أطلقت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، تقريرها السنوي حول واقع حقوق الإنسان للاجئين الفلسطينيين في لبنان لعام 2013. تضمن التقرير عشرة محاور أساسية، الواقع الديموغرافي للمخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، واقع المخيمات الفلسطينية خلال عام 2013، اللاجئون الفلسطينيون وحقهم في الصحة، اللاجئون الفلسطينيون وحقهم في التعليم، اللاجئون الفلسطينيون والحقوق الاجتماعية، الأزمة السكنية في المخيمات، أزمة مخيم نهر البارد المتجددة، الأزمة السورية ضغط إضافي على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، المخيمات الفلسطينية في لبنان والواقع الأمني، الدولة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية في لبنان.
وجاء في التقرير أيضاً بأن أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان لم تتحسن خلال عام 2013، بل ازدادت سوءاً في بعض النواحي، وتعمقت صعوبة في نواحٍ أخرى. ومع استمرار الأزمة السورية وانعكاساتها الإنسانية، فإن أوضاع المخيمات التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، أصبحت بالغة السوء على مختلف الصعد.
ففي البرلمان اللبناني لم يجر أي تعديل قانوني يحسن من أوضاع الفلسطينيين، بقي الفلسطيني ممنوعاً من التملك، وممنوعاً من العمل في عشرات المهن، ولا سيما المهن الحرة كالطب والهندسة والصيدلة والمحاماة، ولم توضَح التعديلات القانونية التي جرت على قانوني العمل والضمان الاجتماعي عام 2012، فبقي الأمر مبهماً بحيث يوحي بتحسن، لكنه عملياً زاد الأمر صعوبة على العاملين الفلسطينيين. وبقيت النظرة الأمنية هي السائدة في العلاقة مع الإنسان الفلسطيني، فالمخيمات الفلسطينية محاطة بالأسلاك ونقاط التفتيش من قبل الجيش اللبناني، ومعظم المخيمات لها مدخل واحد، بحيث تُقيَّد حركة الناس عند أي حدث أمني، كذلك زادت بعض وسائل الإعلام اللبناني الطين بلة، عندما اتهمت المخيمات الفلسطينية بأنها مأوى للإرهابيين من دون أي جهد إعلامي موضوعي.
بالنسة إلى الأونروا، بقيت بعض الخدمات على ما هي عليه، مثل المساهمة بنسبة 50% من فاتورة الاستشفاء على بعض الأمراض، واستمرت خدمات التعليم بالمستوى نفسه الذي كانت عليه في العام المنصرم. لكن تدفق عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، شكّل حالة ضغط شديدة على الكادر العامل وعلى المراكز. تراجعت الأمور بنحو دراماتيكي في مخيم نهر البارد، توقفت بعض الخدمات، وتراجعت أخرى، ونفدت الأموال المرصودة للإعمار. كذلك تراجعت أعداد المنح الجامعية مقارنة بالعام المنصرم.
أما بالنسبة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الأمر لم يتغير عمّا كان عليه في عام 2012. بقيت إمكانات المنظمة عاجزة عن تلبية حاجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، باستثناء بعض المساهمات الجزئية في موضوع المنح الجامعية، وبعض القروض. تراجعت مؤسسات المنظمة بنحو لافت خلال عام 2012. وقد سجلت مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني سلسلة إخفاقات كبيرة لجهة إغلاق بعض المراكز الطبية، ولجهة الإضرابات المتتالية للكادر الطبي، ولجهة ضعف الإمكانات المالية لها.
إزاء هذا الوضع، خلص التقرير بعدد من التوصيات، طالبت خلالها المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) كل من الدولة اللبنانية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ومنظمة التحرير الفلسطينية، الى احترام الإنسان الفلسطيني والعمل الجاد لإعطائه الحقوق الإنسانية، بما يتلائم ونصوص الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
الملخص التنفيذي للتقرير السنوي لعام 2013
لم تتحسن أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان خلال عام 2013، بل ازدادت سوءاً كماً في بعض النواحي، ونوعاً في نواح أخرى. ومع استمرار الأزمة السورية وانعكاساتها الإنسانية، فإن أوضاع المخيمات، التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، أصبحت بالغة السوء على مختلف الصعد. لم يجر أي تعديل قانوني في البرلمان اللبناني يحسن أوضاع الفلسطينيين. بقي الفلسطيني ممنوعاً من التملك، وبقي الفلسطيني ممنوعاً من العمل في عشرات المهن، ولا سيما المهن الحرة كالطب والهندسة والصيدلة والمحاماة، ولم تغن التعديلات القانونية التي جرت على قانوني العمل والضمان الاجتماعي عام 2012 من الأمر شيئاً، فبقي الأمر مبهماً بحيث يوحي بتحسن، لكنه عملياً زاد الأمر صعوبة على العاملين الفلسطينيين. وبقيت النظرة الأمنية هي السائدة في العلاقة مع الإنسان الفلسطيني، فالمخيمات الفلسطينية محاطة بالأسلاك ونقاط التفتيش من قبل الجيش اللبناني، ومعظم المخيمات لها مدخل واحد، بحيث تُقيَّد حركة الناس عند أي حدث أمني، كذلك زادت بعض وسائل الإعلام اللبناني الطين بلة عندما اتهمت المخيمات الفلسطينية بأنها مأوى للإرهابيين من دون أي جهد إعلامي موضوعي.
ومن الواضح لأي مراقب أن المرجعيات السياسية والاجتماعية والدينية اللبنانية بات لديها قناعات راسخة حيال الوجود الفلسطيني. وبناءً على ذلك، لا يتوقع أن تتراجع الدولة اللبنانية عن مواقفها بسهولة، وتمنح اللاجئين الفلسطينيين جزءاً من حقوقهم التي كفلتها لهم شرعة حقوق الإنسان، وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة، التي ألزم لبنان نفسه بها في مقدمة دستوره.
بالنسة إلى الأونروا، بقيت بعض الخدمات على ما هي عليه منذ عام 2010، مثل مساهمة الأونروا بنسبة 50% من فاتورة الاستشفاء على بعض الأمراض، واستمرت خدمات التعليم بالمستوى نفسه الذي كانت عليه في العام المنصرم. لكن تدفق عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا شكّل حالة ضغط شديدة على الكادر العامل وعلى المراكز. تراجعت الأمور بنحو دراماتيكي في مخيم نهر البارد، توقفت بعض الخدمات، وتراجعت أخرى، ونفدت الأموال المرصودة للإعمار. كذلك تراجعت عدد المنح الجامعية مقارنة بالعام المنصرم. وقد أدخلت الأونروا بعض البرامج الإلكترونية الإدارية التي تهدف إلى الرقابة على أداء طاقمها الطبي، وتفعيله وكذلك تنظيم المواعيد للمرضى والمراجعين.
وقد بدأت الأونروا خلال عام 2013، رسمياً، بتوفير التعليم في مختلف مراحله للطلاب الفلسطينيين اللاجئين من سوريا، وذلك بدمج البعض منهم بالطلاب الفلسطينيين من لبنان في نفس المدارس. كما افتتحت فترة دوام بعد الظهر خاصة بالطلاب الذين يصعب دمجهم، ووفرت لهم مدرسين متطوعين من متخرجي الجامعات بمرتب تطوعي أيضاً، إلا أن اختلاف المناهج بين لبنان وسوريا يسبب صعوبات جمة لهؤلاء الطلاب.
وعلى مستوى برنامج الشؤون الإجتماعية فإن المستفيدين من خدمات الأونروا الاجتماعية لا يتجاوزون 12% من إجمالي اللاجئين. ومع أن ما تقدمه الأونروا بهذا الخصوص قليل جداً، إلا أن الأونروا لا تزال تستخدم البرامج التجريبية في اعتماد آلية لتقديم المساعدات الاجتماعية الإغاثية للمستحقين، أي فئة social hardship cases” “. وتقدم الأونروا موادّ غذائية عينية من السكر والزيت والأرزّ وبعض الحبوب المتنوعة والمعلبات بقيمة 33$ للفرد الواحد مرة كل ثلاثة أشهر. وقد حصلت مشاكل عديدة خلال عام 2013 بسبب ايقاف عشرات الحالات الإجتماعية اعتماداً على النظام الجديد.
وعلى الرغم من أن الأونروا نفّذت عدد من المشاريع التنموية في مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان خلال عام 2013، منها برنامج لإعادة إعمار وترميم نحو 5000 منزل في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وعلى الرغم من أهمية هذه المشاريع، إلا أنها لا تعالج جوهر المشكلة السكنية. والتمويل الكافي لهذه المشاريع ليس متوافراً، بل يجري توفيره على مراحل. كما أن ثمة عيوب رافقت مشاريع البنى التحتية في مخيمي الرشيدية وعين الحلوة.
بسبب الوضع المالي الخانق الذي تمر به الأونروا فقد أخذت قراراً بخفض الخدمات المقدمة لأهالي مخيم نهر البارد من طبابة وإغاثة وسكن وغيرها، ما اضطر الأهالي إلى التظاهر والاعتصام وإغلاق مؤسسات الأونروا لعدة أشهر.
أما بالنسبة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الأمر لم يتغير عمّا كان عليه في عام 2012. بقيت إمكانات المنظمة عاجزة عن تلبية حاجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، باستثناء بعض المساهمات الجزئية في موضوع المنح الجامعية، وبعض القروض. تراجعت مؤسسات المنظمة بنحو لافت خلال عام 2012. وقد سجلت مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني سلسلة إخفاقات كبيرة لجهة إغلاق بعض المراكز الطبية، ولجهة الإضرابات المتتالية للكادر الطبي، ولجهة ضعف الإمكانات المالية لها. وقد واجهت مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني مشاكل كبيرة خلال عام 2013 بسبب تهميش الصندوق القومي الفلسطيني لمستشفيات الهلال، وضعف الرقابة الإدارية، فضلاً عن غياب الحوافز للكادر الطبي، كل ذلك ضاعف من المشاكل المالية التي تمرّ بها مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني وانعكس ذلك على الخدمات الطبية، الأمر الذي جعل اللاجئين الفلسطينيين لا يحبذون التوجه إلى هذه المستشفيات في حال وُفرت هذه الخدمات في المستشفيات الخاصة وبالتكلفة نفسها.
لوحظ خلال عام 2013 ازدياد الإجراءات الأمنية المشددة من قبل الجيش على مداخل بعض المخيمات، وخصوصاً عين الحلوة وبرج البراجنة والمية ومية، الأمر الذي سبب حالة من التذمر الشديد بسبب إعاقة حركة المرضى والطلاب والعمال والموظفين.
أما على المستوى الداخلي فقد شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان العديد من المشاكل الأمنية والاجتماعية خلال عام 2013، وتفاوتت من مخيم إلى آخر، ولكنّها في العموم كان لها تأثير سلبي على واقع اللاجئين الفلسطينيين في تلك المخيمات. وعلى الرغم من وجود لجان شعبية في المخيمات الفلسطينية تتبع الفصائل الفلسطينية كافة، إلّا أن السّمة الغالبة لها أنّها جهات مطلبية لا تمتلك السلطة لفرض القانون. وبسبب كثرة المشاكل الاجتماعية والأمنية داخل المخيمات، اضطرت الفصائل الفلسطينية إلى تشكيل قوة أمنية مشتركة شاركت فيها بعض الفصائل بعناصر بشرية، والبعض شارك فقط فيها بالقرارات والتوصيات.
لم يتغير شيء خلال عام 2013 من قبل الأمن العام اللبناني تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في شتى مجالات الخدمات المقدمة. إلاّ أنّ البارز في ما يخصّ ملف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، عدم وجود قرار واضح للأمن العام في ما يتعلق بإجراءات الدخول والخروج، ما اضطر مئات العائلات إلى البقاء في العراء لأيام طويلة على الحدود، رغم صعوبة الطقس وقساوته في تلك المنطقة، فضلاً عن المخاطر الأمنية التي قد يتعرضون لها في حال إغلاق الحدود أمامهم. وقد حصل أن شُتِّت الكثير من العائلات من لبنان وسوريا، وبقيت عالقة خلف الحدود في سوريا. وقد فرض الأمن العام اللبناني على اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات سورية استصدار تأشيرات إقامة لكل فرد تجاوز 15 عاماً بقيمة 300 ألف ليرة سنوياً. زاد هذا الأمر من معاناة اللاجئين، وخصوصاً أنهم ممنوعون من العمل، ويعتمدون على المساعدات الإغاثية المحلية والدولية.
ورغم الوعود التي أطلقت في عام 2012 بأنّ وزارة الداخلية بصدد مكننة وثائق السفر وإصدار وثائق سفر نموذجية الحجم ومطبوعة إلكترونياً، إلا أن هذه الوعود لم تتحقق. ولا يزال الأمن العام اللبناني يصدر وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين بنفس الحجم الكبير ومكتوبة بخط اليد، الأمر الذي يسبب الكثير من المتاعب لحامليه في المطارات في العالم. كما أن المشكلة نفسها موجودة بالنسبة للبطاقات الشخصية.
إزاء هذا الوضع، توصي المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالآتي:
الدولة اللبنانية:
لا بد من أن تفي الدولة اللبنانية بالتزاماتها الدولية لجهة احترام الإنسان الفلسطيني، وتعدّل كافة القوانين والقرارات التي تتعارض مع نصوص الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وأحكامها. وعلى الأخص:
§ السماح للفلسطيني بالتملك وتعديل نص القانون 296/2001، بما يتيح للإنسان الفلسطيني التملك.
§ تعديل القوانين التي تنظم المهن الحرة، ولا سيما مهنة الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة وغيرها، كي يُسمح للإنسان الفلسطيني بممارسة هذه المهن بنحو قانوني.
§ تعديل قانون الضمان الاجتماعي بما يُتيح للعامل أو الموظف الفلسطيني الاستفادة الكاملة من تقديمات صندوق الضمان الاجتماعي أسوةً بالمواطن اللبناني.
§ اتخاذ قرار بزيادة مساحة المخيمات بما يُناسب الزيادة السكانية لها، والتنسيق مع وكالة الأونروا في هذا الصدد.
§ تسوية أوضاع فاقدي الأوراق الثبوتية بما يحقق لهم الشخصية القانونية.
§ تسريع محاكمة الموقوفين الفلسطينيين الذين مضى على توقيفهم أكثر من 7 سنوات دون محاكمة، أو إطلاق سراحهم ضمن قرار العفو العام، ثم التعويض عليهم.
§ النظر إلى اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، بسبب الأزمة الراهنة، باعتبارهم لاجئين وليسوا وافدين عرباً، وعدم فرض أية قيود على حركة تنقلهم.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا":
§ ضرورة زيادة الخدمات للاجئين الفلسطينيين وتحسينها في جميع القطاعات، ولا سيما قطاع الصحة والتعليم.
§ تحديد أولويات احتياجات اللاجئين والعمل على تغطيتها.
§ ضرورة العمل على خلق فرص عمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخفض الاعتماد على الموظفين الأجانب.
§ ضرورة زيادة المنح الجامعية بما يتناسب وأعداد الطلاب الناجحين كل عام، وأن تشمل المساعدة كافة الطلاب، بغض النظر عن معدلات النجاح، مع إيجاد آلية لرعاية الطلاب المتفوقين.
§ ضرورة ترشيد الإنفاق بطريقة تسمح باستغلال الموارد المتاحة بأقصى درجة ممكنة.
§ ضرورة إنهاء ملف مخيم نهر البارد، من حيث إنجاز جميع الرزم وتوفير جميع احتياجات أهالي المخيم لحين عودتهم إلى منازلهم.
§ ضرورة تفعيل قسم الحماية القانونية وتوسيع عمله كي يقدم الحماية القانونية اللازمة للاجئين في كافة المجالات.
منظمة التحرير الفلسطينية:
§ ضرورة العمل على تشكيل مرجعية فلسطينية موحدة تتمكّن من متابعة جميع ملفات اللاجئين مع الجانب اللبناني.
§ ضرورة توفير موارد مالية كافية لدعم مستشفيات مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني وتطويرها.
§ ضرورة دعم صندوق الطالب الفلسطيني مالياً وسياسياً، ليستمر في تقديم خدماته للطلاب الفلسطينيين في لبنان كافةً.
§ ضرورة وضع آلية واضحة لمؤسسة الضمان الصحي الفلسطينية، من حيث تغطية جزء من نفقة العلاج للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
§ ضرورة الاهتمام بملف مخيم نهر البارد مع الدول المانحة لاستكمال مراحل إعادة بنائه وعودة سكانه إليه.
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)