يتلمس الشاعر المصري بعضا من ملامح وطن تشكل في ذاكرته ووجدانه ويحاول استعادته اليوم، في وقت بدأت تهتز الصورة وأضحت أقرب الى "التشظي"، عبر الاقتراب من تفاصيل اليومي وكائن يبحث عن صوته داخل أروقة الحياة وهو يحاول ملأ بياضات الصمت بما تكتنز الذاكرة من استبصار بدأ يذبل اليوم.

مشاهد من مسرح الأحداث

محمد أبو الفتوح غنيم

1ـ مشهد أول

صوت:                       

مُترعاً بالأسى.. كان صدري

وكان المساءْ

فوق أبراجِ مملكةِ السندبادْ

مسرحاً من عبثْ

تعبثُ البُومُ

 فى البهوِ

فى الأروقة

فوق صمت المقاعدِ

فوق أستار تاريخها المسدلة

والنوافذُ هاربةٌ فى الضياعْ

النوافذ ترسمُ حزنَ المدنْ

وانتحابَ الفراغْ

على صفحةٍ من رمادِ الخطى

والرؤى الفاجعه

 ****

صوت:

للنخلِ أغنيةُ الرياحِ

وللمدى صوتي

فإلى متى...

إلى متى

 يغتالنى صمتي؟!

****

مشهد ثان

نازفاً...

كان نخلكِ دون المدى

-        المدى كان يجثو على عتْبِ بابكْ

 ..يمدُّ اليدَ -

ينحنى للرياحْ

الرياحُ استحالتْ

جراداً..عناكبْ

"تُهلكُ الحرثَ والنسلْ"

تخطُّ على هامةِ السيفِ

ذاكرةً للبكاءْ

تجعلُ الدمَّ  ماءْ

تسحقُ الزهرَ

أو

تحتسى من دماه بقايا الرحيقْ

وترسمُ أعشاشَ أفراخها

فوق عرس الحريقْ

فهل سوف يعشبُ بعدُ المطرْ؟!

****

صوت:

هذا الفضا

يتكفنُ الصمتَ

فدعِى صُراخكِ والأسى

ولتصنعى الموتَ

****

مشهد ثالث

واحداً ... واحداً

تسقطُ الأشرعه

والبلادُ التى ترتدى المستحيلْ

 شوّهتها الثقوبْ

تبحث الآن عن جسدٍ يرتديها

تسألُ السابله

تبحثُ الآن عن مرفأ يحتوى نُبلَها

فى خبايا المتاحفِ

فى الذاكره

فوق خارطةٍ فى كتابٍ قديمْ

تفتّشُ عن لحظةٍ عابرة

****

صوت:

البلادُ التى رسمتها الطفولةُ

 ما بين قلبٍ وقلبْ

تذبلُ  الآن فى الأوردة..