شكلت ليلة الاختتام بقاعة العروض التابعة لمدينة الفنون بأسفي، يوم الأربعاء 12 نونبر، عرسا فنيا وثقافيا تتويجا لستة أيام من عرس الكتاب والذي احتضنته مدينة أسفي من 07 الى 12 نونبر 2014 وضمن فعاليات الدورة الرابعة للمعرض الجهوي للكتاب والذي انتظم تحت شعار "مغرب يقرأ.. مغرب يتقدم". وقد شهد الحفل الذي أطره الشاعر عبدالحق ميفراني، لقاء مفتوحا مع الروائي عبدالرحيم لحبيبي الشخصية المكرمة لهذه الدورة الرابعة والذي قدم خلاله بعضا من تفاصيل مساره الطويل في الكتابة والحياة، كما شهد الحفل توزيع الجوائز على المتوجين بمسابقة الإبداع التلاميذي الى جانب المتوجين بالمسابقة الثقافية. وقدمت فرقة فرح للموسيقى بأسفي برئاسة محمد الزين بعض المقاطع من ريبرتوار الملحون. وكما أكدت كلمات الشركاء {المديرية الجهوية لوزارة الثقافة وفرع اتحاد كتاب المغرب بأسفي ومؤسسة الكلمة للثقافة والفنون بأسفي وجمعيات أخرى}، فقد عرفت الدورة الرابعة للمعرض الجهوي للكتاب والذي يعتبر فضاء للتحسيس بمجال القراءة العمومية ودعم الكتاب والمبدعين، وفضاء للتواصل بين مختلف الجهات المعنية بالكتاب (مؤلفين، ناشرين، قراء...).
هذه التظاهرة التي تنظم بتعاون مع المندوبية الاقليمية لآسفي ومديرية الكتاب والخزانات والمحفوظات وبشراكة مع ولاية جهة دكالة عبدة المجلس البلدي، احتفت بتجربة الروائي المتميز عبدالرحيم لحبيبي والذي وصلت روايته "تغريبة العبدي" الى اللائحة القصيرة لجائزة البوكر، كما شهد حفل الافتتاح الجمعة7 نونبر بقاعة العروض التابعة لمدينة الفنون، تكريم مجموعة من المبدعين المنتمين للجهة و الذين تم تتويجهم هذه السنة بالعديد من الجوائز العربية والدولية: زكريا أبو ماريا الفائز بالمركز الأول لجائزة الطيب صالح للإبداع، وابراهيم الحجري الفائز بجائزة الشارقة للأدب المكتبي، والباحث الدكتور سعيد العوادي الذي وصل كتابه "حركية البديع في الخطاب الشعري .. من التحسين إلى التكوين" الى اللائحة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب، والناقد والمبدع عبدالله بيضا المتوج بجائزة الأطلس الكبير في نسختها الحادية والعشرون. كما شهدت الدورة الرابعة تكريما للسوسيولوج والمفكر مصطفى محسن وقدم خلاله كل من الدكتور محمد لمباشري والباحث عبدالفتاح أبو العز والمبدع عبدالله اكرامن والأستاذ ابراهيم كريدية والشاعر عبدالحق ميفراني شهادتهم حول هذا المثقف المتعدد الأبعاد والرائد في سوسيولوجيا التربية.
v فضاءات موازية: دمقرطة تداول الكتاب
الدورة الرابعة للمعرض عرفت مشاركة نحو 24 عارضا من دور النشر والجمعيات والمؤسسات الوطنية، وانفتاحا على فضاءات اجتماعية متنوعة، من بينها السجن المحلي الذي شهد تنظيم أمسية شعرية زجلية وموسيقية شارك فيها العديد من المبدعين ادريس بن العطار، عبد المجبد بن خالي، كمال أخلاقي الى جانب شعراء من المؤسسة السجنية. كما شهد هذا الحفل الإنساني تقديم فقرات موسيقية تفاعل معها النزلاء بشكل لافت خصوصا مع مشاركة فرقة أمل الغيوان، والثنائي الفكاهي التباتة هشام ويونس. كما شهدت الخزانة البلدية لاعزيب الدرعي لقاء شعري بنون النسوة شارك فيه مجموعة من الشاعرات ونسقت فقراته فرع رابطة كاتبات المغرب بأسفي وهن: هنية الشرامي-أسية صابري- Claude Colliet Charton -يزة فرطميس- مثال الزيادي – مليكة ضريبين- شامة المودن- حياة الحلاوي. كما احتضن رواق فاطنة الكبوري بدار السلطان معرض تشكيليا للفنانة فتيحة بولمان والفنان ابراهيم، وعرف البرنامج الثقافي والفني، مساهمة العديد من الجمعيات الثقافية والتربوية كرابطة الكاتبات بالمغرب، فرع أسفي وجمعية مؤسسة أسفي للفيلم و جمعية اصدقاء المكتبة الوسائطية التاشفيني بالجديدة و جمعية المنار للتربية والثقافة بأسفي والرابطة الفرنسية بأسفي، تنوعا على مستوى المضامين والفقرات وانفتاحا بليغا على الأسئلة الراهنة المتعلقة بالمشهد الثقافي في حراكه وإشكالاته، كما تحول المعرض وفي الكثير من محطاته الى فضاء للقاء الكتاب والمبدعين، وبلورة مشاريع برامج أدبية وثقافية.
v ندوات تناقش سؤال القراءة والبعد المحلي في التخييل الروائي وشعرية المكان
وهكذا احتضن فضاء اللقاءات بالمعرض تنظيم ندوات محورية في مواضيع راهنية تهم الوضع الثقافي في المغرب، وهكذا شهدت الدورة الرابعة لقاء بين العديد من الروائيين والنقاد ينتمون الى جهة دكالة عبدة ومدينة الدارالبيضاء، تحاوروا فيما بينهم وقاربوا "جغرافيات التخييل الروائي" ضمن اهتمام المعرض بالسرد المغربي قراءة ونقدا، وقد افتتح هذا اللقاء، الناقد والروائي شعيب حليفي الذي أكد على أهمية الانفتاح على نصوص لأجيال مختلفة تنتمي إلى جغرافيا واحدة، بتعبيرات تستثمر المحلي والكوني لإنتاج مدونة تعكس التعدد والاختلاف سواء مع تجارب الخطيبي والعروي وعمران المالح آو لحبيبي ورياض وريحان وأبو مارية.
كما احتضنت قاعة الندوات بالمعهد الموسيقي وبنفس الفضاء، ندوة حول أسئلة القراءة والمقروئية، نشطها عبدالرحيم الخصار وشارك فيها كل من يحيى بن الوليد، وصلاح بوسريف ورضوان خديد وعبدالله سليماني وإذا كان سليماني مدير المكتبة الوسائطية التاشفيني بالجديدة قد قدم أوراق حول واقع القراءة في المغرب على ضوء الإحصائيات، فإن رضوان خديد حاول تأمل هذا الواقع من خلال رؤية أنتروبولوجية، فيما اتجه الشاعر صلاح بوسريف الى محاولة تشخيص هذا الواقع ضمن منظور ثقافي مفتوح، وقارب يحيى بن الوليد في تدخله واقع القراءة والمقروئية من زاوية نقدية استبصرت جزءا من الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع الإشكالي الذي يرتبط بالسياسة الثقافية في المغرب والتي ظلت مغيبة.
كما توقفت ندوة "أسفي في التجارب الابداعية مابين الكتابة الروائية والتاريخية" والتي تدخل فيها كل من الناقدين هشام الدركاوي ومحمد أبو العز، عند المنجز الروائي في المدينة وكيف استلهم المكان ووظفه. وقارب كل من الدركاوي وأبو العز حضور هذا المكان سواء في نمط إنتاج المعرفة، ومن خلال تناول الخطاب النقدي للمكان، مركزين معا على شعرية المكان واستعاراته التخييلية والتاريخية في النصوص الروائية.
v لقاءات وتكريم: الاحتفاء بالإصدارات الجديدة واحتفاء ب"علبة محمد الأشعري"
ضمن تقليد المعرض الجهوي للكتاب، احتفت الدورة الرابعة بالعديد من الإصدارات الجديدة لمبدعي الجهة في جلستين. الجلسة الأولى قدمت مؤلفات في صنف الدراسات: "ولدت غدا، تحية لعبد الكبير الخطيبي" إشراف مراد الخطيبي، في صنف القصة "مصائد النسيان" لبوشعيب عطران، في صنف الشعر ديوان « Larmes de sang » للشاعرة خطيبة منديب، وديوان "وشل الروح" لمحمد كابي، في صنف الترجمة، "الحضارة أمي" للروائي ادريس الشرايبي ترجمة سعيد بلمبخوت. الجلسة الثانية من حفل توقيع الاصدارات الجديدة بالجهة احتفت بالأضمومات التالية: في الشعر "عيناك والحلم جوازي للعبور" لمليكة ضريبين، و"جنوبيون بأحلام عسيرة" لمصطفى بلعوني، في القصة القصيرة "ورقة عصية" لسعيد سوقايلي، في المسرح "عيط الكية" لأحمد فطناسي، في النقد "حركية البديع في الخطاب الشعري" لسعيد العوادي. وقد أشرف على تقديم هذه الإصدارات بالقراءة والتقديم كل من أيمن قشوشي، مثال الزيادي وعبدالعالي الرهوني ومحمد مستقيم. كما عرف البرنامج الثقافي للمعرض تنظيم توقيعات لأحدث الإصدارات في مجالات معرفية متعددة نذكر هنا اللقاء المفتوح مع المؤرخ محمد الحيا مع توقيع كتابه "حانوت عطار" وديوان "أسفي مدينة الأحلام" لعبد العزيز المودن، وكتاب "مصطفى محسن مثقف مشرق في زمن الآفول" لابراهيم كريدية.
وحظيت رواية «le dernier salto» للكاتب عبد الله بيضة (المتوجة بجائزة الأطلس الكبير لهذه السنة) باحتفاء خاص، حيث قرأ الروائي مقاطع من روايته، كما تعرف الحضور على عوالمها التخييلية وأفق الكتابة الذي ظل متحكما في مشروع بيضا الروائي. أما اللقاء بالروائي والشاعر محمد الأشعري فقد عرف تفاعلا واسعا من خلال حضور كل من الناقد والروائي عبدالكريم اجويطي والذي قدم ورقة حول رواية محمد الأشعري الجديدة علبة الأسماء". وقد تناول الكاتب محمد الأشعري العديد من القضايا، ضمن حوار أطره كل من عبدالحق ميفراني وعبدالرحيم الخصار، قضايا تتعلق بعلاقة الأشعري بالرواية والكتابة وقضايا المجتمع ومنظوره للتحولات اليوم. فيما لامس الناقد اجويطي ضمن ورقته حول رواية "علبة الأسماء" مكانة هذا النص الروائي ضمن جغرافيات الإبداع الروائي العربي، وضمن مسيرة الأشعري الروائية، مؤكدا على ضرورة الانتباه لهذا النص الكاشف والنابض بالعديد من أسئلة التحولات المجتمعية. وقد فتح نقاش موسع مع الجمهور الحاضر، أعاد خلاله الروائي محمد الأشعري التوقف عند بعض القضايا السياسية والثقافية التي تشغل الحضور، معتبرا أننا نغالي بشكل ما في التوقف عند مشكل القراءة، وأنه ينشغل بعصره وبقضاياه كما لا يثير اهتماما كبيرا للأجناس الأدبية رغم تأكيده على خصوصية الجنس الروائي الذي يظل مسكونا لديه بجمالية شعرية. واستطاعت العازفة على البيانو الطفلة غيثة افريفرة أن تلفت انتباه الحضور لأدائها وعزفها الرائع على آلة البيانو، هذا الى جانب فقرات موسيقية قدمها تلاثي العود جذور.
v قراءات واحتفاء بالكتاب والطفل والسينما المغربية
تحول المعرض الجهوي للكتاب في دورته الرابعة الى ورش مفتوح وعرس فعلي لجميع الأجناس التعبيرية، إذ استمتع الجمهور الحاضر بقراءات الشعراء والشواعر: كمال أخلاقي، -Claude Colliet Charton زينب الشروقي، خالد الذهيبة، مثال الزيادي، عبد المجيد بن خالي، محمد الماحي، ادريس بلعطار، عبد الرحيم الثقفي، هانية الشرامي، شامة المودن، حسن العطاري...كما شهدت قاعة اللقاءات تنظيم قراءات قصصية ساهم فيها كل من القصاصين سعيد أحباط، وأيمن قشوشي ، وخياط الخياطي. وشهد فضاء الطفل تنظيم العديد من الأنشطة المتنوعة الخاصة بالطفل تضمنت ألعاب ومسابقات، ورشات، حفل الاقصائيات الخاص بالمواهب المشاركة في المسابقة{تأطير احسان الشطبي، حمزة الرباع}، واستقبال لزيارات مؤطرة ضمن محترف الفن التشكيلي، وورشة القراءة الحرة {تأطير كمال بوشوك ووفاء الند ولبنى النكري وعزيز ارتيعة}، الى جانب ورشة صنع الدمى والتي أطرها عبد الله يونس. كما أشرفت فاطمة الزهراء الرضواني على تنظيم المسابقة الثقافية الخاصة بالأطفال والتي توجت ثلاثة محظوظين. كما شهد المعرض، وبتنسيق مع مؤسسة أسفي للفلم، تقديم بعض من روائيع السينما المغربية. وهكذا التقى جمهور المعرض مع شريط سينمائي "ليام اليام" للمخرج أحمد المعنوني، وقدم الفيلم المخرج السينمائي المهدي الادريسي.