معرض الهند عبر العدسة

يستمر المعرض الفوتوغرافي "الهند عبر العدسة" حتى الأول من نوفمبر القادم. حيث تعرض الأعمال في متحف البحرين الوطني، ضمن فعاليات البحرين عاصمة السياحة الآسيويّة و "الفن عامنا". يأتي المعرض بالتعاون مع مؤسّسة "تسفير"، إذ يقدم أعمالاً مختارةً لأربعة من المصورين البارزين، والذي اشتهر كلٌّ منهم بأسلوبه الخاص والمميّز، وهم جيوتي بات، تي. إس. ساتيان، ميمونة غيريسي، وكارين كنور، حيث تمثّل أعمال بات وساتيان حياة  الشعب الهندي في القرن العشرين في مرحة ما بعد الاستقلال، وهي توثّق شتّى المشاهد من الحياة الاعتيادية والأحداث التاريخيّة، وتلتقط صوراً للإنسان العادي والشخصيات البارزة.   أما أعمال كنور وغيريسي والتي تمثّل القرن الحادي والعشرين، فهي تذهب إلى ما هو أعمق من التمثيل الوثائقي لهذه الدولة، وذلك عبر تصوير مشاهد مركّبة ومعدّلة تهدف إلى استكشاف تراث الهند الديني والثقافي والبصري، وتبين كيف يتم تجسيد هذا التراث عبر الفنون البصرية في وقتنا الحاضر. كانت وزيرة الثقافة معالي الشيخة ميّ بنت محمد آل خليفة قد دشنت المعرض بحضور سفير جمهوريّة الهند لدى مملكة البحرين موهان كومار، وعددٍ من الشّخصيّات الدّبلوماسيّة والمثقّفين ومحبّي فنّ الفوتوغرافيا. وقالت بهذه المناسبة: جميلٌ أنّ الفنّ هو ما يخيط المسافات بين بلادنا في القارّة الآسيويّة. عبر الصّورة التي هي فنُّ تسجيل الذّاكرة خارج وقتها أو مكانها نحن اليوم نحمل ملامح الهند في متحفنا الوطنيّ، ونقترن بتجربةٍ فنّيّة وحقيقيّة أيضًا تلامسُ هويّة هذا البلد الصّديق.

يستعرض المعرض أعمال تي.إس. ساتيان (1923 - 2009) وجيوتي بات (من مواليد 1934)، وهما مصوّران من الهند يأتيان من عالم التصوير الوثائقيّ، وأعمال كارين كنور (من مواليد 1954) وميمونة غيريسي (من مواليد 1951). وهما فنّانتان معاصرتان ليستا من الهند تعملان في مجال تعديل و إنشاء الصور.

ومن منطلق اعتبار التّصوير الفوتوغرافيّ وثيقةً صادقةً تسجّل وتحفظ للأجيال القادمة ما قد كان، كانت عقليّةُ ونهجُ كلٍّ من ساتيان وبات، بصورهما التي تتميّز باللّونين الأبيض والأسود، والتي التقطاها لفيلم 35 مليميترللـ"إنسان العادي" والحياة اليومية في المناطق الحضرية أو الريفية في الهند بعد قيامها كدولة مستقلة.
بالمقارنة مع ذلك، تستثمر وتوظّف كنور وغيريسي مختلف تقنيّات تعديل الصّور والكولاج وإنشاء أو ترتيب الصّور بطريقة متعمّدة كوسيلةٍ للتّعليق على مواضيع متعدّدة، حيث نجد في صور كنور أنّه قد تمّ إدخال الحيوانات بشكلٍ رقميٍّ في مساحاتٍ داخليةٍ لا تتواجد فيها في الواقع، أمّا في أعمال غيريسي فنرى تصوّراتٍ معدّلةٍ إلى حدٍّ كبيرٍ للجسم عبر استخدام الأزياء والتركيب.

تَجاوُر أعمال هؤلاء الفنّانين لا يُبرز فقط التحوّل في نظريّة وممارسة التصوير من منظوره الواسع على مدى أكثر من قرنٍ من الزمن فحسب، وإنّما تقدّم مجتمعةً صورةً عن دولة الهند وهي في طور التحوّل والتغيّر. حيث تتمعّن صور ساتيان وبات في حالة القلق التي كانت سائدةّ في مرحلة ما بعد الاستعمار، وبحثها عن صورةٍ وطنيّةٍ لذاتها مُشكّلةٍ إلى حدٍّ كبيرٍ من مجموعةٍ جامدةٍ وصارمةٍ من الأفكار"التقليديّة"، بينما تظهر أعمال كنور وغيريسي إعادة الترتيب المستمرة للهويّات والعلامات الثقافيّة في عالم ما بعد الحداثة والعالميّة