاء لتكريم المبدع محمود سعيد، ليعرج باسهاب في الكلام عن تجربته في الكتابة المسرحية وجهوده المتميزة في الترجمة، وخصوصا عن كتابه الأخير عن الشاعر الألماني المجدِد هنريش هاينه، تناول الكاتب ماجد الخطيب أحداث مسرحيته الأخيرة (ثور فالارس) وما لها من أهمية كبيرة كونها تتناول موضوعة تحيل المبدع إلى تابع ومدافع عن السلطة القمعية بثيمة معروفة، تلك هي ثيمة (المثقف والسلطة). وكان العرض شيقا وشاملا.
ثم جاء دور المحتفى به، الروائي العراقي المتميز، محمود سعيد، مفتتحا كلامه بالشكر لكل من بادر بهذا التكريم الذي اعتبره تشريفا للثقافة العراقية، مسترسلا عن تجربته في الكتابة القصصية والروائية الممتدة لأكثر من سبعة وخمسين عاما، حافلة بالأحداث والمكابدات والملاحقات وتغييب أجمل اعماله من لدن السلطة الغاشمة في العراق، بكلام لا يخلو من الألم والمواجع والتي لم تكن يوما رغم قسوتها، عائقا للتوقف عن همه اليومي في الكتابة التي يعدها أمرا كيانيا، لا يمكنه العيش خارج عوالمها وأجوائها التي تعج بالغرائبية والمشاكسة القلمية، سلاحه الوحيد لتعرية الزائف والمدجن في الثقافة العراقية والعربية منذ أواسط الخمسينيات (وقت كتاباته القصصية الأولى) وحتى يومنا هذا.
تناول الكاتب محمود سعيد أهم المحطات الفاصلة في حياته الابداعية، زمنا ومكانا وحالات، لا يسع الوقت للتحدث عنها لتزاحمها وكثرتها وغرائبيتها، متناولا أهم اعماله الروائية التي ترجمت إلى لغات كثيرة وحازت على جوائز وأهمية، بحيث أن رواية "SADDAM CITY " أدرجت ضمن 192 رواية كأفضل ما كتب في العالم منذ (دون كيخوتي) لسرفانتس.
ثم تكلم باسهاب عن روايته الشهيرة (زنقة بنبركة)، وعن ظروف كتابتها أعوام اقامته في المحمدية، المغرب، عام 1965، وما حظيت به من اهتمامات نقدية واعلامية وترجمية، كان للحديث عن هذا العمل الوقع الكبير على الحضور، لما يحمله هذا الأسم بالنسبة للمغربي من أهمية يعود للقيمة الحقيقية لحامله، وهو الشهيد المهدي بنبركة.
كان عرض الروائي عن تجربته وكتاباته مؤثرا للغاية بحيث استنكر الحضور ضمن مداخلاتهم، وكانت عديدة ونوعية، هذا الجحود وعدم الوفاء لهذا المبدع من طرف الأوساط الثقافية العراقية والمؤسسات الثقافية والفكرية والتي تحتفي يوميا بالكثير من المبدعين، ولا تلتفت لهذه القامة التي تشرّف الجميع، عراقيين وعربا. ليظل السؤال قائما وبالحاح حنى نجد له إجابة وهو بهذا القدر من الالتباس، علما أن الساحة العراقية تشهد تنظيمات الكثير من الملتقيات، في الشعر والسرد والترجمة وغيرها، ولا نجد حضورا ينصف تجربة المبدع محمود سعيد وما تستحق من أهمية، وكأني بهم قد طغت عليهم الأمية والجحود بشكل مخيف، لنقول لكل المهتمين بالشأن الثقافي: (لا خير في أمة لا تحترم ولا تنصف ولا ترعى ولا تلتفت ولا تحتفي بمبدعيها)