هنا يشركنا الشاعر المغربي في مختبره السري الصغير، بعض من شجون الكتابة الشعرية وقلقها وانعتاقها من رحم المعاناة، وسط عالم من اللغة والكلمات والمعنى يقربنا من عوالم الشاعر ومن محنه وأيضا من قلقه الذي يخطه معاني وصور ومن تم فرادة الشعراء في قدرتهم على تخليص العالم من بؤسه الكبير في زمن ظلت البشاعة هي عنوانه الكبير.

نصوص

جمال الموساوي

 

1- ما الذي يَنْشُدهُ النهرُ؟

هذه الأشجار ميتةٌ. حتفها كانَ قديما جدا،

لكنّ النهرَ لا يعبأُ

ولا الماءُ يعرف شيئاُ عمّا سيكتبه الشاعرُ.

دائما،

هناك تلك الانعطافةُ غير المتوقعة،

والمعني لا يستقيمُ

إلا بِليَّ الأعناقِ.

لا تذهبنَّ الظنونُ بكَ،

أنتَ تحديدا أيها الرقيبُ الخفيَّ،

هذا الكلامُ على قرابةٍ بالجنونِ،

الشاعرُ لا يقترفُ الجرائمَ

إلا في خياله،

الألفاظٌ سهلةُ القتل هناكَ.

الشاعرُ لا يفجر القنابلَ

إلا في وجهِ اليأس الذي يقدم نفسهُ في الغالبِ

ك"ضيفٍ لله"،

أو عابرِ حياةٍ إلى محطة غامضة.

الشاعرُ يمضي مع النهرٍ

قد يبدو يائساً بعض الشيءِ

أو مستاءً

من نفسه.

فقطْ

منْ

نفسه.

 

 

2- سأجمع كل هؤلاء

هذه المطباتُ فوق أن تحتملها لغةٌ.

الشاعرُ محتارٌ بينها وبين إطلاقِ خياله،

أحيانا، عن وعي ربما، يفكر في لحية مشذبةٍ

أو بصراحةٍ في وجه شبيه بالذي لتشي غيفارا،

لكنّ الثورةَ مالت بها الرياحُ إلى مكانٍ آخرَ

فاستوحشها.

هو ليس لوركا،

ولا نيرودا،

ولا ناظم حكمت،

ولا الأب إرنستو كاردينال.

في البداية كان مفتوناً بشعراء آخرينَ

بتلك الفوضى المؤسسةِ،

في ما بعدُ،

حدثتْ وقائعُ كثيرةٌ

وقال الشاعرُ:

لا ضيرَ

سأجمع كل هؤلاء في واحدٍ،

وأضيف غيرهمِ، ولو عن غير وعي ربما.

لكنهُ بالرغم من كل الكلماتِ التي أوجدها،

وكل الأفكار المندمجة،

وكل المصطلحات التي تطن في ذهنه من حقول أخرى،

لا يزالُ على ذمة الحيرة القديمةِ.