لذاكرة انواع، "الطويلة والمتوسطة والقصيرة"، والعقول البشرية متفاوتة بين تلك الانواع الثلاثة، واهم ذاكرة هي الحسية العيانية Concrete Memory ، التي تخزن صورة حقيقية دقيقة.
تلك الوحدة "العيانية" اكبر بكثير من مصطلح تقمص دور "فقدان الذاكرة" الذي يتجاهل المعنى الحقيقي للذاكرة اللفظية المنطقية verbal–logical memory المتعلقة باستيعاب المعلومات.
دخولاً الى عالم السياسة وتصريحاته، نجد رابطاً متناقضاً يتشعب بين دهاليز اروقة منظمة الامم المتحدة، وكأن الذاكرة لا هي بالطويلة ولا المتوسطة ولا القصيرة.
تصريحات الامين العام للمنظمة "بان كي مون" خلال زيارته الاخيرة لدولة الكيان "الاسرائيلي" تخرج عن السياق الطبيعي لمبادئ واعراف المنظمة الداعمة للتحرر وحقوق الانسان ومساندة الشعوب المقهورة والمنكوبة ناهيك عن التمنية المستدامة.
حينما يخرج السيد "مون" واصفاً دولة الكيان بـ"الديمقراطية والانسانية، وان من حقها الدفاع عن نفسها"، يظهر الوجه الحقيقي لتصريحات تُبرئ الاحتلال من احتلاله بقالب لغوي يصبغ التحرر بكلمات لا تليق بمنظمة تتخذ الحرية عنواناً.
هذا الخطاب يتناقض والتكوينة الاساسية لمصطلح "الحسية العيانية" و" اللفظية المنطقية" ضمن محتوى ذاكرة الانسان، ونصوصه ترتكز على صورة "اسرائيلية" مخيالية تتعمد نسيان المجازر "الإسرائيلية" التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني من قبل عصابات "الاسرلة" الاقصائية، مروراً بحيفا وعكا ويافا والناصرة والقدس وتل الربيع وغيرها من المعالم الفلسطينية.
ثمة سؤال يتسلل بين ثنايا الفقر والحروب، لماذا فشلت الامم المتحدة ومن قبلها عصبة الامم في احلال السلام العالمي؟
يتضح ان من يطبق مبادئ الامم المتحدة يتفنن بأبجديات حروف الذاكرة بعيداً عن معناها "الطويل والمتوسط والقصير"، وفقاً لأهواء دولية تضرب بعرض الحائط جوهر الحريات وحقوق الانسان وردّ المظالم الى اهلها وتنمية الشعوب.
* كاتب صحافي ومحلل سياسي في مجلة رؤية تركية (مركز "ستا" التركي للدراسات الإستراتيجية)
* سفير نوايا حسنة لمنظمة الاتحاد البرلماني الدولي متعدد الأغراض في بروكسيل