هذا شاعر من السعودية "يعيش القصيدة في حياته اليومية" ويؤسس من خلالها أفقا مختلفا للتجربة الشعرية، شاعر يتقصى الغموض وينأى عنه في محاولته نسج صوت شعري مختلف ينتصر لقصيدة النثر ولأفقها الحداثي. في ديوانه صدى لرؤية شعرية تشكل صوتها المفرد وتلملم بعضا من شجون الشاعر حين تتكالب الخسارات في الأفق.

حرس شخصي للوحشة (ديوان العدد)

إبراهيم زولي

1ـ حماقة

صامتاً، وكأنّ منطقه حجر في سرّة

الأرض. آوى إلى امرأة أكثر حكمة

من ملابسه الداخلية

كان مشحوناً، لأنه لم يتمكّن

من دفْع الغيم

ثمّة طعم أبيض في فمه

وفي وقت قصير قرّر أن تكون زواياه

معتمة، كجزء لا يتجزّأ من جسده،

معتقداً أن ذلك سوف يحرّر النساء

اللواتي تنبّأنَ بالحكاية..

لكنّ حماقته بوصفها شرفاً،

 كانت تشير إليه بعناية،

مثل إبرة بلا دليل، أو كفلاح آثر العودة

إلى نسْله، كما يحدث أثناء التغيّرات الحاسمة.

غير أنه ليس سعيداً بهذه النهاية

على الأرجح.

 

2ـ  مغلق للصيانة

أعرف أنك الخليل بن احمد الفراهيدي

رغم أن موقعك الالكتروني

مغلق للصيانة

تلك كفّك إذا لم تخنّي الذاكرة ،

تنحت بإزميل جاهلي القارب الذي يخوض به

الشعراء بحر القصيدة

(بحر القصيدة  لم يكن متلاطم الأمواج)

كنت تدلّهم

على ساعات المدّ والجزر

حتى لا تميل بهم الريح،

وتنخس ظهورهم بعصا القافية

هذا ما شاهدته

على رابطك في اليوتيوب.

 

3ـ طق

جسدك المغزول من مطر الضحى

لا يتريّث أمام عاداته الشاذة

على هذه الحال؛

يتنبّأ بطقس طويل، آتيا من ذهب المدائح،

طقس يستطيع التعساء أن ينسجوا

أكفانهم الحامضة عليه

خارجا من رؤوسهم الكسولة،

كخشب وبّخته العاصفة،

كنشيد مدرسي يتمايل في ألسنتهم،

في طرف رديء من ذاكرتهم

جسدك المغزول من مطر الضحى

لا يثق بالآخرين وهم يلوّحون له

بإشارة مضطربة، لها فداحة الرؤيا

جسدك المغزول ..

في الهواء يواري شواهد عفّته،

يقتفي شارعا حيادياً كالأحجية

شارعاً يقف قبالتك بالمرصاد.

 

4ـ أبي

داخل هذه الغرفة

تمرّ الحكايات الغريبة

كان من المثير أن يمرّ أبي،

يسترق السمع.

بوحشة فائضة

يحاول أن يأمرني بالاعتراف

فيما فاصلة أنيقة

تحدّق ذاهلة في وجهي.

 

أبي:

ربما لستُ أنا

الذي يبذر حنطة العشاق،

ويسوّي بين حواسّ الطير

لكنّني كنت أضع تاج وصاياك

على رأسي،

وألهب ظهر القصيدة

بسياط القلق.

 

 صباح 

صباحك ضوؤه ناحل هذا اليوم؛

يتحرّك على درجات السلّم

بسرعة تنذر بصمت خبيث،

صباح يتمدّد بنهمٍ

على زهر فقير في الحديقة،

صباح لم يلتفت إلى الأبواب التي لا تفتح

في العادة إلا بتوسّل شرّير،

صباح لا يجرؤ على سماع أنفاسنا

المنسيّة كتذكار

تاركاً بين أصابعنا أنقاض الرائحة،

والقلق المحدودب الظهر،

صباح بمزاليجَ تفهرس العتمة

كضلالة تتشقق في قميص البارحة

صباح كالحمّى وهي تغافل

ثياب الأنوثة..

هذا صباحٌ كأنما

يخرج الآن من الهاوية.

 

 فكرة          

يتفحّص قامته

يتأكّد أنّه ما فتئ مجرّد

خيال شاحب

يتمتم بطريقة لا حياء بها:

الباب لا ينكث عهدا مع الجدار،

الباب يغمض عينيه لو رأى نزوة فاضلة،

( أنتم يا منْ  أردتم أن تخرجوه من البيت ..)

الباب لا يغتاب الفوانيس في الغرف المظلمة.

 بحكم العادة كان يهجس بأصدقاء

يشاركونه هذه الفكرة التي يكتبها وهو بكامل

قواه العقلية، فكرة حاول أن لا يبوح بها لأحد

لكنها كانت تنهره، وتخرج عنوة

من فضاء الشبكة،

من الماء،

من العشب،

من زرقة السماوات

اخترتُ أن أصطفيها لنفسي

أرتّب أطرافها

أتتبّع روائحها في الضواحي

أعاشرها قبل شروق الشمس، وبعد الغروب،

أخْتلي بها في الشوارع  الخلفيّة لقلبي،

أحرس وجهها المأهول بالعسل.

 

كان الأصدقاء يتخافتون

وهم يكيدون لها كيدا:

في الخارج ضوء

يحتمل أن تكون فكرةً،

فكرة لن تصمد طويلا

أمام الحرس الشخصيّ للوحشة،

أو نهاراً انتهت مدة صلاحيته.

الآن

الآن فقط

يمكنه أن يكتب

دون أن يتحاشى تعاسته.

 

 دون إباحيّة

غالبا، يحمل منجل المعنى،

يستأصل به لحم المجهول

مثل شحاذٍ يجوب الشوارع

غير مطمئنٍّ لمؤشر الأسهم،

أو كصيّاد يذرّ الرماد

على ذاكرة الأسماك

ذلك سره المكنون،

السرّ الذي لم يكاشفْ به أحداً،

سرّ له طعم الغايات

وقناعة الأيديولوجيا

سرٌّ ليس في حاجة لغسْل تميمته

لأنه واثق من السحر

الذي سقاه - دون إباحيّة -

للقصيدة.

 

 ما يتحدث به الموتى أثناء السهرة

لم يعتقد يوما أن الأشجار

بهذه الحكمة التي تقتل

القلق الكالح في السكينة،

وأن ظلالها تختفي آخر الممرّ،

تجلب أفكاره سهوا،

كلما حاولت المنكرات مبايعته.

 

الأشجار ( بكلّ أسفٍ ) لا تهتمّ كثيراً

بما يتحدث به الموتى أثناء السهرة

لم تحدّق يوما  في وجهه

المصنوع من دنس الضلالة.

كان عليه أن يبدأ من شريانه

المشدود من طرف واحد

غير أن الشارع مرّ

ولم ينتبه.

 

 وسط الفوضى

قال لنفسه:

قُضي الأمر

لم يترك له الأثر فرصة لليقظة

في ضراعة يجذب الدروب النائمة،

دروب تدسّ هواجسها في إزاره.

وسط هذه الفوضى

طلع النهار من جهة أخرى

لدرجة يمكن استخدامه

كخلفيّة لجهاز الكمبيوتر

قرّر أن يبقيَ فمه مفتوحاً،

أو تتوقف طفولته عن التحديق

في بشاشة الكلمات

ظلّ يراقب المشهد

وهي تجرّ قدميه

إلى حجرة تستبيح طرائدها

.....

يحدث ذلك

لأنه لا يرقص بما فيه الكفاية.

 

10ـ  تنظيف الهواء من القسوة

لابأس...

أن تنزع عن ظلك ما تدثّر به مساء البارحة،

شبيها باللوعة التي كانت تجاهر بالدهشة،

وهي تتفرّس ملامحك الخشبية

من البديهي أن تتذكر تلك اللوعة التي حاولتْ

أن تغيّر مسارها، ثمّ غدوتَ تتعقّبها حتى اللحظة الأخيرة

 كنت تمارس هوايتك في تنظيف الهواء من القسوة

 كلٌّ منّا كان ينظر في عين الآخر، غير أن أحدا

لم يبح برغباته السرية.

فيما يخصّ المساء، لم تكن الظلمة تفزعني،

والقلب لم يتوقف عن الخفقان.

حسناً، سيكون هناك وقت آخر للمنازلة،

حين القصيدة تفتح ذراعيها، وتستعدّ للطيران

يومئذ، يمكن أن تبرّر للوعة سببا منطقيّا،

وتتدرّب على ضيافة العزلة.

 

11ـ  جذع مكسور

حين لا أجِدُ أحداً على السرير

أحمل نسل الرياح

إلى منحدر في البعيد..

انتظرُ، حتى يزهر النسيان

على الأصابع،

ووجهك يصبح بوصلة العالم.

 

حين لا أجدُ أحداً..

أصحبك على ضوء القصيدة ،

وأقِفُ كجذع مكسورٍ

عند بابك.

 

12ـ  إن لم تجد ما يشعلك

من الضروري، أن تعرج كشظيّة تتبختر

في الأعالي، ثم تعود إلى الظهور تقتفي أثر

طفولتك. من الضروري، زجْر القصيدة

إذا كانت كلماتها عُرضة للقنص. من الضروري

أن تكون مجهولاً مثل قبر على جزيرة تتكبّر

على قراصنتها. من الضروري دفْن رأسك

ببسالة في الغموض المباح،  حتى ولو لم تقرّ بذلك

علنا أمام الناس.

 

من الضروري، أن لا تسامح نفسك إذا كنت لم تحرّر

السراب من عزلته، وتحترم نفسك بالكتابة فقط. من الضروري

النزول إلى ضريحك، بأسرع ما يمكن، إذا ما بدا

قلبك غارقا في عتمته، وشعلتك تنهار، وليس هناك نجمة

واحدة في السماء. من الضروري أن تصاب الصور

الفوتوغرافية بظلال شاحبة من الشمس، أو من عينيك في

أحسن الأحوال. من الضروري التصالح مع هذا الفراغ

حتى لا يكرّر الحنين شراسته.

من الضروري، أن تضرم النيران في بدن الاستعارة،

إن لم تجد في الليل ما يشعلك.

 

13ـ  هُم

ها هُم في سُعار الليل،

أقدامهم تتعثّر في منتصف النشيد،

يتصيّدون الطمأنينة الهشّة،

النوايا المخمورة بالمعصية،

العفاف السادر في همجيّته،

المدائح وهي تنزلق

على رغيفهم الناضج حينما يحدث

ما يشغل اليقين عن نفسه.

ها هم في سعار الليل

يخيطون بأكبادهم جلد الخسارة

غير مكترثين بصدورهم

وهي تصعد محمومة

على وحش الرغبة.

 

14 ـ غير بعيد

غير بعيد عن السرير المكسو

بالوجع الفاخر

أزوّر الحنين الذي يتأرجح

في الغرفة،

حنين  يختطف اللذة،

( دون أن يرفّ له جفن )

حنين ليس في انتظاره أحد،

يميل إلى الرياء حين يعبر

منطقة الوجع،

حنين  مثل مرتزق مأجور

يعمل بأجر شهري.

في الساعة التي عثرتُ عليه

مسجّىً كان  ( لقد أكّدوا موته )

وروحه لم تكن طاهرة

فيما قافيته صعدتْ

كرايةٍ محترقة.

 

15ـ المرضوض بحجر الأخطاء

أضاف صفة

(من المحتمل أنها ليست حسنة)

إلى يقينه المرتبك،

يقينه المغمور بالفحم،

والصدف غير المحتشمة

يقينه المشنوق على رصيف الغفلة،

المرضوض بحجر الأخطاء .

 لم يفكر في نهاية

تجفّف فواصل الرياح

أو تمسح الرمل عن فمه

هو الذي لا يصدّق أحداً

يمسك جيّداً بالغيم

غيم فوق ما تتحمّل مراهنته

ولفرط ما كانت نهايته متوقعة

لم يطلْ مكوثه عالياً.

 

16ـ  كحقائب السفر

يتخفّف الليل من عتمته

في تباطؤ, تجرحه الذكريات المكفهرّة

لم أره، وهو يحرّض الأناشيد المتروكة

في حرّ الصيف على الشرفة،

الأناشيد التي تنبض في حصى الكلام،

الأناشيد الساطعة بالضجر،

الأناشيد التي ترفع قبضتها ولا تبالي،

الأناشيد الخارجة بمفردها

مخفورة بالجوارح واللعنات

تلك الساعة، ترتعش روحه ، وتلتقط وصيّتها،

وصيّة كانت رهينة الفحشاء،

وآهلة بالذنوب

 كحقائب السفر.

 

***********

 

لا بأس من فكرة فتنتها كبرى

 

فكرة

يتفحّص قامته،

يتأكّد أنّه ما فتئ مجرّد

خيال شاحب،

يتمتم بطريقة لا حياء بها:

الباب لا ينكث عهدا مع الجدار،

الباب يغمض عينيه لو رأى نزوة فاضلة،

( أنتم يا منْ  أردتم أن تخرجوه من البيت ..)

الباب لا يغتاب الفوانيس في الغرف المظلمة.

 بحكم العادة كان يهجس بأصدقاء

يشاركونه هذه الفكرة التي يكتبها وهو بكامل

قواه العقلية،  فكرة حاول أن لا يبوح بها لأحد

لكنها كانت تنهره،  وتخرج عنوة

من فضاء الشبكة، 

من الماء،

من العشب،

من زرقة السماوات.

اخترتُ أن أصطفيها لنفسي،

أرتّب أطرافها،

أتتبّع روائحها في الضواحي،

أعاشرها قبل شروق الشمس،  وقبل الغروب،

أخْتلي بها في الشوارع  الخلفيّة لقلبي،

أحرس وجهها المأهول بالعسل.

كان الأصدقاء يتخافتون

وهم يكيدون لها كيدا:

في الخارج ضوء

يحتمل أن تكون فكرةً،

فكرة لن تصمد طويلا

أمام الحرس الشخصيّ للوحشة،

أو نهاراً انتهت مدة صلاحيته.

الآن

الآن فقط

يمكنه أن يكتب

دون أن يتحاشى تعاسته.

 

 فتنتها الكبرى

يدك البيضاء تنهض

مرتبكة من النوم،

عارفة بفتنتها الكبرى.

يدك البيضاء تسهر

قرب مطر لا يهدأ،

مطر يهذي بالريح،

مطر يتهوّر بفعل ضرورات قبليّة،

مطر لا يفرّق بين أحد في المضاجع،

مطر يصهل بنبرة خارجة عن المألوف.

بهذه اليد..

اصْطدتُ الرائحة ذاتها،

تاركًا بريق الحمّى

يشقّ لحاف الليل،

ويستعيد بوصلة الأسلاف.

 

  لابأس

لابأس...

أن تنزع عن ظلك ما تدثّر به مساء البارحة،

شبيها باللوعة التي كانت تجاهر بالدهشة، 

وهي تتفرّس ملامحك الخشبية.

من البديهي أن تتذكر تلك اللوعة التي حاولتْ

أن تغيّر مسارها،  ثمّ غدوتَ تتعقّبها حتى اللحظة الأخيرة.

 كنت تمارس هوايتك في تنظيف الهواء من القسوة.

 كلّ منّا كان ينظر في عين الآخر،  غير أن أحدا

لم يبح برغباته السرية.

فيما يخصّ المساء،  لم تكن الظلمة تفزعني، 

والقلب لم يتوقف عن الخفقان.

حسناً،  سيكون هناك وقت آخر للمنازلة،  حين القصيدة

تفتح ذراعيها،  وتستعدّ للطيران.

لابأس ..

أن تبرّر للوعة سببا منطقيّا،

وتتدرّب على ضيافة العزلة.

 

غير بعيد

غير بعيد من السرير المكسو بالوجع الفاخر

أزوّر الحنين الذي يتأرجح

في الغرفة،

حنين  يختطف اللذة، 

( دون أن يرفّ له جفن )

حنين ليس في انتظاره أحد،

يميل إلى الرياء حين يعبر منطقة الوجع،

حنين  مثل مرتزق مأجور،

يعمل بأجر شهري.

في الساعة التي عثرتُ عليه

مسجّى كان  ( لقد أكّدوا موته )

وروحه لم تكن طاهرة

فيما قافيته صعدتْ

كرايةٍ محترقة.

 

  وقت كاف

لديك وقت كافٍ لتدرّب

شفتيك على ماء مثلّج

استعداداً لأيّ طارئ.

أنت لا ترتكب إثماً،  حين تجرّد

القصيدة من كامل ملابسها

ستكون قلقة من محاولتك الغريبة،

متّهمة إياك بمحاولة اغتصاب.

لا تخفْ..

تلك محاولاتها البائسة

مع كلّ الشعراء الذين سبقوك

لا تلبث أن تكون غارقة

في جدولها المهجور

ربما تتصل على هاتفك الذي دوّنته

في الفيس بوك،

وتدعوك للممارسة.

 

6ـ من الضروري

من الضروري أن تعرج كشظيّة تتبختر

في الأعالي،  ثم تعود إلى الظهور

تقتفي أثر طفولتك.

من الضروري زجْر القصيدة إذا كانت

كلماتها عُرضة للقنص.

من الضروري أن تكون مجهولاً مثل قبر

على جزيرة تتعالى على قراصنتها.

من الضروري دفْن رأسك ببسالة في الغموض المباح، 

حتى ولو لم تقرّ بذلك علنا أمام الناس.

من الضروري أن لا تسامح نفسك إذا كنت لم تحرّر

السراب من عزلته،  وتحترم نفسك بالكتابة فقط.

من الضروري النزول إلى ضريحك،  بأسرع ما يمكن،  إذا ما بدا

قلبك غارقا في عتمته،  وشعلتك تنهار،  وليس هناك نجمة

واحدة في السماء.

من الضروري أن تصاب الصور الفوتوغرافية

بظلال شاحبة من الشمس،  أو من عينيك في أحسن الأحوال.

من الضروري التصالح مع هذا الفراغ حتى لا يكرّر

الحنين شراسته.

من الضروري أن تضرم النيران في بدن الاستعارة، 

إن لم تجد في الليل ما يشعلك.

 

7ـ حماقة

صامتاً, وكأنّ منطقه حجر في سُرّة

الأرض. آوى إلى امرأة أكثر حكمة

من ملابسه الداخلية

كان مشحوناً, لأنه لم يتمكّن

من دفْع الغيم.

ثمّة طعم أبيض في فمه ..

وفي وقت قصير قرّر أن تكون زواياه

معتمة, كجزء لا يتجزّأ من جسده,

معتقداً أن ذلك سوف يحرّر النساء

اللواتي تنبّأنَ بالحكاية..

لكنّ حماقته بوصفها شرفاً,

 كانت تشير إليه بعناية,

مثل إبرة بلا دليل, أو كفلاح آثر العودة

إلى نسْله, كما يحدث أثناء التغيّرات الحاسمة.

غير أنه ليس سعيداً بهذه النهاية

على الأرجح.

                    

عادة مدرسية

هناك..

يتعاظم قبالتهم وزْر الفضيحة,

ابتسامتهم المعدنية لا تفارقهم.

كعادة مدرسية

ينصت أجملهم إلى جسده بشكل مغاير

هناك..

على ما يبدو

كانت أصابعهم الأفّاقة

تعرف رائحة غير مناسبة,

رائحة تفيض منهم,

رائحة تختال في أوردة الحجر,

رائحة تقف بكبرياء حتى إشعار آخر,

رائحة تتخلّى عن التصفيق, وما تبقّى

من فوضى البرد.

لم يكن هذا الفعل

يدعو للشجب والاستنكار,

الفعل الذي ظلّ يهيمن

على العصافير الطليقة,

ويحبس الأغنيات

في لوحةٍ إعلانية.

 

غيم لا يرهن أمطاره

الصباحات مرّتْ من هنا

قريبا من المنازل التي يحرسها غيم لايرهن أمطاره

منازل تعبرها طيور تكشف عن صدرها بمهارة

وأحاديث خائبة لا تطمئنّ لأحد,

أحاديث لا يصدر عنها غير حصى مراوغ.

الصباحات المؤسفة القتْ نظرة أخيرة

على وجهك الملطخ بالنشيج

حدقتْ في آثامك التي لم تتب منها

آثام تشبه العجوز المرسومة

على طاولة الطعام 

- طاولة لا أعرف الكثير عن علاقتها المتهورة بالمطبخ -

الصباحات التي أجبرت الموت على النشيد

تجري الآن في عروقها

مصائر من رماد,.

ووجوه تتشظّى عنوة ,

وجوه تذهب راضية للسعير.

 

10ـ حلم معطّل                        

في غرفة نومه

يرتمي على فراشه بكامل موته

يتأمل مراهقته التي أحتلّتْ الجزء الأكبر من قصائده

كانت تغفو مستلقية وهي تحدق

في أزرار قميصه

هي الآن ترفع كفها لتحصد الهواء العملاق, وتجرج سبابته

تنتظر الرعشة في فصل فاسد

فصل عاري الرأس

فصل بلا مستقبل

فصل تفرّقت به السبل 

بلا مواعيد مباغتة.

في غرفة نومه

خيبة قاحلة

ليل صيفي يتمدد على شاشة الحاسوب

حلم معطّل

حلم يورق عندما تنظر له النسوة المحجّبات

حلم يقضي الساعات على تويتر

حيث الأصدقاء يصبغون وجوههم بالأغاريد الحجرية

ويتحلّقون كالنسور على "الهاشتاق".

كان يحتاج لبكاء ضخم

في هذا الفضاء الالكتروني.

 

11ـ غزل فاحش

فيما مضى, كنت أرعى البياض في ضواح فاسقة,

أحصد الفواكه التي ترتكبها البساتين المرفّهة,

أكتب مرتبكا وأنا أغمض

أجفاني, وأقامر برأسي المكتظة بالفوضى.

أودّ كثيرا من الحماقة أبادلها الغزل الفاحش.

لا نجمة تقرع نافذتي بعد العشاء,

لا قمح تحت سريري أهبط في الظهر إليه, وأعدّ هزائمه

بعد المطر.

أنام على عجل تقريبا, وأصعد درج الأسماء..

اسمك, يأتي في ساعة متأخرة, شبيها بالحمّى,

بالبرق الذي يلمع في الجهات الأربع, كالأطفال حين لا يعرفون طريقة للتعبير غير البكاء.

لم يكن يهمني عدّ الطيور فوق أغصان القصيدة

حلّ الكلمات المتقاطعة في الوقت المجرّح بالانتظار

 حرائق اللوعة التي تتصاعد من الصور الفوتوغرافية,

حتى الفجر لم أعد أكترث له

حين يخاتل الفلاحين قبل موعده بقليل.

اسمك, فقط, كان هاجسي, من قبل ومن بعد

عما قريب يمكن العثور

على الشذى الذي تجمهر فوق غصونه

وما كان يرويه في السرّ للأرصفة.

 

12ـ الذاهب في القيظ

الطفولة لا تتوقف عن الرعشة طوال العمر,

الطفولة تعرف كيف تسير بحرية داخل غيمة من نحاس,

كيف تقرأ المدى الجامح,

المدى الذاهب في القيظ.

اعتقدَ أن ما يقوله مجرد نزق يسيطر عليه

بمطرقة الكتابة

غير أنّ الأمر كان أسوأ بكثير

أسوأ من الريش الزاهي على المفردات

المفردات المسفوحة على ثيابهم

المفردات التي تتقافز على النوافذ كالقطط,

المفردات الصاعدة للبنايات بحثا عن الدفء الخالص

تفتش عن باب مفتوح, بين أول الشارع, وآخر العذاب.

المفردات ذات اللون الفجائي

المفردات التي ترفرف على الخواء,

المفردات التي يمسّد أطرافها في المهرجانات الرسمية,

المفردات التي يتباهى بها, ويلتقط لها الصور التذكارية.

يوما بعد يوم,

كانت تقاسمه الخبز, والجحيم,

وهشاشة الأرض.

 

شاعر من السعودية