أدوات التواصل الاجتماعي.. الانتشار والآثار

نظم منتدى العلاقات العربية والدولية مساء أمس الاول الثلاثاء محاضرة بعنوان أدواتُ التَواصِلِ الاجتماعيِّ..الانْتشارُ والآثارْ، قدمها الأديب والكاتب القطري الدكتور أحمد عبدالملك بحضور مدير المنتدى الدكتور محمد بن حامد الأحمري، استهل الدكتور أحمد عبد الملك حديثه بأن شبكة الانترنت لعبت دوراً محورياً في توفير أدواتِ التواصل الاجتماعي. حيث زادت أعدادُ مستخدمي الانترنت بسرعة مذهلة خلال السنوات الخمس الماضية. وكشفت دراساتٌ عن ارتفاع تلك الأعداد إلى نحو 5‚2 مليار مستخدم، أي نحو 35 % من عدد سكان العالم، وأن هنالك زيادة سنوية في الانضمام للشبكة بواقع 150 مليون مشترك.

ويرى الدكتور أحمد أن أدوات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت هي تلك التي تُوفر للأفراد البيئةَ الافتراضية للتواصل والتعبير عن آرائهم وأفكارهم، كما يتبادلون عبرَها الصور والملفات ومقاطع الفيديو والصوت، ومن هذه الشبكات على سبيل المثال: تويتر وفيس بوك وقوقل بلس، واليوتيوب وغيرها الكثير.

وأشار إلى أن ما يميز هذه الأدوات هو أنها غيرُ مُحدَّدة بمكان أو زمان، وأنها متاحة للجميع للتعبير عن آرائهم وتبادل معلوماتهم دونما تدَخُّل من أي طرف، وهذا ما لا يتوفر في وسائل الاتصال التقليدية مثل: الراديو والتليفزيون والصحافة الورقية.

ونبه إلى أن هذه المميزات لم تعد تجذب المستخدمين فحسب؛ بل إن كثير من الحكومات أقبلت على استخدام هذه الأدوات للتواصل مع مواطنيها، وتَحوّلَ التواصلُ الورقي إلى الرقمي، ما سهّلَ حياةَ المواطنين وجعلهم أكثر انضباطاً وأكثر دقة وسرعةً في إنهاء معاملاتهم أو عدمِ الوقوع في الاحراجات عندما تنتهي رخصةُ السياقة أو ينسى المريضُ موعدَهُ في المستشفى، أو عندما يُفاجأ السائقُ بوجود غرامات مالية نتيجة مخالفاتٍ مروية. كما بين أن هذه الوسائل أصبحت من أهم المصادر لنشر الأخبار فهي تأتي بالجديد والمُثير والخفيِّ الذي يردُ عبر وسائل التواصل التقليدية أو حتى المواقع الحكومية أو الإقليمية أو تلك الخاصة بالهيئات والمنظمات الدولية، كما أنها تنقلُ الحَدثَ بالصوت والصورة بكل سرعة وجودة إلى المتواصلين عبر تلك الأدوات.

ونوه إلى أن هذه الأدوات سلاح ذو حدين يحمل الإيجابيات في جانب والسلبيات في آخر فمن إيجابياتها: التواصلُ مع العالم الخارجي وتبادل الآراء والأفكار ومعرفة ثقافات الشعوب وتقريب المسافات. وفتح أبواب تُمكِّنُ من إطلاق الابداعات والمشاريع التي تُحقق الأهدافَ وتُساعد المجتمع على النمو والمساهمةُ في إسقاط أنظمةِ حُكمٍ مرفوضةٍ شعبياً.

وعلى الصعيد الآخر فمن سلبياتها نشرُ أفكار هدامة ٍوتجمعاتٍ مُخالفة للقيم والقانون و التشهيرُ.. ونشرُ الشائعات والمضايقات و انتهاكُ الخصوصيةِ وانتحالُ الشخصيات كما أن بعضُ النقاشات التي تبتعدُ عن الاحترام المُتبادل وعدمِ تقبُّل الرأي الآخر تسود وسط غياب الهوية الواضحة للمتحدثين من خلف الشاشات.
وقد استعرض الدكتور التحقيق الذي أوردته مجلة اليمامة حول سلبيات الطائر الأزرق (تويتر)، ومنها استغلالُ هامشِ الحرية المُتاح عبر أدوات التواصل لتوجيه النقد غيرِ الهادف لكل مكونات المجتمع بالإضافة إلى هدرُ الوقت وإرهاقُ الجسد بكثرة التعلُّق بتلك الأدوات، وكذلك التأثير السلبي على الشخصية من خلال التورُّطِ في علاقات افتراضية تُسيطرُ على المراهق و المراهقة وتعزلهُما عن حياتهما وبيئتهما وثقافتهما الأصلية، وتجعلَهما منهوكيّ القوى لا يستطيعان المشاركة في خدمة المجتمع.
كما أشار الدكتور إلى خطورة تأثير هذه الأدوات على اللغة مشيرًا إلى وضوح ذلك في ضعفِ الإملاء واستخدامِ الشباب للغةِ المُختصرة بالإنجليزية والعربية والذي يؤثر على اللغتين ويضيع ما تم تعلمه في المدرسة والجامعة. وبين أن جلوس الأسرة داخل المنزل معاً لا يعني تواصُلَهُم الإيجابي !. بل تلاحظ أن خمسةً من أفراد الأسرة يمسكون هواتفهم الذكية مُتصلين بالآخرين، ولمدة أربع ساعاتٍ أو أكثر بعد العشاء، دون أن يتحدثوا مع بعضهم أو يناقشوا قضاياهم أو حتى يُعبّروا عن ودّهمِ لبعضهم البعض، ولربما أن أحدَهم يشكو من ضيق أو مرض !؟ وبذلك تفقد الأسرةُ تماسُكَها وتراحُمها، ويعيشُ كلُ فرد منها في عالمهِ الافتراضي دون اهتمام بالجالسين معه. إن أثّر هذا السلوك واضحٌ في ( جمود) العلاقات، وغيابِ لغة الحوار الدافئ.

ثم طرح الدكتور أحمد عبد الملك سؤال ما الحل؟ والذي ختم به المحاضرة لتأتي الإجابة على هيئة توصيات أهمها: أَهميةُ نشرِ الوعي القانوني والأخلاقي فيما يتعلق باستخدام أدوات التواصل الاجتماعي، عبر وسائل الإعلام المختلفة، و إِيجادُ الآليات التي تَحكُمُ التواصلَ عبر تلك الأدوات، وتُنفّذ القوانينَ الرادعةَ لسوء استخدامِها.

كما لا يُمكن اعتبارُ التخفيَّ وراء أسماءَ مُستعارة وإلحاقُ الضررَ بالآخرين من قيم الحرية الشخصية، لذلك يجب أن يكون هنالك إجراءٌ واضح حول هذا الموضوع، والتقنية لا بُد وأن تُوفر حلولاً لهذه المسألة.

وإثراءُ المناهج التعليمية بتضمينها اشتراطاتِ وسلوكياتِ التعامل مع التقنية الحديثة، كي تكون جزءاً عضوياً في ثقافة المتواصلين، وعدمُ التفكير في منع أو إلغاء أدواتِ التواصل الاجتماعي، لأن لها فوائدَ للذين يُحسنون استخدامها، أما المسيئون فلا بُدَّ لهم من عقاب.

كما أن التريبة الأُسرية لها دورٌ كبير في سلوكيات الشاب أو الشابة، ما يُمكن أن يُساهمَ في حُسن استخدام تلك الأدوات، والابتعادِ عن سلبيات ذلك الاستخدام، و للمدرسة والمسجد والنادي والجمعيات الاجتماعية أيضاً دورٌ مهمٌ في توجيه النشء نحو حُسن استخدام تلك الأدوات، والابتعاد عما يُلحق الضررَ بالآخرين أو حتى بالذات.

 

العرب وفلسطين

كما نظم منتدى العلاقات الدولية ندوة بعنوان «العرب وفلسطين « شارك فيها كل من الدكتور محمد خلوق والدكتورة حنين حسن بحضور مدير المنتدى الدكتور محمد بن حامد الأحمري ومجموعة من المهتمين، استعرض الدكتور محمد خلوق نظرة الغرب تجاه المسلمين بشكل عام وتجاه الفلسطينيين بشكل خاص وتحدث عن نموذج الإنسان الفلسطيني هناك وتناول مواقف الصحف في ألمانيا بحكم خبرته في تلك الدولة بين موقف معتدل وموقف يعاني من الإسلاموفوبيا.

وقال بأن الإعلام الغربي يصور جهود المسلمين هناك بالأسلمة الهادئة والسبب في ذلك عائد لعقدة الإسلاموفوبيا المستندة على غياب الحوار بين المؤسسات الإسلامية هناك وبين المؤسسات التي تحرك الرأي العام ونوه إلى أن انتشار الأمية في الجالية الإسلامية تشكل تحدي رئيسي في إيصال الصورة الحقيقة عن الإسلام والمسلمين.

حنين حسن الباحثة في أثر الإهانة في الاستعباد والسيطرة على الآخرين أشارت إلى أن الإهانة لا تتم إلا بمثلث المهين والمهان والشاهد على الإهانة الذي لا يحرك ساكنًا ولكن يصفق أو يعتبر من المشهد.  ثم تطرقت إلى موضوع الندوة ومحورها فيه وهو الحديث عن اللاجئ الفلسطيني السوري الذي خرج من فلسطين إلى سوريا هربًا من إسرائيل ومن ثم من سوريا إلى أي مكان في العالم هربًا من الظلم وبالتالي تهجر أكثر من مرة، وأشارت بأن الحديث هنا ليس عن إهانة إسرائيل للاجئين، فهذا أمر متوقع، ولكن نتحدث عن إهانة اللاجئين من قِبل الدولة المستضيفة.

تقول حنين: المفارقة هي أن اللاجئ الفلسطيني الخارج من سوريا، لم يسمح له بالدخول لمخيمات اللاجئين السوريين، بحجة أنه فلسطيني.واختتمت الندوة بفترة نقاشية ثرية عن أوضاع الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها.