ارايت كاس الماء عندما يطفح وتفيض قطراته؟ كذا حال الذات الانسانية تسيح فيها مئات الحروف وتعتمرها تعابير عديدة فكيف تبقى حبيسة؟ ذاواتنا تبحث دائما عن مخرج لتفرغ ما في جوفها من معان، وهنا نتسائل ما هو ذاك المنفس المخرج الذي يدلي بما فينا؟ اقول لكم وقد تستغربون ليس كلاما او فضفضة ولا دواء او جرعة بل انها الكتابة وما ادراك ما الكتابة بها نستشفي وعنها حدثنا الكاتب السعودي عبدالله المغلوث في فعالية اقميت امس نظمتها مبادرة كلنا نقرا ضمن مهرجان تاء الشباب الثقافي السادس.
ولان الكتابة استشفاء للكاتب وشفاء يحتضن القارئ لم يستبعد المغلوث اتجاه كثير من الادباء والمفكرين والعلماء الى الكتابة في ذروة مصاعب حياتهم عندما احتشدت الحروف والكلمات في صدورهم وحناجرهم فجاء موقف عصيب او حاثة اليمة ودفع تلك التعابير خارجا ورماها على صفحات حياة ذلك الاديب او ذاك المفكر فها هو الراحل غازي القصيبي بعد طفولة قاسية ومراحل تالية كانت اقسى واصعب اعطتنا ذاته مؤلفات سردت صولاته وجولاته في عالم السياسة والعلاقات الدولية وكم كانت تلك الجولات اشبه بالسير في حقول الالغام، وها هو سلطان العذل الذي هانت عضلاته وضعفت قواه وما قد يكون تركه هذا الفقد من الم في جواه التجا الى الكتابة بعيينه قد لا يستطيع ان يتفاعل معنا بجسده الضعيف لكنه يبحر بنا الى اماكن عديدة في سفينة الكتابة وفي خضم امواج حياة رجل اعمال واجه ما واجه من صعاب.
ولفت الملغوث الى اهمية ان يتحلى الكاتب بالصدق في طرحه حتى لا يفقد قرائه، كما ان احترام ذات القارئ يظهر من خلال حسن اصطفاف المضامين واناقة وجاذبية اختيار العنوان. وشدد عبدالله الملغوث على اهمية تزويد القريحة الكتابية بالوقود اللازم الذي اكثر ما نجده في القراءة النهمة والمستمرة.
كما عرضت رئيسة اللجنة الاعلامية في مبادرة كلنا نقرا بانوراما قصيرة تحدثت فيها عن المواقف الصعبة التي واجهتها في حياتها واثناء تغربها للدراسة وكيف ان اججت تلك المواقف رغبة الكتابة فيها التي وجدتها كدواء لكثير من الالام من فقادن الاحبة الى البعد عن الوطن لكن الكتابة كانت "وطن اخر لي".
وتفاعل الجمهور بالاسئلة والمناقشات المتبادلة واستعرضوا اقتباسات اعجبتهم في مؤلفات عبدالله الملغوث فكانت السويعات التي قضوها مع الضيف كرحلة استشفائية سريعة فمداخلة من هنا تصف الم دفعها لطرح سطور ليرد الملغوث "الم يحرك الابداع" ومداخلة اخرى تعرض موقف مؤثر ليزيد الملغوث "الايجابية مفاح اخر للكتابة" افكار ومشاعر سطرها الجمهور لا على اوراق كتاب بل على اوراق زمن من فعالية ستبقى ذكرى عن تاء الشباب.
والجدير بالذكر أن «كلنا نقرأ» هي احدى مبادرات مهرجان تاء الشباب التي انطلقت في النسخة الأولى منه وتستمر للمرة السادسة على التوالي هدفها غرس حب القراءة في نفوس الشباب وتقريبهم للأدب العربي والثقافة العربية.
وتأتي هذه المبادرات ضمن العديد من الفرص التي يقدمها مهرجان تاء الشباب بنسخته السادسة والذي يستمر الـ ٢٠ من الشهر الجاري تحت مظلة وزارة الثقافة.