في هذه القصيدة المركبة للشاعرة والباحثة المغربية زهرة زيراوي تواصل الشاعرة استقصاءاتها لتجربة الحياة والقراءة والسفر والعلاقة الحميمة مع الآخر، الأخر الثقافي والآخر الرجل معا.

بعيدا فينا

زهرة زيراوي

 

(1)

كلما أوغلت في الحكاية

أسلمتني لأرصفة أخرى

أذرع شارع فرانكلين روزفلت

بحيرة جان فال

غابة العشاق

      أتأمـل الهنــــاك

         رفقا أيتها المرايا المتقابلة...!

(2)

أذكر الطريق القديم

أحببت ماوتسي ـ تونـغ

و اتشي غيفار ا... و النشيد الوطني

      الآن أذكـر كل شـيء

    كانت الرهانـات على الخاسـر

(3)

أذرع الساحة الكبرى

هنا فكتور هيجو في "الصابلون" من شرفته بالطابق الأول

يرقبني ضاحكـا :

     يا خليلتـي !...

      مؤلم أن أدعك تمضين

         دون أن أذكرك بأننا نجونا من شرك الحياة

هنا جاك بريل يغني سأمه :

       "أيها القسيس و داعا فأنا سأمـوت

          لم نكن على نفس الرصيـف

        و لكننا كنا نبحث عن نفس المينـاء"

هنا حسن المسعودي يردد للمعري :

"نرجو غدا، و غدا كحاملـة

       في الحي لا يدرون متى تلـد؟!

(4)

أدلف المترو  

أفكر في الوطن، في الأصدقاء

البولندية التي تجلس قبالتي

تقرأ جريدتها

و عازف القيثارة الذي يريد نبيذا ربما

صمت سلام يزحف نحو روحي ...

أفيق على نداء المذيعة :

        احذروا عربيا دخل محطة المترو؟

         يتفرسون وجهي و أقرأ حذرهم

(5)

ترتبني الريح حتى نهايات الأرض

فأستعيد المشهد

للوطن الآن سماسرة، مرابون و سدنة

صرت الآن على الأقل بلا مؤتمرين

يأخذني سكري إلي

فأرى محمد السرغيني جالسا إليه

يبسم من الشطط المضحك

و أسمع نشيده السوريالي

       "... و دورها لا أنيس بها

     و سورها و أبوابها تصفر، ليس بها داع و لا

     مجيب، و أنها تنتقل، فتارة تكون بأرض الشام

      و تارة باليمن و تارة بالعراق، و تارة بغير ذلك

     من البلاد."

فأسأله :

أما يزال الشعر يحتاج إلى سدنة

إلى بوابات، و مزاليج

إلى منافي هناك

من يكتب قصتنا

حيث على مهل يقتلنا الأدعياء

أو الأصدقاء، لا فرق

يرفع عينيه إلي :

      أنا شاعر كلما اخترمني الظـلام       

      أعجب كيف تبدده الشمس التـي  

      بداخلي

(6)

البحر الذي يجلس في قلبي يرتل :

         يا امـرأة !...

          تماما كنبتة عليق عندما

         يتداخل شوكها مع قطعة نسيج

          تداخل العليق مع أنساغك كلها

          لتنهضي كل يوم عارية

           إلا من ندوب تسمـى

  الأهــل

        أو الوطن

       أو الأصدقـاء

ولأنني

(1)

ولأنني موجعة ومنهكة

وقلبي في ريبة مما حدث

أبسط الأيام التي خلفنا

حيث التقينا ذات صباح

        أسألك:

       هل لأنني بحت مستجيرة

         لم أدخلتني هذا الشرك ؟

(2)

انقطعت

لأبتدئ الطواف م

من فتحة غامضة

تطل على الوراء

       البعييييييد

 

(3)

لاحلم الآن

تمضي الايام حصى

وشظايا زجاج

ورصاص داكن

      منطفئ

 (4)

كأني فقيرة الروح

أرسم صرختي على

حافة الحروف:

      أنفضني

        أنفض العباءة

     لأطلع  منها

       لأطلع بوجهي

          الغريب

        بسيرتي الأولى

       أطوي العباءة

          أطويني

(5)

ولأنني فقيرة الروح

      أصوغ الوهم

أنحت وجها وصدرا

وخطوا خارج المدار

أشير بسبابتي كما

       الحلاج

فينشق الجدار وأراك

(6)

انقطعت

كأني فقيرة الروح

أخيط بخيط العنكبوت

     مفاصل اليوم

      اليوم الغامض

       واللامعنى

(7)

انقطعت

ولأني فقيرة الروح

أرسم صرختي على

       حافة الحروف:

          أقدام العام الماضي

           في حذاء ثقيييييييل

                     ثقيييييييل

أمر بأصابعي لأدفع

ثقل  الهواء

كطائر التم الجائع

يقاتل الجليد

       كنت أنت مكانك

      فهل لأني فقيرة

          الروح

        كنت اللامعنى

      وفراغ الأشياء؟؟

(8)

انقطعت

ولأني أحبك أحبك

       أحبك

كنت أنت ابتلائى

وكنت أنت ثراء

        الروح

فكنت المعنى في

الغسق المريب ولم

أكن ياسيدي فقيرة

            الروح

بروكسيـــل  2005