انطلقت فعاليات موسم أصيلة الثقافي، أحد أشهر المهرجانات الثقافية العربية وأعرقها، بحدثين كادا يعصفا بالمهرجان. سرقة هاتف وزيرة الثقافة البحرينية ووقفة لناشطين حقوقيين وفعاليات سياسية تندد بموسم أصيلة. وقد أدان المكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأصيلة بشدة للجوء السلطات العمومية بالمدينة إلى قمع وقفة احتجاجية ضد مهرجان منتدى أصيلة، ويعرب الكثيرون، يمثلون فعاليات سياسية بكل أطيافها يسارية وإسلامية وحقوقية، عن امتعاضهم من إصرار المسؤولين رفض وجهة النظر القائلة باتجاه الموسم الى تكريس وتسويق "صورة غير حقيقة عن رضى الساكنة عن هذا المهرجان، الذي تظاهروا ضده لكونه يكلف المدينة مبالغ مالية طائلة، بينما يعاني مواطنوها من أوضاع إجتماعية صعبة". وجاء هذا التدخل بالتزامن مع عقد ورشة حملت عنوان "الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب"، انتهى الى الإعلان عن ما وسم بـ "إعلان أصيلة"، والذي دعا من خلاله المشاركون في الحوار إلى تنزيل الدولة المدنية وتحويلها إلى أمر واقع على الأرض، عبر اعتماد قيم التسامح وتقبل الآخر وإقرار الديمقراطية، التي قالوا إنها أساس أي دولة مدنية.
وقد انطلقت ابتداء من الثامن الشهر الجاري، فعاليات الدورة ال36 لموسم أصيلة الثقافي الدولي وأشغال الدورة ال29 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، والتي تستمر الى 24 من الشهر بحضور أسماء ولفيف من سياسيين ومثقفين ودبلوماسيين وفنانين وإعلاميين. وقد تميزت الدورة السادسة والثلاثين لموسم أصيلة بمشاركة مملكة البحرين كضيف الشرف. وسطرت مؤسسة المنتدى برنامجا غنيا اشتمل على ندوات فكرية وورشات وعروض فنية، هذا الى جانب أبواب المهرجان المعتادة كالجدرايات ومشغل الكتابة. وضمن فعاليات الدورة الـ 29 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، تم التطرق إلى قضايا تهم بالأساس موضوع “الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب”، ودور المنظمات المتعددة الأطراف فيما يتعلق بالتنمية المستدامة والتغيرات المناخية، و”الفن التشكيلي العربي المعاصر: الرهانات والتحديات” وكذا موضوع “العرب غدا: التوقعات والمآل” كما احتفت خيمة الإبداع هذه السنة بالروائي المغربي يوسف فاضل.
وتميز فعاليات هذه الدورة، بحضور مملكة البحرين ضيف شرف هذه الدورة بعدد كبير من الفعاليات الثقافية والفنية، توزعت بين الأدب والفن التشكيلي والموسيقى، إضافة إلى الندوات الفكرية. وترأس وفد مملكة البحرين نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، الذي ألقى كلمة العاهل البحرين في حفل افتتاح الموسم في مكتبة الأمير بندر بن سلطان وسط مدينة أصيلة. وشدد بن عيسى أن أصيلة أحسنت احتضان النخب الوافدة إليها من مختلف دول العالم، حيث وجدت هذه النخب في أصيلة أرضًا للتلاقي والحوار والنقاش الخلاق في أجواء فكرية حرة تهيمن عليها قيم التسامح وتقاليد الإصغاء المتبادل للرأي.
وأكدت وزارة الثقافة البحرينية أنها تنقل من خلال مشاركتها في المهرجان الحالي لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي "تجربة البحرين الثقافية والفنية في اتصال بالشعوب إلى أحد أكبر المهرجانات الفنية والتشكيلية المقامة في المغرب العربي، وخلال يوميات ثقافية وفكرية وتشكيلية" استمرت حتى 22 غشت الحالي. وتتوخى هذه المشاركة، تضيف الوزارة في بيان لها، نقل الإنتاجات الثقافية البحرينية على اختلاف وسائطها وقيمها الجمالية والإنسانية والتاريخية، من خلال "برنامج استثنائي تم الاشتغال عليه منذ عدة أشهر، ويتضمن نقل معارض تشكيلية لمبدعي ورواد الحركة الفنية في البحرين، من رسوم زيتية، وفن الحفر والنحت، والجداريات وغيرها".
وشارك في ندوات المنتدى، شخصيات بحرينية دبلوماسية وثقافية وفنية تسعى إلى التركيز على جانب من الهوية البحرينية أو التاريخ أو المشهد الثقافي البحريني، و"تجسد أصوات بحرينية تقرأ المشاهد المحلية بتأن وتتقاسم مع الحضور أهم الملامح الوطنية وتفاصيل الهوية البحرينية تراثيا وحضاريا". وكانت البحرين حاضرة أيضا في هذا المنتدى من خلال معرض للأزياء البحرينية، "ينقل جزءا من تجربة مهرجان التراث السنوي لهذا العام، ويتخذ من الأثواب والملابس الشعبية طريقةً لشرح موروث النسيج ودقة الصناعة البحرينية"، فيما يحمل معرض الكتاب في مكتبته إلى أصيلة مجموعة متنوعة من الإنتاجات البحرينية، في سعي إلى "إيصال الفكر البحريني ونقل التجربة النصية والمختبر الفكري البحريني عبر الكتاب".
أما الموسيقى، بسماعياتها الموروثة وأغنياتها الجميلة التي تنتمي إلى البحرين وإرثها المغنى، فشهدت العديد من الحفلات الموسيقية التي أحيتها (فرقة البحرين للموسيقى) و(فرقة محمد بن فارس لفن الصوت)، إلى جانب التجربة الغنائية الحديثة للفنانة البحرينية حنان رضا. وفي السياق ذاته، أبرزت الكاتبة الصحفية البحرينية، فاطمة عبد الله خليل، المشاركة المميزة لمملكة البحرين في مهرجان أصيلة، الذي "يتميز باستقطابه شخصيات سياسية وفكرية وإبداعية، عربية وأفريقية ودولية، فضلا عما يشهده من ندوات وبرامج فنية وثقافية مختلفة"، مما جعل من هذه المدينة المغربية الصغيرة "قطبا ثقافيا وسياحيا هاما، وبوأها مكانة مرموقة في المشهد الثقافي المغربي وتواصلها مع الثقافة الإنسانية.
واحتضن مركز الحسن الثّاني بأصيلة، معرض الفنون التّشكيليّة الذي شارك فيه روّاد الحركة التّشكيليّة في البحرين ومجموعة من الفنّانين بأعمالهم الفنّيّة، وهم: الشّيخ راشد آل خليفة، بلقيس فخرو، عبدالكريم العريّض، إبراهيم بو سعد، فائقة الحسن، أحمد باقر، عبدالرّحيم شريف، لبنى الأمين، عبدالكريم البوسطة، أصغر إسماعيل، نبيلة الخيّر، علي خميس، مروة آل خليفة، حسين السّنيّ، ناصر اليوسف، عدنان الأحمد، راشد سوار، زهير السّعيد وعلي حسين. ويجسّد المعرض قراءة متمعّنة في الفنّ التّشكيليّ البحرينيّ وتقنيّاته عبر مجموعة منتقاة من أعمال كلّ فنّان، في رصدٍ لهذا المشهد الثّقافيّ.
وأكد بن عيسى أن موسم أصيلة الثقافي يحرص على تضمين برنامجه العام قضايا وموضوعات وإشكالات تنتسب إلى صميم التطورات والمتغيرات التي يعرفها العالم المعاصر، ثقافيًا وسياسيًا وبيئيًا، مضيفًا أنه بفضل ذلك النهج توفّر للمنتدى مخزون رفيع من الأعمال الفنية التشكيلية ورصيد فكري خصب هو خلاصة الندوات واللقاءات المهمة التي جمعت صناع قرار ومثقفين وباحثين وفنانين وإعلاميين على طاولات النقاش في رحاب جامعة المعتمد بن عباد الصيفية.
بعد افتتاح معرض الكتاب البحريني، والذي جاء مباشرة بعد الانطلاقة الرسمية للافتتاح الرسمي للدورة 36 لموسم أصيلة الثقافي الدولي والذي احتضنته مكتبة الأمير بندر بن سلطان، توجه المشاركون في الندوة الافتتاحية ومن ضمنهم سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء مملكة البحرين، والشيخة مي بنت محمد بن إبراهيم آل خليفة وزيرة ثقافة مملكة البحرين، ومحمد بن عيسى رئيس مؤسسة منتدى أصيلة، إلى خيمة حديقة أحمد عبد السلام البقالي لافتتاح معرض الكتب التي أصدرتها وزارة الثقافة البحرينية، الى جانب افتتاح معرض الفنون البحرينية المعاصرة. وبرزت أهمية التوصيات، التي أسفرت عنها أشغال الندوة “الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب"، في تنوير الساسة والحكام وتوفير الصيغ البديلة للتنمية التي لا تستطيع الدولة القطرية أن تنهض بها بمفردها وإنما في إطار اتحاد إقليمي قائم على التكامل الاقتصادي بين بلدانه.
وضمن أهم خلاصات ندوة “الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب” أكدت مداخلة كل من فتح الله ولعلو، استحالة تحقيق البلدان المغاربية لأي تنمية منشودة خارج إطار اتحاد إقليمي يجمعها ويترجم التكامل الاقتصادي بينها إلى واقع معاش ويوحد سياساتها الاستراتيجية. وأشار ولعلو إلى مفارقة يعيشها العالم العربي وتتمثل في واقع الانقسام والتشرذم إلى كيانات صغرى في وقت تتجه باقي دول العالم الأخرى إلى التكتل ضمن اتحادات إقليمية تحميها وتساهم في تنميتها وتتيح لها التأثير في العالم. فيما نبه وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي في كلمة "لا يمكن أن نتصور اتحادات إقليمية فاعلة، تضم كيانات وهمية لا شرعية ولا وجود فعلياً لها، ولا تتوافر فيها العناصر القانونية، ولا المتطلبات السياسية للدولة الوطنية".
من جانبها، أوضحت بهية جواد الجشي أن الانتقال من الدولة إلى الاتحاد الإقليمي لا يتناقض مع الاستقلالية والخصوصية الوطنية، بل هو يضاعف من إمكانيات تطوير كتلة إقليمية لها تأثير سياسي واقتصادي. مداخلة عبد الله كوليبالي، نائب رئيس منتدى باماكو، سلطت الضوء على الأبعاد الدولية التي اتخذتها الأزمة المالية، حيث تحولت من مشكل يهم مالي بالأساس، إلى تهديد عابر للحدود يخترق دول الجوار بدءا من الجزائر وليبيا وإفريقيا الوسطى، وصولا إلى أوروبا، وتحديدا فرنسا، التي اضطرت للتدخل العسكري بغطاء أممي، وعدد من الدول الغربية انطلاقا من ضحايا الهجوم على إحدى المنشآت النفطية جنوب الجزائر، الأمر الذي دفع إلى طرح فكرة إنشاء اتحاد جيوستراتيجي يجمع بين إفريقيا وأوروبا، التي تعى لسحب البساط من تحت أقدام الصين في سياق التنافس الاقتصادي العالمي بالأساس.
لقد أجمع العديد من الخبراء المتدخلين على أن "الأمن والاقتصاد اليوم يمثلا أبرز دوافع للتكثلات والاتحادات الاقليمية في الجنوب". فيما ذهب نداء أصيلة الى اعتبار التكتلات الإقليمية ضرورة لتحقيق التنمية والسلم بدول الجنوب مع أن بعض التجارب، كما نبه، الأكاديمي القطري أحمد عبد الملك جاءت استجابة للهاجس الأمني {نموذج قيام مجلس التعاون الخليجي}. وعبر الرئيس السابق للمجلس الوطني الليبي، محمود جبريل، أن التداخل بين الأمني والسياسي والاقتصادي، أضحى أمرا واقعا في عالم اليوم، وانعكس بالضرورة على منطلقات وأهداف الاتحادات الإقليمية. وفد انتهت أولى ندوات موسم أصيلة الثقافي، بإصدار «إعلان أصيلة»، الذي اعتبر أن خلق أقطاب إقليمية قوية وفعالة صار ضرورة أساسية. واعتبر الإعلان أن إحداث الأقطاب الإقليمية في دول الجنوب، هو الطريق المؤدي إلى الاستفادة من الامتيازات الاقتصادية في عالم متسم بـ"الكونية"، مشددا على أن هذه التكتلات لا بد أن تتسم بالقوة وعدم التشرذ. كما اعتبر الإعلان أن التكتلات الإقليمية هي سبيل دول الجنوب نحو ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق السلم والاستقرار في الدول الإفريقية.
كما أوصى “نداء أصيلة” بضرورة القيام بتقييم موضوعي للتجارب الإفريقية في تحقيق الاندماج الإقليمي، بهدفة التغلب على “هشاشة” الدول الوطنية في مواجهتها للمخاطر التي تهددها، داعين إلى بناء شراكة حقيقة مع مجلس التعاون الخليجي. كما اقترح المشاركون في الندوة الافتتاحية لموسم أصيلة الثقافي في دورته36 أن يحتضن المغرب اجتماعا لممثلي الاتحادات الإفريقية من أجل تبادل وجهات النظر بخصوص حصيلة مشروع الاندماج الحالي.
وتواصلت فعاليات جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، بأشغال الندوة الثانية، والتي تحمل عنوان “التنمية المستدامة والتغير المناخي: أي دور للمنظمات متعددة الأطراف". وشاركت د. صباح الجنيد أستاذ نظم المعلومات الجغرافيّة والبيئيّة المشارك بجامعة الخليج العربيّ في ثاني ندوات منتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ السّادس والثّلاثين، وشكّلت ملتقى ما بين الخبراء والباحثين وكبار المفكّرين وصُنّاع القرار لبحث العلاقة ما بين التّنمية المستدامة وإدارة التّغيّرات المناخيّة، وإعادة التّفكير في العلاقات الدّوليّة وما تتّسم به من أجل وضع استراتيجيّات جديدة تساهم فيها التّكنولوجيا الجديدة للمعلومات والاتّصالات والطّاقات البديلة وعلم الجينيوم والهندسة الوراثيّة.
تضمّنت النّدوة خطابًا موجّهًا من بان كي مون الأمين العامّ لمنظّمة الأمم المتّحدة والذي نقله معالي السّيّد محمّد بن عيسى وزير الخارجيّة المغربيّ الأسبق ومؤسّس منتدى أصيلة، كما شارك في هذه النّدوة العديد من الشّخصيّات السّياسيّة وصُنّاع القرار في العالم، من بينهم: ماركوس كيبريانو (وزير الخارجيّة القبرصيّ الأسبق وعضو اللّجنة الاستشاريّة بمركز العلاقات الدّوليّة والتّنمية الاستشاريّة)، بيرستيغ مولير (وزير الخارجيّة الدّانماركيّ الأسبق)، لورد مايكل هوارد (الوزير البريطانيّ الأسبق وعضو حزب المحافظين)، فرانكو فراتيني (وزير الخارجيّة الإيطاليّ الأسبق)، روت غرينسبان بيل (الباحثة الأميركيّة في السّياسة العموميّة بمركز ويلسون الدّولي – برنامج التّغيّر والأمن البيئيّ)، سعيد ملين (المدير العامّ بالوكالة الوطنيّة لتنمية الطّاقات المتجدّدة وكفاءة الطّاقة في المغرب)، لويس ألفونسو دي آلبا (رئيس لجنة حقوق الإنسان السّابق والممثّل الدّائم للمكسيك في الأمم المتّحدة).
كما أكّد السّيّد بان كي مون الأمين العامّ لمنظّمة الأمم المتّحدة أنّ دول العالم أمامها أقل من 500 يومٍ على الموعد الذي حدّده أقوى زعماء العالم في العام 2000م من أجل تحقيق أهداف الألفيّة للتّنمية. جاء ذلك في الرّسالة التي بعثها الأمين العامّ لمنتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ السّادس والثّلاثين وذلك خلال ندوة (التّنمية المستدامة والتّغيّر المناخيّ: أيّ دور للمنظّمات متعدّدة الأطراف؟) والتي نوقش فيها دور الأمم المتّحدة في مسار التّنمية والاستدامة بمشاركة العديد من الشّخصيّات الدّبلوماسيّة وصُنّاع القرار، من بينهم: ماركوس كيبريانو (وزير الخارجيّة القبرصيّ الأسبق وعضو اللّجنة الاستشاريّة بمركز العلاقات الدّوليّة والتّنمية الاستشاريّة)، بيرستيغ مولير (وزير الخارجيّة الدّانماركيّ الأسبق)، لورد مايكل هوارد (الوزير البريطانيّ الأسبق وعضو حزب المحافظين)، فرانكو فراتيني (وزير الخارجيّة الإيطاليّ الأسبق)، روت غرينسبان بيل (الباحثة الأميركيّة في السّياسة العموميّة بمركز ويلسون الدّولي – برنامج التّغيّر والأمن البيئيّ)، سعيد ملين (المدير العامّ بالوكالة الوطنيّة لتنمية الطّاقات المتجدّدة وكفاءة الطّاقة في المغرب)، لويس ألفونسو دي آلبا (رئيس لجنة حقوق الإنسان السّابق والممثّل الدّائم للمكسيك في الأمم المتّحدة) وغيرهم.
ووجّه الأمين العامّ لمنظّمة الأمم المتّحدة بان كي مون دعوته إلى زعماء من مختلف دول العالم لحضور قمّة المناخ المزمع إقامتها في الثّالث والعشرين من شهر سبتمبر المقبل في نيويوك، وذلك حرصًا على التّوصّل إلى نتائج فعّالة، مشيرًا إلى أنّ الأمر يتطلّب مشاركةً أكبر من ممثّلي الحكومات ومن النّاشطين ورجال الأعمال وكذلك المواطنين العاديين من أجل العمل على إنقاذ كوكب الأرض ومستقبله. وعلّق حول أهميّة الثّقافيّة في مثل هذه القضايا العامّة قائلاً: (الثّقافة لها قوّة هائلة قادرة على جمع شمل الشّعوب وجعلهم يقيّمون ظروفنا الإنسانيّة المشتركة). وأعرب عن أمله في أن يبقى منتدى أصيلة (مصدرًا لإلهام كافّة الشّعوب من أجل أن تلعب دورًا أكبر لدعم رؤيتنا الرّامية إلى ضمان العيش الكريم للجميع). الندوة عرفت مشاركة المدير التنفيذي لملف التحالف العالمي للأراضي الجافة القطري بدر عمر الدفع. وفهد محمد العطية الرئيس التنفيذي والمدير العام لبرنامج قطر الوطني للأمن الغذائي وعضو المجلس العالمي للبيئة. كما تواصلت فعاليات جامعة المعتمد بن عباد بتنظيم ندوة الفن التشكيلي العربي المعاصر: الرهانات والتحديات{17و18}، عبر المحاور التالية، الفن العربي بين حرية الإبداع وحرية المبدع والفن العربي المعاصر ومؤسساته ووسائطه ورهانات التجديد في الفن العربي المعاصر والفن العربي المعاصر بين الذاكرة والتاريخ. وستعرف مشاركة فعلية لكل من رئيس ملتقى كنارا الثقافي والمشرف العام على جائزة كنارا للرواية العربية بالدوحة خالد السيد، الى جانب الخبير الفني القطري يوسف أحمد الحميد وعبدالله كروم مدير متحف الفن العربي الحديث. وتنتهي ندوات المعتمد بمحور راهني هو "العرب غدا: التوقعات والمآل".
واحتفت أصيلة بالروائي والسيناريست المغربي يوسف فاضل، إذ قدم نخبة من الأكاديميين والنقاد الأدبيين والصحافيين، أوراقا نقدية أضاءت مسيرة الروائي والمسرحي والمخرج السينمائي المغربي تقديرا لمسار مبدع متميز "أغنى المكتبة العربية بإنتاج روائي وقصصي ومسرحي غزير ولافت". وقدم المشاركون في خيمة الإبداع الثالثة شهادات عن حياة المحتفى به وأعماله، وخصوصيات كتاباته، والحمولات الإنسانية والفنية التي تميزها. واستعرض المتدخلون الإنتاج الأدبي الوفير ليوسف فاضل خاصة روايته "طائر أزرق يحلق معي" التي توجت مساره الإبداعي الحافل والتي اختيرت ضمن اللائحة القصيرة لجائزة بوكر العربية في أبو ظبي. وأجمع المتدخلون على أن الأعمال الروائية ليوسف فاضل "تتميز بنوع من السلاسة والتلقائية، واستنادها إلى الخلفية الاجتماعية والثقافية وكذلك بخاصية المشهدية والكتابة البصرية التي سمحت له بكتابة الرواية بنفس سينمائي". عشرون ناقداً وكاتباً وسينمائياً احتفوا من خلال كلماتهم ومداخلاتهم بمنجز يوسف فاضل الابداعي وابرز كل من الباحث شرف الدين ماجدولين، الشاعر والروائي ووزير الثقافة الاسبق محمد الأشعري والناقدة والروائية زهور كرام والقاص والناقد السينمائي مصطفى المسناوي والناقدة سعاد مسكين والروائي والناقد أحمد المديني والناقد مصطفى النحال والروائي محمد الهرادي والناقد السينمائي مصطفى العلواني والصحافية والكاتبة سعيدة شريف والمخرج داود أولاد السيد والشاعر محمد عنيبة الحمري... وآخرون منجز يوسف فاضل الخصب في الكتابة الإبداعية والتي تعتبر جسب الشاعر محمد الأشعري، "نصوصاً مرجعية في فن الرواية في المغرب، مع سيطرة الجانب البصري في كتاباته.
الكاتب المغربي يوسف فاضل من مواليد الدار البيضاء عام 1949 واشتغل في تدريس اللغة الفرنسية لسنوات طويلة، وقد توزع انتاجه بين الرواية والمسرح والسيناريو، وكتب باللغتين العربية والفرنسية. حصل على جائزة المغرب للكتاب لعدة دورات. واختيرت رواتيته "طائر أزرق نادر يحلق معي" ضمن الللائحة القصيرة لجائزة البوكر العربية عام 2014.
ندوة الفنّ العربيّ المعاصر وتتويج الشاعر جوزي غيبو بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي
وتواصلت فعاليات الدورة ال36 لموسم أصيلة الثقافي الدولي ومعها أشغال الدورة ال29 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، والتي استمرت الى 24 من الشهر الجاري بحضور أسماء لفيف من سياسيين ومثقفين ودبلوماسيين وفنانين وإعلاميين. وقد أهدت الدورة السادسة والثلاثين لموسم أصيلة وجائزتها تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها العاشرة الى الشاعر الإيفواري جوزي غيبو. جائزة "تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي" والتي تمنح كل ثلاث سنوات، تكريما لروح الشاعر الكونغولي تشيكايا أوتامسي، والمتوفى سنة 1989. واعتبر أيون بادارا بيي، رئيس جمعية كتاب السينغال و رئيس الفدرالية الفرنسية للكتاب، في ندوة صحفية احتضنها مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، عن منح الجائزة للشاعر الإيفواري عن ديوانه "حلم لامبيدوسا"، تقديرا لمجمل إبداعاته الشعرية و"التي تنطوي على قيمة فنية متميزة". الشاعر جوزي غيبو حاصل على دكتوراه في التاريخ وفلسفة العلوم ، ويشغل منصب أستاذ باحث في جامعة كوكودي بأبيدجان، وهو عضو الجمعية الإيفوارية لأخلاقيات علم الأحياء من نظرية المعرفة والمنطق، ورئيس جمعية كتاب ساحل العاج. سبق له الحصول على العديد من الجوائز منها جائزة "دونوفيل" (1998)، والجائزة الأولى في الشعر "جمعية كتاب كوت ديفوار" /2000. وقد ضمن لجنة التحكيم هذه الدورة كل من أليون بادارا بيي (رئيسا)، وأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة محمد بن عيسى والكاتبة الغينية كاومانتيو زينب ديالو والكاتب المالي دومبي فلكولي دومبيا والجامعي إيموانويل لوشا ماتيسو من الكونغو والناشر المالي عبد اللاي فودي نديون.
وتواصلت على مدى يوميّ الأحد والاثنين عقد سلسلة ندوات جامعة المعتمد وكان المحور هذه المرة "الفن التّشكيلي العربي المعاصر: الرّهانات والتّحدّيات"، وعرفت مشاركة لعديد من الأكاديميّين والباحثين في الفنّ يمثلون جنسيات مختلفة قاربوا من زوايا مختلفة العديد من المحاور، (الفنّ العربيّ بين حرّية الإبداع وحرّية المبدع)، (الفنّ العربيّ المعاصر ومؤسّساته ووسائطه)، (رهانات التّجديد في الفنّ العربيّ المعاصر) و(الفنّ العربيّ المعاصر بين الذّاكرة والتّاريخ). وقد حاولت الندوة ملامسة مسار التحولات التاريخية والفنية التي عاشها العالم العربي ومن خلالها ما أفرز من تطورات لمختلف اتجاهات الفن العربي المعاصر. وظهر جليا محاولة المنظمين الدفع باتجاه تحيين العديد من التمثلات على الفن العربي المعاصر ومراجعة بعض المقولات والمفاهيم واستعادة ما وسمه الناقد فريد الزاهي، ب"اللامفكر فيه". وقد اتجهت التدخلات الى محاولة استقراء مفاهيم التجديد والتحول ةالتاريخ والهوية والاختلاف ومفهوم الفن المعاصر وتقاطعات الإبداع والحرية، هذا الى جانب ضرورة إعادة كتابة ومراجعة كتابة الفن المعاصر اقتداء بالتجربة القطرية في إطار سعيها، من خلال متحف قطر، "كتابة موسوعة للفن العربي الحديث على الإنترنت". والى جانب تجربة رواق الفن المعاصر بالدار البيضاء والمتحف الأردني للفنون التشكيلية، نبه الناقد فاروق يوسف، الى محاولات تجري لتدمير الفن العربي الحديث لقطع الطريق على الفنانين الحقيقيين. وتواصلت ندوة "الفن التشكيلي العربي المعاصر" بمداخلات للفنانة التشكيلية، ريم اللعبي، أستاذة تاريخ الفنون والأفكار والجماليات في جامعة محمد الخامس بالرباط، والناقدة الفنية، نادرة لغون - أكلوش، الأستاذة المحاضرة في مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر، والفنان التشكيلي والناقد الفني، فيصل سلطان، الأستاذ يكلية الفنون الجميلة بالجامعة اللبنانية، وذلك في محوري "رهانات التجديد في الفن العربي المعاصر" و"الفن العربي المعاصر بين الذاكرة والتاريخ". وقد شارك النّاقد الفنّيّ البحرينيّ د. محمّد الخزاعيّ في سياق هذه النّدوة، وتوّجّه إلى رصدِ الارتباط ما بين الفنون التّشكيليّة والدّيانات القديمة من خلال دور العبادة، متسائلاً عن العلاقة التي تجمع الأديان بالفنون، خصوصًا فنّ النّحت، مستدلّاً في ورقة عمله المطروحة بالكنائس في العصور القديمة والعصر الوسيط وعصر النّهضة التي كان لتشجيعها أبلغ الأثر في بروز الفنّانين وانتشار الفنّ التّشكيليّ بين أروقة وجدران الكنائس وسقوفها من خلال لوحاتٍ مستوحاةٍ من الكتاب المقدّس.