تشهد تونس على مدى ثلاثة أيام، فعاليات تظاهرة أدبية فكرية دولية، تجمع أكثر من ثمانين كاتبا ومفكّرا من تونس وإسبانيا، ويلتقي هؤلاء أيام 2 و3 و4 ديسمبر /كانون الأول المقبل من أجل صياغة حلقة أخرى من عقد التقارب والتحابب والتثاقف بين شعبين جمعتهما التاريخ والجغرافيا على حدّ السواء، فتاريخيا بين تونس وإسبانيا ما يكفي لتكون بين البلدين أواصر من محبة وتعاون وتواصل وتبادل اِقتصادي وثقافي واِجتماعي وسياسي، جغرافيا تجمعهما حوض المتوسط.
منذ ثلاث سنوات اِنطلقت الجمعية التونسية لدارسي اللغة الإسبانية وآدابها في تنظيم الملتقى التونسي الإسباني للكتّاب والمفكّرين والذي يجمع نخبة من مبدعي البلدين في مجالات الأدب كتابة ونقدا وبحثا.
وسوف تتوزع فقرات الملتقى الذي أعده المنظمون بالتعاون مع الجمعية الإسبانية للمهتمّين بثقافات إفريقيا ودار بيقماليون للنشر وينتظم تحت شعار "تونس وإسبانيا في القرن الواحد والعشرين: التاريخ والأدب والفنون والمجتمع"، تتوزع على عدد من الفضاءات من ذلك جامعة منوبة والمكتبة الوطنية والنادي الثقافي الطاهر الحداد والمعهد الثقافي الإسباني.
ويقول د. رضا مامي رئيس الجمعية والمشرف على الملتقى أن "من بين أهداف فعاليات الملتقى الثالث، اِعتزام إقامة منتدى للحوار حول المسائل الثقافية والأدبية والاِجتماعية والأكاديمية والإبداعية بصفة عامة، وذلك بغرض تبادل الخبرات في البحوث وإثراء الدراسات المعمقة وإرساء مناخ ملائم للتلاقح الفكري بين العدد الهائل من الكُتَّاب والمفكرين والأكاديميين التونسيين والأسبان، دون أن ننسى تمتين آليات الترجمة كأداة ضرورية لتواصل الثقافات عن طريق القيام بترجمة أغلب أعمال الكُتَّاب الإسبان والتونسيين المعاصرين من العربية والفرنسية إلى الإسبانية وبالعكس..."
ويؤكد مامي في سياق حديثه عن الملتقى أنّ المنظّمين لا "يُخفون القيمة الاِستراتيجية لمفهوم الاِستمرارية ومواصلة العمل على نفس المنهج الذي دأبنا عليه منذ نشأة الجمعية التونسية لدارسي اللغة الإسبانية وآدابها، بهدف توفير الإطار المناسب للمختصين التونسيين في الإسبانية لكي يعملوا في ظروف ملائمة تدعيما منّا للعلاقات الثقافية ومبدأ التعاون بين البلدين المُطلّيْنِ على حوض البحر الأبيض المتوسط.."
وفي السياق ذاته يسعى المنظمون عبر تنظيم هذه النسخة الثالثة إلى "مزيد توثيق الروابط الودية بين تونس وإسبانيا عن طريق تفعيل مبدإ التوأمة الثقافية والأدبية وترسيخ جذور مستقبل افضل.."
وسيتمحور جدول أعمال هذا الملتقى الثالث حول العديد من الأنشطة المختلفة، وفي المقام الأول، حيث يقول رضا مامي إنّ "الملتقى يُسجّل حضور ثلة من أبرز المفكرين والكُتَّاب الإسبان والتونسيين ذوي الزاد الإبداعي المرموق، الذين يحدوهم أمل إقامة وتوطيد جسور الحوار المباشر والمفتوح والمثمر بين البلدين، مع التركيز بصفة خاصة على القضايا التي ستحظى بقسط أوفر من اهتمامنا على اِمتداد أيّام هذا الملتقى الثالث، قضايا تُلخّص جوانب جِدُّ مُلِحَّة من واقعنا المعاش في بداية القرن الواحد والعشرين كمسألة النهضة الثقافية والتطور الاِجتماعي والتنمية الاِقتصادية.."
ويواصل مامي "في المقام الثاني، يُسعدنا لأن يتبوأ هذا الملتقى الدور الثقافي المناط بعهدته والمتجسد في إزالة الرواسب التي من شأنها إعاقة أي تقارب ثقافي منشود بين تونس وإسبانيا وذلك من خلال تفاعل الكُتَّاب التونسيون والإسبان مع الجمهور الذي سيواكب حتما هذه التظاهرة، أين ستتسنّى لهم فرصة شرح حيثيات العملية الإبداعية والأسرار التي تكتنفها، مع محاولة الإحاطة بمختلف أنماط الإبداع الفنّي على اِختلافها وإيجاد شرح ضافٍ للأفكار الخلاّقة وبعض دلالات المفاهيم الأدبية التي ستطرح غداة الملتقى.."
في المقام الثالث، يقول مامي "سيحظى الإبداع الأدبي على جميع أنواعه في هذا الملتقى الثالث، كالرواية والمقالة النقدية والصحفية والشعر والنثر بجميع السُّبُل المتاحة كي يكون في متناول الجمهور الحاضر المتعطش إلى الاِطّلاع على كل ما هو جديد وذو قيمة إضافية متميزة.."
وفي خضم هذا الزخم الإبداعي المرتقب سيقدّم الملتقى في أمسياته مختارات شعرية متميزة لشعراء تونسيين وإسبان، وقد تولّى جمعٌ المهتمين باللغة الإسبانية ودارسيها ترجمة النصوص التي سوف تتمّ قراءتها أمام جمهور تونسي إسباني.
هذا وسوف يشارك في القراءات الشعرية عدد هام من الشعراء وهم: إنكرناسيون بيسونيرو، هدى الدّغّاري، ألفارو كابو، ريم قيدوز، قلوريا نيستال، وليد أحمد الفرشيشي، عبدالفتّاح بن حمّودة، صالح داود، أحمد السّلطاني، السّيّد السّالك، نبيهة الباردي، فاطمة بن فضيلة، صالح السّويسي، محمّد الصّغيّر أولاد أحمد، باسيليو رودريغاز كانياد، بشير الشّيحي، سمير السّحيمي، معزّ العكايشي، أنخلاس بيناس، جهاد المثناني، سنية المدّوري، سوكرّو مارمول بريس، منير الرّيقيّ، وفوزية العكرمي، أندينا ثيّا، فضلا عن أمسية خاصة بضيف الملتقى الشّاعر والفنّان والرّسّام والمخرج السّينمائي الإسبانيّ لويس إدواردو أوتي.
بالإضافة لكل ذلك سيقع يوم اختتام أعمال هذا الملتقى الثالث تكريم الفائز بالجائزة العالمية للشعر "مدينة قرطاج" في نسختها الثالثة وِفق حفل تسليم يقام لهذا الغرض.
ولم تخلُو النسخة الثالثة من الملتقى من برنامج ترفيهي متكامل ذي صبغة ثقافية متميزة، حيث تمّت برمجة عروض لأشرطة سينمائية ووثائقية متنوعة، وتقديم مؤلفات الكُتَّاب المشاركين، فضلا عن عروض موسيقية وزيارات ثقافية لأهم المعالم الأثرية التي يزخر بها تاريخ البلاد التونسية الممتد على أكثر من ثلاثة آلاف عام.