تشهد المنطقة تصعيداً خطيراً ينذر بتحولات مصيرية، وتغييرات جيوسياسية تبشر بمزيد من التقسيم والشرذمة والمزيد من الصراعات والحروب، فما يشهده العراق اليوم، من اقتتال وشحن طائفي ومذهبي ودعوات للانفصال، إضافة الى ما تشهده سوريا منذ سنوات، والعديد من البلدان العربية الاخرى، يذكرنا بالمشروع الأميركي ـ الصهيوني للشرق الأوسط الجديد المبني على إعادة رسم خارطة المنطقة وتحويل دولها الى كيانات صغيرة قائمة على الطائفية والمذهبية والاثنية، وادخالها في صراعات وحروب لا تنتهي، لوضع اليد على مقدرات المنطقة، وضمان امن إسرائيل.
ان عودة التوترات الامنية والتفجيرات الارهابية الى لبنان بالسرعة والحجم الذين ظهرا خلال الاسبوعبن الاخيرين متزامنة مع تلك الأجواء الإقليمية المتفجرة، تحمل في طياتها مخاطر تتجاوز في ابعادها الجانب الأمني المباشر من تفجيرات واغتيالات، لتشير بأدواتها والمناخات التعبوية المصاحبة لها الى ان لبنان يعيش لحظات انزلاقه الى فتنة داخلية تربط مصيره باحداث المنطقة وتحوله الى ورقة من أوراق الضغط بيد اللاعبين فيها.
يعزز هذا الاستنتاج أداء الطبقة السياسية الحاكمة المتحلل من أية مسؤولية، والغارق في تعطيل مؤسسات الدولة وشل عملها، في مسرحية مملة تجمع في آن صراعاً على الحصص والمغانم، وارتهاناً للخارج ومراهنة عليه، ما يجعل لبنان مكشوفاً على كافة المخاطر، وتصبح قضية الامن فيه أكبر بكثير وأخطر من أن يقتصر التصدي لها وعلاجها على الأجهزة الأمنية، لانها بالدرجة الأولى قضية سياسية، والتصدي لها وعلاجها هما من مسؤوليات السلطة السياسية التي تتنكر لدورها وتستعيض عنه بالاشادة بالقوى الأمنية وتحميلها المسؤولية.
إن استمرار النهج الطائفي لدى مختلف أطراف الطبقة السياسية المهيمنة، وفي هذه الظروف بالذات، يظهر مدى تهور هذه الطبقة وقصر نظرها واستعدادها للضرب عرض الحائط بمصالح الوطن العليا وأمن المواطنين، وليس ادل على ذلك ما تمارسه من تنكر وتسويف لحقوق ومطالب قطاعات واسعة من الشعب اللبناني تمثلها هيئة التنسيق النقابية.
ترى لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للانقاذ وإعادة التأسيس أن ازمة النظام السياسي الطائفي في لبنان قد بلغت ذروتها، حيث الشلل في المؤسسات، وغياب الانتظام العام، وفقدان الامن والاستقرار والخدمات، وهذا لا يكون علاجه بالمزيد من الطروحات الطائفية او بتعديل طفيف للدستور، بل يستدعي مساراً انقاذياً شاملاً يرمي الى إعادة تأسيس الدولة على أسس المواطنة وإلغاء الطائفية وفق المبادرة التي طرحها "المؤتمر الوطني للإنقاذ"، والعمل على تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها في مؤتمره الأخير.
بيروت في 4/7/2014
لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للانقاذ وإعادة التأسيس