تتلمس المبدعة الليبية بصيصا من الضوء يأتي من اللغة كي يحررها من هذا الأثر الذي يسكنها الى حد لم تستطع أن تحرر بوحها طليقا، وبين الرغبة في الاعتراف والاقتراب أكثر من اللغة تشق المبدعة سبيلا متفردا هو الكتابة والتي أمست المآل والخلاص من هذا التيه..

أمهلني بعض الوقت

خيـرية فتحي عبد الجليل

منذ فجر تلك الكلمة العصية على النطق و إنا مصابة بك ..لا أستطيع ضبط حروفي على السطر،  معلقة بين نصف حضور وبين قلب مدجج بالانتظار متسلح بالوجع والحنين.. متطرفة في تعلقي بك ، أكتبك بقلب يرفض الخضوع لمنطق الأشياء، كم أتمنى أن تقرأ خفايا ملامح كلماتي المرتعشة  لتدرك مقدار الخوف والخذلان والهزيمة خلف السطور الباهتة ..

 

لا أبالغ أيها الغالي عندما أقول ... في غيابك أفقد القدرة على الكلام المستقيم كما البشر .. تنهمر الكلمات باهتة  الملامح ناقصة مبتورة تهرول خارج السطر المتعرج ... تتناثر دون نقاط أو فواصل .

هل أخبرتك يوماً أنك الخير في كل صباح.. ؟ فلتكن أول الصباح ولا تغادرني إلا عندما ينسحب  الليل بعد أن  أخلد إلى ذاتي، لا تتركني ألتصق بجدران القلب بحثاً عن الدفء، كن خاتمة يومي ورفيقي في الحلم لا تترك الليل خلفك أسوداً في لون الغياب، لا تتركني  لكلماتي..

 

لا تعول كثيراً علي وسادة فواصلها الناعمة  ولا تأنس لغطاء لغتي الأنيق  ، فأنا أرتعش بسبب رداءة هذا المساء  بدونك، لا تترك لغة مجنونة  تنفرد بي  فأنا لا أضمن سلامة قلبي  من حدة حوافها القاطعة  حنيناً كالسكين ولا حماية ذاكرتي من شدة  حروفها المتقاطعة شوقاً كالشوك.

 

وعندما يهدني تعب أبجديتي المكتوبة إليك، لا أضمن بعدها أن أكون بخير.

 

أرتب كل شيء على عجل ... لم أكن مهيأة لاستقبال هذا الفيض الفاخر من حضورك ووقع خطواتك الثابتة داخل أروقة أبجديتي

أمهلني بعض الوقت  لأتمكن من ضبط حروفي على الســـطر  فروعة حضورك متلبساً بالحرف  تربك أبجديتي... أمهلني فقط  لأتمكن من وضع النقاط والفواصل والتوغل بعيداً جداً أدفن وجهي بين الكلمات وأتفرس في جمال قامتك المنحدرة من عمق الصحراء كنخلة سامقة ...

 

أسترق السمع إلى هسهسة  الأوراق المتناثرة  فوق طاولتي، أسير وأتحسس بقلمي سبل ومعالم مختلفة في مجاهل لغتي الشائكة وثناياها الخفية المتشابكة أغوص وأنتفي داخل الأحاسيس العميقة

لأكتبك...

 

كاتبة من ليبيا