في زحمة المنفى تتلمس الشاعرة السورية بعضا من هويتها المتشظية من خلال الأمكنة والذوات وبعضا من وشائج نسجتها في سفرها وترحالها، هي طريق لا تؤدي بالضرورة الى مكان تفتقده، ولا الى ذاتها، بل الكثير منها يعيدها الى جزء من أصول تحتفي من خلالها بأشياء طالما افتقدتها الشاعرة هناك في مكان قصي حيث لا تجد إلا القصيدة ملاذا للروح وللعودة.

الطريق الى أرض الله

فرات إسبر

أمسكُ ذيل الظلام

أُمسكُ ذيلَ الظلام

أدخلُ في قلبه

 مرةً يأخذني في كسوفٍ

ومرة ً في خسوفٍ .

 

أقفُ على الباب أرقبُ الضوءَ

 كي يطلعَ ،

سأقطعُ رأسه، بسيف انتظاري .

 

السماء تركتْ زرقتَها على جسدي

أعطيتها كلَّ رغباتي الساطعة .

 

السماء تعرفني،

تنامُ فوق رأسي

تقرأُ لي .

 

 على درجٍ السماء أنتظرك َ 

ربما نلتقي،

من منا سيحترق فداءً للآخر؟

  

 أيتها السماء 

أحفادك ينامون  في

الوحشة الدامية     

لا شجرٌ طويلٌ  كي أصعد إليك

أتسلّق وأنا أمسك ذيلَ الظلام ،

يسحبني من نورٍ

إلى  نور

ومن ظلمةٍ

إلى ظلمة 

 

 من سيكنسُ هذا الظلام عن صدري

 الغيمةُ أطبقتْ         

 ولا مطرَ

ولا مطرَ.!   

 

الطَّريقُ إلى أرض الله  

قال الطريق :

أنا  الزاهد ٌ

 المتعبدُ 

أنا العازف ُ

أنا  الإيقاعُ

أنا الغريب .

 قال الطريق  :

مراكش،

 حديقة الله على الأرض،

لوحة في صحراء

  شجرٌ ناعسٌ 

  بياض ٌ

يقطعُ الحلم بسكينه

فتوُقظنُا مثل النور ،

إذ يشرقُ  من قلبِ العاشقِ المُشتاق .

 

النخيل ُ يمتدُّ

كما قلب  المغّربي

إذ يقرأ الفاتحة

 على بلادي التي علّاها  الطحلب

 واقفرت  من غزلانها ،

الطريق يابسٌ إليها

كأنه جرح ٌ على خد المدى

ودمٌ يسيل ُ

بكيتُ عليها حتى ذاب دمٌ من فم البرتقال .

 

عندما تبتسمُ مراكش

 تغيبُ شمسٌ

  وتضحكُ حديقة

 وصديقٌ من بعيد يضيء:

 أنت فجرٌ ايتها الشاعرة 

فيقطرُ الندى على حُمرة  الأصيل .!

 

مدينة

 يحرسها  ضوءُ

يزنُر خصرها

مثل نحل ٍ

   لا ينام

ذهاباً أيابا ً

  إلى عسل  ٍ

 ومتاه .

 

في مراكش  تركت قلبي  معلقاً على مئذنة، تقول:

"لا إله سواه"

كان بي أرقٌ إلى اكتشاف المعاني

 بي أرقٌ للصعود ِ

كي أرى  حسان

كي أرى الرباط  تمُّر على تاريخها ِ

 وتزهرٌ  

كالربيع إذا ما تأخر  مخاض المرأة العاشقة .

 

في  الدار زهرة يفوح ُعطرها  حتى أرض الياسمين

تقطفُ لأولادها  ما علقٌ من الندى على زهر الصباح

وتدعو لهم  بقلبٍ ينبتٌ  النخلُ فيه،

كانت،

كما مراكش

كما  الرباط

إلى  قلب ِ البياض ِ

إلى تاريخ "عقبة"

إذ  أضاء  البحر 

 وصيادٌ يصيدُ الأمل  

هنا التاريخُ يقرأ:

ما أبدَعَ الأنسان .!

وما تفجَّر من نبع القلوب .!

 

"وكلميم " التي أخفق البحرُ في وصالها 

امرأةُ صعبةٌ المنال،

المطرُ  يغازلُ الأرض فيها  بلمس ٍخفيف ٍ

فترتعشُ، كأنها من زمن ٍ

 لم تنل قبلة من  حبيب .!

 

شاعرة من سوريا {مقيمة في نيوزيلندا}