الثّقافة في منتدى أصيلة تندمج في أمكنة المدينة ومساراتها بالفنون والموسيقى والأزياء
البحرين التي تحلُّ ضيف شرف منتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ السّادس والثّلاثين، أطلقت مساء أمس (الجمعة، الموافق 8 أغسطس 2014م) مساراتها ومتداخلاتها الثّقافيّة في مدينة أصيلة، حيث أعلنت عن اقتسامها الفنّ تجربةً جميلة تتّخذ من أمكنة المدينة المغربيّة وشوارعها سياقات تفاعليّة تقترب من أهل المدينة وزوّارها في واحدةٍ من أضخم المهرجانات الثّقافيّة بالمغرب. ويشارك في هذا الحدث العديد من الفنّانين، المثقّفين، المفكّرين وغيرهم ممّن يندمجون في حياةِ مدينة أصيلة وإيقاعها اليوميّ، ويصنعون من موسمها السّنويّ فرصةً عميقةً لصياغة الجمال وتصدير الثّقافة والمحبّة.
منتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ، انطلق يومَ أمس بمشاركة سموّ الشّيخ محمّد بن مبارك نائب رئيس مجلس الوزراء الذي أناب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين، معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة، معالي السّيّد محمّد بن عيسى وزير الخارجيّة الأسبق ومؤسّس منتدى أصيلة بالمملكة المغربيّة، معالي السّيّد صلاح الدّين مزوار وزير الشّؤون الخارجيّة والتّعاون بالمملكة المغربيّة والسّيّد عبداللّطيف بن راشد الزّيّاني الأمين العام لمجلس التّعاون لدول الخليج العربيّة، إلى جانب العديد من الشّخصيّات الدّبلوماسيّة والمثقّفين والفنّانين والإعلاميّين.
وخلال حفل الافتتاح، وجّهت معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة عميق شكرها لحضرة سموّ الشّيخ محمّد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء بمملكة البحرين الذي ينيب جلالة ملك مملكة البحرين ويحمل رسالة جلالته ليشارك أصيلة احتفاءها بالفنون، مؤكّدة حرص جلالته واهتمامه بهذا المهرجان لما يمثّله من قيم إنسانيّة جميلة، كما أشارت إلى جهود معالي السّيّد محمّد بن عيسى وزير الخارجيّة الأسبق ومؤسّس منتدى أصيلة بالمملكة المغربيّة قائلةً: (محمّد صانع هذا الجمال وهذا المنتدى الذي اعتدنا زيارته ومشاركته منذ ستّة أعوام)، وأردفت: (ممتنّة لهذه المدينة التي نؤمن برسالتها حيث الجمال والسّلام، وحيث الفنّ تجربة لصناعة كلّ هذا).
وأكّدت خلال الحديث إلى أنّ تجربة منتدى أصيلة نموذجٌ يجب الاقتداء به في جميع الأوطان العربيّة، مشيرةً إلى أنّ (الثّقافة تغيّر الأوطان). وتوّجهت معالي الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة بجزيل الشّكر إلى أهل أصيلة الذين شاركوا في صياغة الجمال، وكذلك للفنّانين من جميع الدّول، وأوضحت: (الشّكر عميقه موجّه تحديدًا لفنّاني البحرين الذين حقّقوا نجاحًا نفخر به، ومنحوا مدينة أصيلة جماليّات عديدة عبر معارض وجداريّات سهروا على تحضيرها). وواصلت :(مشاركتنا لم نخطّط لها، ولكن رتّبت الصّدفة أن نشارك بفنون مملكتنا في الوقت الذي تحتفي وزارة الثّقافة ببرنامج الفنّ عامنا. وها نحن عبر الفنّ وأدواته نحقّق الكثير ونصل بأحلامنا للعالم). مبيّنةً: (وسط كلّ المتغيّرات السّياسيّة الثّقافة وسيلتنا لنغيّر العالم). واختتمت حديثها بالقول :(سعيدة بهذه المشاركة، وشكرا جزيلاً لهذه الاستضافة. كلّ عام وأصيلة وكلّ شبر في المغرب العربيّ بألف خير وجمال وسعادة).
ومع هذا الإطلاق الرّسميّ للمنتدى، أعلنت مدينة أصيلة المغربيّة عن بدء موسمها السّنويّ واحتفاءاتها بالفنون والثّقافة منذ 8 وحتّى 23 أغسطس الجاري، إذ أتبع حفل الافتتاح ندوة (الدّولة الوطنيّة والاتّحادات الإقليميّة في العالم الجنوب) بمشاركة عددٍ من الوزراء والأكاديميّين والمثقّفين. وطرحت النّدوة دواعي انخراط الدّول في كيانات اتّحاديّة لتأمين الاستقرار والتّنمية والتّقدّم، مستدلّة على تجارب تجمّعات إقليميّة راهنت على المشتركات فيما بينها من روابط ومصالح كما في اتّحاد المغرب العربيّ، مجلس التّعاون الخليجيّ، ونماذج أخرى تتوزّع ما بين شرق ووسط وغرب القارّة الأفريقيّة ومنظّمة (ميركوسور) في أميركا الجنوبيّة و(آسيان) بالقارّة الآسيويّة. وتوجّهت النّدوة لتناول الإشكاليّات المركّبة التي تواجه مثل هذه الكيانات والتّحدّيات، إلى جانب استعراض الطّرائق التي سلكها الفاعلون السّياسيّون والنّخب الوطنيّة والرّأي العامّ ومكوّنات المجتمع المدنيّ من أجل تكوين اتّحادات قويّة ومتماسكة.
أتبع هذه النّدوة، استكشافًا للمداخلات الثّقافيّة التي تشارك بها وزارة الثّقافة في أمكنة ثقافيّة وشوارع مدينة أصيلة الحميمة. حيث تمّ تدشين مكتبة خاصّة لمعرض كتبٍ بحرينيّة في إحدى أهم السّاحات، والتي جسّدت اقتباسًا من معرض البحرين الدّوليّ للكتاب. وقدّمت المكتبة العديد من إصدارات وزارة الثّقافة لكُتّاب وأدباء ومثّقفين ونّقاد بحرينيّين، أُنتِجَت كتاباتهم وأبحاثهم من ضمنها ما أًصدِرَ خلال مشروع (النّشر المشترك) الذي أطلقته وزارة الثّقافة منذ العام 2000م، وذلك من أجل دعم الكتاب البحرينيّ. كما توجّه الجمهور لاحقًا إلى السّاحة القريبة من قصر الثّقافة، حيث قدّمت فرقة محمّد بن فارس لفنّ الصّوت مجموعة من المقطوعات البحرينيّة التي تفاعل الحضور والمارّة مع موسيقاها، والتي أُقيمَت على مسرحٍ في الشّارع، مستوقفةً زوّار المكان ومندمجةً في سياقِ المكان.
أمّا مركز الحسن الثّاني بأصيلة، فقد احتضن معرض الفنون التّشكيليّة الذي يشارك فيه روّاد الحركة التّشكيليّة في البحرين ومجموعة من الفنّانين بأعمالهم الفنّيّة، وهم: الشّيخ راشد آل خليفة، بلقيس فخرو، عبدالكريم العريّض، إبراهيم بو سعد، فائقة الحسن، أحمد باقر، عبدالرّحيم شريف، لبنى الأمين، عبدالكريم البوسطة، أصغر إسماعيل، نبيلة الخيّر، علي خميس، مروة آل خليفة، حسين السّنيّ، ناصر اليوسف، عدنان الأحمد، راشد سوار، زهير السّعيد وعلي حسين. ويجسّد المعرض قراءة متمعّنة في الفنّ التّشكيليّ البحرينيّ وتقنيّاته عبر مجموعة منتقاة من أعمال كلّ فنّان، في رصدٍ لهذا المشهد الثّقافيّ.
وفي غزلٍ لمساراتٍ استثنائيّة، شكّل أحد الطّرقات وبعض الغرف الواقعة ما بين مركز الحسن الثّاني وقصر الثّقافة معرضًا لمجموعة من الأزياء البحرينيّة والأثواب المطرّزة بالتّقنيّات الشّعبيّة التّقليديّة، حيث استلهم المعرض أهمّ الأثواب النّسائيّة البحرينيّة المتنوّعة والطّرز المختلفة للتّصميم والتّطريز.
البحرين تحضر ببراعة موسيقاها في منتدى أصيلة الثّقافيّ
بمشاركة فرقة البحرين للموسيقى والفنّانة اليابانيّة مسيا جونوشي في ثاني حفلات أصيلة
الموسيقى كونها لغة الثّقافة التي تقبل الاقتسام مع كلّ العالم، استدرجت مقطوعاتها الجميلة وألحانها في الحفل الموسيقيّ الثّاني بمنتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ السّادس والثّلاثين الذي يستضيف مملكة البحرين ضيف شرف هذه النّسخة. إذ أحيت فرقة البحرين للموسيقى برفقة الفنّانة اليابانيّة مسيا جونوشي يوم أمس (السّبت، الموافق 9 أغسطس 2014م) حفلاً موسيقيًّا بمكتبة الأمير بندر بن سلطان في مدينة أصيلة المغربيّة، وذلك بحضور معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة ومعالي السّيّد محمّد بن عيسى وزير الخارجيّة الأسبق ومؤسّس منتدى أصيلة بالمملكة المغربيّة، وعددٍ من المثقّفين والإعلاميّين ومتذوّقي الفنّ.
الحفل الموسيقيّ الذي استدعى مقطوعات متنوّعة وإيقاعات موسيقيّة بديعة، شكّل مزاوجةً فعليّة جمعت الفنّانة مسيا من اليابان بفرقة البحرين للموسيقى، حيث كانت الفنّانة قائدة الفرقة وعازفةَ البيانو في الوقت ذاته خلال بعض المقطوعات. فيما أبدعت الفرقة البحرينيّة تلك الألحان ببراعةِ أدائها وإتقانها وحسّها العاليّ. وقد عبّر الجمهور عن سعادته بهذه الأمسية التي شكّلت مسارًا من اليابان مرورًا بالبحرين وانتهاءً بالمغرب العربيّ، متأثّرة بسحرِ الشّرق وروعة الموسيقى العالميّة.
الجدير بالذّكر أنّ فرقة البحرين للموسيقى تمثّل المملكة في الاحتفالات الرّسميّة وتشارك في مختلف المناسبات الوطنيّة. وهي تمنح على الدّوام الفرصة أمام المؤلّفين الموسيقيّين البحرينيّين والموهوبين في العزف والأداء لتقديم أعمالهم الموسيقيّة والغنائيّة بمصاحبة الفرقة.