أكثر من 40 ألف مخطوطة موزعة بين مختلف القرى والمدن والأرياف الموريتانية تضيع جراء النهب والحرق والإهمال. تعاني المخطوطات الموريتانية من إهمال رسمي، حيث لم تشفع لها قيمتها العلمية والتاريخية وتنبيه الباحثين للوضع الذي تعانيه من تحرك الجهات الرسمية لانقاذ ما يمكن انقاذه. وتغطي هذه المخطوطات فترة زمنية تمتد من القرنين الثالث إلى القرن الرابع عشر هـجريا. وتتناول جميع العلوم والفنون بما في ذلك علم القرآن والحديث وعلم الفلك والرياضيات والهندسة والنحو وعلوم اللغة والتاريخ والطب والجغرافيا وغيرها.
ويقدر المعهد الموريتاني للبحث العلمي عددها بأكثر من 40 ألف مخطوط موزع على 700 مكتبة عمومية وخاصة بين مختلف القرى والمدن والأرياف الموريتانية، هذا إضافة إلى آلاف المخطوطات المهاجرة خارج موريتانيا. ويقول خبراء في صيانة المخطوطات التراثية إن الآلاف من المخطوطات والنفائس الموريتانية قد ضاعت جراء النهب والحرق والإهمال الذي لم يتوقف منذ عقود. ففي مكتبات مدينة تيشيت التاريخية نحو 7 آلاف مخطوط في حالة تهديد دائم بسبب ظروف حفظها وعزلة المدينة التي لم يصلها طريق معبد.
وفي مكتبات مدينة وادان العريقة توجد قرابة 8 آلاف مخطوط من الهبات، لكن هذه النفائس التراثية تعاني اليوم من إهمال كبير شأنها شأن مخطوطات مدينة شنقيط التي تقدر بنحو 6 آلاف مخطوطة نادرة جدا من مختلف العلوم والمعارف من بينها أقدم مخطوط في غرب أفريقيا، ونسخة من القرآن الكريم مخطوطة على ورق الغزال تعود لنحو ألف سنة خلت.
وتعتبر هذه المخطوطات الأكثر عرضة للتلف والضياع من بين المخطوطات الموريتانية الأخرى الموجودة في المكتبات الرسمية بنواكشوط والمدارس القرآنية. فعمليات الترميم التي تقودها المؤسسات الدولية والتي تعمل على انقاذ المخطوطات لا تزال ضعيفة. ورغم تصنيف الأمم المتحدة لهذه المخطوطات كتراث انساني، فإن مكتبات المدن التاريخية المهددة بالاندثار بسبب زحف الرمال وهجرة السكان لا تزال تنتظر من يعيد اكتشافها وينفض عنها غبار الاهمال والجفاء.
وساهم حفظ المخطوطات بطريقة عشوائية، وفي بيئة بدوية وصحراء مفتوحة، في تلف مئات المخطوطات وكل يوم يمر عليها وهي في هذه الوضعية تفقد قيمتها وتتعرض للاندثار. ويقول مختصون في التراث والتاريخ ان انقاذ المخطوطات الموجودة في المدن التاريخية الموريتانية يحتاج الى جهود مؤسسات متخصصة في طبع المخطوطات ونشرها، إضافة الى إطلاق حملة كبيرة لتحسيس مالكي المخطوطات بأهميتها وبالمخاطر التي تتهددها نتيجة طرق الحفظ الخاطئة.
وحذر باحثون من استمرار التهاون في حفظ المخطوطات وتقاعس الحكومة الموريتانية وإهمال المؤسسات الثقافية لهذه القضية. وطالبوا بتحركات عاجلة حيث تحتاج هذه المخطوطات النادرة الى عمليات ترميم سريعة ومعالجة بعض الأجزاء التي تعرضت للتلف بسبب الحشرات والفطريات.
وأكدوا على ضرورة تحويل هذه المخطوطات الاصلية إلى الشكل الرقمي لتقليل الأضرار التي تنجم عن الاستعمال المباشر لها، وأيضا تسهيل إطلاع الباحثين عليها وتوظيفها في الجانب المعرفي. وأشار مختصون الى أن وسائل حفظ وصيانة المخطوطات في المكتبات وفي القرى الصحراوية النائية محدودة جدا وتقليدية في أغلب الأحيان، حيث لم يتم استخدام تكنولوجيا المعلومات في حفظ المخطوطات ورقمنتها، إلا في المخطوطات الموجودة بنواكشوط.